ادب

قصيدة الحنين إلى الوطن لأحمد شوقي

الحنين في شعر احمد شوقي

تجربة الشوق والحنين، التي يشعر بها الإنسان عندما يفتقد شيئا أو شخصا، تؤثر بشكل كبير على شاعريته وتجعله يعبر بألفاظ رقيقة وصادقة، وهناك العديد من الأبيات الشعرية والأقوال التي تعبر عن هذا الشعور، مثل أقوال محمود درويش حول الوطن.

واحدة من أبرز أغراض أحمد شوقي في أعماله الشعرية هي الحنين، وقد تجلى ذلك في مراحل حياته المختلفة، ومن أهم هذه المراحل هي انفصاله عن وطنه.

وعلى الرغم من تعدد أغراض الحنين في شعر شوقي، مثل حنينه إلى الأهل والأماكن الدينية والقدس وغيرها، فإن شعر الحنين إلى الأوطان كان له نصيب الأسد، إذ كتب شوقي في حنينه لوطنه أثناء نفيه، وتميزت أشعاره بطابع الحنين والشوق العنيف لوطنه مصر العزيز على قلبه.

شرح قصيدة الحنين إلى الوطن لأحمد شوقي

عند النظر إلى الوضع المالي لشعر الحنين إلى الوطن للشاعر المصري أحمد شوقي، نجد أن مظاهر الحنين للوطن ظهرت بعد نفيه عن وطنه حتى آخر أيام حياته، وأفضل مثال على قصائده المتعلقة بالحنين للوطن هي قصيدة الغربة والحنين، وسنناقشها فيما يلي

حنين شوقي لوطنه

تجلى حنين أحمد شوقي للوطن في العديد من قصائده، وكان أبرزها قصائده التي كتبها في المنفى والتي سميت بالأندلسيات، حيث لم ينس وطنه وكان متعلقًا به بشدة، ويقول شوقي في إحدى قصائده:

تنسى اختلاف الليل والنهار ذكريات الصبا وأيام الأنس

وصف لي تألقًا من الشباب * صورة من تصورات ومشاعر

عصفت كالصبا اللعوب ومرت * سنة حلوة ولذيذة بشكل سري

يعرب شوقي عن استيائه من حقيقة أن مرور الأيام ينسي الإنسان وطنه، فهو يتذكر وطنه وأيام صباه وفرحه، والمشاعر الجميلة التي عاشها في أرضه بين أحبابه وأصدقائه.

الم شوقي في البعاد عن وطنه

يبدأ شوقي في سرد ألمه وعذابه بسبب فراق وطنه وعدم قدرته على العودة، ولكنه يتمنى العودة يومًا ما، ويقول:

تحنُّ إلى مصر، هل يحنُّ القلب عنها * أم أن جرحه الزمان المؤلم؟

كلما مر الوقت، تصبح العهود أقسى وأكثر تعقيدًا لهذا الشاعر

إذا ارتجلت البواخر في أول الليل أو بعد دق الجرس

راهب في الضلوع للسفن فطن * كلما ثرن شواهدنا بنقش

 عانى أحمد شوقي من الغربة والحنين إلى بلاده، حيث اجتاحت هذه الفكرة خياله وأفكاره، ودفعه ذلك لكتابة مشاعره الصادقة، بهدف تواسي نفسه.

في الأبيات السابقة، يتخيل شوقي وجود صديقين له، حيث يناجيهم ويسألهم بتعجب إن كانوا قد سألوا عن وطنه مصر، هل نسيته قلوبهم أم أن مرور الزمن شفى جرحه.

يندد شوقي بأن الزمن ومروره قد تسببا في نسيانه لوطنه وما يحتويه، ولكن البعد عن الوطن زاد شوقه وحبه وتعلقه وحنينه إليه وإلى كل ما يشمله.

بما أن شوقي كان يعيش في أحد موانئ إسبانيا خلال فترة نفيه، فإنه كان يتمنى العودة إلى وطنه عند سماع صوت البواخر وأصوات أجراسها، وكان يشعر بالحزن عند مغادرتها بدون أن تأخذه إلى وطنه الحبيب.

تحيات شوقي لوطنه

لا يتوقف شوق وحنين أحمد شوقي عند ذكر وطنه، فهو يبدأ في التخاطب مع السفن وعاتبها على عدم إيصاله إلى وطنه، فيقول:

يا ابنة اليم، ليس أبوك بخيلًا، فليس له شغف بالمنع والحجز

حرام على بلابله الدوح، ولكن يسمح للطيور بجميع الأنواع

كل دار تستحق الأهل، إلا دارا خبيثة من المذاهب المشينة

أنا مرجل نفسي وشراع قلبي، وفيهما سيري وأرسي في الدموع

اجعلي وجهك الفنار، ومجراك يد الثغر بين رمل ومكس

عندما يشعر الشخص بالوحدة والحنين إلى وطنه بعدما يبتعد عنه، يتجه إلى الأشياء الجمادية ويتحدث معها ليواسي نفسه، وهذا ما فعله شوقي عندما تحدث إلى السفينة.

يخاطبها قائلاً إن أباها، أي البحر، كريم في عطائه، وينتقدها بسبب بخلها عليه. إذ أنه يجعل شوقي، الذي يشعر بشوق كبير للعودة إلى وطنه، محتجزًا في المنفى دون أن يتمكن من العودة. ولكنه يعود وينسب هذا الاحتجاز إلى المستعمر الأجنبي الذي ينهب خيرات الوطن ويغتصب كل ما فيه، ويحرم أهله منه.

لقد أدى الظلم الذي تعرض له شوقي إلى إدراكه أن كل وطن يستحق أن يحصل على حقوق أبنائه، ولا يوجد من ينكر ذلك إلا أصحاب المذاهب النجسة. وهذا الإدراك دفع شوقي إلى الاكتفاء بإرسال تحياته إلى وطنه عبر السفن.

تحليل قصيدة الحنين إلى الوطن لأحمد شوقي

تعد قصيدة الحنين إلى الوطن للشاعر أحمد شوقي من أبرز قصائد الحنين إلى الوطن، حيث يصف الشاعر فيها مدى شوقه وحنينه إلى بلاده باستخدام أبلغ المعاني والمرادفات والجماليات. وفيما يلي، سنقوم بتحليل قصيدة الحنين إلى الوطن لأحمد شوقي

مرادفات الكلمات

نجح شوقي في التعبير عن مشاعره الصادقة والجياشة تجاه وطنه باستخدام أفضل المرادفات، حيث اختار كلمات مثل “سلا” و”مستطار” و”راعي” وغيرها، وسنتعرف على معاني هذه الكلمات فيما يلي:

  • اختلاف ؛ تعاقب
  • الصِبا ؛ الصغر
  • الصبّا : الريح الرقيقة الآتية من الشرق
  • أنسي ؛ سعادتي وفرحي
  • صُورت ؛ شُكلت
  • تصورات ؛ تخيلات
  • اللعوب ؛ الرشيقة
  • سِنة ؛ نعاس
  • ملاوة ؛ فترة من الزمن
  • عصفت ؛ اشتدت
  • خلس ؛ الاختلاس
  • سلا ؛ اسألا
  • سلا: نسى
  • رق ؛ لان
  • المؤسي ؛ المداوي
  • مستطار ؛ يطير
  • البواخر ؛ السفن
  • عوت ؛ صاحت
  • نقس ؛ صوت الجرس او الناقوس
  • ثرن ؛ تحركن
  • فطن ؛ مدرك
  • اليم ؛ البحر
  • ابنة اليم ؛ السفينة
  • مولعا ؛ مغرما
  • رجس ؛ نجس
  • المرجل هو وعاء ينفث البخار
  • الدوح هي الأشجار الكبيرة التي تحمل فروعًا متعددة
  • يد الثغر ؛ شاطئ الإسكندرية
  • رمل ومكس ؛ من أحياء الإسكندرية

الصور الشعرية

نجح شوقي في استخدام التعدد في الصور الشعرية وتوظيفها في المكان المناسب الذي يضيف جمالًا وروعةً على القصيدة، وذلك على النحو التالي:

  • (النهار – الليل، ينسي – اذكرا) هناك تضاد يعزز المعنى ويوضحه.
  • (ينسى-أنسى) هي عبارة عن تصريع وجناس ناقص يولد صوت جرس موسيقي ويحرك الذهن.
  • يستخدم الشاعر تشبيهًا بين الأيام التي مرت سريعًا في شبابه والريح الرقيقة التي تعصف بسرعة، وكيف أن جمالها يتلخص في السرعة والحركة.
  • وصف الشاعر الصبا كفتاة رشيقة في الاستعارة المجازية، وجمالها يعتمد على التشخيص، وتشير إلى لطف النسيم وخفته.
  • في العبارة (سنة حلوة)، يصوّر الشاعر النوم بالشيء الجميل باستخدام استعارة مكنية، وجمال العبارة يأتي من تجسيمها بخيال مبتكر.
  • بالاستعانة بالاستعارة المكنية، يُعتبر مصطلح `لذة خِلس` كناية عن مرور فترة الشباب دون أن يشعر بها.
  • يصف الشاعر مصر في قصيدته `سلا مصر` بأنها إنسان يسأل، وذلك كاستعارة معنوية، وتظهر جمالية الوصف في إبراز قوة العلاقة بينه وبين وطنه مصر .
  • الجناس تام (سلا-سلا) يعطي جرسًا موسيقيًا ويحرك الذهن.
  • (إذا جرحه الزمان المؤسف) – تشبه صورة الشاعر الزمن بطبيب يعالج الجروح، على سبيل المجاز، وسر جمال هذه المجازيتمثل في التشخيص الدقيق، وتلميح لتأثير الزمن في محو الذكريات.
  • وصف الشاعر القلب بأنه طائر خائف من صوت السفن بشكل استعاري مكني، وجمال هذه الاستعارة يكمن في التوضيح.
  • استعمل الشاعر تشبيهًا تصريحيًا، حيث قارن صوت دقات القلب بصوت الجرس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى