فوائد سورة الإنسان الروحانية
التعريف بسورة الإنسان
تحتل سورة الإنسان المرتبة الستين والسابعة في المصحف الشريف، وتتألف من واحد وثلاثين آية، وتم تصنيف بعض هذه الآيات على أنها مكية والبعض الآخر مدني. تسمى هذه السورة التوقيفية باسم الإنسان، ولها أسماء أخرى مثل (هل أتى على الإنسان) و(الدهر) و(الأمشاج) و(الأبرار). [1
فوائد سورة الإنسان
- تبدأ السورة بسؤال واستفسار، والغرض منها هو إثارة الذهن، لأنها تستخدم للتأكيد وليس للنفي. مثال على ذلك أن يقول الأب لابنه الذي رباه: هل ربيتك؟ وهو يعلم ذلك، ولكن السؤال يستخدم للتأكيد وليس للإنكار. (هل أتى على الإنسان حينا من الدهر لم يكن شيئا مذكورا؟) (الإنسان 1)
- يعتاد الإنسان على الكلام البشري فلا يتأثر به مع الوقت ، لكن كلام الله في كل مرة يترك في النفس أثر ، ومع كل توضيح في أيات الله سبحانه وتعالى للمؤمنين وصفاتهم يتعمق الأثر في النفوس تجاه التأسي بتلك الصفات ، (إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا یَوۡمًا عَبُوسࣰا قَمۡطَرِیرࣰا (10) فَوَقَىٰهُمُ ٱللَّهُ شَرَّ ذَ ٰلِكَ ٱلۡیَوۡمِ وَلَقَّىٰهُمۡ نَضۡرَةࣰ وَسُرُورࣰا ) ( الإنسان11).
- الأثر الروحي لذكر مآثر وصفات أهل الإيمان ، والرغبة في التشبه بهم ، ( إِنَّ ٱلۡأَبۡرَارَ یَشۡرَبُونَ مِن كَأۡسࣲ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا) . ، وأيضاً ( وَجَزَىٰهُم بِمَا صَبَرُوا۟ جَنَّةࣰ وَحَرِیرࣰا (12) مُّتَّكِـِٔینَ فِیهَا عَلَى ٱلۡأَرَاۤىِٕكِۖ لَا یَرَوۡنَ فِیهَا شَمۡسࣰا وَلَا زَمۡهَرِیرࣰا ) ، (الإنسان 12).
- هذا تقرير للمشيئة لله وحده سبحانه وتعالى، والإقرار بقدرته في الكون: `وَمَا تَشَاءُونَ إِلاَّ أَن يَشَاءَ اللَّهُ، إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا` [الأعراف: 30]، ويُدخِلُ من يشاءُ في رحمتهِ، والظالمين أعدَّ لهم عذابًا أليمًا [الإنسان: 30]
- يؤكد القرآن على وحدانية الله وخلقه لكل ما في الوجود، ويقول: `نحن خلقناهم وشددنا أسرهم، وإذا شئنا بدلنا أمثالهم تبديلًا. إن هذه تذكرة، فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً`، وذلك في سورة الإنسان الآية الثامنة والعشرين
- وجاءت الآيات التي تشمل هذه التذكرة (وَٱذۡكُرِ ٱسۡمَ رَبِّكَ بُكۡرَةࣰ وَأَصِیلࣰا) في سورة الإنسان، لكي لا يُغفَل ذكر الله بالقلوب والأرواح
- كلما مرت آية وثقت و أيدت غيرها في النفوس بعدم اتباع غير سبيل الإسلام ( إِنَّ هَـٰذَا كَانَ لَكُمۡ جَزَاۤءࣰ وَكَانَ سَعۡیُكُم مَّشۡكُورًا (22) إِنَّا نَحۡنُ نَزَّلۡنَا عَلَیۡكَ ٱلۡقُرۡءَانَ تَنزِیلࣰا (23) فَٱصۡبِرۡ لِحُكۡمِ رَبِّكَ وَلَا تُطِعۡ مِنۡهُمۡ ءَاثِمًا أَوۡ كَفُورࣰا ) ، ( الإنسان 24).
- ذكر أهل الجنة وحليهم وملابسهم يدفع النفس إلى الشوق للوصول إلى هذا المكان المبارك، ويدفع إلى العمل على اتباع المنهج الذي يؤدي إلى دخولها، فقد ذُكر في سورة الإنسان: (عَلَيْهِمْ ثِيَابُ سُندُسٍ خُضْرٌ وَإِسْتَبْرَقٌ، وَحُلُّوا أَسَاوِرَ مِنْ فِضَّةٍ، وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا).
أسباب نزول سورة الإنسان
تفسير ابن كثير يذكر أسباب نزول سورة الإنسان. قال الحافظ أبو القاسم الطبراني في معجمه الكبير: أخبرنا علي بن عبد العزيز، أخبرنا محمد بن عمار الموصلي، أخبرنا عفيف بن سالم عن أيوب، عن عتبة، عن عطاء، عن ابن عمر قال: جاء رجل من الحبشة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اسأل واستفهم. فقال: يا رسول الله، لقد فضلتم علينا بالصور والألوان والنبوة. ثم قال: إن آمنت بما آمنت به وعملت بما عملت به، فإني لكائن معك في الجنة. فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: نعم، والذي نفسي بيده، إنه ليضيء بياض الأسود في الجنة على مسافة ألف عام. ثم قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: من قال: لا إله إلا الله كان له بها عهد عند الله، ومن قال: سبحان الله وبحمده، كتب له بها مائة ألف حسنة وأربعة وعشرون ألف حسنة. فقال الرجل: كيف نهلك بعد هذا يا رسول الله؟ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: إن الرجل قد يأتي يوم القيامة بالأعمال التي لو وضعت على جبل لثقلته. وتنفد النعمة من نعم الله تقريبا حتى تستنفذ كلها، إلا أن يتغمده الله برحمته. ونزلت هذه الآيات: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكورا * إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا * إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا) (الإنسان: 1-3) إلى قوله تعالى: (وإذا رأيت ثم رأيت نعيما وملكا كبيرا) (الإنسان: 20). فقال الحبشي: وإن عيني لتريان ما ترى عيناك في الجنة؟ فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: نعم. فبكى حتى انفجرت نفسه. قال ابن عمر: فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدليه في حفرته بيديه، وفيه غرابة ونكارة وضعف .
الدروس المستفادة من سورة الإنسان
تحتوي سورة الإنسان على عدد كبير من الفوائد العظيمة التي يستفيد منها المسلم، سواء على المستوى الفردي أو على مستوى المجتمع بشكل عام، وتشمل هذه الفوائد:
- نحمد الله دائمًا على نعمة السمع والبصر.
- الخوف من عذاب الله.
- النظر في جزاء الأبرار.
- تتمثل الفضائل التي جعلت المؤمنين في هذا المنزلة العالية.
- الخوف والتقوى من الله في الدنيا يؤديان إلى الأمان يوم القيامة.
- يتم تعديد وصف أصحاب الجنة ونعيمهم بالتفاصيل التي تزين بها القلوب.
- تدبر القرآن الكريم.
- ذكر الله في كل وقت.
- فضل السجود في الليل وتأثيره على النفوس.
- التوكل على الله الخالق.
- تدعو إلى الإخلاص في العمل لله سبحانه وتعالى.
- يكمن الفضل العظيم في إتقان الأعمال التي تنطوي على الخير وإخفاء ذلك.
- بيان الكبر وأهله مع ذم ذلك الخلق.
- تشجع العديد من الآيات الكريمة على فضل إيثار الآخرين.
- ضرورة السعي في الوفاء بالنذر.
- يشجع على متابعة الفقراء والمساكين ورعايتهم، ويساعدهم بإمساك أيديهم.
- يمثل الفوز بالجنة والنجاة من النار مكافأة عظيمة لأهل الإيمان.
- الأمان يوم الفزع الأكبر، وهو من أعظم جوائز الآخرة.
مقاصد سورة الإنسان
يتميز علم مقاصد السور بأهميته في الوصول إلى القصد من السور من المولى سبحانه وتعالى، وهو علم يوضح ما يقف عليه المفسر. وترتبط مقاصد السور ارتباطًا وثيقًا بموضوع السور، ومنها مقاصد سورة الإنسان
- العمل من أجل الآخرة، والسعي في ذلك بجميع العبادات والسلوكيات الإسلامية الكريمة.
- التذكير بالآخرة والعقاب لأولئك الذين لم يجعلوها هدفا لهم، والجزاء عن ذلك.
- التأكيد على أن الخالق هو الله.
- الاهتمام بالعبادات الليلية.
- الحث على تدبر القرآن.
- التأثير على النفوس بمزايا أهل الجنة.
- يعبر البيان عن قدرة الله في خلق الإنسان، وكيف أن الله سبحانه وتعالى هو من خلق الكون لهذا الغرض، وكيف أن الإنسان نفسه يتم إعداده من قبل الله للقيام بواجباته.
- وفقًا لإيماننا، يحمي الله سبحانه وتعالى النبي صلى الله عليه وسلم ويمنحه القوة الكاملة لأداء مهام رسالته.
- وفي التفسير الميسر، يقال إن هذه الآية تشير إلى حقيقة البعث بعد موت النفوس، وتذكر أوصاف يوم القيامة، وتشير إلى دلائل القدرة على إعادة الإنسان بعد الموت، وتوضح عذاب المكذبين ومصيرهم في الآخرة، وتتحدث أيضًا عن المؤمنين المتقين .
موضوعات سورة الإنسان
- التوحيد والشرك.
- خلق الإنسان.
- نعيم أهل الجنة.
- القرآن وما فيه من عظات.
- عبادات الليل.