ما يستفاد من سورة الحديد
مقاصد سورة الحديد
تتضمن مقاصد هذه السورة عددًا من العناصر الأساسية وتتمثل في ما يلي:
- تبدأ السورة الكريمة بذكر أن جميع المخلوقات تسبح بحمد ربها، وتذكره بلسانها بأنه ذو الجلال والعظمة .
- كما ورد في السورة الكريمة، ذكرت الله تعالى بأسماء عدة، فهو الأول الذي لا يبدأ والآخر الذي لا ينتهي، وهو الواضح بآثاره وقدرته، ورغم أنه عز وجل ولا يمكن رؤيته بالعيون، إلا أنه يرى بها، لأنه الباطن، وهو الملك للسموات والأرض لأنه خلقها وأبدع في صنعها، وهو على علم بكل ما يحدث على الأرض، سواء من خروجها أو نزول ما يأتيها من السماء، وهو الذي يعرج بها، فإن الله عز وجل هو المرجع النهائي لجميع الأمور .
- ذُكر في آياتها ضرورة ذِكر صفات الله تعالى وملكه وقدرته، وأن الإيمان بوجوده وجميع تصرفاته واجب، وأن يأمُرَ بالإيمان به وبرسوله الكريم عليه الصلاة والسلام، وبما أُنْزِلَ عليه من آيات القرآن الكريم .
- ذُكِر فيها أن المال متغير وليس دائمًا، وأنه ينبغي لنا إنفاقه في سبيل الله تعالى، وأن الإنفاق لوجه الله تعالى سيجلب لنا ثوابًا عظيمًا .
- تشير هذه الآية إلى أن القرآن يحتوي على هداية وأن الله تعالى رحيم ورؤوف بخلقه، وأن القرآن هو الطريق إلى النجاة .
- تتحدث السورة عن مجموعتين هما فريق الجنة، وهم الذين آمنوا بالله ورسوله ويحملون النور في أيديهم، وكذلك بالإيمان الذي يسكن قلوبهم، وهم يتوجهون به إلى الجنة عبر الصراط. أما أصحاب الفريق الثاني فهم أهل النفاق، فلا يمتلكون نورا ويبتعدون عن الأشخاص الذين آمنوا، ولا يقتربون منهم ولا يلتحقون بهم، وهؤلاء الأشخاص غير قادرين على العودة إلى الدنيا حتى يؤمنوا وينضموا إلى أهل الإيمان .
- ذكرت السورة الكريمة أن الحياة الدنيا ليست دائمة وإنها منزلة للاستمتاع والتفاخر واللهو والتكاثر بالمال والأولاد. وقد قدمت مثلا لهذا التشبيه بين الدنيا والزرع الذي يسقى بالمطر حتى ينمو ويزدهر، وبعد ذلك يصاب بالذبول والضمور ويصبح هشاشة يتناثر بفعل الرياح. وهذا هو حال الدنيا، حيث تتزين وتتجمل ويظن أهلها أنهم أقوياء، ثم يأتي الفناء بعدها وتستنجد مثل الزرع الذي حصد ولا يبقى له أثر قبل ذلك .
- حذرت المسلمين من أن يكونت قلوبهم قاسية، وأن أهل الكتاب الذين كانوا من قبل قد وقعوا في هذه القسوة بقلوبهم، مما تسبب في ارتكابهم المعاصي .
- للجهاد في سبيل الله فضل عظيم .
- أمر المسلمون بضرورة الإيمان بالله ورسوله واتباع سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، ولذلك سيكون لهم نتيجة حسنة في الآخرة، وفضلهم على غيرهم من الأمم كله بيد الله تعالى، ويأتي ذلك لمن يشاء من عباده .
- تشابهت رسالة النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع رسالة سيدنا نوح وإبراهيم عليهما السلام، وأنه في ذريتهما من يهتدي ومن هو فاسق، وأن نحن نتبع رسل آخرين .
الدروس المستفادة من سورة الحديد
- إبداع الله موجود في كل شيء وهو محيط بكل شيء، وأن يؤمن المؤمنون بالله ورسوله وينفقون أموالهم في سبيل الله تعالى .
- يتضمن تسبيح الكون وما فيه تمجيد الله تعالى، والإيمان بعرشه العظيم وأنه عز وجل يحكم على الكون، وأن نؤمن بعلمه وبصيرته وسمعه دون أن نشبهه بخلقه .
- يتوجب علينا إنفاق المال في سبيل الله تعالى والجهاد في سبيله، حتى تعلو كلمة الله تعالى ويتم تحقيق الخشوع له وثمرات الإيمان به، وعندما تصيبنا المحن في أي مكان وزمان فإن هناك أجرًا مضاعفًا لذلك .
- يعتقد أن المال هو من عند الله تعالى الرزَّاق، ونحن نتصرف فيه فقط وسنحاسب عليه في النهاية .
- لا يوجد فرق بين الذكر والأنثى في الجزاء عند تقييم الأعمال .
- – المنافق أخطر على المؤمن من الكافر، والمؤمن يشكر ربه في السراء ولا يغتر ولا يتكبر .
- يجب علينا إنفاق المال في سبيل الله تعالى والحفاظ على عقيدتنا من أية فتنة قد تصيبنا، ويجب أن نسعى لنشر وتمكين ديننا في الأرض .
- عندما نقيس الأمور في الدنيا بالأخرة، فإنها تبدو هينة، لأن الأخرة هي دار البقاء والخلود، ولكن ذلك لا يعني أن نهمل حياتنا في الأرض .
- تدعو كل الرسالات السماوية إلى تقدير العدل والعمل والجهود والأخلاق، وتحث على عبادة الله دون شرك، وينبغي لنا أن نؤمن بقضاء الله وقدره ونرضى بما يحمله من الحلو والمر .
- لا يكون أهل الكتاب وحدهم شعب الله المختار، حيث يكون فضل الله تعالى واسعًا للجميع ولا يقتصر على فئة محددة أو محصورة .
- – يعتبر الحديد من نعم الله تعالى على العباد؛ لأنه يتميز بالقوة والفائدة في السلم والحرب، ويجب علينا الاستفادة منه بطريقة جيدة لتحقيق النفع للبشرية والبلاد.
فضل سورة الحديد
قد قال ابن كثير عن ذلك بأنه قد حدثنا يزيد بن عبد ربه عن أنه قد حدثه بقية بن الوليد عن حديث بحيرة بن سعد عن خالد بن معدان وعن ابن أبي بلال وعن عرباض بن سارية بأن الرسول عليه الصلاة وأتم التسليم ، كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد وكان يقول عنها بأن فيها ( إن فيهن آية أفضل من ألف آية) .
الآية التي كان النبي عليه الصلاة والسلام يقصدها هي الآية الثالثة في قوله تعالى (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم)، والله تعالى هو الأعلى والأعلم
لماذا نزلت سورة الحديد
يذكر القرطبي أن سورة معينة من القرآن هي مدنية وفقًا للجميع، ولكن هناك اختلاف فيما يتعلق بما إذا كانت مكية أم مدنية، ويشير ابن عاشور إلى وجود اختلاف كبير لم يسبق له مثيل فيما يتعلق بمسألة مكية أم مدنية .
ومع ذلك، رأى العديد من المفسرين أن السورة هي سورة مدنية، حيث يشهد طابعها المدني والمواضيع التي تم ذكرها فيها، حيث تم ذكر حالة الناس قبل وبعد الفتح، وتم وصف الفتح بأنه فتح مكة وتسوية الأمور في الحديبية، وبالتالي فإن هذه الآيات تركز على الموضوعات المدنية وذُكرت حالة المنافقين .
وقد ذُكر في رواية الإمام مسلم الصحيحة عن سيدنا عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، أنه قال: لم يكن بين إسلامنا ومرور أربع سنوات من الزمن إلى أن جاءت تلك الآية التي عاتبنا الله فيها (ألم يأن للذين آمنوا أن تخشع قلوبهم لذكر الله) وهي الآية 16 في سورة الحديد .
يذكر أن إسلام سيدنا ابن مسعود رضي الله عنه كان متقدمًا، ولذلك يبدو أنهم قد تلقوا العذرية قبل هجرتهم، وربما كانت تلك الآية مكية بالتأكيد، ولكن الجواب الصحيح هو أن تلك الآية هي مكية وجاءت في سورة مدنية .
ومع ذلك، يجب الإشارة إلى أن الآية المكية المذكورة جاءت في سورة مدنية بسبب المناسبة التي كانت مرتبطة بها، والتي تتوافق مع الغرض العام للسورة الكريمة، وقد صرح الإمام ابن تيمية بأن هذه السورة مدنية وليست من المفترض أن تكون موجهة للمشركين في مكة .