ادب

تعريف مدرسة البعث والإحياء ونشأتها

مدرسة البعث والإحياء

تعتبر إحدى الحركات الخاصة بالشعر العربي، وقد تأسست من قبل محمود سامي البارودي، وظهرت هذه الحركة الشعرية في بداية العصر الحديث كرد فعل ضد اتجاه المدرسة الرومانسية، وتهدف إلى إحياء المدرسة الكلاسيكية بدون تجديدها، حيث قام شعراء مدرسة الإحياء والبعث بتنظيم الشعر وفقا للنهج الذي كان يتبع في عصر ازدهار الشعر من الفترة في العصر الجاهلي إلى العصر العباسي.

يتضمن حركة الشعر الحديثة عددًا من الشعراء المشهورين الذين أثروا في الشعر بأساليبهم الخاصة والمميزة، بمن فيهم حافظ إبراهيم وأحمد شوقي وعبد المحسن الكاظمي وجميل صدقي الزهاوي ومحمد مهدي الجواهري وأحمد الصافي النجفي وأمين نحلة وغيرهم من الشعراء الذين تأثروا بهذا الاتجاه.

وقد سميت هذه الحركة بالعديد من الأسماء ، حيث اُطلق عليها اسم مدرسة الإحياء والبعث ، والمدرسة الكلاسيكية ، والاتجاه المحافظ ، ومدرسة التقليد ، لما كان للمدرسة من خصائص ، حيث عمل شعراء هذه المدرسة على إعادة إحياء الشعر العربي من الناحية الفنية ، حيث اتبعوا نهج كبار الشعراء القدماء.

حافظ الشعراء على الأوزان والقوالب في الشعر، وكذلك حافظوا على بناء القصيدة والمعنى والصور البلاغية وسلامة اللغة العربية، وفي الوقت نفسه اتبعوا نهج القدماء في الحفاظ على العقلانية وبناء الصور والخيال دون التجديد، وذلك في شعر الإحياء والبعث.

خصائص المدرسة الاحيائيية

تتميز جميع المدارس والحركات الأدبية بعدة سمات وخصائص خاصة بأسلوبها وطريقة نظمها للون الأدبي، سواء كان ذلك في النثر أو الشعر أو القصة أو كلها معًا، ويمكن تحديد خصائص مدرسة الأحياء والبعث بمحاكاة الكلاسيكية والشعراء القدامى، وتتضمن هذه الخصائص:

  • الحفاظ على نمط الشعر العربي التقليدي في بناء القصيدة، حيث يتم الالتزام بالقافية وقواعد علم العروض القديمة دون التجديد.
  • يجب الالتزام بصياغة الألفاظ بشكل دقيق ودراية بالأساليب الشعرية البلاغية التي كانت منتشرة في العصور القديمة للشعر العربي، حيث قام شعراء الإحياء والبعث باستيحاء هذه الأساليب من الشعر القديم واستخدامها في شعرهم، محافظين على رونق الألفاظ وجماليتها.
  • اتبعوا السابقين في الأدب الشعري، في النواحي المتعلقة بالنعي، والثناء، والوصف، والغزل.
  • تم استحداث بعض الأشكال الشعرية التي لم تكن موجودة في الشعر العربي القديم، واعتمدت في تراكيبها على الأسلوب الخطابي، وجاءت هذه الأشكال مثل الشعر الاجتماعي والشعر الوطني، وكانوا يولون اهتمامًا كبيرًا للصياغة البيانية دون الاهتمام بمضمون الشعر أو صدق التجربة.
  • افتتحت بعض القصائد بالغزل التقليدي، ووصف الآثار، والوقوف على الأطلال، وتطورت إلى أغراض شعرية تقليدية كالمدح والرثاء، وكان ذلك يتبع نهج الشعراء القدماء.
  • يجب اتباع نهج الكلاسيكية في تعدد الأغراض في القصيدة، حيث يمكن تضمين الوصف والمدح والغزل والحكمة في نفس القصيدة والانتقال بين الأغراض المختلفة.
  • تعني معارضة روائع القصائد الشعرية القديمة، وتقليدها بنظم قصائد مماثلة في الوزن والقافية أو في موضوع القصيدة، وكانت تسمى بالمعارضات، وكانت هذه السمة متواجدة عند العديد من شعراء مدرسة الأحياء والبعث.
  • تتميز شعر مدرسة الأحياء والبعث الجدية في المعنى، حيث كانت تهدف من خلال انتشار الحكمة والموعظة إلى تحقيق الكمالية في التأمل للحياة، وإصلاح المجتمعات برسالته الإصلاحية، وتهذيب الأخلاق.
  • تم تهجير العديد من أنواع الشعر التي كانت شائعة في عصر العباسيين، مثل الشعر التأريخي والشعر الأدبي وشعر التصوف، وتم تقليل الفخر والهجاء في الشعر لأنها لم تكن مناسبة للظروف السياسية والاجتماعية في العصر الحديث.

أسباب ظهور مدرسة الإحياء

كان الشعر العربي قبل ظهور هذه الحركة الشعرية متدنيًا، حيث كان يعتمد على معانٍ قريبة وسطحية متداولة بين الناس، وكان الشعراء يتلاعبون بالألفاظ من خلالها، مما أدى إلى تجميد فكر الشعب. وهناك العديد من العوامل التي أدت إلى ظهور هذا الاتجاه، ومنها الآتي:

  • تميزت الشعر العربي خلال العصر العباسي بضعفه وجموده، وبانفصال الشعراء عن أحداث المجتمع في ذلك الوقت.
  • زيادة الوعي الوطني والتطلع إلى مواكبة التقدم في مختلف المجالات الصناعية والعلمية.
  • احياء التراث القديم للشعر العربي.
  • قامت الحملة الفرنسية بالقيام بدور حلقة الوصل بين الثقافة العربية والثقافة الغربية، وتم تعزيي هذه الصلة من خلال البعثات التعليمية والصحافة والمستشرقين.
  • حركات التجديد الحديثة مثل حركة التجديد التي قام بها الشيخ محمد بن عبد الوهاب.
  • تم تطوير حركة الإجراء من خلال جهود المؤسسات الثقافية مثل الصحافة والمطابع مثل الوقائع المصرية، والتي ساهمت في تعزيز هذه الحركة.
  • قام العديد من سكان الشام بالهجرة إلى مصر وبناء مراكز خاصة بهم هناك.
  • ثورة أحمد عرابي، المعروفة بالثورة الوطنية.
  • تضم معالم النهضة الحديثة في العراق والشام بعض الصحف التي تأسست.

رواد المدرسة الاحيائية

عندما نتحدث عن شعراء المدرسة الأحيائية وروادها، يتبادر إلى أذهاننا أسماء الشعراء الذين أثروا فينا وفي تفكيرنا من خلال شعرهم، وأولهم:

محمود سامي البارودي

هو رائد حركة الأحياء ومؤسسها ، حيث قاد الحركة والبعث الذي ربط بين الحاضر والماضي ، وكان لغته قوية وأساليبه متينة وخياله واضحًا ، مما جعله يتمتع بتأثير كبير على الناس ، وساعده ذلك على الخروج من الضعف والجمود الذي وصل إليه الشعر.

وقد كان يتسم شهر البارودي بما يلي :

  • يجب رفع مستوى الكلمة والعبارة من الابتذال والضعف إلى الرسامة والقوة.
  • تجنب استخدام المحسنات البديعة المتكلفة واستخدام اللفظ الزائد.
  • يجب تجنب التعقيد والغموض في القصيدة والانتقال إلى الوضوح والبساطة.

ومن اعمال البارودي معارضته لبائية الشريف الرضي الذي يقول فيها :

لغير العُلا منِّي القِلا والتجنُّبُ

ولولا العلا ما كنت في الحب أرغبُ

فيقول البارودي معارضا :

سوايَ بتِحنان الأغاريدِ يطربُ

وغيريَ باللـذات يلـهو ويُعجـَب

وما أنـا ممن تأسر الخمر لبَّـه

ويملك سمعيـه اليراعُ المثـقَّـب

ولكن أخو هم إذا ما ترجحت

به هِمَّةٌ نـحو العـلا راح يدأبُ

أحمد شوقي

أحمد شوقي، المعروف بـ `أمير الشعراء`، هو أحد الأعمدة الرئيسية لمدرسة الإحياء والبعث. كان تلميذا لمحمود سامي البارودي. يتميز أحمد شوقي بقربه من شعراء العصور الذهبية، حيث يتميز شعره بالحكمة. يجمع بين الثقافة العربية والحضارة العربية بطريقة تتناسب مع جذورها وتقاليدها.

من الأمثلة على الشعر المجازي، قصيدة الوطن لأحمد شوقي، حيث يعبر فيها عن حبه للوطن

وسلا مصرَ : هل نسيت القلبُ حبيبةً * أو يحزنُ من الزمان الجريء؟

مع مرور الليالي، يأسرني الشوق، وتتحول العهود إلى صلابة في الليالي

مُستَطارٌ إذا البواخِرُ رنَّتْ * أَولَ الليلِ ، أَو عَوَتْ بعد جَرْس

راهب في صدر السفن الذكية * كلما تصدعت هبة تملكها بنفسها

وطني إذا انشغلت بالخلود عنه، تزاحمت نفسي للعودة إليه في الخلود

حافظ ابراهيم

يُعرف حافظ إبراهيم بـ “شاعر النيل”، وهو أحد رواد مدرسة الأحياء البعث، وكان هو وشوقي صديقين مقربين، وساعد كثيرًا في إنشاء مدرسة الأحياء الإحسائيَّة. يتميز شعر حافظ إبراهيم بالحفاظ على قواعد الشعر العربي الأصيل وتكوينه وبنائه.

ومن أعمال حافظ إبراهيم، قصيدة البحر، حيث يقول فيها

أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الدُرُّ كامِنٌ

فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَن صَدَفاتي

فَيا وَيحَكُم أَبلى وَتَبلى مَحاسِني

وَمِنكُم وَإِن عَزَّ الدَواءُ أَساتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى