نشأة علم الجرح والتعديل
متى نشأ علم الجرح والتعديل
بدأ علم الجرح والتعديل مع بداية ظهور الرواية في الإسلام، وحدث ذلك في عهد الصحابة، حيث لم يكن هناك تعديل. ولكن في عهد التابعين، زاد التعديل بسبب ندرة الكاذبين فيهم. واتسع نطاق هذا العلم في العصور التالية بسبب زيادة عدد الروايات وتواجد الروايات الضعيفة، وأيضا بسبب تزايد كذب الرواة.
بشكل عام، يتخصص هذا العلم في دراسة الرواة، سواء كانت رواياتهم صحيحة أو ضعيفة، ويعد علم الجرح والتعديل جزءًا من علوم الحديث، وله أهمية كبيرة حيث يمكن من خلاله تحديد الراوي الصحيح من الضعيف، ويتضمن أحكامًا مختلفة لتحديد ذلك.
الجرح والتعديل لغة واصطلاحا
بالإضافة إلى معرفة الأهمية الكبيرة لعلم الجرح والتعديل المتعدد، فإن لهذا العلم العديد من التعريفات اللغوية والاصطلاحية المختلفة، ومن بين هذه التعريفات:
الجرح
يشير مصطلح `جرحة` إلى وجود مشكلة في الجسم تسبب في سيلان الدم، وفي الاصطلاح يستخدم للإشارة إلى الطعن في رواة الحديث أو وصفهم بأوصاف تسيء إلى روايتهم، ويتضمن ذلك بعض الأمور مثل:
- إذا كان يكذب على رسول الله صلوات الله وسلامه عليه.
- الذين يقوموا بالبدع.
- عدم القدرة على الحفظ.
- أن يكون مخالف للثقة.
- الأشخاص الذين في غفلة.
- الفسق.
- الشخص المعروف بكثرة الكذب.
العدل
الرجل العادل هو الشخص الذي يتم قبول شهادته وتقديمه، ويعني ذلك الشخص الذي يمتلك النزاهة والاستقامة في سلوكه وأفعاله، ويتم تثبت عدالته من خلال عدة علامات، بما في ذلك: توفر شروط الأهلية للقيام بالمهام، وعدم وجود أي تهمة أو شبهة تؤثر على نزاهته واستقامته
- أن يذكر أحد أئمة الحديث بضبطه وعدالته.
- يكون مشتهر بالعدل بين أهل العلم.
- يقوم بجمع الأحاديث وتقديمها إلى أحاديث الثقات، وإذا تم الموافقة عليها فإنها تصبح موثوقة.
مراتب التعديل والفاظها
تم تقسيم الجرح والتعديل إلى بعض المراتب المختلفة بناءً على بعض الأسس، والتي تتضمن ما يلي:
تختلف الأطراف في الحكاية بناءً على قوة تحكم الراوي فيها؛ لذلك تنقسم إلى العديد من الأقسام المختلفة، وتتم هذه التقسيمات على النحو التالي:
- المرتبة الأولى: يشير استخدام الإفراط في التوثيق، أو استخدام الأفعال بزيادة، إلى المبالغة، ويتم ذلك في قسم الصحيح.
- المرتبة الثانية: يجب أن يتم تكرار لفظ التوثيق عند الحديث عن الصحيح.
- المرتبة الثالثة: إشارة إلى التوثيق والحديث في قسم الصحيح.
- المرتبة الرابعة: يعكس هذا الأمر العدالة ويشير إلى تعديلات خفيفة في الضبط.
- المرتبة الخامسة: يدل على العدالة والتحكم السهل، ولكنه يصلح للاستخدام في الشواهد والمتابعات.
- المرتبة السادسة: ما يتم تحديده للتعديل فقط، لا يتطلب الحديث الفردي عنه، ولكن يمكن تصحيحه من خلال الشواهد والمتابعات.
مراتب الجرح وألفاظها
- المرتبة الأولى: هذا الحديث يشير إلى التليين وهو ضعيف ولا يمكن الاستناد عليه كدليل، لكنه يتم كتابته للاستفادة منه في الشواهد.
- المرتبة الثانية: يصرح بأنه لا يعترض على الأمر ولا يستند إلى حديثها.
- المرتبة الثالثة: ويستخدم هذا الوسيط عادة للإعلان عن عدم صحة حديث بشكل ضعيف جدًا.
- المرتبة الرابعة: الذي يتم إتهامة بالكذب ونحوه.
- المرتبة الخامسة: الذي يصف بالكذب ونحوه.
- المرتبة السادسة: تدل هذه المرتبة على المبالغة في الكذب، وهي أسوأ المراتب.
متى ينظر في الجرح والتعديل
يتم النظر في الجرح والتعديل في أربع حالات مختلفة، وهي كالتالي:
- يتم اعتماد التعديل الذي يشرح اللفظ العام في حال كانت الجرح عبارة عن لفظ عام.
- عندما يحدث تعارض بين الجرح والتعديل، يذكر الشخص رد روايته في جانب ويذكر ما يستدعي قبول روايته في الجانب الآخر.
- توجد جروح وتعديلات مختلفة في مواضع غير مستوية.
تطور علم الجرح والتعديل عبر القرون
أولئك الذين تكلموا في السنة النبوية كانوا أصحاب الرسول، صلوات الله وسلامه عليه. كان الصحابة يستخدمون هذا العلم كوسيلة لصيانة حديث رسول الله، صلوات الله وسلامه عليه، ولذلك، كانوا حريصين على جمع الأحاديث النبوية. فبعض الصحابة كانوا يصاحبون الرسول صلى الله عليه وسلم لمدة شهر لسماع أحاديثه، وبعضهم كان يرافق الرسول صلى الله عليه وسلم وهو مشبع لجمع ما يمكنه من أحاديث نبوية.
كان أبو بكر رضي الله عنه أول من بحث عن الأحاديث في الرسالة، وبعده عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وبعده علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهذا يدل على الاهتمام والتحري الذي كان يتم بين الصحابة للتحقق من صحة الأحاديث النبوية.
في ذلك لقد روي الإمام مسلم بأسناده إلى مجاهد أنه قال: ((جاء بشير بن كعب العدوي إلى ابن عباس، فبدأ يتحدث ويقول: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – فأصبح ابن عباس لا يسمح لحديثه، ولا ينظر إليه، فقال بشير: يا ابن عباس، لماذا لا تستمع لحديثي؟ أحدثك عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وأنت لا تستمع! فقال ابن عباس: كنا في الماضي إذا سمعنا رجلا يقول: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم – كنا نتوجه نحوه بأعيننا ونصغي إليه بآذاننا، ولكن عندما انقلبت الأمور وتغيرت الظروف، لم نأخذ شيئا إلا مما نعرفه)).
مشروعية الجرح والتعديل
تدل الشريعة العامة في قواعدها على وجوبها للمسلمين، والجرح والتعديل تعتبر وسيلة لحفظ السنة. فقد ذكر في كتاب الله تعالى قوله: `يا أيها الذين آمنوا، إذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فيصبحوا على ما فعلتم نادمين`. وأيضا ذكر في كتاب الله تعالى قوله: `استشهدوا شهيدين من رجالكم، فإن لم يكونوا رجلين فرجل وامرأتان ممن ترضون من الشهداء`.
يتم الاعتماد على الشهداء الذين يقبلون دينهم وأمانتهم في نقل السنة النبوية؛ ولهذا السبب لا تقبل الأحاديث النبوية إلا من الثقات. والدليل على جواز الجرح هو قول رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينة بن حصن رضي الله عنه عندما طلب الإذن للدخول: `بئس أخو العشيرة`. وأما دليل جواز التعديل فهو ما ذكره خالد بن الوليد رضي الله عنه: `نعم عبد الله وأخو العشيرة خالد بن الوليد، سيف من سيوف الله، سله الله عز وجل على الكفار والمنافقين`.
شروط المعدل والجارح
تم ذكر بعض الشروط التي يجب توفرها لتحديد المعدل والجارح، وتتضمن هذه الشروط ما يلي:
- أن يكون عدلًا ويكون متيقظًا.
- أن يكون شخصًا عادلًا ولديه معرفة بالعدل والشدة.
- يجب أيضًا أن يكون بريئًا من الهوى والتعصب.
- لقد جاء في ذلك في سورة النحل قوله تبارك وتعالى: (( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ )) صدق الله العظيم
- الأدلة على هذا العلم تم استدلالها من الكتاب والسنة في سورة آل عمران، في قوله تعالى: `ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حتى يميز الخبيث من الطيب`. صدق الله العظيم.