اسلاميات

من هم المعاهدون وأحكامها

من هم المعاهدون

يشير المصطلح المعاهدة إلى الوصية والأمان والوفاء، ويعني التعاهد الحفاظ على الشيء، ويشير التعهد إلى الحفاظ على شيء مع تجديد العهد به.

تعني المعاهدة بمعناها الإصطلاحي التوقف عن القتال وترك المعركة.

المعاهدون هم أشخاص من خارج الدولة الإسلامية، ويتم الالتزام والتعهد بينهم وبين الدولة الإسلامية.

الفرق بين الذميين والمعاهدين والمستأمنين

الذميين هم سكان البلاد الذين يعيشون فيها تحت حماية المسلمين، ويدفعون الجزية كتعويض للحماية وحماية أموالهم. تترك لهم حرية عبادتهم ولا يجبرون على اعتناق الإسلام، بل يدفعون الجزية مقابل الاستمرار في حياتهم تحت حماية الدولة الإسلامية. الأشخاص غير القادرين والأطفال والنساء مستثنون من دفع الجزية.

أما المعاهدون فيعيشون في بلادهم التي يتواجدون بها ولا يعيشون في الدولة الإسلامية، ويوجد بينهم وبين المسلمين عهد على عدم الحرب فلا يحاربون المسلمين ولا يحاربهم المسلمون، ولا يخرجون المسلمون من ديارهم ولا يخرجهم المسلمون من ديارهم وإنما يتعاهدون على عدم الحرب أو المقاتلة، وقد تكون هذه المعاهدة بوقف الحرب لفترة زمنية محددة.

المستأمنون هم أولئك الذين لا يخضعون لأهل الذمة أو المعاهدون، ولكنهم يحظون بالأمان لفترة محددة، مثل دخولهم إلى التجارة داخل بلاد المسلمين، ولا يجوز القتال ضدهم لأنهم في وضع أمان معالمسلمين حتى ينتهي وقت حاجتهم أو تجارتهم ويعودون.

من الممنوع سرقة أموال المعاهدون وأهل الذمة والمستأمنون، ولا يجوز الاعتماد على حجة أنهم غير مسلمين

أنواع المعاهدين

لفهم أحكام المعاهدين يجب أولاً التعرف على أنواعهم، ويمكن تصنيف المعاهدين إلى ثلاثة أنواع هي:

  1. معاهدين ملتزمين.
  2. معاهدين غير ملتزمين.
  3. معاهدين غير مأمونين.

أولا: المعاهدون الملتزمون هم المعاهدون الذين يلتزمون بتعاهدهم مع المسلمين، ولذلك أمر الله تعالى المسلمين بعدم الاعتداء عليهم أو محاربتهم طالما أنهم يفيون بتعاهدهم، ويقول الله سبحانه وتعالى: `إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا فأتموا إليهم عهدهم إلى أجلهم إن الله يحب المتقين.` (سورة التوبة، الآية 4).

وصفات المعاهدون الملتزمون هي:

  1. يتميز الملتزمون بالالتزام بشروط العهد والامتثال لجميع بنودها، ولذلك يتم وصفهم بالملتزمين بعهودهم.
  2. عدم مساعدة أي شخص غير مسلم ضد المسلمين.
  3. لا يحاربون المسلمين لأنهم ملتزمون بالعهد الذي تم التوصل إليه معهم بعدم القتال أو الاعتداء.
  4. ولا يقومون بإخراج المسلمين من بيوتهم.

ثانيا: المعاهدون غير الملتزمون هم الأشخاص الذين انتهكوا عهودهم أو أحد بنود المعاهدة. في هذه الحالة، يجب أن تتخذ بعض الإجراءات نتيجة لعدم التزامهم بالعهد، بما في ذلك القتال ضدهم وعدم الالتزام بالولاء. يشير الله تعالى إلى هؤلاء الأشخاص في الآية “براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين” في سورة التوبة. في هذا السياق، تعني البراءة إنهاء العهد والانسحاب من المعاهدة، أي إلغاء الاتفاق والتخلص من التزامات المعاهدة.

وصفات المعاهدون غير الملتزمين هي:

  1. انتهاكهم للشريعة والدين الإسلامي وشركهم وعدم إيمانهم.
  2. يتم الخوف من الغدر والخيانة والعهود المنتهكة في حالة انتصار المجموعات القوية، مما يؤدي إلى إلغاء العهود في أي وقت والغدر بالمسلمين ومقاتلتهم.
  3. يظهرون دائماً عكس ما يريدونه وهذا النوع من النفاق، حيث يحاولون إظهار الالتزام والعهد معك، فيما ينتظرون في الخفاء الفرصة المناسبة للهجوم على المسلمين وفسخ العهد، وهذا يشكل خطراً على الأمن والاستقرار.
  4. فاسقون ويظهر عليهم بوادر نقض العهد.
  5. يفضلون الحياة في الدنيا على الآخرة.
  6. يتجاهلون العهد ولا يلتزمون به، ولهذا يُطلق عليهم معاهدون غير ملتزمين، حيث لا يلتزمون بأي شروط أو بنود في المعاهدة أو العهد بينهم وبين المسلمين.
  7. يبدأون بفسخ العهد ونقضه عندما يتاح الفرصة المناسبة لهم.
  8. لا يتلاءمون مع معتقداتهم ويظهر ذلك في تصرفاتهم وأفعالهم.
  9. المساعدة في طرد المسلمين من بيوتهم تتعارض مع بنود الاتفاقيات والعهود ، مما يدل على عدم الالتزام بها وانتهاكها.
  10. القتال ضد المسلمين والاعتداء عليهم دون احترام أي عهدٍ بينهم.
  11. الطعن في العقيدة الإسلامية.

ثالثا: المعاهدين غير المأمونين وهم معاهدون يخاف المسلمون من خيانتهم أو غدرهم ويكونون أناس أقرب للخيانة ونقض العهد والالتزام به بمعنى أنهم ليسوا محل ثقة وتظهر عليهم بوادر الخيانة، وفي هذه الحالة يجوز إنهاء العهد معهم لأن المسلمون يخافون خيانتهم، كما يمكن إبلاغهم بإنتهاء العهد وإعداد القوة للقتال خوفا من خيانتهم.

أحكام المعاهدون الملتزمون

تم توضيح الحقوق والواجبات للمعاهدون الملتزمين، وتتمثل حقوق المعاهدون الملتزمين فيما يلي:

  1. يحث القرآن الكريم المسلمين على الإلتزام بالعهد لمدة الفترة المتفق عليها، وأن يلتزموا به بشكل واضح وشديد الالتزام، في حال الالتزام ببنود المعاهدة وعدم قتال المسلمين أو مساعدة أحد على قتالهم.
  2. يجب عدم الاعتداء على الحلفاء المعاهدين، حيث أمر الله تعالى المسلمين بعد الاعتداء على قوم متحالفين مع المعاهدين لهم.
  3. إذا قرر المعاهدون البقاء محايدين وعدم المشاركة في القتال، فلن يتم مهاجمتهم.
  4. ألا يدعم المسلمون إخوانهم المسلمين المعاهدين.
  5. البر والعدل مع المعاهدين.
  6. في حالة قتل مسلم معاهد عن طريق الخطأ، يجب دفع الدية، ويكون مقدار دية الكافر المعاهد نصف دية المسلم.

أما واجبات المعاهدون الملتزمون فتتمثل في:

  1. يتمثل الالتزام الحقيقي بكافة شروط وأحكام الاتفاقية، ولذلك يطلق عليهم لقب الملتزمون، حيث يفي هؤلاء الأشخاص بوعودهم مع المسلمين.
  2. لا يجب مساعدة أي شخص على الأذى المسلمين، ولا ينبغي التحالف مع أعداء المسلمين في الحرب.
  3. يجب عدم طرد المسلمين من بيوتهم، وهذا يشكل شرطًا في المعاهدة معهم.

أحكام المعاهدين غير الملتزمين

فيما يتعلق بالمعاهدين غير الملتزمين الذين يتخلفون عن الوفاء بعهدهم ويساعدون في طرد المسلمين من ديارهم، بخلاف ما هو متفق عليه في بنود المعاهدة معهم، فإن أحكامهم كالتالي:

  1. يجب محاربةهؤلاء الأشخاص لأنهم ليسوا ملتزمين، حيث أنهم قد نقضوا العهد وطعنوا في الدين، كما أنهم يمارسون الشرك وينتهكون العهد عندما يكونون قويين، ويظهرون دائمًا بمظهر يختلف عن ما يدور في داخلهم، بالإضافة إلى أنهم يفضلون الحياة الدنيا على العمل من أجل الآخرة.
  2. عدم التعاقد مع المعاهدين غير الملتزمين بعد خرقهم للاتفاقية المبرمة معهم، حيث يعتبر ذلك لا يجوز، نظرًا لأنهم خرقوا العهد مع المسلمين ولا يمكن التصالح معهم أو إقامة هدنة معهم.

أحكام المعاهدون غير المأمونين

فيما يتعلق بأحكام المعاهدون غير المأمونين والذين يخشى المسلمون خيانتهم في أي وقت بسبب عدم ثقتهم، فإن أحكامهم تتمثل في:

  1. وجوب نبذ المعاهدة مع من يخاف من خيانته ويظهر ذلك في قول الله تعالى بسم الله الرحمن الرحيم” ) وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ (58) سورة الأنفال، والخوف هنا لابد أن يكون من التوقع الصحيح القائم على الحق المحمود نتيجة لرؤية تصرفاتهم وصفاتهم وليس قائم على مجرد توهم أو خيال.
  2. الإبلاغ الواجب للمتعاهدين عن رغبة فسخ العقد وإنهاء المعاهدة.
  3. يتمثل الاستعداد للقتال مع أولئك الذين يخشون خيانتهم في إعداد القوة بشكل كبير.
  4. يجب قبول السلم مع المعاهدين غير المأمونين بعد نبذ العهد معهم خوفًا من خيانتهم، والسلم هو فترة زمنية يتوقف فيها القتال، وهي فترة يستطيع فيها المسلمون التحضير للقتال والاستعداد له.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى