استراتيجيات إدارة المواهب
ادارة المواهب
في العقود الأخيرة، زادت أهمية الدورات التدريبية للتنمية البشرية بشكل كبير، حتى أصبحت تعقد في الجامعات. فما هو السبب وراء ذلك؟ بعد الثورة الصناعية، أصبح التركيز العالمي على التنمية الصناعية وتطوير المنتجات والآلات التي تساعد الإنسان على تصنيع منتجات ذات جودة أفضل. ومع ذلك، تجاهل قادة العالم في الاقتصاد أهم عنصر في عملية التصنيع والإنتاج بشكل عام، وهو الإنسان.
الموارد البشرية هي العصب الحيوي للحياة، وهي التي يمكنها ابتكار أفكار جديدة لتحسين سير العمل والإنتاج. لذلك، بدأ العالم في العقود الأخيرة في دعم أصحاب المواهب الذين يتمتعون بقدرات خاصة في جميع المجالات. ولكن، ما هي الموهبة التي يجب دعمها وما هي أنواع الموهبة التي سيتوجه صانعو القرار في جميع دول العالم إلى تشجيع دعمها واستثمارها في التنمية الشاملة؟ بالتأكيد، المقصود بالموهوبين هم أولئك الذين يتمتعون بقدرات إبداعية في إدارة العمل وتطويره من خلال طرح أفكار جديدة، والذين سيقومون بتحديث آليات العمل، وتطوير آليات التنفيذ، ووضع خطط للسنوات القادمة لضمان استمرارية حصتها السوقية للمؤسسة، ومنحها ميزة تنافسية في السوق العالمية.
بعد التطور التكنولوجي الذي جعل العالم يتحول إلى سوق كبير متنافس، ولم يعد بإمكان منظمات الأعمال التنافس في السوق العالمية المفتوحة، لأنها لم تضع أصحاب المواهب في مراكز صنع القرار ليتمكنوا من وضع استراتيجيات للعمل تتوافق مع التطور والتغيير الذي يحدث في العالم بأسره.
لذلك، أصبح توجه معظم منظمات الأعمال هو محاولة إيجاد ميزة تنافسية تساعدها على البقاء، مما أدى إلى ظهور مفهوم جديد يعرف باسم `رأس المال الفكري`، والذي يركز على مستوى التفكير لدى صناع القرارات. فمن المعنى أن القادة يجب أن يكونوا لديهم أفكار جديدة تتناسب مع التطور والتغيير في العالم. وهذا يعني أنه يجب أن يتمتعوا بقدرات ومواهب خاصة تميزهم في إدارة الشركات، حتى يتمكنوا من وضع استراتيجيات جديدة تعطي المنظمة ميزة تنافسية في السوق العالمية. ويتطلب هذا التوجه إدارة موهبة جيدة، ويعني ذلك تشجيع الاستثمار في الموارد البشرية واستغلالها بشكل جيد، مما سيؤدي إلى تطوير مواهب خاصة والتي ستعمل على وضع خطط واستراتيجيات تمكن العالم من المضي قدما.
مفهوم الموهبة The Talent
أول من عرف مصطلح الموهبة هم الإغريق والبابليون، وكانت تشير إلى من يمتلك هبة خاصة كالرسم والغناء والرياضة، وهي مواهب فطرية. ولكن في العصر الحديث ظهرت أنواع أخرى من المواهب المتعلقة بالفكر، حيث أصبحت تشير إلى الأشخاص الذين يمتلكون مهارات وقدرات طبيعية ويدعمونها بالتعلم، وهؤلاء هم أصحاب المواهب ذوي الخبرة بقدرات ومهارات طبيعية ممزوجة بالخبرات العلمية والعملية، ويعرفون باسم “أصحاب الكفاءة”. وهذا يوضح علاقة الموهبة بالذكاء، مما يعطي القابلية في صناعة الفارق المعنوي في طريقة عمل المنظمة. ولهذا، فمن الضروري الاهتمام باستثمار الموارد البشرية باستمرار، لأن هذا القرار يضمن استمرارية المواهب وخلودها في تعاقب الأجيال، مما يضمن استمرارية عمل المنظمة، ويوضح أهمية إدارة المواهب البشرية وعلاقتها بالميزة التنافسية، لأن هذه الموهبة تمتلك جميع خصائص الميزة التنافسية المستدامة، وذلك لأنها موهبة تخص شخصا واحدا فقط، وليست شائعة بين الأفراد الكثيرين.
لذلك، أصبح الاحتفاظ بالمواهب الفريدة توجهًا يؤثر على جميع المؤسسات، وأصبح التفكير الرئيسي في المؤسسات حول:
- كيفية التوظيف بشكل فعال
- كيفية التعرف عليهم من الداخل
- كيفية زراعتها ورعايتها
- كيفية تحفيزهم والاحتفاظ بهم
- كيف يتم استغلالها على أكمل وجه؟
استراتيجيات إدارة المواهب
يتم تصنيف أفضل استرتيجيات إدارة المواهب الى :
- تشخيص الأعمال
- التقييم
- تصميم البرنامج
- التنفيذ
- الدعم في حقل العمل
يتم العمل مع المواهب استنادا إلى استراتيجيات إدارة المواهب التي تتكامل مع استراتيجية مستوى الأعمال، وتهدف إلى تمويل المواهب القادرة على تلبية احتياجات المنظمة. يكمن أهمية هذا التكامل في أن استراتيجية الأعمال تتضمن اتخاذ قرارات بشأن الموارد والاستثمارات، وعند تحقيق التكامل، ستكون للشركات ميزة تنافسية تساعدها على البقاء في طليعة احتياجات السوق. يتيح التكامل الفرصة لمناقشة القدرات المطلوبة للمؤسسة، وتنقسم استراتيجيات إدارة المواهب إلى:
تخطيط القوى العاملة Workforce planning
ينبغي للشركة وضع خطط للقوى العاملة تتناسب مع خطط العمل وتخصيص ميزانيات التعويضات، ويتم ذلك عن طريق تحديد الأهداف المرجوة من توظيف الموهوبين بناء على احتياجات الشركة. كما يجب على الشركة مراعاة الفروق بين إمكانيات الموهوبين ومواهبهم، وطبيعة المواهب التي تحتاجها الشركة وما يتطلبه خطة العمل المعتمدة داخل الشركة. وبمعنى آخر، يجب على الشركة معرفة المواهب التي تحتاجها والتي تتوافق مع الخطة المعتمدة للعمل داخل الشركة.
الاستقطاب والتوظيف Recruiting and staffing
تخطئ العديد من الشركات في تحديد المواهب التي يحتاجون إليها، لذلك يجب أن تختار عملية التوظيف بعناية من بين الأعداد الكبيرة التي تقدم طلبات التوظيف، وأن تعتمد الاختيار على الكفاءة والخبرات المتميزة التي يتمتعون بها.
التوطين On boarding
الهدف من عملية التوطين هو مساعدة الموظفين الجدد ورفع الضغوط الحياتية حتى يمكنهم التركيز على تقديم أفضل أداء، وهذا يتم من خلال التوجيه وإتاحة الفرص لهم لتحقيق أعلى مستوى من كفاءة، حتى أن بعض الشركات توفر مساكن للموظفين في حالة لو كان مكان سكنهم بعيدا عن مكان العمل، حتى لا يتكلف الموظف مجهود إضافي في التنقل أو إضاعة الوقت ما بين الذهاب إلى العمل والعودة إلى المنزل.
أهم الأنشطة في إدارة المواهب
وفقا لدراسة أجرتها مجموعة Boston الاستشارية حول أهم الأنشطة في إدارة المواهب، والتي تشمل خطة لجذب الأشخاص الموهوبين والمبدعين والمهرة بواسطة “اختبار الكشف عن المواهب” والاحتفاظ بهم وتمنحهم فرصا لتحقيق التفوق في المهام الموكلة إليهم. وحددت الدراسة هذه النقاط كأولويات في إدارة المواهب
- تطوير بعض الخطط الشخصية المخصصة للمهن personalized career .
- تطوير بعض خطط إعادة التعويضات المحددة للموهوبين.
- البحث عن الموظفين الموهوبين في المنظمات المنافسة
- تأسيس شبكات للخريجين
- يتضمن إعادة توجيه العمليات لاستخدام موارد جديدة من الموظفين الموهوبين
أظهرت دراسات قام بها المركز الأمريكي للإنتاجية ومركز القيادة الخلاقة أن جميع المنظمات التي تتفوق في إدارة المواهب تعتمد على هذه النقاط:
- تعريف واسع لادارة الموهبة
- تكامل العناصر المختلفة لإدارة المواهب في نظام شامل
- يتم التركيز في إدارة المواهب على المواهب ذات القيمة الأعلى
- يجب أن يكون المدير التنفيذي الأعلى والمديرون التنفيذيون ملتزمون بعملية إدارة المواهب
- يمكن بناء نموذج للقدرات لتحقيق فهم مشترك حول المهارات والسلوكيات التي تحتاجها المنظمة
- مراقبة نظام المواهب بشكل واسع، لتشخيص الفجوة المحتملة في المواهب
- التفوق في التمييز والتشخيص وتطوير المواهب، بالإضافة إلى إدارة الأداء والاحتفاظ به
- التقييم المنتظم لنتائج نظام إدارة الموهبة
تعتمد بعض المؤسسات استراتيجيات إدارة المواهب، مثل بنك أمريكا وماكدونالدز وغيرهم
يتجلى ذكاء الأعمال في مجموعة من المواهب التي تتضمن نموذج ذهني مشترك لتحقيق التكيف الاستراتيجي، وتتكون ذكاء الأعمال من ثلاثة أبعاد هي:
الموهبة : هنا، لا يتم التركيز على التكنولوجيا للحصول على المعرفة التي تدعم عملية صنع القرارات، بل يتم التركيز على اكتشاف المواهب وتعليمها وتطويرها.
النموذج الذهني : تمثل المعرفة الضمنية التي يحملها الأفراد، والتي يجب أن تكون مشتركة، ضرورية لضمان تبادل المعرفة بين الأشخاص الموهوبين
يتم التركيز في البعد الثالث على عملية التكيف الاستراتيجي، وذلك من خلال الاستثمار في المواهب الفريدة لمواكبة التطورات والتغيرات التي تحدث في العالم بين الحين والآخر، وتحقيق ميزة تنافسية مستدامة.
يعتبر قيادة الموهوبين مهمة صعبة، حيث يتمتعون دائمًا بشغف للاستكشاف واكتساب مهارات جديدة تضاف إلى مواهبهم وقدراتهم، وغالبًا ما يتشاركون في هذه السمات التي تضيف طابعًا مميزًا عليهم
الفخر بمكان العمل وطبيعة العمل الهادف التي تمنحهم الفرصة لإحداث فارق كبير، والتحكم في العمل والحرية، والنمو الوظيفي السريع، والحزم العالية الجودة للتعويضات، والمرونة التي تسمح بتحقيق التوازن بين العمل والحياة.
ويجب أن يوضع في الاعتبار عند تحفيز المواهب ما يلي :
- يجب تقديم ملاحظات موضوعية والتأكيد على اهتمام المؤسسة بنجاح الأفراد
- تمنح فرصة لأفضل المواهب لتحقيق النجاح وتحقيق حرية الإبداع
- استخدم مهارات الاستماع والاستجواب النشط
- يتم تشجيع المنافسة لحث الأفراد على تقديم أفضل ما لديهم