مائدة الرسول في رمضان
رمضان المبارك هو شهر الخير والبركة والعبادة، وفيه يجتمع المسلمون من جميع أنحاء العالم عند غروب الشمس لتناول الطعام. لذلك، نرى موائد رمضان مليئة بمختلف أنواع الأطعمة والمشروبات. ومع ذلك، يتجاوز البعض في تناول الطعام والشراب خلال رمضان، مما يتسبب لهم في التعب وآلام في المعدة، ويجعلهم يشعرون بالكسل وعدم القدرة على ممارسة العبادة والصلاة، خاصة صلاة قيام الليل في رمضان. لذا، أفضل ما يمكننا فعله في هذا الشهر الكريم هو أن نتبع سنة نبينا محمد، صلى الله عليه وسلم، في تناول الطعام والشراب، وكذلك في العبادة.
إفطار النبي في رمضان
يشرح أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يعجل بإفطاره بمجرد غروب الشمس في رمضان، وكان يفطر على التمر أو الرطب قبل الصلاة، ثم يخرج ليصلي المغرب في المسجد، ثم يعود ليصلي سنة المغرب البعدية في بيته، ويمكن للشخص أن يفطر قبل صلاة المغرب ولكن لا يجوز له الخروج من المنزل في وقت الصلاة، وإذا كان الشخص يعتقد أنه قد يطيل في الإفطار فيجب عليه تناول التمرات أو الماء والصلاة ثم الإفطار ووقت صلاة المغرب يبدأ من غروب الشمس ويستمر حتى غروب الشفق.
وكما ذُكر عن سنته، كان يتناول النبي الطعام والشراب بمقدار يملأ ثلث معدته، ويترك ثلثًا آخر للشراب والثلث الأخير لنفسه، وذلك بحسب الحديث الشريف: `ما ملأ ابن آدم وعاء شرًا من بطنه، بحسب ابن آدم لقمات يقمن صلبه، فإن كان لا محالة، فثلث لطعامه، وثلث لشرابه، وثلث لنفسه`. وهذا صحيح بالنسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
كان النبي عليه الصلاة والسلام يفطر في رمضان على الرطب أو التمر أو الماء، وقد قال أنس بن مالك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي ، ولم يثبت في السنة النبوية أن النبي عليه الصلاة والسلام كان يفطر على عدد فردي من التمرات، فلم يحدد العدد، والسنة أن نفطر على الرطب أو التمر دون تحديد عدد.
ولكن النبي عليه الصلاة والسلام كان يفضل الوتر في كل الأمور وكان يتعبد بالوتر، وقد ورد عن النبي عليه الصلاة والسلام “إن الله وترًا يحب الوتر”، لذلك، يعتبر تناول عدد فردي من التمرات في الإفطار رغم أنه لم يثبت عن الرسول عليه الصلاة والسلام، إلا أنه أمر محبب.
لماذا كان النبي عليه الصلاة والسلام يفطر على التمر
لا شك أن سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام لم يتكلم عن هواه، فكل ما أوصانا به هو خير، وقد أثبتت الدراسات أن تناول التمر على الريق له فوائد صحية عديدة، من أبسطها إضافة الألياف إلى نظامك الغذائي في الصباح الباكر. بفضل محتواه العالي من الألياف، يمكن أن يشعرك بالشبع والراحة طوال الصباح. لذلك، ينصح خبراء التغذية العالميون بتناول التمر قبل وجبة الإفطار سواء في الأيام العادية أو خلال فترات الصيام.
يحتوي التمر على نسبة عالية من السكريات البسيطة التي تزود الجسم بكمية كبيرة من الطاقة، ولذلك فإن تناوله بعد يوم طويل من الصيام يساعد على توفير الطاقة للجسم وتنظيم مستوى السكر في الدم، مما يساعد على تحمل الصيام في الأيام المقبلة.
عند تناول التمر قبل الصلاة، تفرز معدتك العصارات الهضمية بكمية معتدلة، مما يجعلها جاهزة لاستقبال الطعام التالي وهضمه بشكل جيد، ولا تشعر بالتعب أو العسر في هضم الطعام.
نقع التمر في الحليب
يوجد بعض الأشخاص الذين يفضلون نقع التمر في الحليب وتناوله في وقت الإفطار، ولا يوجد مشكلة في ذلك إذا تم نقع التمر فقط أو الرطب فقط. ولكن إذا تم مزج التمر مع الرطب أو الزبيب، فهذا منهي عنه، حتى لا يتخمر المشروب. وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مزج البسر بالتمر أو الزبيب بالتمر أو الزبيب بالبسر، وقال “من شربه منكم” صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. والبسر هو التمر الذي لم يتم إرطابه. وفي هذا الحديث تحذير من مزج التمر بالزبيب أيضا، حتى لا يقع شبهة شرب الخمر، لأن الزبيب يمكن أن يتخمر أيضا.
الأطعمة التي يحبها النبي عليه الصلاة والسلام
من الأطعمة المفضلة للنبي عليه الصلاة والسلام اللحم، والخبز، والزيت، والعسل، واللبن. كان النبي عليه الصلاة والسلام يحب أكل لحم الكتف والظهر، وكان يحب أيضا القثاء، والبقول، والقرع، والدباء. وحدث أن دعي النبي عليه الصلاة والسلام لتناول الطعام، وذهب معه أنس بن مالك، وعندما وضعوا الطعام أمامه، كان فيه خبز من شعير ومرق فيه دباء وقطع من الحم، ورأى أنس رسول الله صلى الله عليه وسلم يتناول الدباء من حوالي الصفحة، ومنذ ذلك الحين أصبح أنس يحب الدباء.
ومن الأطعمة المفضلة لدى النبي عليه الصلاة والسلام الثريد، والثريد هو نوع من الطعام يتألف من لحم مسلوق مع الخضروات ويصب مع المرق على الخبز، وهي أكلة ما زالت موجودة حتى اليوم وتسمى في المملكة العربية السعودية بالمرقوق. وورد في الحديث الشريف `كمل من الرجال كثير، ولم يكمل من النساء إلا مريم بنت عمران وآسية امرأة فرعون، وفضل عائشة على النساء فضل الثريد على سائر الطعام`. صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي هذا الحديث يتم تفضيل الثريد على باقي الأطعمة، والثريد بمفرده هو وجبة مغذية ومشبعة جدا ولذيذة، يمكن أن يتناولها الصائم بمفرده قبل أن يتجه لأداء الصلاة.
على الرغم من حب النبي صلى الله عليه وسلم للثريد، إلا أنه لم يحث على تناوله بشكل حصري عن غيره من الأطعمة. فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يفضل طعاما معينا، وكان يأكل أي طعام يجده، سواء من طعام أهله أو مما يهديه له أصحابه وجيرانه. هذا هو السلوك الذي يجب أن نتبعه ونتشبه به، لذا لا ينبغي أن نضيع شهر رمضان الكريم في إعداد الطعام والشراب وشبع المعدة، ونهمل العبادة والطاعة أو نكسل فيها بسبب الكسل الذي يحدث بعد تناول الكثير من الطعام.
سحور النبي في رمضان
كان التمر أيضًا هو طعام النبي عليه الصلاة والسلام في السحور، فقد ورد عن أبو هريرة أن النبي عليه الصلاة والسلام قال ” نعم سحور المؤمن التمر” ولم يوصي النبي عليه الصلاة والسلام بعدد معين من التمرات في السحور أيضًا، وبالطبع فإن النبي لم يأمر باقتصار السحور على التمر أو الرطب بل يمكن للمؤمن أن يتسحر ما يشاء من الطعام الحلال .
وكان من سنة النبي عليه الصلاة والسلام أنه بعد السحور يصلي نفس مقدار قراءة 50 أية من القرأن الكريم، حتى يؤذن الفجر، ثم ينتظر حتى يقيم بلال الصلاة فيخرج ليؤم الناس في صلاة الفجر، ثم يجلس في المسجد يسبح ويذكر الله تعالى حتى طلوع الشمس، ثم يصلي ركعتين، فهذا يعادل من حج أو اعتمر.