امراض نفسيةصحة

ما هي متلازمة ستندال ؟ “

متلازمة ستندال

تعرف متلازمة ستندال أيضا بمتلازمة فلورنسا بالإنجليزية ومعروفة بمتلازمة الجمال، وهي حالة نفسية وجسدية نادرة، يصاب بها بعض الأشخاص عند تعرضهم لمحفزات خارجية، مثل مشاهدة صورة فنية جميلة أو مشاهدة التماثيل في المتاحف.

من الأمر الطبيعي أن يشعر الجميع بالدهشة والإعجاب عندما يرون عملا فنيا متقنا، سواء كانت هذه الفنون تصويرية للطبيعة الجميلة التي تحيط بنا أو فنونا من صنع الإنسان. ومن الطبيعي أن يتسعت آدمغتنا وينبهروا حتى يتفوهوا بالتعابير المدهشة، ولكن في هذه الحالة، يتأثر المشاهد بالجمال الحسي البشري، وليس الجمال الطبيعي. وتختلف أعراض هذه الظاهرة تماما عن ما يشعر به الأشخاص العاديون. فالمريض قد يفقد الوعي وتتسارع نبضات قلبه، كما قد يشعر بضيق التنفس والتوتر الشديد، ويصاب بالارتباك والخوف الشديد، وأحيانا قد يشعر بالدوار والهلوسة. وتحدث هذه الأعراض عندما يشاهد الشخص عملا فنيا رائعا، يتميز بالمهارة والاتقان والجمال. ولكن هذه الحالة لم تعتبر حتى الآن حالة نفسية أو ذهانية مدرجة ضمن الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية. ومع ذلك، هناك بعض الأدلة التي تشير إلى أن نفس المناطق في الدماغ التي تنشط أثناء التفاعلات العاطفية تتفاعل أيضا عند التعرض للأعمال الفنية الراقية والمبدعة.

أعراض متلازمة ستندال

تختلف أعراض متلازمة ستِندال من شخص لآخر حسب تطور الحالة وحسب مقدار الانبهار العاطفي بالعمل الفني الذي يتعرض له المريض عند ظهور الأعراض. ومع ذلك، فإن الأعراض الأكثر شيوعًا لهذا المرض النادر هي كالتالي:

  • تحدث تسارع في نبضات قلب الشخص المصاب عند تعرضه للمثيرات الخارجية، كما أشرنا سابقًا.
  • تشعر بالدوار الشديد وفي بعض الحالات يصبح الرؤية ضبابية تمامًا.
  • يتميز المصابون بضيق التنفس بأنهم يبدون مسموعين للآخرين بسبب زيادة سرعة التنفس وازدياد صوت النفس.
  • في بعض الحالات، يمكن أن يؤدي الإنبهار الشديد الذي يتعرض له الشخص المصاب إلى الإغماء.
  • الاندفاع في حالة من الارتباك والخوف الشديد، وعدم القدرة على السيطرة على النفس أو الانفعالات، حيث يكون ذلك خارجاً عن إرادة المريض.
  • تتضمن الأعراض المحتملة للإصابة بالهلوسة البصرية والسمعية والتعرض لتجربة دوامة من الهلاوس والرؤية المشوشة في بعض الحالات.
  • يسبب التعرض للتوتر الشديد تأثيرًا سلبيًا على الشخص المصاب وعلى من حوله.
  • الشعور الشديد بالإرهاق فجأة.
  • فقدان المريض لتوازنه تمامًا.
  • يتعذّر على المريض التركيز بشكل كبير ويفقد السيطرة على أفعاله، ويفقد القدرة العقلية على التفكير.
  • تتضمن الأعراض اكتساب إدراك متغير للأصوات والألوان من حوله، وزيادة الشعور بالقلق والذنب والضيق.
  • يحدث تعارض في الشعور عند المصاب، حيث يشعر بعضهم بمشاعر عدم الاكتفاء والضعف، في حين يشعر البعض الآخر بالنشوة والقوة المطلقة.
  •  تتمثل الأعراض الفسيولوجية للهلع الشديد في الإصابة بحالات نوبات الهلع، مثل آلام الصدر وظهور أعراض أخرى تشير إلى شعور شديد بالقلق.

أسباب الإصابة بمتلازمة ستندال

لا يمكننا التأكيد على وجود سبب مباشر للإصابة بمتلازمة ستندال، لأن الفرق بين المتلازمة والمرض يكمن في طبيعة تحديد الأعراض، ولكن بعض أطباء علم النفس قاموا بنشر دراسات تفيد أن السبب الرئيسي للإصابة بمتلازمة ستندال هو الوراثة، وليس شرطا أن يكون هذا الوراثة مرتبطا بتاريخ مرضي محدد، ولكن يمكن أن يكون أحد الوالدين مصابا بأحد الأمراض النفسية التي يمكن أن تتسبب في هذه المتلازمة.

من الممكن أيضًا أن يكون الشخص المصاب لديه اضطرابًا في الهرمونات الأتية: السيروتونين والدوبامين، ومن الممكن أن يُحدث هذه الاضطراب خللًا في الإفراز الهرموني مما يسبب حدوث خلل شعوري لدى المريض مثل هذه المتلازمة.

من المرجح أيضًا أن يكون سبب هذا المرض مرتبطًا بتاريخ الأمراض النفسية أو العقلية للشخص المصاب، حيث تصاحب هذه المتلازمة أحيانًا العديد من الاضطرابات النفسية كالفصام أو التوتر النفسي.

تاريخ اكتشاف متلازمة ستندال

حدث هذا في عام 1989،  حيث قامت الطبيبة النفسية الإيطالية غرازيلا مارغيني والتي تعمل في مستشفى سانتا ماريا نوفا، قامت تلك الطبيب بتدوين ملاحظاتها حول معنى متلازمة ستندال بسبب 106 مريض تم علاجهم في قسم الطوارئ  على أنهم حالات طارئة، ولقد وصل جميع هؤلاء الزوار بعد  الانتهاء من زيارتهم للمعارض الفنية والمتاحف في مدينة فلورنسا الإيطالية، ولقد تم تقسيم الحالات إلى ثلاث أنواع على حسب الأعراض التي ظهرت عليهم وذلك بعد أن تم تشخيص الأعراض ومعرفة تاريخ المصابين المرضي:

  • الفئة الأولى من المرضى

 هؤلاء المرضى الذين تتراوح أعمارهم بين ستة عشر وثلاثين عامًا يعانون من بعض الأعراض الذهانية، حيث يقوم المريض بتقمص دور أحد الشخصيات الأخرى التي قد تأثر بها، ويعيش في عالم موازٍ داخل مخيلته.

  • الفئة الثانية من المرضى

تتشابه أعراض هؤلاء المرضى مع أعراض القلق، مثل التسارع في نبضات القلب، والشعور بضيق في التنفس، والدوار الشديد والإرهاق، وفي بعض الحالات يمكن أن تؤدي إلى حالة إغماء.

  • الفئة الثالثة من المرضى

هم الأشخاص الذين تظهر عليهم بعض العلامات العاطفية المتناقضة والمتضاربة، والتي تجسد تذبذبا في مشاعرهم، مثل الضحك الهستيري أو البكاء، حيث يحدث انفعال زائد لدى المريض، وتعتبر هذه الفئة الأقل خطورة، لأن استعادة الاستقرار العاطفي قد يستغرق أسابيع.

سبب تسمية متلازمة ستندال بهذا الاسم

يعود سبب تسمية متلازمة ستندال بهذا الاسم إلى شخص يدعى ماري هنري بيل،  أو كما يعرف باسم ستندال، وهو كاتب فرنسي شهير كان يعيش في القرن التاسع عشر الميلادي، حيث قام هذا الكاتب بعمل وصف تفصيلي  لأحد تجاربه السياحية المليئة بالانبهار وذلك عندما قام بزيارة مدينة فلورنسا الإيطالية وكان ذلك عام 1817، حيث ذكر في كتابه نابولي وفلورنسا: رحلة من ميلانو إلى ريجيو حيث قام هناك بزيارة كنيسة سانتا كروتش والتي دُفن بها كلًا من غاليليو غاليلي العالم الشهير، ونيكولو مكيافيلي الفيلسوف الإيطالي الشهير، وميكيلانجيلو وهو شاعر ورسام ونحات ومهندس وشاعر إيطالي وكتب عنهم في كتابه الذي غلبته فيه عاطفته: كنت في حالة من النشوة من فكرة الوجود في فلورنسا بالقرب من هؤلاء الرجال العظماء الذين رأيت مقابرهم بنفسي، واستمتعت أيضًا بتأمل الجمال الرائع الذي تركوه خلفهم، ووصلت إلى نقطة حيث كان المرء يواجه مشاعر سماوية، حيث كان كل شيء يتكلم بشكلٍ واضح جدًا مُحدثًا روحي، آه لو كان بإمكاني أن أنسى فقط هذه اللحظة، لكن كان قلبي يخفق بشدة حتى ظننت أنه قد يخرج من مكانه، وهو ما يطلقون عليه اسم الأعصاب في مدينة برلين، ولقد شعرت أنه قد تم استنزاف الحياة مني، ومشيت خائفًا من السقوط بعدما فقدت توازني، ولقد شاهد ستندال أيضًا لوحات جدارية معلقة في الكنيسة وتلك اللوحات هي التي رمسها الرسام والمهندس المعماري جيوتو.

قام العديد من الكتَّاب الحديثون بوصف عواطف الكاتب ستندال بشكلٍ خاطئ، وأن هذه المشاعر كانت متعلقة بستندال وشخصه وطريقة تفكيره وتفاعل مشاعره، وليست متعلقة بالروابط القوية بين ما يشعر وبين التأثير القوي لهذه المقابر واللوحات الفنية، وعلى الرغم من عدم الاعتراف بمتلازمة ستندال ضمن الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية إلا أنه لا يمكن تجاهل هذه الأعراض الخطيرة التي يكون المريض مصابًا في حالته، وتم تصنيف حالاتهم بالخطيرة بما يكفي لكي يخضعوا للعلاج.

يتعامل مستشفى سانتا ماريا في مدينة فلورنسا بشكل معتاد مع هذه الحالات، ولديه طرق معالجتها، خاصةً أن الأشخاص الذين يأتون إلى المستشفى عادةً ما يكونون من السياح الذين يعانون من نوبات دوار وتوهان بعد رؤية عجائب وفنونمدينة توسكان الأثرية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى