متى ترفع الأعمال إلى الله ؟ ” ابن باز ”
الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله
سئل الشيخ ابن الباز – رحمه الله – عما إذا كان يجوز الدعاء في ليلة النصف من شعبان في المساجد بصوت مرتفع. فأجاب: `لا، لا يجوز ذلك. فليلة النصف من شعبان ليست فيها أحاديث صحيحة، وكل أحاديثها موضوعة وضعيفة. وهذه الليلة ليست لها خصوصية في القراءة أو الصلاة أو الجماعة، وما قاله بعض العلماء بخصوصيتها فهو ضعيف، وفيها أحاديث ضعيفة لا يجوز الاعتماد عليها. إن ليلة النصف من شعبان لا تمتاز بأي شيء وهذا هو الصواب
متى ترفع الأعمال إلى الله في شهر شعبان
وقد قيل عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أن رفع الأعمال يحدث سنويا في شهر شعبان. قال أسامة بن زيد – رضي الله عنه -: `يا رسول الله، لم أرك تصوم شهرا من الشهور ما تصوم من شعبان`. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: `ذلك شهر يتغافل عنه الناس بين رجب ورمضان، وهو شهر يرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم`. ولم يتم ذكر أن الأعمال ترفع في ليلة النصف من شعبان، ولكن الحقيقة المذكورة هي أن الله – سبحانه وتعالى – يطلع على خلقه في تلك الليلة ويغفر لهم جميعا، إلا للمشركين والمتخاصمين.
فضل ليلة النصف من شعبان
وقد أوصى علماء إسلاميون مختلفون بالإخلاص فى العبادة والصيام في ليلة النصف من شعبان وهذا مبني على ما روي عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: فَقَدْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم ذَاتَ لَيْلَةٍ، فَخَرَجْتُ أَطْلُبُهُ فَإِذَا هُوَ بِالْبَقِيعِ رَافِعٌ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ، فَقَالَ: «يَا عَائِشَةُ، أَكُنْتِ تَخَافِينَ أَنْ يَحِيفَ اللهُ عَلَيْكِ وَرَسُولُهُ!»، فقُلْتُ: وَمَا بِي ذَلِكَ، وَلَكِنِّي ظَنَنْتُ أَنَّكَ أَتَيْتَ بَعْضَ نِسَائِكَ، فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لأَكْثَرَ مِنْ عَدَدِ شَعَرِ غَنَمِ كَلْبٍ -وهو اسم قبيلة» رواه الترمذي وابن ماجه وأحمد واللفظ لابن ماجة، وأهمية ليلة شعبان الخامسة عشرة هي موضع نقاش بين المسلمين ويحتفل البعض بتلك الليلة بصلوات خاصة ويصومون في اليوم التالي بينما يقول آخرون إن هذه الممارسة ليست من السنة.
إنّ نعمة هذه الليلة هي أن الله يسكب رحمته ومغفرته على الأرض من المغرب حتى الفجر ووصف النبي-صل الله عليه وسلم- مدى مغفرة الله بلغة قوية في العديد من الاحاديث، كما روت عائشة-رضي الله عنها- أن النبي-صل الله عليه وسلم- ظل ساجدًا لفترة طويلة خلال هذه الليلة لدرجة أنها أصبحت خائفة ولمست قدمه للتأكد من أنه لا يزال على قيد الحياة ثم حرك قدمه وسمعته يتلو الدعاء التالي:” «اللهُمَّ أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَبِمُعَافَاتِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ، وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ لَا أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ»، وروى أيضًا عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «هَذِهِ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَطْلُعُ عَلَى عِبَادِهِ فِي لَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِلْمُسْتَغْفِرِينَ، وَيَرْحَمُ الْمُسْتَرْحِمِينَ، وَيُؤَخِّرُ أَهْلَ الْحِقْدِ كَمَا هُمْ»، وروي أيضًا عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا كَانَتْ لَيْلَةُ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقُومُوا لَيْلَهَا وَصُومُوا يَوْمَهَا؛ فَإِنَّ اللهَ يَنْزِلُ فِيهَا لِغُرُوبِ الشَّمْسِ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: أَلَا مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرَ لَهُ؟ أَلَا مُسْتَرْزِقٌ فَأَرْزُقَهُ؟ أَلا مُبْتَلًى فَأُعَافِيَهُ؟ أَلا كَذَا أَلا كَذَا؟ حَتَّى يَطْلُعَ الْفَجْرُ». ونزول الله تعالى كناية عن نزول رحمته أو بعض ملائكته.
ليلة النصف من شعبان هي وقت ممتاز للتحضير لشهر رمضان وتنقية قلوبنا من أي ضغينة نحملها تجاه أي شخص والابتعاد عن أي سبب يمنع رفع الأعمال إلى الله. يجب على كل مسلم أن يكون متيقظا لهذا الشهر ومستعدا لشهر رمضان، حيث يقول الإمام الشافعي: “وصلاتنا أنه كان يقال إن الدعاء يستجاب في خمس ليال، في ليلة الجمعة وليلة الأضحى وليلة الفطر وفي أول ليلة من رجب وفي ليلة النصف من شعبان… وأنا أحب كل ما تم ذكره في هذه الليالي دون أن يكون ملزما”، ويقول الإمام ابن تيمية عنها: “وبالنسبة لليلة النصف من شعبان، فقد أذكرت فيها أحاديث وآثار تشهد بفضلها، ونقلت عن بعض السلف أنهم كانوا يصلون فيها، فصلاة الرجل في هذه الليلة بمفرده قد سبق للسلف أن أقاموها وله فيها حجة، فلا يمكن إنكار مثل هذا
رفع الأعمال إلى الله
أعمالنا تدون باستمرار عن طريق ملائكتنا والله يعلم حقيقة كل ما نفعله ونقوله، ويجب أن ندرك أن هناك اختلافا بين عرض الأعمال ورفع الأعمال. ومع ذلك، فقد خص النبي – صلى الله عليه وسلم – أوقاتا محددة يرفع فيها أعمالنا إلى الله ليذكرنا بضرورة مراجعة أفعالنا والتركيز على عبادتنا.
متى ترفع الأعمال إلى الله
وعن أَبي هُريرةَ-رضي الله عنه- قالَ: قَالَ رسولُ اللَّهِ ﷺ: “يَتَعَاقَبُونَ فِيكم مَلائِكَةٌ بِاللَّيْلِ، وملائِكَةٌ بِالنَّهَارِ، وَيجْتَمِعُونَ في صَلاةِ الصُّبْحِ وصلاةِ العصْرِ، ثُمَّ يعْرُجُ الَّذِينَ باتُوا فِيكم، فيسْأَلُهُمُ اللَّه وهُو أَعْلمُ بهِمْ: كَيفَ تَرَكتمْ عِبادِي؟ فَيقُولُونَ: تَركنَاهُمْ وهُمْ يُصَلُّونَ، وأَتيناهُمْ وهُمْ يُصلُّون.”، فعلى سبيل المثال يتم عرض أعمالنا لله على أساس يومي بعد الفجر والعصر وعلى أساس أسبوعي أيام الاثنين والخميس وعلى أساس سنوي خلال شعبان.
صحة رفع الأعمال إلى الله في يوم عرفة
يؤكد العلماء المسلمون عدم صحة مثل هذا الزعم وأنه لا يجوز نشره، وأنه لا يوجد أي أحاديث نبوية صحيحة أو ضعيفة تدعم هذا الزعم.
فتاوى العلماء فى ليلة النصف من شعبان
يقول الامام الشافعي: “وَبَلَغَنَا أَنَّهُ كَانَ يُقَالُ إنَّ الدُّعَاءَ يُسْتَجَابُ فِي خَمْسِ لَيَالٍ فِي لَيْلَةِ الْجُمُعَةِ وَلَيْلَةِ الْأَضْحَى وَلَيْلَةِ الْفِطْرِ وَأَوَّلِ لَيْلَةٍ مِنْ رَجَبٍ وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ … وَأَنَا أَسْتَحِبُّ كُلَّ مَا حُكِيَتْ فِي هَذِهِ اللَّيَالِيِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَكُونَ فَرْضًا”
ويقول الامام ابن تيمية عنها: روي عن السلف أن ليلة النصف من شهر شعبان لها فضل، ويتم صلاة الرجل فيها بمفرده وقد سبقه فيها السلف وله فيها حجة، فلا ينكر مثل ذلك.
وذَكَر الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمَه الله تعالى في بيان حكمة إكثار النبي صَلَّى الله عليه وسَلَّم منَ الصِّيام في شعبان: أنَّ شهر شعبان يغفُل عنه الناس بين رجب ورمضان حيث يكتنفه شهران عظيمان الشَّهر الحرام رجب وشهر الصِّيام رمضان فقد اشتغل الناس بهما عنه فصار مغفولًا عنه وكثير منَ الناس يظنُّ أنَّ صيام رجب أفضل من صيامه لأن رجب شهر حرام وليس الأمر كذلك.
الصيام في شهر شعبان
النبي – صلى الله عليه وسلم – كان يصوم أكثر في هذا الشهر ليحصل على مغفرة وثواب من الله – عز وجل – وهذا يذكرنا بأن نكرس اهتماما إضافيا لأعمالنا في شعبان وأن نزيد من تعظيم عبادتنا بدلا من تجاهل هذا الشهر من أجل رمضان، فقراءة المزيد من القرآن وأداء بعض النوافل واتباع سنة النبي بالصيام سيزيد من تقوى المسلم ويعزز درجته عند الله – عز وجل -، هناك العديد من الأشياء التي يمكننا القيام بها في شهر شعبان ولكن من الأفضل التركيز على واحد أو اثنين من تلك الأشياء وهما: (التوبة والصلاة وقراءة أجزاء من القرآن)، فشهر شعبان يعلمنا الصيام حتى لا ندخل شهر رمضان مشعرين بالمشقة والتعب.