ادب

قصة كفاح بناء السد العالي

التفكير في إنشاء السد العالي

منذ انتزاع السلطة في عام 1954 والإطاحة بالجنرال محمد نجيب، كان عبد الناصر يحلم ببناء السد العالي على نهر النيل، وهو مشروع ضخم سيزيد مساحة الأراضي الصالحة للزراعة في مصر بمقدار ثلثها. قام البريطانيون ببناء سد في أسوان خلال الحقبة الاستعمارية في عام 1902 ، ولكن السكان المحليون دمروا هذا السد

تمويل “الحلم” يتحول لكابوس

في تاريخ 9 يناير 1960، بدأ الرئيس ناصر أعمال البناء في السد، وقد تسبب ذلك في انفجار ديناميت بكتلة 10 أطنان، وبعد أربع سنوات، تم تولي الرئيس عبد الناصر والزعيم السوفيتي نيكيتا خروتشوف مسؤولية إدارة الفيضانات في السد، حيث أشار عبد الناصر إلى أن هذا الفعل “يمثل رمزًا دائمًا للصداقة” مع الاتحاد السوفيتي.

أمريكا تنسحب من تمويل بناء السد العالي

في الخمسينات تصور الزعيم المصري جمال عبد الناصر بناء سد جديد عبر نهر النيل وهو سد كبير بما يكفي لإنهاء الفيضانات وجلب الطاقة الكهربائية إلى كل ركن من أركان مصر فحصل على دعم مالي من الولايات المتحدة و بريطانيا ولكن في يوليو 1956 ألغت الدولتان العرض بعد أن علمتا باتفاقية الأسلحة المصرية السرية مع الاتحاد السوفياتي، لكن موسكو تدخلت لتمويل السد.

ناصر يرد على الانسحاب الأمريكي

ورداً على ذلك قام عبد الناصر بتأميم قناة السويس البريطانية والفرنسية، وكان ينوي استخدام رسوم دفع تكاليف مشروع السد العالي وقد عجل هذا العمل بأزمة قناة السويس التي هاجمت فيها إسرائيل وبريطانيا وفرنسا مصر في عملية عسكرية مشتركة فكانت قناة السويس محتلة، لكننهم اضطروا إلى الانسحاب في حالة إذلال بعد 10 أيام من القتال تحت ضغط من واشنطن والاحتلال السوفييتي والأمم المتحدة حيث قام هؤلاء باجبار إسرائيل وبريطانيا وفرنسا على الانسحاب وتركت قناة السويس في أيدي المصريين في عام 1957.

الاتحاد السوفيتي وجهة مصر البديلة

استفاد ناصر من القروض السوفيتية وإيرادات رسوم قناة السويس للبدء في بناء السد العالي في أسوان عام 1960، وقد استخدم حوالي 57 مليون متر مكعب من التربة والصخور لبناء السد، الذي يزن 16 مرة وزن الهرم الأكبر في الجيزة. وانتهى المشروع الطموح في 21 يوليو 1970، وتوفي الرئيس عبد الناصر بسبب أزمة قلبية في سبتمبر 1970 قبل افتتاح السد رسميا في عام 197.

افتتاح السد العالي

في 15 يناير 1971، بعد ثلاثة أشهر من وفاة عبد الناصر، قام خليفته أنور السادات بتدشين السد العالي في حفل احتفالي هائل. وتم وضع صور عبد الناصر على كل جانب من جوانب السد، الذي يحتوي أيضا على محطة ضخمة تحتوي على 12 توربينة لتوليد الكهرباء من المياه. يمكن للسد أن يحتفظ بأكثر من 160 مليار متر مكعب من المياه سنويا في بحيرة ناصر. تم بناء السد على مدار 11 عاما بجهود 36 ألف عامل مصري وأكثر من 2000 خبير سوفيتي، حيث قدم الاتحاد السوفيتي 40% من تكلفة البناء، وتم تغطية الباقي بالقطن المصري. وبعد مرور 11 عاما من البناء، تم الانتهاء من بناء السد العالي في أسوان عبر نهر النيل في مصر في 21 يوليو 1970، وبلغت تكلفته حوالي مليار دولار. يعد هذا السد الضخم مصدرا هائلا للطاقة المتجددة وساهم في إنهاء دورة الفيضانات والجفاف في منطقة نهر النيل. ومع ذلك، أثار السد جدلا بسبب تأثيره البيئي المثير للجدل. وتم بناء سد في أسوان الأول في عام 1902 على بعد 500 ميل جنوب القاهرة، وقد قام بتوفير المياه الثمينة للري خلال فترات الجفاف، ولكنه لم يتمكن من السيطرة على الفيضانات السنوية لنهر النيل الضخمة لفترة طويلة.

معلومات عن هندسة السد العالي

يعد السد العالي أكبر سد في الوطن العربي وأهمه في مصر، حيث يقف على ارتفاع 111 مترا ويبلغ عرض قاعدته حوالي كيلومتر، ويتميز بارتفاعه الذي يمثل مفخرة سياسية وتكنولوجية للأمة التي حررت نفسها حديثا من الاستعمار وتكافح من أجل تمويل بنائه. ولتحقيق ذلك، سعت الدولة إلى الانخراط في سياسات الحرب الباردة والحصول على الدعم السوفياتي، أو تأميم قناة السويس والمخاطرة بالحرب. وقد تم توظيف ما لا يقل عن 30,000 عامل، معظمهم مزارعون من صعيد مصر أو من منطقة الدلتا، وأيضا لم يتعاملوا مع الآلات من قبل. وبذل هؤلاء العمال جهودا كبيرة لبناء هذا السد الضخم، حيث يقول البعض بأنهم “عملوا على هذا السد قبل أن يرتفع” والبعض الآخر يقول “نحن الذين جعلنا السد العالي عاليا.

بحيرة ناصر العظيمة

تم تسمية الخزان العملاق الذي أنشأه السد – بطول 300 ميل وعرض 10 أميال – بحيرة ناصر تكريمًا له، وتطلب تشكيل بحيرة ناصر إعادة توطين 90 ألف فلاح مصري وبدو نوبيين سودانيين، بالإضافة إلى إعادة نقل مجمع معبد أبو سمبل القديم المصري الذي بني في القرن الثالث عشر قبل الميلاد.

ما العائد من بناء السد العالي على مصر

وضع السد العالي في أسوان حداً لفيضانات النيل المدمرة واستصلح أكثر من 100 ألف فدان من الأراضي الصحراوية للزراعة وجعل زراعة المحاصيل الإضافية ممكنة على نحو 800 ألف فدان آخر، وتنتج توربينات السد العملاقة الـ 12 التي صنعها الاتحاد السوفييتي ما يصل إلى 10 مليارات كيلو واط/ساعة سنوياً مما وفر دفعة هائلة للاقتصاد المصري وأدخل حياة القرن العشرين في العديد من القرى، وتتقاسم مصر والسودان المياه المخزنة في بحيرة ناصر التي تبلغ عدة تريليونات قدم مكعب وكانت مياهها مفيدة جدًا خلال سنوات الجفاف الأفريقية من عام 1984 إلى عام 1988.

نمت مدينة أسوان بسرعة في الخمسينات والستينات بسبب بناء السد العالي القريب.وقد انطوى “المستقبل الواعد” للمدينة على مجموعة من المشاريع لإعادة بناء البيئة المبنية وتعديل الممارسات الاجتماعية المكانية للاستبعاد التي تشكلت في الفترة الاستعمارية ،وتم انشاء مشاريع بناء جديدة في الستينيات، مثل المستوطنات السكنية و الطرق السريعة الجديدة على الواجهة النهرية وأنظمة النقل بالإضافة إلى أن الناس هناك استطاعوا تجربة رفاهية الحياة في المدينة، وتم التعبير عن ذلك في كتابات و أفلام خيالية وصحفية معظمها كان عن التنقيب عن تاريخ المدينة.

أضرار بناء السد العالي

على الرغم من نجاحاته حقق السد العالي في أسوان العديد من الآثار الجانبية السلبية وأكثرها وضوحا هو الانخفاض التدريجي في خصوبة الأراضي الزراعية في دلتا النيل التي كانت تستفيد من ملايين الأطنان من الطمي الذي يترسب سنويا بسبب فيضانات النيل، ومن الأضرار الأخرى أضرار لحقت بالبشر مثل انتشار مرض البلهارسيا عن طريق القواقع التي تعيش في نظام الري الذي أنشأه السد ويشتبه في أن انخفاض المغذيات المنقولة بالمياه التي تتدفق إلى البحر الأبيض المتوسط هو السبب في انخفاض أعداد سمك الأنشوجة في شرق البحر الأبيض المتوسط، وأدى انتهاء الفيضانات إلى انخفاض حاد في عدد الأسماك في نهر النيل التي كان الكثير منها يهاجر من مكانه ومن جهة أخرى، بحيرة ناصر كانت تحتفظ بالعديد من أنواع الأسماك، وأدى بناؤه إلى تهجير عشرات الآلاف من النوبيين الأصليين وتم نقل خمسين ألف مصري إلى وادي كوم أمبو على بعد 30 ميلا (50 كيلومترا) شمال أسوان لتشكيل منطقة زراعية جديدة تسمى النوبارية وتم إعادة توطين معظم السودانيين حول خشم القربة في السودان، وذلك لإنشاء بحيرة اصطناعية ضخمة، والتي هددت أيضا مئات الآثار القديمة وأدى بناء السد وبحيرة ناصر لغمر المعابد الفرعونية والإغريقية والرومانية، وأهمها معبد رمسيس الثاني في أبو سمبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى