منوعات

نظرية التأثير المعتدل

مفهوم نظريات التأثير المعتدل

انتشرت في نهاية الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي عدة نظريات تعرف بنظريات التأثير المعتدل، استنادا إلى نقد نظريات التأثير القوي التي منحت وسائل الإعلام قوة مبالغ فيها في تأثيرها على الأفراد. كما ركزت نظريات التأثير المعتدل على التأثيرات طويلة المدى بالمقارنة مع نظريات التأثير المباشر والتأثير القوي. وفيما يلي ثلاث نظريات إعلامية من نظريات التأثير المعتدل

  • نظرية الغرس الثقافي.
  •  نظرية ترتيب الأولويات.
  • نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام.

نظرية الغرس الثقافي

ظهرت نظرية الغرس الثقافي في سبعينات القرن الماضي وتذهب هذه النظرية إلى أن مداومة التعرض للتلفزيون لفترات طويلة تنمي لدى الفرد اعتقاداً أن العالم الذي ي راه على شاشة التلفزيون هو صورة متطابقة مع العالم الواقعي الذي يعيشه، ويُعد جورج جربنر G.Gerbner أبرز المنظرين لهذه النظرية الإعلامية.

تؤمن نظرية الغرس أن وسائل الإعلام الجماهيرية تؤثر في إدراك الناس للعالم الخارجي، وخاصة عندما يتعرضون لهذه الوسائل لفترات طويلة ومنتظمة. وبالتالي، تكون الصور الذهنية المسيطرة لدى مجموعة ما نتيجة لتكرار تعرض أفراد هذه المجموعة لرسائل جماهيرية محددة. وتنقسم أساسيات وافتراضات نظرية الغرس إلى

أولاً: يعد التلفزيون وسيلة فريدة للغرس مقارنة مع وسائل الاتصال الأخرى: فالتلفزيون هو الوسيلة الأكثر حضورًا حتى الآن لساعات طويلة خلال اليوم، وتمد الأطفالبرموز وتصورات، وتسهم في تنشئتهم الاجتماعية المبكرة، بينما تلعب الوسائل الأخرى دورها بعد أن يكون الطفل قد اكتسب القيم والعادات والاهتمامات في منزله بمشاركة دور التلفزيون، وبذلك يظهر واضحاً تأثير التلفزيون على الطفل، بنتيجة خصائص التلفزيون المميزة الجاذبة، ووجود التلفزيون داخل المنزل، يساعد على قيام الأسرة على دعم انتقاء الطفل للمواد التي يتعرض لها.

ثانياً: تشكل الرسائل التلفزيونية نظاما مترابطا يعبر عن الاتجاه السائد في الثقافة: يرتبط الغرس كعملية ثقافية بتماسك النسق المعرفي والقيمي الموجود في المجتمع. ويرى الباحثون أن الأفكار والقيم والسمات المتجسدة في البرامج والمواد التلفزيونية هي في الواقع متناغمة ومتفقة ومتسقة مع بعضها، ولا تتعارض أو تتناقض أو تتعارض. يعزو الباحثون ذلك إلى أن هذه المواد التلفزيونية تعبر عن سياسات القائمين على هذه الوسائل، والذين يهدفون إلى الوصول إلى أكبر عدد من الجمهور المستهدف، دون إحداث اختلافات أو إثارة قضايا جديدة. وبالتالي، أصبح التلفزيون يلعب دور البائع الذي ينشر الصور والأفكار التي أصبحت جزءا راسخا وسائدا في الثقافة الشعبية. وبهذا، أصبح التلفزيون ليس منفصلا عن الثقافة السائدة، بل هو ذات الاتجاه السائد.

نظرية ترتيب الاولويات

على النقيض من وجهات النظر المتطرفة لنموذج التأثيرات المباشرة ، ذكرت نظرية ترتيب الاولويات لوسائل الإعلام أن وسائل الإعلام تحدد القضايا التي تهم الجمهور بدلاً من آراء الجمهور ، بموجب هذه النظرية ، تصبح القضايا التي تحظى بأكبر قدر من الاهتمام من وسائل الإعلام هي القضايا التي يناقشها الجمهور ويناقشها ويطالب باتخاذ إجراءات بشأنها ، هذا يعني أن وسائل الإعلام هي التي تحدد القضايا والقصص التي يفكر فيها الجمهور ، لذلك ، عندما تفشل وسائل الإعلام في معالجة قضية معينة ، فإنها تصبح مهمشة في أذهان الجمهور.

عندما يقول النقاد أن وسيلة إعلامية معينة لديها أجندة، فإنهم يستندون إلى هذا الاعتقاد. تتنوع الأجندات من التحيز الليبرالي المفترض في وسائل الإعلام إلى الترويج لأخلاقيات رأسمالية قاسية في الأفلام. على سبيل المثال، تفسر نظرية ترتيب الأولويات ظواهر مثل صعود الرأي العام ضد التدخين. قبل أن تبدأ وسائل الإعلام في اعتماد موقف مناهض للتدخين، كان التدخين يعتبر مشكلة صحية شخصية. من خلال تعزيز المشاعر المعادية للتدخين من خلال الإعلانات وحملات العلاقات العامة ومجموعة متنوعة من وسائل الإعلام، نقلت وسائل الإعلام قضية التدخين إلى الساحة العامة، مما جعلها قضية صحة عامة وليست قضية صحية شخصية. في الآونة الأخيرة، زادت تغطية الكوارث الطبيعية في الأخبار. ومع ذلك، مع تقلص التغطية الإخبارية، يتلاشى أيضا اهتمام الجمهور.

نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام

وضع كل من ساندرا بول روكتيش وميلغين ديلغير 1716 إطار لنظرية الاعتماد على وسائل الاتصال وتنبع نظرية الاعتماد من العديد من الجذور الفكرية المشابهة لنظرية الاستخدامات والاشباعات فكلاهما يركز على العلاقة بين الأهداف الفردية والنظام الإعلامي، وهما نظريتان تتبعان مداخل وظيفية اجتماعية، يمكن القول أن نظرية الاعتماد هي “نظرية بيئية” تنظر إلى المجتمع باعتباره مركباً تسود بين أجزاءه ارتباطات، ومن ثم تحاول تفسير هذه الارتباطات والعلاقات ، ومن الأهداف الرئيسة لنظرية الاعتماد محاولة معرفة الأسباب التي تجعل لوسائل الاتصال آثارًا قوية ومباشرة أحياناً، وفي أحيان أخرى تكون لها تأثيرات ضعيفة وغير مباشرة.

أظهرت الدراسات المتعددة أن نظرية الاعتماد تتميز عن غيرها من النظريات بعدة مزايا:

  •  تم تسمية المادة بهذا الاسم لأنها توفر مجموعة واسعة من التأثيرات المحتملة وتجنب التأثيرات المحدودة
    بعض الظواهر تكون غير مستقرة (بالنموذج العارض)، إذ تعتمد تأثيراتها على مجموعة من المتغيرات التي تتغير بشكل متقلب، مما يؤدي إلى حدوث ظاهرة ما في بعض الأحيان واختفاءها في أحيان أخرى، وقد يختفي هذا التأثير بمجرد اختفاء هذه المتغيرات.
  •  تعد النظرية التي تركز على الظروف التاريخية والبناء الاجتماعي أكثر فعالية من التركيز على المتغيرات الفردية، وبالتالي فهي واحدة من أفضل نظريات الاتصال الشاملة في التعامل مع النظام الاجتماعي.
  • تعتبر النظرية أن تأثير وسائل الإعلام على الجمهور يؤثر في المقام الأول على النظام الاجتماعي، ويأتي النظام الإعلامي في مرحلة تالية.
  • توضح النظرية أن الجمهور يتأثر بوسائل الإعلام ويؤثر فيها أيضًا، ويؤثر في النظام الاجتماعي بشكل عام.
  •  حاولت النظرية تجنب النماذج المباشرة والنماذج المحدودة والنماذج التي لا تؤثر
    لوسائل الإعلام.

نظرية التأثير المباشر

برزت في أواخر الستينات من القرن الماضي نظريات التأثير المعتدل كرد مباشر على نظريات التأثير القوي والتأثير المباشر، ومن أبرز نظريات هذا الاتجاه نظرية الغرس الثقافي التي تؤكد على تأثير التعرض المكثف للرسائل التلفزيونية وخصوصاً المواد التي تقدم عنفاً على إدراكهم للواقع الاجتماعي الذي يعيشون فيه، أما نظرية ترتيب الأولويات فتتلخص فكرتها في مدى إسهام وسائل الإعلام في تعليم الناس بماذا يفكرون به ويهتمون له.

نظرية الاعتماد على وسائل الإعلام تعد إحدى نظريات التأثير الإعلامي التي تحاول الكشف عن أسباب تأثير وسائل الإعلام في بعض الأحيان بطريقة قوية ومباشرة على الجمهور، وفي بعض الأحيان بطريقة غير قوية وغير مباشرة. تقدم هذه النظريات إطارا يشرح أهداف الاعتماد على وسائل الإعلام وتأثير هذا الاعتماد على معارف واتجاهات وسلوك الجمهور.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى