ادب

قصة فانوس رمضان

ماهي اصل حكاية فانوس رمضان

رمضان يرتبط بعدد من العادات التي تختلف عن الأشهر الأخرى وتضيف البهجة إلى المنازل والشوارع المصرية. والناس لا تزال تحتفظ بإحياء هذه العادات القديمة، لأنها أصبحت من طقوس الشهر المقدس. ومن بين هذه الطقوس، مدفع رمضان والمسحراتي والفانوس الرمضاني، الذي يسعى الناس للحصول عليه ويتزينون به منازلهم ومحلاتهم التجارية وشرفاتهم. وفي هذا المقال، سنتحدث عن أصل الفانوس، الذي استخدمه الناس كوسيلة للإنارة خاصة عند الذهاب إلى المساجد ليلا، ثم تحول إلى تقليد رمضاني. وفي التاريخ الإسلامي، يرجع الفانوس الرمضاني إلى عصر الدولة الفاطمية في مصر. وانتشر هذا التقليد من مصر إلى جميع دول العالم، حيث كان الخليفة الفاطمي يخرج مع الأطفال في الليلة التي تسبق شهر رمضان، ويحمل كل منهم فانوسا ليضيء الطريق أثناء غنائهم احتفالا بالشهر الفضيل.

وفي حكاية أخرى، أمر أحد الخلفاء الفاطميين بإشعال الأضواء في المساجد طوال شهر رمضان باستخدام الفوانيس والشموع. وتشير التقارير أيضا إلى أن النساء كانوا يستخدمون الفوانيس أثناء ذهابهم إلى المساجد، حيث كان يقودهن شاب مرافقا لهن وهن يحملن الفوانيس، مما يجذب انتباه المارة إلى وجود النساء على الطريق. ويعود أصل الفانوس إلى وجود المسحراتين الذين كانوا يجوبون الشوارع في تلك الفترة لإيقاظ الناس لتناول وجبة السحور. وفي تلك الأثناء، كان هناك طفل صغير يحمل فانوسا ويتجول معهم في الشوارع. وهناك حكاية أخرى تتعلق بأن الفانوس يعود إلى تقليد قبطي مرتبط بعيد الميلاد، حيث كان الناس يستخدمونه ويضعون فيه الشموع الملونة للاحتفال بعيد الميلاد. ومع ذلك، ومن الواضح من الناحية التاريخية أن صناعة الفوانيس بدأت في مصر في عهد الفاطميين، وكان هناك مجموعة من الحرفيين الذين قاموا بصنعها وتخزينها قبل حلول شهر رمضان. ويقول المقريزي في كتابه: “جمع خمسمائة حرفي في أحياء القاهرة الفاطمية قبل شهر رمضان لصنع الفوانيس.

معنى كلمة فانوس

تعني كلمة `فانوس` مصباحا يحمل في الليل لإعطاء الإضاءة، ويكون محاطا بالزجاج أو يتم تعليقه. وفقا للمعجم، فإنه يشير إلى المصباح الليلي. يعود تاريخ تقليد الفانوس إلى ألف عام، وأصبحت كلمة `فانوس`، التي من المرجح أنها مشتقة من الكلمة اليونانية `هانوس` وتعني `ضوء`، رمزا عالميا للشهر الكريم وجزءا أساسيا من جو الساحرة المنتظرة. يعتبر صنع الفوانيس حرفة جميلة يتم دمج الفولكلور المصري والتصاميم الإسلامية فيها لصنع الفوانيس العصرية الملونة المصنوعة من علب القصدير المعاد تدويرها والنحاس والبلاستيك والزجاج.

وتعد صناعة الفانوس واحدة من أقدم الصناعات في مصر وشهدت العديد من التغييرات على مر السنين، ومع الفوانيس الصينية من جميع الأنواع والأشكال التي يتم شحنها إلى مصر كل عام يظهر نمط جديد ليقوم باكتساح السوق في كل موسم وعنلى الرغم من أن الفوانيس القديمة لا تزال مفضلة لدى الكثيرين-وفقًا للعديد من أصحاب المتاجر إلا أن صانعي الفانوس المصريين لا يتنافسون مع الفوانيس الصينية المستوردة التي تعمل بالبطاريات، تضج الاحياء المصرية بالروح الرمضانية فقبل شهرين من الشهر الفضيل يمكنك رصد  القماش الرمضاني الأحمر الأيقوني في كل مكان وتجد جميع المحلات التجارية مزينة بالفوانيس التقليدية تتخللها النماذج الأكثر حداثة.

بداية ظهور الفانوس

رغم اختلاف حكايات نشأة الفوانيس في شهر رمضان، إلا أنها تشير جميعا إلى أن القاهرة هي مسقط رأس الفانوس. بدأت القصة منذ أكثر من ألف عام تقريبا في الخامس من شهر رمضان الهجري (القمري) سنة 358 هـ (969 م)، حيث كانت القاهرة تتوقع وصول “المعز لدين الله الفاطمي” خلال الظلام، ولضمان مدخل مضيء للخليفة، أمر “جوهر الساقيلي” القائد العسكري الفاطمي ونائب الملك في ذلك الوقت سكان المدينة بإشعال الطريق عن طريق حمل الشموع على طول الطريق، ولتجنب إطفاء أي شموع، وضع سكان المدينة شموعهم على قواعد خشبية وأرفقوها بجريد النخيل. وأثناء مرور الخليفة عبر المدينة، أعجب بالتصميم، ومنذ ذلك الحين أصبح الفانوس رمزا لشهر رمضان.

وفي سرد آخر للحكاية، اعتادت عائلات القاهرة مرافقة الخليفة طوال رحلته في المدينة، وذلك بالمرور عبر بوابات القاهرة القديمة وبوابة النصر وبوابة الفتوح وبوابة الدهب في طريقهم إلى تلة المقطم لمشاهدة القمر الرمضاني وإعلان بداية الشهر الفضيل. وعلى طول الطريق، كان الأطفال يحملون الفوانيس بفرح ويترنمون ترحيبا واحتفالا بشهر رمضان. وفي قصة أخرى في القرن العاشر الميلادي، حظر الخليفة على النساء مغادرة منازلهن طوال العام، باستثناء شهر رمضان حيث سمح لهن بحضور الصلاة خارج المنازل وزيارة الأقارب والجيران، ولكن بشرط أن يكون برفقتهن صبية يحملن الفانوس لإضاءة طريقهن وإعلام الرجال بوجود امرأة تسيرون. وعلاوة على ذلك، أصدر الخليفة الحكيم أمرا بتركيب الفوانيس في كل زقاق وأمام كل محل ومنزل، ومن يخالف هذا الأمر يتعرض للغرامة. وبفضل هذه الأوامر الصارمة، ازدهرت صناعة الفوانيس في القاهرة بشكل ملحوظ. وخلال الحقبة الفاطمية، كانت الاحتفالات والأعياد ذات أهمية بارزة بالنسبة للمصريين، وهذا هو السبب في أنهم استثمروا الكثير من الوقت والجهد في التحضير لها

نتيجة لذلك، بدأت صناعة الفوانيس تتحول من أداة لإضاءة المنازل والمساجد والمتاجر إلى عنصر زخرفي يستخدم خلال شهر رمضان. ثم انتشر تقليد للأطفال بالسير على الطرق والأزقة وهم يحملون الفانوس ويغنون الأغاني. وفي الليل، يجتمع الأطفال حول المسحراتي ويغنون الأغاني ويمرحون في أنحاء الحي وهم يحملون الفانوس. المسحراتي هو شخص يقوم بإيقاظ الناس لتناول وجبة السحور في رمضان. مع مرور الوقت، ظهرت المزيد من التقاليد التي تجمع بين الفوانيس ورمضان، مما أدى إلى وجود صلة عميقة بينهما. تم وضع الفانوس كتراث مصري أصيل، وببطء بدأ صناع الفوانيس المصريون ينتقلون إلى البلدان المجاورة، حتى أصبح التقليد رمضانيا في العديد من تلك البلدان، وخاصة في دمشق وحلب والقدس وغزة وغيرها

على الرغم من أن الموسمية هي خاصية التقليد، فإن صناعة الفوانيس نشطة طوال العام، حتى في العصر الحديث، حيث يعمل صانعو الفوانيس على تطوير تصاميم جديدة وتصنيعها طوال العام، ثم يتم تخزينها قبل شهر رمضان بقليل، وعلى الرغم من أن القاهرة هي المكان الرئيسي لصناعة الفوانيس، فإن مركز صناعة الفوانيس اليوم هو مدينة “تحت الربع”، وهي منطقة قريبة من الأزهر الشريف، وهناك يمكنك العثور على أكبر ورش عمل لصناعة الفوانيس، والتي تمررت من جيل إلى جيل.

أنواع الفوانيس

الفوانيس البلاستيكية الصينية تستهدف الفئة العمرية الأصغر فقط، ومع ذلك، لا يعتبر البالغون والأطفال الذين تزيد أعمارهم عن 10 سنوات الفوانيس الزخرفية الصينية منافسة قوية للمصريين، حيث يميلون إلى الحصول على فوانيس أصيلة. اجتاحت الفوانيس الصينية التي ليس لها صلة بموضوع الشهر الفضيل السوق المصرية هذا العام بشخصيات كرتونية مختلفة تماما، وعلى الرغم من مظهرها الغربي، يعتبر الفانوس الصيني المزود بالموسيقى والحركة والأضواء عامل جذب قوي يفتقر إليه الفانوس التقليدي الشهير

حظيت فوانيس السنافر بشعبية مثل شخصيات سبونجبوب والطيور الغاضبة في العام الماضي، وأصبحت فوانيس أميرات ديزني وتصاميم الفراولة هي الأكثر ملاءمة للفتيات الصغيرات في شهر رمضان هذا العام. بينما يفضل الأولاد أشكالا مثل بطل WWE جون سينا، فإن جميع الفوانيس لديها نفس الحجم والتكلفة. ومن بين تصاميم الفوانيس الحديثة التي يتم شراؤها في رمضان هذا العام، يأتي الفانوس الخشبي المحفور بواسطة آلة قطع الليزر بتصاميم نقش مميزة باللون البيج، وفوانيس الأسلاك النحاسية المزخرفة بالخرز المستدير الملون على الواجهة. ومن بين المنتجات الصينية، هناك بعض التصاميم التي ليست لها نفس شعبية الفوانيس الأخرى، وتم تصميم بعضها بباب جانبي يسمح بوضع شمعة في الداخل، بينما يعمل البعض الآخر بالكهرباء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى