نبذة عن رواية طريق جهنم
تنقسم رواية طريق جهنم إلى شخصيتين رئيسيتين، البطل الطاغية الذي يتكلم بلسانه وهو القذافي، والبطل السجين الذي يروي مشاهداته خلال ثلاثين عاما قضاها في التعذيب الشديد الذي لا يمكن تصوره بواسطة البشر. وفي الغلاف الخلفي للكتاب، يقول الكاتب: الأمل ليس وهما كما يعتقد اليائسون، إنه حالة؛ انظر حولك وستجد كل شيء يحتفي بالأمل، كل شيء يتحول إليه، كل شيء يرغب في أن يكون.
ملخص رواية طريق جهنم
يمكن تقسيم أحداث هذه الرواية المأساوية إلى جزئين بشكل مجازي، حيث يروي الكاتب أيمن العتوم أهم الأحداث التي شهدها الزعيم الليبي السابق معمر القذافي خلال فترة حكمه وحتى اغتياله. ويقوم القذافي خلال روايته بتوضيح طريقة نظرته لنفسه ومكانته من خلال السرد الذي يتحدث فيه عن نفسه.
ثم يأتي الجزء الثاني من الرواية على لسان الشخصية الرئيسية وهو شخص يدعى علي، والذي تم اعتقاله في أحد السجون اللليبية التي قام القذافي بتأسيسها، ولقد تم سجنه لمدة ثلاثين عامًا، قضى 18 عامًا منهم في سجن أبو سليم المشهور بأفظع جرائم القتل التي من الممكن أن تحدث في أسوأ السجون على الإطلاق.
تتناول الرواية حياة الشخص المدعو علي وتركز على حياته الخاصة ونشاطاته، وتركيز خاص على نشاطه السياسي، والذي أدى به في النهاية إلى الاعتقال، ثم تبدأ رحلته المؤلمة من هنا وتروي لنا ما تعرض له من التعذيب، وما رأى من جرائم بشعة داخل السجون.
تتألف الرواية من 81 فصلا، وهي مدرجة في الكتاب على 501 صفحة. يعتبر الوصف التفصيلي المبني على حقائق واقعية لحياة المعتقلات السياسية أحد أهم مكونات الرواية. يقوم الكاتب بوصف جميع أجزاء السجن بدقة متناهية ويجعلك تشعر كأنك تتجول داخله، وكأنك تستمع إلى أنين وشجون المعذبين. كان هذا السجن دائما من الأماكن الممنوعة التحدث عنها أو ذكرها، ولكن أسلوب الكاتب أيمن العتوم يعرضها بواقعية لدرجة تجعلك تشعر بالألم الذي يعانيه الأشخاص داخله، وكأنك أنت الذي يتعرض لهذه المعاناة، وكأنك تسمع ما يقال وما يهمس به. هنا يكمن عبقرية الكاتب أيمن العتوم وهذه الرواية.
قصة كتابة أيمن العتوم لرواية طريق جهنم
يبدأ الكاتب أيمن العتوم قائلا عن الحكاية وراء كتابته لرواية “طريق جهنم”: في نهاية شهر مارس من هذا العام، ويقصد عام 2018، تلقيت رسالة من فاطمة، وكانت كلماتها قليلة، تقول: “لدي قصة تستحق أن تروى”. غرقت رسالتها بين المئات من رسائلها الأخرى التي تنتظر فتح النوافذ لتتنفس، فاستيقظت عندما تحركت من بين الرسائل الأخرى النائمة، وفكرت في نفسي: “كم هم كثيرون يرون في قصصهم مواد تستحق أن تروى”. كنت على وشك تجاهل الموضوع وتخطيه إلى رسالة أخرى، ولكن قلت في نفسي: “لنجرب”. رديت عليها بكلمات موجزة مثلها: “أرسلي القصة هنا وسأرى”. كانت فاطمة تتحدث عن والدها الذي استشهد في مجزرة سجن “أبو سليم” مع المئات الذين سقطوا في ذلك اليوم الشرير في نهاية شهر يونيو عام 1996.
كانت عاطفة فاطمة – يمكن أن يكون هذا هو الحال – أكبر من الحدث نفسه، نظرا لأن الشخص الذي تتحدث عنه في الرسالة هو أبوها، قلت لها في رسالة أخرى: “أرسلي لي كل ما تم كتابته عن مجزرة أبو سليم” ولم تتردد، كانت محركة بحلم بأن يصبح أبوها بطلا في رواية، بعد أن لعب دور البطولة الحقيقية في الواقع، بعد قراءتي لما أرسلته للمرة الثانية، كادت كل شعرة في رأسي تقف، سألتها بعد أكثر من عشرين سؤالا، وكان أهمها: هل هناك أحد من الشهود الأحياء الذين شهدوا المذبحة ولا يزالون على قيد الحياة ويمكننا التواصل معهم؟ أجابت: “هناك العديد، ولكن معظمهم لا يرغبون في التحدث” اتجهنا سويا نحو “علي العكرمي” السجين الذي قضى ثلاثين عاما في سجون القذافي، بدأت في مراسلته بشكل شخصي، طاردته إلى تونس، سجلت معه شهادته منذ ولادته حتى اللحظة التي نظرت فيها مباشرة إلى عينيه العميقتين، كان رجلا شجاعا وكريما في حديثه معي، دلني على رفاق الشدائد واحدا تلو الآخر، أعطاني حوالي ثمانية كتب من الذين سجلوا شهاداتهم على شكل مذكرات، قرأتها عن بكرة أبيها في أسبوع، استمعت لعشرات الشهود بعد ذلك، قبل أن أغادر تونس متجها إلى الأردن أعطاني الوثائق التي كان يحملها عن تاريخ السجون السياسية خلال أربعة عقود من حكم القذافي.
كان أثمن ما حصلتُ عليه هي وقائع الأيّام الّتي سبقتْ المذبحة، والأيّام الّتي تلتْها، ووقائع اليوم نفسه الّتي ارتُكبتْ فيه المذبحة؛ كيفَ تمّتْ، مَنْ أمر بها، مَنْ كان في تلك اللّحظات من ذلك اليوم البعيد على رأس عمله، التّمرّد الّذي حدث في السّجن، القنّاصة الّذين اعتلَوا أسطح العنابر، وكلّ شيء.
اقتباسات من رواية طريق جهنم
- لا يذهب شيء هباءً، ولكل عمل جزاء. يعتبر الحياء دورة حائلة فرحها كحزنها زائلان، وليلها كنهارها ماضيان، ونحن ندخر ما عملنا.
- تعتقد البلابل أن غنائها الرقيق يغضب قلوب الحكام القاسية، وأن حريتها تنتقم منها بسبب عبودية العبيد.
- يؤدي الزمن دورًا في كل شيء، حيث يرمي ببعض الأشخاص خارج دائرة الحياة، ويجذب آخرين، ويجعل دمعة تسيل على خد واحد ويمسحها بمنديل الصبر والنسيان عن خد آخر.
- الأمل ليس وهما كما يعتقد اليائس، الأمل حالة، انظر حولك وستجد كل شيء يحتفي بالأمل، كل شيء يتحول إليه، كل شيء يريد أن يكون، تخيل أن الكون والكائنات بلا أمل، كيف يمكن أن تكون هناك حياة؟ كيف يمكن أن يعبد الله! الآخرة أمل الدنيا، الفوز أمل المعذبين، النهاية أمل المتعبين، الحقيقة أمل الخائفين، والعدل أمل المظلومين.
- الفكرة العظيمة تستدعي الدم، لكن لا أحد يريد أن يموت، النجاح يتطلب الجرأة، لكن لا أحد يريد أن يكون شجاعًا، يظن الساكتون أنهم يعيشون في أمان، لكنهم لا يدرون أن سكوتهم يتساوى مع الذل، والذل لا يمكن أن يكون أمانًا، إن تبعات السكوت على الظلم أفدح من الثورة عليه، لكن لا أحد يريد أن يتحرر من الخوف.
- إذا كان السجن هو المعادل الموضوعي للحياة، فسيكون ذلك واضحًا لكل من يراقب الحركة فيه، فتأتي مجموعة وتغادر آخرى، يفرح بعض الناس ويحزن آخرون، يعيش بعضهم في دوحة الأمل ويضيع البعض الآخر في صحراء اليأس، فهل الحياة تختلف عن ذلك؟ إنها مجرد مجموعة من الرحيل والوصول، الفرح والحزن، الأمل واليأس
- بعض المواقف العابرة في حياة الإنسان لا تدوم سوى لحظات، ولكن تأثيرها يظل مع الإنسان حتى وفاته.
- هكذا يكون الثور، فهو ليس مسألة تحفظ في الليل ليعرض على الجمهور في الصباح، فالثورة هي ومضة ولحظة وانعطاف تاريخي وحالة جنون، ومهما تفنن الفلاسفة في منطق أهدافها ودوافعها.