مضغ العلك للصائم في رمضان .. مفطر ام لا ؟
حكم مضغ العلك في رمضان
الأصل في أنواع الصيام وأركانه وشروطه هو أن كل ما ليس طعاما أو شرابا أو معصية فلا يفطر، ولكن الفقهاء نصوا على أن مضغ العلكة أو اللبان في نهار رمضان مكروه للصائم، لأنه يؤدي إلى زيادة الريق، وسيكون محل شبهة للصائم لأن أي شخص ينظر إليه من بعيد سيشك في أنه يتناول طعاما، وأيضا قد يدخل شيء خطأ في فمه مما يفسد الصيام.
عندما تتحلل أجزاء العلك ينقسم إلى نوعين، النوع الأول هو علك تتحلل أجزاؤه، قد يبلع الصائم منه شئ فيبطل الصوم، أما النوع الثاني فلا يتحلل حتى لو كان له طعم، إذا بلغ للصائم من طعمه شئ، فإن العلماء لهم فيه رأيين، أحدهما أنه يفطر والٱخر أنه لا يفطر، ولكن في الغالب فإنه يكون مفطر، لأن طعم العلك يتحلل في الفم بالمضغ.
هل مضغ اللبان يفطر
غالبية الآراء حول المضغ اللبان أنه يعتبر من المفسدات التي تفسد الصيام، مثل مضغ الحلوى، ولكن في حالة تركها في الفم ثم تخرج دون بلعها، فإنها ليست مفطرة، وإذا تمت مضغها وابتلاعها فإنها تعتبر مفطرة مثلما يعتبر الذي يمضغ التمر أو الحلوى ويبتلعها.
يمكن القول إن مضغ العلك يؤدي إلى الإفطار، حيث تحتوي العلكة على مواد سكرية ونكهات، وعند مضغها تتحلل هذه المواد مع اللعاب وتدخل إلى الجوف، مما يجعلها غذاءًا يدخل الجوف. وإذا لم تحتوي العلكة على مواد تتحلل في الفم وتدخل الجوف، فإنها لا تفطر.
ومع ذلك، إذا كان الهدف من مضغ العلكة هو تحسين رائحة الفم غير المرغوب فيها للصائم، فيمكن للصائم استخدام السواك، لأنه من السنن الثابتة عند نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ويمكن أيضا للصائم المضمضة للتخلص من الرائحة غير المرغوب فيها، ويمكن استخدام معجون الأسنان أيضا، ولكن يشترط أن لا يدخل أي شيء من المعجون إلى الفم، وإذا كانت هناك أي مواد تدخل الفم فإنها تبطل الصيام، لذا فمن الأفضل عدم استخدامها.
وجدير بالذكر أن رائحة فم الصائم تظهر نتيجة خلو بطن الصائم، ولا يمكن التخلص منها إلا باستخدام السواك أو ما يشابهه، لأنه تخرج من الجوف بسبب الصيام، وللعلم هذه الرائحة عند الله مثل المسك حيث ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : أن النبي صلى الله عيه وسلم قال “لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك”.
هل اللبان السمارة يفطر
إذا كان الهدف من استخدام العلك هو معالجة الفك مع تحريكه وعمل مرونة للفك، فإن أغلب علماء الفتوى قد أوضحوا أن اللبان يوجد به الكثير من المواد التي يتم إفرازها مع المضغ، وتدخل في الجوف، ولا يجوز استخدام اللبان للصائم في نهار رمضان، ويمكن استبدال اللبان بعمل بعض تمارين المقاومة للفك، ويمكن الاكتفاء بمضغ اللبان منذ غروب الشمس وحتى الفجر.
يمكن للصائم استخدام اللبان السمارة لعلاج الفك، لأنه لا يحتوي على مواد تفرز مع المضغ وتتحلل ولا تدخل إلى المعدة، ولكن ينصح المريض بعدم مضغ اللبان أمام الآخرين، خصوصا إذا لم يكونوا على علم بحالته الصحية، لكي لا يعتقدوا أنه يأكل في نهار رمضان، وفي حالة تعرض المريض لأي تعكير في صحته أو مضاعفات، يجوز له الافطار في رمضان ثم قضاء الأيام التي أفطرها لأنه من شروط الصيام أن يكون الصائم بصحة جيدة وأن يكون بعيدا عن التعكير في صحته، وذلك حسب قول الله تعالى: (ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر) البقرة / ١٨٥
حكم مضغ المرأة اللبان أمام الرجال الأجانب
في الأصل يكون مضغ اللبان مباح وليس حرام، ولا يوجد حكم واضح يحرم مضغ اللبان، قال الامام ابن تيمية: لست أعلم خلاف أحد من العلماء السالفين في أن ما لم يجئ دليل بتحريمه، فهو مطلق غير محجور، وقد نص على ذلك كثير ممن تكلم في أصول الفقه وفروعه، وأحسن بعضهم ذكر في ذلك الإجماع يقينا، أو ظنا كاليقين. اهـ.
وفي المحيط البرهاني من كتب الحنفية: هناك اختلاف في رأي المشايخ حول مضغ العلك للرجال، حيث يرى بعضهم أنه كرهي، والبعض الآخر يرى أنه لا يكره إذا كان لغرض صحيح. والصحيح هو أنه لا يوجد مانع في مضغ العلك للرجال والنساء إذا كان لغرض صحيح.
وعن مضغ المرأة اللبان أمام الرجال الاجانب، فإنه لا يحرم إلا إذا كان مثيرا للفتنة، حيث ان بعض الأئمة قد رخصوا للمرأة أكل الطعام أمام غير المحارم، ففي الموطأ: سئل مالك هل تأكل المرأة مع غير ذي محرم منها، أو مع غلامها؟ فقال مالك: ليس بذلك بأس إذا كان ذلك على وجه ما يعرف للمرأة أن تأكل معه من الرجال، قال: وقد تأكل المرأة مع زوجها ومع غيره ممن يؤاكله، أو مع أخيها على مثل ذلك. اهـ.
أما إذا كان مضغ اللبان مثيرا للفتنة للرجال، فإنه يكون ممنوع وحرام بالتأكيد، فقد حرم الشرع على المرأة كل ما يثير فتنة الرجال، حتى أن تضرب المرأة برجلها، لأنه يعلم الرجال ما تخفيه من زينتها، وقد قال سبحانه: وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ {النور:31}.
حكم مضغ اللبان أثناء الصلاة
أوضح المفسرون الإسلاميون أنه من المكروهات في الصلاة أنيضع المصلي شيئًا في فمه، لأن ذلك يتعارض مع الخشوع ويمنعه، ويؤدي إلى عدم تمييز الحروف بشكل صحيح، ولذلك، نص الفقهاء على أن مضغ اللبان يبطل الصلاة.
ومن علماء الإسلام من قال إن مضغ اللبان بكثرة يبطل الصلاة، وتعد مضغة كثيرة بثلاث مرات، ففي رد المحتار في الفقه الحنفي: المضغ يفسد إذا كان كثيرا، ويعد بالثلاث مرات كما هو الحال في غيره كما هو مشروح في المنية، وفي البحر عن المحيط وغيره، وإذا كانت مضغة العلكة كثيرة فإنها تفسد، وإذا كانت بها قشرة صغيرة فلا تفسد إذا دخلت في الحلق دون أن تكسر، ولكن إذا كانت كثيرة فإنها تفسد. انتهى.
ويمكن الاستفادة من اللبان عن طريق وضعه في الفم بدون مضغ مبطل أو ابتلاع المادة التي تتحلل منه، خصوصاً إذا كان الشخص محتاجاً إلى ذلك أو يحاول تجنب رائحة الفم الكريهة، فإنه ليس هناك مانع من ذلك، لأن مجرد وضع شئ في الفم لا يبطل الصلاة، وأيضاً مضغ اللبان دون المضغ ثلاث مرات متوالية، وكذلك الأمر يكون أثناء الصيام، أما مضغ اللبان في الأمور العادية لا حرج فيه.