مراجعة مختصرة رواية متاهة الأرواح
إذا كنت شخص محب لقراءة الرواية القيمة، ذات العمق والتفاصيل الرائعة فإن رواية متاهة الأرواح يمكنها أن تقدم للقاريء كل ذلك في وجبة واحدة قيمة، وهذه المراجعة لتلك الرواية وغيرها من المراجعات التي قد تصادف المرء أثناء بحثه، بالتأكيد لن تحرق أحداث الرواية، وهذا ببساطة لكثرة الأحداث في الرواية وكثرة المفاجأت التي يصعب معها على أي مراجعة، أو حتى ملخص للرواية أن يستوعبها بشكل كامل.
قدم الكاتب العديد من الروايات من نفس سلسلة “مقبرة الكتب المنسية”، التي أثارت اهتمام العديد من عشاق القراءة في جميع أنحاء العالم، ونجحت في جذب عدد كبير من القراء بسبب الشعور المتاهي الذي يشعر به القراء أثناء قراءتهم لهذه الروايات
قصة رواية متاهة الأرواح
تعتبر رواية متاهة الأرواح، أخر روايات سلسلة مقبرة الكتب المنسية، حيث تتحدث تلك الروايات عن فترة حكم الديكتاتور الإسباني الذي حكم إسبانيا في فترة ما بعد الحرب الأهلية التي عاشتها أسبانيا، والتي حكم فيها الديكتاتور الذي سقى الشعب من صنوف العذاب والتنكيل الكثير، وكانت السجون في تلك الفترة تجمع بين مختلف التهم بين الأفراد تحت سقف السجن الواحد.
كان هناك العديد من الذين عاشوا في تلك الفترة تحت ظلم واستبداد، وخاصةً أهل غرناطة، ولم يسلم أحد من تلك الظلمات، حتى الأشياء الغير حية تأثرت بها.
يعد فرانكو الديكتاتور الذي انتشر ظلمه في البلاد، وليس هناك مانع عنده وعن جنوده من قتل شاعر لأنه لم يتغنى باسمه، وهذا ما حدث فعلًا للشاعر الأسباني الأول الذي قتلوه لعدم تغنيه لفرانكو، وعندما سُئل لماذا لم يتغنى به، فضل الصمت.
بالفعل، الصمت في عصر الدكتاتوريات جريمة تستحق القتل، سواء كنت شاعرا أو سياسيا أو فنانا أو رجل دين. إنه حقا يمكن أن يقتلك الصمت، وهو أول جريمة ستحاسب عليها، وربما يصل الحساب العظيم إلى القتل، فالروح تفقد بمجرد الصمت.
وكانت أسباب الحرب الأهلية في إسبانيا مثل حال كل البلدان التي يغيب فيها العدل والحرية، ويسود فيها الفقر ويتدخل الجيش في نظام الحكم والسيطرة على البلاد، وتغيب الحياة الديمقراطية والأحزاب السياسية، وتتحكم قلة تحتكر المال بالحياة لتستعبد الشعب
شخصية أخرى في الرواية وهي شخصية صاحب السلطة المتغطرس، الذي تستهويه مكانة السلطة وسطوتها، وتطرب أذنه كلمات الإطراء، والتمجيد حتى بقول القائد أو المدير، تلك الشخصية التي تتحكم في أكبر وأشهر سجون أسبانيا، وأكثرها وخشية وسوء سمعة بسبب التنكيل والتعذيب فيه، ويزيد هو الأمر سوء ليفرد سطوته أكثر.
من خلال سرد الكاتب لخيوط شخصية القائد الظالم، يتم إدخال القارئ إلى متاهة تاريخية جديدة، حيث يقوم هذا القائد بخطبة فتاة مريضة ومعاقة، وبالتالي يمكن للقارئ أن يتخيل أن الدافع وراء ذلك هو الحب أو الرحمة.
يكشف الكاتب عن متاهة جديدة وجانب جديد لهذا السجان، الذي اختاره خصيصًا لأن والدها كان منحرفًا وحصل على ثروة ضخمة بالاحتيال على أقرب الناس له وسرقة أموالهم في عملية نصب محترفة، وهي المطمع الأكبر لهذا القائد، ويرى الكاتب أن جميعهم فاسدون.
انحطاطات هذا القائد كانت مستمرة ومتواصلة، وتضمنت الخطف والتشريد والتفريق بين الأسر والضغط على طبقة المثقفين والكتاب لكتابة ما يحلو له، وخاصة المساجين، ووعد بتحسين ظروف سجنهم بشكل كاذب.
في يناير، تبدأ محققة في البحث عن وزير فاسد مفقود وهو البطل الذي ظهر في الأحداث السابقة، وتلتقي هذه المحققة بعدة شخصيات في حياته، ويظهر في هذه الرواية أبطال مثيرين، بما في ذلك مدينة برشلونة بتفاصيلها كاملة، والشخصيات التي تمثل تشابكًا ومتاهةً لكل منهم.
تحوي تفاصيل وتشابكات الرواية على عدة موضوعات متنوعة تشمل السياسة والفلسفة والخوف من العلم والثقافة والكتاب والورقة والألم، وكيفية اعتبار الديكتاتور هذه الأشياء خطرًا عليه. ومن خلال الراوي يوضح كيف يقوم الديكتاتور بالتنكيل بكل من يحمل راية العلم أو الثقافة أو الأمانة في الكلمة.
شخصيات الرواية رائعة والحبكة متنوعة، وفي رسمها من قبل الكاتب يوجد إبداع حقيقي، حيث تحتوي الرواية على العديد من الشخصيات المتقنة التفاصيل، وتتجاوز الألف صفحة دون أن تثير الملل في نفوس القراء.
من أبطال هذا الجزء من الرواية كانت المحققة التي تكلفت بمعرفة سر اختفاء مدير السجن هذا القائد في ظروف غامضة، وتفاجأت بحدوث اختفاء لشخصيات أخرى مثل الكاتب الذي كان بطل الجزء الأول من تلك السلسلة.
في رحلتها البحثية والتحقيقية، تقابل المحققة شخصيات متنوعة بأنماط مختلفة، منها الضابط الذي يساعدها ومنها الضابط الفاسد والمحامي. ولكل شخصية من تلك الشخصيات يقوم الكاتب برسم خيوط تكوّن الشخصية وتجعلها تصلح لتكون قصة قصيرة في حد ذاتها.
وهناك أيضا فتاة صغيرة يتولى رجل رعايتها وتربيتها بعد وفاة والديها، ويعطيها كل ما تحتاجه حتى تكبر، فيتحول العلاقة بينهما إلى صداقة، وأحيانا تشير إلى علاقة حب ورومانسية، وذلك كما يفعل الكاتب في إلقاء القارئ في متاهات خلال قراءة الرواية
كاتب رواية متاهة الأرواح
كاتب الرواية هو الكاتب كارلوس زافون اسمه كاملاً هو كارلوس رويز زافون ، هو المؤلف الإسباني الشهير صاحب الروايات التي تم بيعها وترجمتها تحت تصنيف الأعلى بيع، حيث توفى كارلوس زافون وهو في سن الخامسة والخمسون، الكاتب الروائي، الأكثر قراءة على مستوى أسبانيا، حيث توفى في عام ألفين وثمانية عشر، بمرض سرطان القولون، حسب ما صرح به الناشر الذي يتولى نشر أعماله.
كارلوس زافون هو مؤلف ثمانية روايات، من بينها سجين السماء ومتاهة الأرواح، وتم بيع كتب رويز زافون بأكثر من ثمانية وثلاثين مليون نسخة حول العالم، وتم ترجمتها إلى أكثر من أربعين لغة، وحازت على العديد من الجوائز
ينحدر الكاتب من برشلونة، وكان يعمل في مجال الدعاية والإعلان، وألف أول رواية له وهي رواية “أمير الضباب”، ومن ثم ارتبط باسمه الروائي بتأليف روايته الأولى المميزة “ظل الريح”، التي تم ترجمتها إلى الإنجليزية ونالت استحسان النقاد والجمهور.
سلسلة مقبرة الكتب المنسية
تتكون سلسلة مقبرة الكتب المنسية للكاتب كارلوس زافون من عدة روايات، حيث بدأت هذه السلسلة في عام 2001 مع تأليف أول رواية فيها وهي ظل الريح، التي تحكي قصة صبي دخل مقبرة الكتب المفقودة وتعايش مع الأحداث التي وقعت من قبل الكاتبين وحتى ذلك الوقت.
ثم تأتي بعد ذلك بباقي الأحداث في سلسلة الروايات المتبقية، والرواية الثانية هي لعبة الملاك، وتحكي عن الكاتب مارتين وأحداثه المحيطة به، وتحتوي الرواية على ستمائة وثمانون صفحة، وتتحدث عن الكتابة ومخاطرها، ويتلقى الكاتب عرضا من ناشر فرنسي لكتابة كتاب يصبح دينا جديدا للعالم بأكمله، وتتداخل الأحداث وتختفي الشخصيات وتظهر أخرى.
ثم يأتي برواية سجين السماء كواحدة من سلسلة مقبرة الكتب المنسية، والتي تحكي الكثير هذه المرة عن سجون برشلونة، وأحداثها وتفاصيل ما كان يحدث فيها، وتتعمق داخلها، ويرى برشلونة وهي تجر أذيالها تخرج من الحرب لتدخل عالم جديد، ثم الرواية الأخيرة في تلك السلسلة والتي ينتهي بها سلسلة مقبرة الكتب المنسية، وهي متاهة الأرواح.