ابن رجب الحنبلي علامة أنجبه الزمن
من هو ابن رجب الحنبلي
هو الشيخ الحافظ الزاهد عبد الرحمن بن أحمد بن رجل السلامي البغدادي الدمشقي أبو الفرج زين الدين، وهو أحد الشيوخ الأفاضل والأئمة الزاهدين المتميزين في العلم والمعرفة. إنه قدوة لا مثيل لها، ولد في بيت عالم باحث ومثقف في الفقه الإسلامي.
كان الشيخ بن رجب معروفًا بالزهد والتقوى، وكان يعتبر نبراسًا لطلاب العلم والفقه، ولمن يرغب في تعلم الدين الإسلامي. كان الشيخ بن رجب، واحدًا من نوابغ العصر الذين كانوا حريصين على تعلم الشريعة الإسلامية وحفظ كتاب الله، وكان مهتمًا بشكل كبير بالتعرف على السنة النبوية الشريفة
وصف أحمد العلماء، المعروف بـ “أبو المحاسن الدمشقي” والإمام الحافظ الحجة والفقيه العمدة، والإمام الحافظ المحدث الفقيه الواعظ، وأشار إليه الأسيوطي. وقال ابن حجر أيضًا إنه رافق شيخه زين الدين العراقي في الاستماع كثيرًا، كما أنه كان مهر في فنون الحديث والأسماء والرجال والعلل والطرق والاطلاع على معانيه.
نشأة ابن رجب الحنبلي
ولد ابن رجب في بغداد في عام 736، في عائلة مهتمة بالعلم والمعرفة، وكان والده يهدف في المقام الأول إلى تعليم أبنائه جميع العلوم الدينية والفقه، وخاصة أن والده كان يرغب في حفظ القرآن الكريم والسنة النبوية لابنه، لذا لم يقيم في بغداد لفترة طويلة حتى انتقل مع عائلته إلى الشام في عام 744 هجريا، وهناك تعلم القرآن الكريم ودرس الفقه، وتلقى تعليمه على يد الإمام النووي والإمام النقيب، وحصل في ذلك الحين على إذن في تلاوة القرآن الكريم.
انتقل بعد ذلك إلى مكة المكرمة لمتابعة دراسته العلمية والتحصيل العلمي، حيث تعلم السنة النبوية الشريفة وحفظ الأحاديث المباركة، وعرف هناك بتقواه وأخلاقه العالية، فكان دائمًا مثالًا وقدوة للشخصية الإسلامية الرفيعة الخلق والعقل المنير.
وكأن ابن رجب، جال البلدان ليقطف من كل بستان زهرة، ويتعلم العلم على أصوله ومن أفواه أعظم فقهاء فعصره، بعد ما أتم دراسته في مكة المكرمة، أنطلق إلى مصر ليتلقى العلم من محمد ابن الخباز، وإبراهيم بن داود العطار، حتى قيل عنه” لقد تعلم فن الحديث وأصبح من أكثر الناس معرفة في جيله، وعلم العلم لطلابه”.
صفات بن رجب الحنبلي
يعد ابن رجب واحدًا من العلماء الأبرز الذين برعوا في استيعاب المعرفة وتدريسها للآخرين، حيث كانت لديه العديد من الصفات التي تم تنميتها فيه من خلال تعلمه الإسلام بمبادئه الأساسية وفهمها بعمق والتي تتضمن:
- يُعرف بالزهد كونه كان متحزِّبًا في كل شيءٍ إلا العلم، وكان متعطِّشًا للمعرفة ومهتمًا بالقراءة وفهم الدين الإسلامي والتعرُّف على السنة النبوية الشريفة.
- كان يُعرف بوحيد عصره نظرًا لعلمه الشديد وفطنته وذكائه الفائق، ولذا كان الناس يلجؤون إليه لفهم أمور دينهم وحل مشكلاتهم.
- كانت كل اهتماماته متعلقة بالدين وأموره، وكان لا يفهم شيئًا من أمور الدنيا، وكان يتحلى بالزهد في كل ما لا ينفع ويضر.
- كان يريد الزاهد في المناصب أن يحصل على العلم فقط، ولذلك كان يرفض أي منصب سواء كان دينيًا أو فقهيًا، وكان يريد أن يتعلم العلوم ويعلمها لأولئك الذين يحتاجون إليها.
- كان متحمسًا لتعلم الدين، وكان لديه رغبة شديدة في الحضور والاستفادة من مجالس العلم، كما كان يحب الإطلاع والقراءة ومعرفة جميع جوانب الدين من فقه وشريعة وأحكام.
- عرف عفيف النفس بأنه رجل فقير لا يمتلك المال ولا المنازل ولا شيئا آخر من الأمور الدنيوية، وكان عزيزا بقلبه وثريا بعلمه وفقهه.
- هو نابغة، ولديه العديد من المؤلفات المميزة التي لا تزال تدرس في الجامعات ودور العلم والفقه.
- اشتُهِرَ بن رجب الحنبلي بأنه كان محبوبًا من قبل جميع أساتذته وتلاميذه، ومن كل من عاشره، حتى يومنا هذا، فمن يقرأ كتبه ويتعرف على علمه ويفهممقاصده، ويتعرف على كيفية حياته، يجده محبوبًا، لأنه كان مثالًا للرجل التقي الذي يسعى للدين وليس للدنيا، ويعمل من أجل مرضاة الله عز وجل.
- كان حسن الخلق يُشار إليه دائمًا عند الناس بأنه من أنبل الرجال وأفضلهم خُلقًا، وكان عالِمًا نبيلًا وفقهيًّا مُخلصًا لعِلمه ودينه.
- العدل هو أن يحكم بين الناس بالعدل ويعامل الجميع بالإنصاف ولا ينحاز إلى أحد ولا يتحيز بأي شكل من الأشكال.
- يتميز بالسمو والعفة والعفاف، وكان الناس يحسبونه غنيًا بسبب تعففه الشديد، ولذلك كان دائمًا لا يريد شيئًا من أحد.
- كان يجلس الأخيار مع مشايخ العلم وفقهاء الأمة في جلساته الدائمة، وكان قدوة برسول الله، وتأثر بأحاديثه النبوية الشريفة عن صحبة الأخيار وابتعاد الأشرار قدر الإمكان.
- كانت العفة هي سمة الشخص الذي كان بعيدًا عن الرذائل والشهوات، ولم يشتهي سوى الجنة والتمس رضا الله عز وجل فقط.
- قال عنه ابن قاضي شهبة عن ابن رجل الحنبلي إنه كان مبتعد عن الناس ولا يحب مخالطتهم، ولا كان يتردد على أحد من ذوي الولايات ويقيم بالمدرسة العسكرية بالقاطعين، حيث كان لا يعرف شيء عن أمور الدنيا فارغاً عن السياسة وأسبابها ليس له شغل إلا الاشتغال بالعلم، وكان فقيراً متعفف غني النفس.
مؤلفات بن رجب الحنبلي
العلامة الفقيه بن رجل الحنبلي ألف العديد من المؤلفات التي تظل مرجعا علميا لجميع طلاب العلم والفقه، حيث تدرس في الجامعات وتستخدم كمصدر للقواعد الصحيحة والعلوم النقية التي تعلمها من أفضل العلماء، وتستند إلى سنة رسول الله والقرآن الكريم. ومن أشهر كتبه
- طبقات الحنابلة
- شرح علل الترمذي
- كتاب التوحيد
- شرح الترمذي
- يُعرف بجامع العلوم والحكم، حيث يتم شرح خمسين حديثًا نبويًا من أحاديث جوامع الكلام
- أسباب المغفرة
- تحقيق كلمة الإخلاص
- كتاب “فتح الباري” هو شرح لصحيح البخاري، ولكن المؤلف لم يكمل هذا الكتاب
- بيان فضل علم السلف على علم الحلف
- أحكام الاختلاف في رؤية هلال ذي الحجة
- شرح حديث لبيك اللهم لبيك
- الاستخراج لأحكام الخراج
- كلمة الإخلاص وتحقيق معناها
- تفسير ابن رجل الحنبلي
- كشف الكربة في وصف أخل الغربة
- أهوال القبور وأحوال أهلها إلى النشور
- توعية حول أهمية تجنب النار ومعرفة حال دار البوار
- الاختيار الأول في شرح حديث اختصام الملأ الأعلى
- شرح حديث شداد بن أوس
- القاعدة الذهبية لا ضرر ولا ضرار
- كتاب القواعد
وفاة ابن رجل الحنبلي
توفي ابن رجب في يوم الاثنين، وهو اليوم الرابع من شهر رمضان عام 795. قصة وفاته انتشرت في المدينة، حيث زعم أنه زار المقابر قبل وفاته بعدة أيام واختار موقعا قريبا من قبر الفقيه أبي الفرج عبد الواحد بن محمد الشيرازي المقدسي الدمشقي. تم دفنه في هذا الموقع، وأصبحت حياته سيرة زمانه، وهو علامة محبوبة في قلوب كل طالب علم، ويؤكد أن الرجل لا يقاس بثروته أو نسبه، وإنما بعلمه وشرفه وعفته وأخلاقه الرفيعة. رحمة الله عليه كان دائما خير مثال لمن تعلم العلم وعرفه.