اسلامياتشخصيات اسلامية

طريقة البحث العلمي عند ابن الهيثم

من هو ابن الهيثم

أبو علي الحسن بن الهيثم، المعروف في الغرب باسم الحسن أو الحازن، هو عالم مسلم عربي، ولد في عام 965 في مدينة البصرة جنوب العراق، ولذلك يشار إليه بـ `البصري`. حصل على تعليمه في بغداد والبصرة، وتوفي في القاهرة بمصر في عام 1040.

كما كان يلقب ببطليموس الثاني لدى العرب، وكان ابن الهيثم مهتما بمجالات متعددة مثل علم الفلك والميكانيكا والفيزياء والفلسفة والرياضيات والطب، وله العديد من المؤلفات التي وصلت إلى حوالي 25 كتابا في الرياضيات وحوالي 45 كتابا في علم الميتافيزيقا الأرسطية والفيزياء، بالإضافة إلى مؤلفاته ونظرياته في علم الأرصاد الجوية وعلم النف.

يعتبر كتابه الشهير الذي يدعى (كتاب في المناظير) الأكثر شهرة له باللغة العربية، والذي يتحدث حول البصريات، ويتكون من سبعة مجلدات، حيث قام بالبحث والدراسة حول خصائص الضوء وفق الدراسات الرياضية والتجريبية.

المنهج العلمي لابن الهيثم

تم العثور على أساليب الفلسفة الإسلامية المبكرة، وخاصة من خلال التجارب، للتمييز بين النظريات العلمية المتنافسة والاعتقاد الشائع بأن المعرفة تكشف الحقيقة. تطورت الفلسفة الإسلامية في العصور الوسطى ولعبت دورا بارزا في المناقشات العلمية، حيث كان الفلاسفة والعلماء هم الشخصيات الرئيسية في تلك المناقشات

كان لابن الهيثم دورا مؤثرا جدا في هذا الصدد، وهناك ملاحظة هامة له في كتابه `كتاب المناظر` دفعته إلى اقتراح أن العيون تستقبل الضوء المنعكس من الأشياء بدلا من إصدار الضوء بأنفسها، وهذا يتعارض مع المعتقدات المعاصرة ويخالف معتقدات إقليدس وبطليموس، وكان لأسلوب ابن الهيثم الذي جمع بين الحجج العقلانية والملاحظات تأثيرا كبيرا على جونز كبلر وروجر بيكون.

كان ابن الهيثم قد قام بتطوير بعض الطرق التجريبية الصارمة للاختبارات المضبوطة العلمية في سبيل إثبات التخمينات الاستقرائية، و التحقق من الفرضيات النظرية، كما وكان منهج ابن الهيثم العلمي قريب للغاية في الشبه من المنهج العلمي الحديث ويتكون من دورة متتالية ومستمرة من الفرضية والملاحظة والتجريب والحاجة نحو التحقق المستقل.

غوريني كتب عن مقدمة ابن الهيثم في المنهج العلمي، وفقا لمعظم المؤرخين، كان الهيثم رائدا في المنهج العلمي الحديث، وقد غير معنى مصطلح “البصريات” وأسس التجارب كمعيار للإثبات في هذا المجال، ولم تكن تحقيقاته مبنية على نظريات مجردة بل على أدلة تجريبية، وكانت تجاربه قابلة للتكرار ومنهجية

خطوات البحث العلمي لابن الهيثم

قام ابن الهيثم بتحديد المنهج الذي يتبعه في البحث العلمي بواسطة عنصرين أساسيين، وهما: الملاحظة والتجربة التي تحتاجان إلى إدراك حسي قوي، والاعتماد على بناء الحجج والفرضيات التي تبرر التفكير السليم المنطقي والنتائج التي يتم الوصول إليها، وابتكر بعض الطرق التجريبية التي تتميز بالدقة البالغة، وتتوافق مع هذين العنصرين للتحقق من التخمينات الاستقرائية والفرضيات النظرية، وذلك بإجراء اختبارات علمية محكمة تشمل الإجراءات التالية:

  • والتأمل والملاحظة.
  • عرض وفهم المشكلة.
  • إجراء اختبار للفرضية بواسطة التجريب.
  • القيام بتحليل النتائج التجريبية.
  • تفسير البيانات.
  • صياغة الخاتمة.
  • الوصول إلى نتائج البحث ونشرها.

ركائز البحث العلمي لابن الهيثم

تعتبر الأساس العلمي القوي وتجنب الأهواء والانحيازات وتغيير الحقائق وفقا للميول الشخصية أحد المبادئ الأساسية التي اعتمدها ابن الهيثم في بحثه العلمي. وكان يركز دائما على المقولة والاعتقاد (لا ذاتية العلم) لتأكيد أهمية أن يكون العلم خاليا من التأثيرات الشخصية والعواطف الشخصية، وأن يستند إلى التصحيح والتجريب، وترك افتراضات مسلم بها قبل التحقق من صحتها ودراستها.

أكّد ابن الهيثم أن الطبيعة البشريّة ليست خالية من العيوب، وهذا يتضح في قوله: (ونحن لسنا براءٌ مما هو في طبيعة الإنسان من كدر البشرية…)، ويمكن التوصل من خلال عبارته هذه إلى مدى تواضعه وموضوعيته.

بالإضافة إلى ذلك، أكد ابن الهيثم أهمية الأخلاق السامية كسمة بارزة لأسلوب الباحث العلمي، حيث ينبغي أن تكون كتبه خالية تماما من سرقة حقوق أو أفكار العلماء الآخرين. كما أنه لا يمكن العثور في أبحاثه ومؤلفاته على أي إساءة أو تقليل من قيمة العلماء الآخرين. بل عرف بإخلاصه واحترامه لزملائه العلماء وما استفاده منهم في مجال العلم.

علم الفيزياء والبصريات عند ابن الهيثم

نظرية الرؤية والضوء لابن الهيثم ليست متطابقة مع أي من النظريات المعروفة التي سبقتها في الإسلام أو في العصور القديمة، ولم تنشأ مباشرة عنها. يتضح أن التقدير الأولي لعمل العدسة حقيقي، خاصة قدرته المحدبة على إنتاج صورة مكبرة لشيء ما، ويعود الفضل في ذلك إلى ابن الهيثم الذي اخترع النظارات والتي تمثل أول استخدام عملي للتكبير بالعدسة.

أجرى ابن الهيثم فحصا شاملا لعبور الضوء عبر مختلف الوسائط، واكتشف قوانين الانكسار، بالإضافة إلى التجارب التي قام بها على تشتت الضوء إلى الألوان المختلفة، وكانت أطروحته في البصريات ذات المجلدات السبعة وكتاب المناظر، اللذان كتبهما خلال وجوده في السجن في الفترة بين عامي 1011 و 1021، وتم تصنيفهما إلى جانب إسحاق نيوتن كأحد أكثر الكتب تأثيرا في العالم، وفي الفيزياء، كان لتلك النظريات تأثيرا جذريا في فهم الرؤية والضوء

قام ابن الهيثم بتفصيل نظرية الظواهر الفيزيائية المختلفة، مثل قوس قزح والكسوف والظلال، وحاول تفسير طبيعة الضوء الفيزيائية، وشرح الرؤية المجهرية، وقدم تفسيرا صحيحا لزيادة حجم الشمس والقمر عند اقترابهما من الأفق، وهو معروف بأنه استخدم أقرب شيء إلى الكاميرا المظلمة والكاميرا ذات الثقب

ناقض ابن الهيثم نظرية إقليدس وبطليموس السائدة حينئذ، حول أن الأشياء ترى بأشعة الضوء التي تنبعث من العينين، وأثبت أن الأشعة تنشأ في موضع الرؤية وليس في العين، وبفضل هذه الأبحاث المكثفة في مجال البصريات، أصبح ابن الهيثم يعتبر أباً للبصريات الحديثة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى