اسلاميات

فضل جبر الخواطر

عبادة جبر الخواطر

يشير مصطلح العبادة إلى القيام بالطاعات والفروض لله سبحانه وتعالى، مثل بر الوالدين والصلاة والصيام وصلة الأرحام وجبر الخواطر، ولهذه العبادات والفروض وغيرها فضل وأجر عظيم عند الله سبحانه وتعالى

جبر الخواطر” هي عبادة من عبادات الإسلام التي يمكن القيام بها في أي وقت، وتعد من صفات خلق المسلمين التي تدل على علو النفس وعظمة القلب وسماحة الصدر وانفتاح العقل، وهي عبادة عظيمة عند الله سبحانه وتعالى

حيث حثنا الإسلام على العمل على مصالح الناس والمساعدة في قضاء حوائجهم وجبرالخواطر ولجبر الخواطر تأثير كبير في تواصل المحبة بين المسلمين ومن المتعارف ان جبر الخواطر هي عبادة عظيمة وتعتبر انها من صفات المسلم وذلك لطيبة خلق المسلمين لأن هناك الكثير من النفوس التي كسرت والقلوت التي فطرت والأجسام التي أرهقت لذلك عبادة جبر الخواطر هي عبادة عظيمة

قال الإمام سفيان الثوري رحمه الله أيضا: “ما رأيت عبادة يتقرب بها العبد إلى ربه مثل جبر خاطر أخيه المسلم.” وكلمة جبر الخاطر هي مشتقة من أحد أسماء الله الحسنى، الجبار، وهذا الاسم يحمل معنى رائع يجعل القلوب مطمئنة

لأنه سبحانه وتعالى يجبر قلوب العباد بالصحة من بعد المرض والغنى من بعد الفقر والتوفيق بعد الفشل والأمان بعد القلق والحزن وقضاء الحوائج بعد الطاعة وعن الدعاء الذي كان ملازم لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد روى عن ابن عباس رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين (اللهم أغفر لي وأرحمني وأهدني وأجبرني وأرزقني) سنن الترمذي

ما يؤسس لجبر الخواطر في القرآن الكريم

من إشارات تأكيد العزم في القرآن الكريم، قوله تعالى: `فلما ذهبوا به وأجمعوا أن يجعلوه في غيابة الجب وأوحينا إليه لتنبئنهم بأمرهم هـذا وهم لا يشعرون`. هذه الآية في سورة يوسف توضح أن الله سبحانه وتعالى أوحى إلى يوسف ليثبت قلبه ويعزم خاطره، بعد أن تعرض للإيذاء والظلم من قبل إخوته. فإن المظلوم هو أكثر الناس حقا بالعزم والتأييد

ومن أمثلة جبر الخواطر في القرآن الكريم أيضا قوله تعالى (إن الذي فرض عليك القرآن لرادك إلى معاد قل ربي أعلم من جاء بالهدى ومن هو في ضلال مبين) سورة القصص الآية 85 وتوضح هذه الآية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي أحب مكة وكانت المدينة التي ولد فيها ولكن خرج منها ظلما مما سبب له ألم بسبب الظلم الذي شعر به فأنزل الله سبحانه وتعالى هذه الآية يقسم فيها بأنه سوف يرجعه إلى موطنه ومكانه الذي أحبه وذلك لجبر خاطر.

يقول تعالى: (عَبَسَ وَتَوَلَّى * أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى * وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى * أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى)،في سورة عبس الآيات من 1 إلى 4، ويقول القرطبي في تفسير السورة إن الله سبحانه وتعالى ينهى عن كسر قلوب أهل الإيمان، وذلك لتحسين الأوضاع النفسية

وكما ذُكِرَ في الآية الخامسة من سورة الضحى “وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى”، فإنها تحمل جميع معاني العطاء وجبر الخواطر. يقول الله سبحانه وتعالى: سأعطيك يا عبدي وسترضى، وهذا يعني العطاء وجبر الخواطر لكلالمحروم والمظلوم والفقير والمريض. تبارك الله سبحانه

وفيما يتعلق بقوله تعالى في سورة الضحى (فأما اليتيم فلا تقهر وأما السائل فلا تنهر) في الآيتين 9-10، يحذرنا الله عز وجل من إجبار المحرومين واليتامى والمساكين على الطلب، وفي سورة النساء (وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامى والمساكين فارزقوهم منه وقولوا لهم قولا معروفا) في الآية 8، يأمرنا الله بتقديم الدعم والمساعدة لهؤلاء الفئات المحرومة وتقديم كلمة طيبة لهم

من السيرة النبوية

وجب علينا كمسلمين أن نتحلى بالأخلاق الكريمة وفقا لتعاليم الإسلام، وإن هذه الأخلاق الكريمة تحثنا على جبر الخواطر. وقد أثبتت السنة النبوية الشريفة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان قدوة في جبر الخواطر، وذكرت العديد من المواقف التي توضح حرصه على جبر خواطر جميع من تعامل معه. والدليل على ذلك هو أن الجميع كانوا يلجأون إليه ويستجيب له

أمثلة رسول الله صلى الله عليه وسلم في جبر الخواطر تشمل دخول رجل يلقب بأبو أمامة عليه الصلاة والسلام المسجد في يوم من الأيام وجلوسه هناك في وقت غير الصلاة، فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم: “يا أبا أمامة، ما الذي يجلعك تجلس هنا في المسجد في غير وقت الصلاة

قال هموم لزمتني وديون يا رسول الله قال أفلا أعلمك كلاماً إذا أنت قلته أذهب الله عز وجل همك وقضى عنك دينك قلت بلى يا رسول الله قال قل إذا أصبحت وإذا أمسيت اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن وأعوذ بك من العجز والكسل وأعوذ بك من الجبن والبخل وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال قال أبو أمامة ففعلت ذلك فأذهب الله عز وجل همي وقضى عني ديني) سنن أبي داود وهذا دلالة على جبر خاطر السائل.

قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم (من نفس عن مؤمن كربه من كرب الدنيا نفس الله عنه كربه من كرب يوم القيامة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخره ومن ستر مسلما ستره الله في الدنيا والآخره الله يساعد العبد ما دام العبد يساعد أخاه) أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه

وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه أنه سمع قول عبد الله وكان منعزل حينها عن جيش المسلمين ولم يأبخذوا ذلك الغلام فقال عبد الله المنافق لأصحابه حين نرجع إلى المدينة سوف يخرج الأعز منها الأذل وأبلغ زيد عمه بذلك وأبلغ عمه أيضاً رسول الله صلى الله عليه وسلم بما سمع وأرسل النبي عليه الصلاة والسلام لعبد الله بالفعل جاء وحلف وجحد بما قاله زيد فصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم (وصار اللوم على زيد كيف لغلام أن ينقل مثل هذا الكلام الخطير أنت غلام ولا تعلم ماذا يترتب على مثل هذا الكلام فوقع علي زيد الكثير من الهم ما لم يقع على أحد

أثناء سفري ووجود الهم في رأسي بسبب حزن هذا الشاب الذي أصيب قلبه وخاطره بعد توبيخ الناس له على الصدق، جاء إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرك في أذني وابتسم لي. لم يكن يسرني أكثر من أن أكون معه في الدنيا الأبدية. هذا الحدث هو السبب في نزول قول الله تعالى في القرآن الكريم (يقولون لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل) في سورة المنافقون

وعن أبي هريرة، قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم في زيارته للمقبرة: `السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون. ووددت أنا قد رأينا إخواننا.` فقالوا: `أولسنا إخوانك يا رسول الله؟` فأجاب: `بل أنتم أصحابي، وإخواننا لم يأتوا بعد.` فسألوه: `كيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله؟` فأجاب: `هل ترى لو أن رجلا له خيل غر محجلة بين ظهراني خيل دهم بهم، أي يعرف خليله؟` فقالوا: `بلى يا رسول الله.` فقال: `فإنهم يأتون غرا محجلين من الوضوء، وأنا فرطهم على الحوض.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى