تمارين لزيادة الثبات الانفعالي
نواجه جميعا حالات ضغوط وانفعالات تحتاج إلى التعامل معها ببعض الهدوء. تعرف القدرة على التعامل مع الضغوط النفسية في سياقات متعددة بـ `الاستقرار العاطفي`. والاستقرار العاطفي هو القدرة على تحمل الضغوط والإجهاد الطفيف في الحياة اليومية بثبات دون الشعور بالاضطراب أو القلق أو التوتر أو العصبية.
الطفل قادر على الحفاظ على رباطة جأشه تحت ضغط عاطفي بسيط، ويبقى ثابتا إلى حد ما في مزاجه العام الأساسي. علاوة على ذلك، يعود بسرعة إلى حالة الرباطة الجأش بعد المواقف التي يتعرض فيها لضغوط كبيرة أو تحريض استثنائي. الشخص الذي يتمتع بثبات عاطفي يجب أن يتحكم في جميع مشاعره، مثل الغضب والغيرة والفرح وحتى الحب. من ناحية أخرى، يتعرض الشخص العصبي لتقلبات مزاجية واسعة ومتكررة وغير متوقعة في كثير من الأحيان، حيث يتأرجح مزاجه بين القطبين الأقصى.
إذا كنت لا تستطيع السيطرة على انفعالاتك أو تفاعلاتك العاطفية، فيمكن أن تعتمد على بعض الممارسات التي تساعدك على تدريب نفسك وتأسيس ثباتك الانفعالي.
تمارين لزيادة الثبات الانفعالي
لا تصدق كل ما تعتقده
فقط لأن لديك فكرةً في رأسِكَ هذا لا تجعلها حقيقةً، فنحن كبشر، قدرتُنا على التفكيرِ بعقلانيةٍ وإبداعيةٍ هي واحدةٌ من أعظمِ نقاطِ قوتنا، وبدونها، لن يكون لدينا رواياتُ تشارلز ديكنز أو علاجٌ لشللِ الأطفالِ أو كلِ الاختراعاتِ التي ساعدت في تطويرِ البشريةِ منذ بدايتها وحتى اليوم.
ولكن في الواقع، كل فكرة مثيرة للاهتمام أو إبداعية أو حتى عبقرية تخرج من عقولنا، فإنها تنشأ أيضا بجانبها المئات، إن لم يكن الآلاف، من الأفكار السخيفة أو غير المنطقية أو الغريبة البسيطة التي لا معنى لها على الإطلاق.
يمكن للعقل أيضًا توليد أفكار غير مفيدة أو حتى شريرة تمامًا، حيث يمكن أن تؤدي هذه الأفكار إلى إنشاء معسكرات اعتقال وحروب كيميائية بنفس السهولة أو حتى أسهل بكثير من توليد الأفكار المفيدة.
لذلك، يجب أن نتذكر دائمًا أن أفكارنا ليست بالضرورة صحيحة وأننا لسنا الوحيدين الذين يملكون الحقيقة. وكما قال الإمام الشافعي: `رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب`، وبذلك سنشعر بالأقل عصبية والثبات أكثر.
لا تحكم على نفسك من خلال المشاعر
بالطبع لا يوجد أي نظام قضائي في العالم يحكم على البشر بناء على مشاعرهم، فلا يمكن أن يتم محاكمتك بتهمة الغضب، والسبب بسيط حيث لا يمكن أن يتم محاكمتك على شيء لا يمكنك السيطرة عليه، وبالطبع لا يمكنك التحكم المباشر في مشاعرك مثل الحزن، ولكن يمكنك التعامل معه ومحاولة تخفيفه، وعلى الرغم من أننا جميعا ننصح الآخرين بفعل ذلك ونعتقد أنهم قادرون عليه، إلا أننا نتجاهل ذلك بالنسبة لأنفسنا.
نشعر بالتعاطف مع الآخرين لأنهم يشعرون بالقلق، ولكن نقول لأنفسنا إننا ضعفاء عندما نشعر بالتوتر تجاه شيء ما، ومع ذلك فإن هذا لا يجعلنا أشخاصًا سيئين في الواقع.
إحدى المشكلات التي نواجهها عندما نعتقد أننا سيئون عندما نشعر بالغضب هي أن هذا الشعور يزيد من الألم والتوتر بجانب الغضب، وعندما نشعر بالخجل أو الذنب تجاه أنفسنا، فإن ذلك يزيد من التوتر والغضب.
هذا السلوك غير صحيح، فنحن، مثل الآخرين، قادرون على الشعور والسيطرة على مشاعرنا بما في ذلك الحزن والغضب. ولا نقول هنا أنه يجب علينا عدم الغضب، ولكن لا ينبغي لنا أن نكبح غضبنا بشكل كامل، فالغضب قد يحدث لنا كأشخاص، ولكن نحن بالتحكم في ردات فعلنا، وعدم السماح للغضب بدفعنا لاتخاذ رد فعل غير مناسب. يحق لنا أن نشعر بالغضب، ولكن لا يجب أن يفقدنا السيطرة على عواطفنا.
كن إيجابي في تفكيرك
يمكن أن يجعل الغضب الأمور تبدو أسوأ مما هي عليه بالفعل، لذلك يجب السعي دائمًا لتقليل الغضب بتبديل الأفكار السلبية بأفكار أكثر واقعية، ويمكن القيام بذلك عن طريق تجنب الكلمات القاطعة أو المتطرفة مثل “لن أفعل ذلك أبدًا” أو “يحدث هذا دائمًا” عند التفكير في الأمور.
لا تتجاهل مشاعرك
على الرغم من أن النصيحة السابقة تشير إلى أنه لا ينبغي الحكم على الذات من خلال المشاعر، إلا أنه لا ينبغي تجاهل المشاعر. فأسوأ ما يمكن فعله في محاولة اكتساب الاستقرار العاطفي والثبات الانفعالي هو حجب المشاعر، حيث يغطي ذلك الشقوق مؤقتًا ولكنه يطيل الألم.
يجب عليك منح نفسك بعض الوقت لفهم مشاعرك ومعرفة ما تفكر به، ويمكنك التحدث مع شخص ما أو كتابة ما تشعر به في يومياتك، ويمكنك ممارسة بعض الفنون مثل الرسم لأنها وسيلة لتعبير عن المشاعر الإيجابية، وحاول تحدي الأفكار السلبية التي تسببت في تلك المشاعر، واستفسر عن الأسباب المنطقية التي تدفعك للتفكير في تلك المشاعر، وعندما تبدأ في فهم مشاعرك بشكل جيد ستلاحظ أن بعض تلك المشاعر غير منطقية، وبعضها قد يكون منطقيا ولكن يمكنك التحكم فيها وتطويعها لإرادتك بفضل الوعي الذي يعتبر المفتاح الأساسي للثبات الانفعالي.
الثبات الانفعالي من منظور إسلامي
حتى النبي عليه الصلاة والسلام كان يشعر بالغضب، ولكنه عليه الصلاة والسلام قدم لنا مثالًا في تحقيق الاستقرار العاطفي، حيث ورد في الحديث الشريف عن أبي هريرة
رجل شتم أبا بكر -رضي الله عنه- والنبي -صلى الله عليه وسلم- جالس، فبدا النبي -صلى الله عليه وسلم- معجبا ومتبسما، وعندما استمر الرجل في شتم أبا بكر -رضي الله عنه- رد عليه أبو بكر، فغضب النبي -صلى الله عليه وسلم- ونهض من مجلسه، فلحقه أبو بكر وقال: “يا رسول الله، كان يشتمني وأنت جالس، فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت؟” فأجاب النبي -صلى الله عليه وسلم-: “إنه كان معك ملك يرد عنك، فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان، فلم أكن لأقعد مع الشيطا.
يمثل الغضب إحدى طرق دخول الشيطان في نفوسنا، ولذلك يجب علينا ألا ننفعل بسرعة، ويعتبر الصبر والحلم من السلوكيات التي يحث عليها الإسلام، وإذا تذكرنا ذلك باستمرار، فسيصبح من السهل علينا التحكم في الغضب وإدارته، ونصبح أكثر استقرارًا عند التعامل مع المواقف الصعبة.
ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف: `الشديد ليس بالسرعة، ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب`، والشديد هنا يعني القوي، بمعنى أن الإنسان القوي هو الذي يستطيع السيطرة على مشاعره وانفعالاته وليس الذي يمتلك جسدًا قويًا.
تمارين جسدية لزيادة الثبات الانفعالي
ومن التمارين التي تساعدك في زيادة الثبات الانفعالي:
- التنفس: حاول التنفس بعمق عند الشعور بالغضب أو الانفعال الشديد، ولا تتفاعل على الفور مع الموقف،
- عد من 1إلى 10: – إذا شعرت بالغضب ولم تتمكن من السيطرة على رد فعلك، فانتظر قبل الرد من 1 إلى 10، حيث إن هذه الطريقة معروفة ومجربة لمساعدة طلاب المدارس على التحكم في استجاباتهم العاطفية، ولكنها تصلح أيضًا للمواقف المشابهة.
- تخيل نفسك في مكان هاديء: يمكنك إغلاق عينيك لبضع ثوانٍ والتخيل نفسك في مكان مريح وهادئ، ثم التفكير في التفاصيل الدقيقة في هذا المكان، مثل رائحته.
- تحرك: يقلل ممارسة التمارين الرياضية بشكل منتظم من التوتر وتساعد على الحفاظ على وظائف الجسم سليمة، وتجعل الفرد أكثر قدرة على التحكم في انفعالاته.