ما العلاقة بين الفقر والبطالة
تعريف الفقر
يشير الفقر إلى عدم قدرة الفرد على تلبية احتياجاته الأساسية والحفاظ على مستوى المعيشة الأدنى، وتعني الأوضاع المعيشية غير المقبولة التي تتميز بالحرمان من الموارد أو القدرات الضرورية للحياة الإنسانية الكريمة.
تعريف البطالة
يشير مصطلح البطالة إلى الأفراد الذين ليس لديهم عمل يمارسونه، بالإضافة إلى عدم قدرتهم على الانخراط في القوى العاملة التي تكون فعالة في المجتمع. وهؤلاء الأفراد يسعون باستمرار للحصول على وظيفة، ويتعلق مصطلح البطالة بقدرة الشخص على العمل. ووفقا لتعريف منظمة العمل الدولية، يعرف الشخص العاطل عن العمل على أنه الشخص القادر على العمل ويرغب في ذلك ويسعى لإيجاده، ويقبل أيضا أي مستوى أجر بغض النظر عنه، ولكنه لا يجد العمل المناسب. ولذلك، يجب التوضيح أن هذا المصطلح لا يشمل أي شخص غير مشتغل، سواء كانوا أطفالا أو كبارا في السن أو مرضى أو متقاعدين.
مؤشر يجمع بين الفقر والبطالة
نجد أن أعلى نسبة للفقر تكون 22 بالمائة بناء على الوضع الوظيفي للعمالة بدون أجر، وهذه النسبة تنطبق على مستوى العالم. ونسبة الفقر بين العمالة الحرة والأفراد الذين خرجوا من سوق العمل تتراوح بين 12 بالمائة. ومن هنا، نجد أن هناك ارتباطا قويا بين الحالة الاجتماعية والفقر، وقدرة الأفراد على تحقيق الدخل المناسب وفقا للوضع الوظيفي. وعند تصنيف البيانات وفقا للجنس، نجد أن الرجال يشكلون أكثر عددا من الفقراء العاملين بدون أجر، بينما تشكل النساء غالبية الفقراء الذين يعملون بدون أجر أو الذين خرجوا من سوق العمل.
يمكن أن تكون العلاقة بين الفقر والبطالة واضحة، حيث يتوقف ذلك على وجود فرص عمل، ونعتقد أن التوظيف هو الطريقة الوحيدة للتخلص من الفقر والبطالة، ولكن التوظيف ليس الحل الوحيد بل هو جزء من العلاج الفعال للتغلب على الفقر والبطالة. ومع ذلك، يجب أن يرافق التوظيف بالمال والتعليم، لأن التوظيف بمفرده لا يحل مشكلة الفقر. وبعمق هذه الفكرة، ندرك أن المال هو طريقة للعيش، ويتم الحصول عليه من خلال التوظيف، ولكن للحصول على عمل، يجب أن يكون لدينا تعليم أو مهارات معينة. يتم دفع المال للأشخاص المؤهلين للعمل، لذلك يمكن القول إن البطالة تؤدي إلى الفقر والعكس صحيح، وهذا يعني أن الشخص الذي لا يعمل ليس لديه وسيلة للحصول على المال وتلبية احتياجاته واحتياجات عائلته، وبالتالي يصبح فقيرا.
ولكن في دراسة حديثة قد أجريت في الأردن تبين أن الارتباط ما بين الفقر والبطالة يعتبر ضعيفاً حيث أن هناك فقراء يعملون ولكن مدخولهم لا يكفي لسد احتياجاتهم، بينما نجد من جانب آخر أن العاطلين عن العمل هو من أسر غير فقيرة، وإن هذا النوع من العلاقة بين الفقر والبطالة يأخذ بعدين أساسيين وهما:
- السبب الأول هو تفعيل حزمة الأمان الاجتماعي، حيث يتم تقديم المساعدة النقدية المستمرة، وشراء وصيانة المساكن، وتقديم المنح التنموية للجمعيات، ورعاية الأيتام وكبار السن، وتنويع مصادر دخل الفقراء، والاستفادة من الفرص المتاحة لهم مثل مشاريع الاقراض التنموي والتدريب المهني. كل هذه الأمور تساهم في مكافحة الفقر في الجانب الاقتصادي.
- البعد الثاني يتجسد في التعامل مع البطالة، حيث يعد جزءا من عملية التنمية إلى جانب حجم الاستثمارات وتسارع معدلات النمو. فارتفاع الأداء الاقتصادي هو ما يؤدي إلى زيادة الطلب على الأيدي العاملة، مما يفتح آفاقا واسعة لإعادة تأهيل العاطلين عن العمل. وهذا يسهم في تعزيز الحماية الاجتماعية وبالتالي يساهم في رفع مستوى الأجور وتقليل الفقر.
أسباب الفقر
يوجد عدة عوامل تساهم في الفقر في بلدان العالم، ويمكن تلخيص أبرز هذه الأسباب كالتالي:
- الحروب والصراعات حيث أنها تساهم في خفض إنتاجية الدول وإنتاجها المحلي، مع العلم أن عدم الاستقرار الاجتماعي والسياسي يؤدي إلى خلو هذا البلد من أي حافز لأرباب العمل الأجانب وحتى رجال الأعمال المحليين في أن يقوموا بالاستثمارات في البلد، ناهيك عن الانقطاع الذي يتواجد في الخدمات الأساسية مثل التعليم والصحة.
- نظام الزراعة القديم والمتخلف حيث أن الفرق بين النظام الزراعي في البلدان المتقدمة وبين البلدان النامية يتجلى في أن الزراعة المتقدمة تقوم على استغلال مساحات أقل للزراعة ولكن في الوقت ذاته تكون هذه الزراعة بكفاءة إنتاجية عالية، مما يؤدي إلى تقدم وازدهار مجال الاقتصاد الصناعي وأيضاً مجال الخدمات العامة، ويقوم بتوفير أجوراً عالية للفلاحين، ولكن في المقابل نجد أن الزراعة في البلدان النامية ما زالت تشغل حيزاً كبيراً من المنظومة الوطنية الاقتصادية للبلاد مما يؤدي إلى ارتفاع أسعار سلع الزراعة ويكون المزارع في مستوى تحت خط الفقر.
- غالبًا ما تتسبب القوى البيئية، مثل الجفاف والفيضانات والأعاصير، في فترات حادة من الأزمات عن طريق تدمير المحاصيل والحيوانات.
- الكوارث الطبيعية، مثل الزلازل، تسبب تدميرًا للمجتمعات في جميع أنحاء العالم، وغالبًا ما تتأثر بهذه الأزمات الدول النامية بسبب محدودية الموارد المتاحة لديها، والتي تمنع بناء مساكن ملائمة وبنية تحتية وآليات استجابة للأزمات.
- التاريخ الاستعماري هو أحد العوائق الرئيسية التي تسبب الفقر، حيث إن البلدان الفقيرة تفتقر إلى البنية التحتية الأساسية مثل وسائل الاتصال وغيرها.
- يترافق الفساد غالبًا مع مركزية السلطة، ويحدث ذلك عندما لا يتحمل القادة مسؤولياتهم تجاه شعبهم والخدمات التي يقدمونها، ويعيق الفساد التنمية، وخاصة عندما يأخذ القادة الأموال التي كانت ستستخدم في مشاريع التنمية.
- تحدث التدهور البيئي نتيجة لاعتماد الفقراء في الغالب على الموارد الطبيعية لتلبية احتياجاتهم الأساسية، ويشمل ذلك الإنتاج الزراعي وجمع الموارد الضرورية مثل الحطب والمياه والنباتات البرية والأدوية لصيانة الأسرة. وبالتالي، يشكل تلوث مصادر المياه واستنزافها تهديدا لسبل العيش التي يعتمد عليها البلدان الفقيرة.
أسباب البطالة
كما ذكرنا سابقاً، يطلق مصطلح البطالة على الأفراد الذين يمكنهم القيام بعمل يؤمن لهم حياة كريمة، ولكنهم لم يجدوا أي فرصة عمل مناسبة في المجتمع الذي ينتمون إليه. وهناك أسباب متعددة لانتشار البطالة، وتتضمن العديد من الجوانب، من بينها:
من الجانب السياسي وتكون أسباب البطالة كالتالي:
- تؤدي الحروب إلى انتشار البطالة وتأثيرها على المجتمعات، بالإضافة إلى الصراعات الداخلية التي تشهدها المجتمعات وتؤثر عليها.
- عدم الوفاء الحكومات الدولية بواجبها تجاه شعوبها وعدم تقديم الدعم الكافي لقطاعات الأعمال.
- التأثير الإيجابي للتنمية البشرية ضعيف جدًا، وخاصة على الوضع الاقتصادي، وهذا يحدث بشكل مباشر في المجتمعات النامية.
من الجانب الاقتصادي وتكون أسباب البطالة كالتالي:
- في المجتمعات التي تعاني من نقص في فرص العمل مقارنة بزيادة عدد خريجي الجامعات والموظفين، يصعب على الحكومة توفير فرص عمل مناسبة لهؤلاء الأفراد، مما يؤدي إلى مشكلات في المجتمع.
- مع تزايد التكنولوجيا وانتشارها، اعتمدت الكثير من الشركات الكمبيوتر والوسائل الإلكترونية بدلا من الاعتماد على العمالة البشرية، مما أدى إلى زيادة معدلات البطالة في هذه المجتمعات.
- تلجأ بعض الشركات والمنظمات إلى التعاقد مع العمال والموظفين الأجانب بدلاً من اعتماد العمال المحليين، وذلك لأن العامل الأجنبي يعمل بأجر أقل وتكاليف أقل.
من الجانب الاجتماعي وتكون أسباب البطالة كالتالي:
- إهمال الجانب التعليمي الذي يهدف بشكل مباشر إلى التوعية بالمشاكل الاجتماعية الهامة، بالإضافة إلى عرض بعض الحلول لها.
- التزايد السريع في نسبة السكان.
- عدم الاستفادة من الآثار الإيجابية التي يقدمها القطاع الاقتصادي في تعزيز دور التنمية الاجتماعية المحلية.
- يتم تأجيل فتح المشاريع والأفكار الاستثمارية حتى يتم استيعاب العدد الكبير من الموظفين والحد من معدلات البطالة.