دور الأب في تربية الأبناء في الإسلام
مسؤولية الآباء في تربية الأبناء
تربية الأبناء ليست فضل من الآباء، بل هي واجب على كل أب، إذ يقول اله عز وجل في كتابه العزيز في سورة النساء آية 11″يُوصِيكُمُ اللّهُ فِي أَوْلاَدِكُمْ” صدق الله العظيم، بمعنى أن الله تعالى كلف ووصى الآباء بأبنائهم كونهم رعيتهم، وإن عزف الكثير من الآباء عن فكرة التربية وتركها للأم، وظن أن الأم هي المكلفة بتربية الأطفال، وهي الملزمة بتعليم أطفالها كافة الأمور، ولكن في الدين الإسلامي، الأم والأطفال رعايا، والأب هو المكلف برعاية أسرته.
كما أن الأب دائمًا ما يكون القدوة والمثال الحسن لأبنائه، فهو مسؤول أيضًا عن أن يكون قدوة حسنة وقيمة نافعة وكريمة لأولاده، ولا يجوز للأب أن يقوم بأفعال تتعارض مع خلق الدين الإسلامي وينهى أولاده عن فعلها، حيث يؤدي ذلك إلى زرع الشك في نفوسهم وجعلهم غير واعين وغير قادرين على تمييز السلوك الصحيح من الخاطئ.
يقول الرسول صلى الله عليه وسلم، كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، فالإمام راع وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته، وذلك لتأكيد دور الأب في تربية أبنائه ورعايتهم، حيث إن هناك العديد من الآباء يهملوا تربية أبنائهم، ظناً منهم بأن ما عليهم في الرعاية هو الطعام والشراب وكساء أبنائهم، ولكن التربية أهم ما يمكن أن يقدمه الأب لأبنه.
– يقول الإمام ابن القيم في تربية الآباء لأطفالهم، إذا أهمل الأب تعليم ولده ما ينفعه وتركه سدى، فقد أساء غاية الإساءة، وأكثر الأولاد يأتون بفسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه فأضاعوهم صغارًا، فلم يستفيدوا بأنفسهم، ولم يفدوا آبائهم كبارًا
الدين الإسلامي الحنيف كلف الأب برعاية أطفاله تكليف مباشر، حيث إن الأب مسؤول عن رعاية النشأ وتربيتهم وزرع الدين والعقيدة الإسلامية في نفوسهم، كما أن الدين الإسلامي أمر الأب بحفظ النعمة التي من عليها به، فالأبناء أحد أعظم نعم الله عز وجل في الأرض، حيث يقول الله تعالى في كتابه العزيز “المَالُ وَالبَنُونَ زِينَةُ الحَيَوةِ الدُّنيَا”
وصايا الرسول تربية الأبناء
لم يترك الدين الإسلامي أي شيء كبيرا أو صغيرا إلا وشرحه بوضوح شرعيا ودينيا، وبين واجبات العباد وحقوقهم. وليس هذا فقط، بل قام بتنظيم العلاقات الإنسانية بين الناس وشرح كيفية تعامل الإنسان مع والديه، كما قال تعالى: `وقضىٰ ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسانا ۚ إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما` صدق الله العظيم. وهناك العديد من الآيات التي توضح واجبات الإنسان تجاه والديه، وأيضا العديد من الآيات الكريمة التي توضح واجبات الأب تجاه أبنائه.
خلال السنة النبوية الشريفة، تحدث النبي الكريم صلى الله عليه وسلم عن جميع الأمور التي يجب على المؤمن اتباعها وكيفية إدارة حياته، ومن بين هذه الأمور تنظيم العلاقات الأسرية
من واجبات الأب الإنفاق على أولاده، حيث يتحمل المسؤولية عن إطعامهم وتكفيتهم وتلبية احتياجاتهم، ويجب عليه توفير كل ما يحتاجونه.
يجب على الأب أن يكون مخلص في ربايته لأطفاله لله عز وجل، بحيث يستودع كل جهده وشقائه لله ولا يكون بهدف المفاخرة فقط، حيث إن العديد من الناس يرغبوا في تعليم أطفالهم فقط من أجل الحصول على مناصب علمية أو ليفخر بهم أمام الناس، بينما الأمر ليس كذلك، يجب أن يعلمهم لكي ينال البر ويأخذ الأجر.
واجبات الأب تجاه أبنائه
عندما يرزقالله الزوجين بالأطفال، يجب عليهم أن يتعرفوا على القواعد التي يجب أن يربوا بها أطفالهم، وخاصة أن تلك القواعد تشكل الأساس في تربية الأطفال وتؤثر على حياتهم بشكل كبير، وهي القواعد التي وصى بها النبي صلى الله عليه وسلم وأكد عليها في تربية الأطفال
أول ما يجب على الأب القيام به لأبنائه هو النية بتربيتهم في بيئة إسلامية ، وتعليمهم العبودية لله الواحد الأحد ، فمن تربى على عبادة الله والتقوى ، سيكون متقيا وخائفا من الله ، لذلك يجب غرس هذا الإيمان في نفوس الأطفال من الصغر وتعليمهم أن الله يرى ويراقبنا ويعلم ما في سرائرنا.
من واجبات الأب، أن يراعي أبنائه من الجانب النفسي، بحيث يقول لهم حسناً، ويرفق بهم، ويستمع إليهم، ولا يستهين بأي من مشاكلهم أو ما يجعلهم غير مسرورين، فالحالة النفسية للطفل الأب هو المسؤول الأول عنها، كما يجب أن يعلمه الكرامة وعدم الإهانة، وعدم قبول أي إساءة من شخص مهما بلغ من قيمة أو أهمية.
يجب على الأب أن يعلم أبناءه حفظ الكرامة، حيث إن الدين الإسلامي يعتبر دينًا للعزة والكرامة والإنسانية، ولذلك يجب أن يكون المسلم عزيزًا كريمًا ورحيمًا بمن حوله.
يجب إدخال الأطفال الصغار على العبادات، حيثيحتاج الطفل الصغير إلى مزيد من الاهتمام والكلام الطيب والتشجيع والمداعبة.
ينبغي للأب التخلي عن القسوة، لأن الإسلام هو دين الود والمحبة، وقد دعا المسلمين إلى أن يكونوا ذوي قلوب سليمة ونوايا طيبة وخلق كريم، وأن يكونوا وديعين وليسوا قاسيين حتى لا يبتعد الناس عنهم، وهذا ما أكده الرسول الكريم عدة مرات.
ينبغي على الآباء تربية أبنائهم بمال حلال دون شك أو شبهة، فقد قال الرسول صلى الله عليه وسلم: “كل جسم نبت من سحت فالنار أولى به.” ويجب على الأب أن يتأنى في فهم هذه القيم النبيلة، فقد يعتقد أن السحت يشمل سرقة أموال الأيتام أو الربا، ولكنه في الحقيقة يشمل جميع الأعمال المحرمة والمخادعة، مثل إضاعة وقت الناس في أمور غير مفيدة، أو التقاعس أو عدم تقديم الخدمات المطلوبة أثناء العمل.
يجب أن يكون الأب قدوة حسنة، حيث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدوة لأمته بأكملها، وبالمثل يجب أن يكون الآباء قدوة حسنة لأولادهم في كل موقف وظرف.
يجب على الأب أن يعلم أبناءه أهمية الصلاة وأن يصليهم عندما يصلون إلى السن المناسبة للصلاة، وأن يشرح لهم لماذا أمر الله عز وجل بالصلاة على المؤمنين، وأن كل فرض له فوائده، ومن بابسط فوائد الصلاة الخشوع والتقرب إلى الله، والصلة العظيمة بين العبد وربه.
الصبر، علمنا الرسول الكريم الصبر في جميع الأمور، وخاصة في التربية، حيث أن تنشئة الطفل ليست أمرا سهلا، فتعليم الأب لأطفاله أمور دينهم وأمور حياتهم يحتاج إلى المزيد من الصبر والتكرار، لذا يجب أن يكون لدى الآباء دائما المزيد من الصبر والكرم في الوقت والجهد.
تعليم القيم الأخلاقية الرفيعة للأطفال، حيث إنها تتمثل في عشرة أمور، إذا اتقنها العبد، سيعيش في نعيم وسعادة وحياة مريحة، وسينعم في الحياة الآخرة.
غياب دور الأب في الأسرة
غياب دور الأب في الأسرة أمر مؤلم، ولكنه يحدث بكثرة في الوقت الحاضر، حيث يتخلى العديد من الآباء عن رعاية أطفالهم، سواء لرغبتهم في العيش بمفردهم أو بسبب الضغوط والمسؤوليات الثقيلة، أو ليتركوا هذه المسؤولية للأم. ومع ذلك، يجب على الأب أن يدرك أن هذا الأمر هام وأنه سيتم محاسبته عليه، ولا ينبغي التقليل من شأنه. فمن يتخلى عن مسؤوليته تجاه أطفاله يسيء إلى نفسه وإلى أبنائه وإلى المجتمع بأسره. لذا، يجب على الآباء أن يكونوا حاضرين مع أطفالهم وأن يؤدوا دورهم بشكل كامل، وأن يكونوا قدوة حسنة ويتصفوا بالأخلاق الحميدة.
يؤدي غياب الأب عن المنزل إلى خروج أشخاص غير مستقرين نفسيًا وغير مسؤولين للمجتمع، ويمكن أن يتسبب في العديد من المشكلات النفسية.