نبذة عن رواية قرية ظالمة
مقتطفات من رواية قرية ظالمة
يبدأ الكاتب بمشهد مؤثر ورائع قبل أن يقوم بنو إسرائيل بمحاولة قتل السيد المسيح، حيث يتضح من خلال الأحداث والمواقف العابرة داخل أروقة السلطة وصانعي القرار، أن الأمر ليس كما يبدو عليه، ويتم توضيح ذلك بشكل واضح من خلال حوار بسيط بين زوجة الرجل المكلف بتمثيل وكيل النيابة في عصرنا الحالي وزوجته، حيث تشير زوجته إلى أن القرار الذي اتخذه ليس بالضرورة الصحيح، ويتعين عليه إعادة التفكير فيه. ويعمل التاجر الحداد على إقناع العامل الذي يصنع الحديد الذي سيصلب عليه المسيح بأن ما يفعلونه ليس إثما، وأن توزيع الجريمة على عدة أشخاص يجعل من المستحيل على الله أن يعاقب أحدا على مرتكبيها. ويشير إلى أن الذنب في الحروب يتم توزيعه على الجماعة، وبالتالي يصعب على الله أن يعاقب أحدا بشكل عادل، وهذا يجعل العقاب ظلما.
ومن بين المشاهد المؤثرة هو اجتماع الحواريين للتباحث في جريمتهم: اجتمع الحواريون وتداولوا الأفكار حول ما يجب أن يفعلوه بعد أن اتفق “بنو إسرائيل” والرومان على صلب المسيح. لم يكن هناك في الأرض من أزكى منهم أنفا، ولا أعظم خلقا، ولا أنبل هدفا. كانوا يبحثون عن طريقة لإقامة الحق الذي لا شك فيه ولمنع الظلم الذي لا ريب فيه. لم يكن هناك شك في إيمانهم وعزيمتهم، ولم يخشوا المخاطر، ولم يستسلموا لشهواتهم الجامحة أو الأفكار الضالة التي تحركهم عن الصواب. بل كان يحركهم حب قوي ونقي لوجه الله. ومع ذلك، استمر الجدل بينهم واشتدت المناقشة، وتبادلوا اتهامات تعلم الله أنهم بريئون منها. لم تتسلل البغضاء بينهم إلا نقاء نفوسهم وقوة إيمانهم
وينهي الكاتب روايته قائلًا: أترك سياسة العامة لغيري، فليس من شأني أمرهم، ولكن يهمني أن لا يلقى اللوم علي بسبب أخطاء غيري. إذا كنتم تريدون الحق الثابت، فابحثوا عنه في مكان آخر غير هذا العالم أو عند شخص آخر غيري. لا أريد أن أكذب على الجميع، بل أريد أن يتلقى الجميع رأيا صادقا مثل رأي الحق الثابت. لا أريد أن أضل الناس حتى لو كان ذلك في مصلحتهم. إذا كنتم من الذين يرون في الكذب وسيلة لتحقيق الأهداف السياسية، فأقول لكم إن ذلك يرجع إلى اختيار رجال السياسة لأسهل الطرق لتحقيق أهدافهم، ولن تجدوا الحق الثابت بهذه الطريقة. إن الصدق هو الطريق الوحيد لتحقيق الأهداف بشكل دائم. وإذا كان هناك من رجال الدين يتبنون رأي أهل السياسة، فذلك يعني أنهم يضعون السياسة فوق الدين، أو يضعون سياسة دينية فوق الدين الحقيقي، وهذا يعتبر ضلالا واضحا
اقتباسات من رواية قرية ظالمة
- سيقوم بعض الأشخاص بالقتل والإيذاء تحت ذريعة الدفاع عن الدين والعقيدة في بعض الأحيان، وتحت ذريعة الدفاع عن الوطن والنفس في أحيان أخرى، ومع ذلك علينا أن نحذر من هذين الأمرين، فإذا تم استخدام العنف أو إيذاء الآخرين تحت ذريعة الدفاع عن الدين، فهذا يعني أن المجرم قد وضع الدين فوق الله، الذي يأمرنا بالمحبة وليس بالقتل، وبأن الله هو الحامي الحقيقي لدينه ولا يحتاج إلى عبيد معاصرين يحمونه، وإنما الذين يستخدمون العنف ضد الآخرين تحت ذريعة الدفاع عن الدين يدافعون عن آرائهم الشخصية وليس الدين، بل إن معظمهم يدافعون عن حقوقهم ومصالحهم ويستخدمون الدفاع عن العقيدة كذريعة لتبرير أفعالهم.
- سيضل الناس عندما يعتقدون أن الجماعة هي الأعظم من الفرد، وأن خير الجماعة هو الأعظم من خير الفرد، وأن نفع الجماعة يبرر تجاهل ضمير الفرد. فالجماعة مجرد صنم يدعوك للعبادة، فمن الذي يستفيد من هذه العبادة؟ ويزينون لك الأمر بأن الجماعة سوف تسعد رغم أنها لا تجلب السعادة لأفرادها، وهذا وهم يصدقه من يريد إيهام نفسه بأنه يجعل عددا كبيرا من الناس يعانون لجلب السعادة لعدد قليل منهم. إن الصالح العام هو أخطر الأصنام وأشدها ضررا، عندما يعبد يسيطر على ضمير الفرد، وفي النهاية الجماعة تسبق الشر في سهولة، لأن أعضائها يشاركون وزر الإثم، ولا يشعر أحد منهم بأنه آثم حقا، ويعفيه من الندم أنه يشارك الذنب مع آخرين، ونصيبه من الخطأ قليل، ولو لم يشارك لوقع عليه كامل الجزاء.
- الجماعة تميل إلى فعل الخير في الصعوبات لأن كل فرد يرغب في أن ينسب له الفضل. وعلى العكس، الجماعة تتراجع عن فعل الخير، وهذا لا يعفي أي فرد منها من الشعور بالندم والضمير الحائر. بالنتيجة، يظل كل عضو في الجماعة يعتبر نفسه آثما إذا لم يقم بواجبه بمفرده، حتى ولو كان يتعرض للخطر. لهذا السبب، يكون الشر أسهل في ممارسته على الجماعة، بينما يكون القيام بالخير أصعب على الجماعة. وإذا تراجعت الجماعة عن فعل الخير، فإنها ستلحق بها ندما سواء كان الانسحاب يتم بفردية أو بالتعاون.
- إن ضمير الفرد لا يمنع الجماعة من ارتكاب أكبر الذنوب، طالما أنها ترتكبها باسم الجماعة، والضمير وحده هو الذي يحول دون ارتكاب الناس للشر، وليس لدى الجماعات ضمير، ولا يزعج ضمير أي من أفرادها ما ترتكبه الجماعة، مهما كان حجم الإثم الذي ترتكبه.
- إذا انتصر الحق بالقوة، فالنصر يكون للقوة وليس للحق. وإذا استخدمت القوة لصالح الحق، فالحق ينتصر. ومع ذلك، القوة طبيعتها الانحراف، فإذا انحرفت فإنها ستدعم الباطل. وإذا واجه الحق والباطل وانتصر الباطل، فسيصحح ضمير الناس وتاريخهم الخطأ. وإذا كان الحق في المرتبة الثانية، فإنه سيخضع إما للقوة أو للباطل.
- الإنسان إذا كان بدون الله، فإن عمله لا معنى له وليس له قيمة، حيث يتميز الإنسان عن الحيوان بضميره الذي هو من الله، ولا يمكن للإنسان أن يكون إنسانا بدون الله، وإلا فإنه يكون حيوانا ذكيا.
نبذة عن مؤلف رواية قرية ظالمة
محمد كامل حسين هو كاتب الرواية، وهو طبيب وجراح مصري ماهر. تفوق في مجال الطب وكان من رواد جراحة العظام في مصر. حصل على جائزة الدولة في الأدب وجائزة الدولة في العلوم في عام 1967، مما جعله أول طبيب مصري يحصل على هاتين الجائزتين معا. لقد قام بتأليف العديد من الكتب التي تتناول اللغة العربية وأدبها والنقد والطب والعلوم. ومن بين أعماله الهامة:
- صدرت رواية الوادي المقدس من دار الشروق عام 2007.
- صدرت رواية `قوم لا يتطهرون` عن دار الشروق في عام 2004.
- كتاب الذكر الحكيم.
- كتاب اللغة العربية المعاصرة.
- كتاب التحليل البيولوچى للتاريخ.
- كتاب وحدة المعرفة.