زد معلوماتكمن هو

من هو شاعر السيف والقلم ” محمود سامي البارودي “

يحتل الشعراء العرب مكانة عظيمة جدا، إذ هم الذين أنزل الله عليهم القرآن ليتحدوهم في بلاغتهم وفصاحتهم. بالنسبة لهم، يعتبر الشعر مثل الماء والهواء، وظل الشعر العربي في تطور مستمر حتى استوعبه بالكامل في العصر الحديث. ومن بين هؤلاء الشعراء المطورين للشعر يأتي محمود سامي البارودي، المعروف بشاعر السيف والقلم، الذي يعد رائدا في الشعر الحديث والذي جدد القصيدة العربية من حيث الشكل والمضمون

مولده ونشأته :  ولد محمود سامي البارودي في 6 أكتوبر 1839م في القاهرة لأبوين من أصل شركسي، وقد نشأ البارودي في أسرة ثرية، حيث كان والده ضابطا في الجيش المصري ثم عين مديرا لمدن بربر ودنقلة في السودان، وتوفي في السودان عندما كان محمود سامي البارودي في السابعة من عمره .

تعلم الباردوي القراءة والكتابة وحفظ القرآن الكريم وتعلم أيضا أساسيات النحو والصرف والفقه والتاريخ والحساب. عندما انتهى من تعليمه الابتدائي، انضم إلى المدرسة الحربية وهو في الثانية عشرة من عمره. درس فيها فنون الحرب وعلوم الدين واللغة والحساب. خلال هذه الفترة، بدأ يطمح إلى الشعر العربي وخاصة شعر الفحول. بعد تخرجه من المدرسة، انضم إلى الجيش السلطان برتبة باشجاويش .

حياته العملية :  تم تعيين الباردودي وزيرا للخارجية وسافر إلى الأستانة، حيث تعلم في هذه الفترة اللغتين التركية والفارسية بشكل جيد، واستطاع خلال تواجده هناك الإطلاع على أداب كل من اللغتين وحفظ العديد من الأشعار، وبعدها التحق الباردوي بقلم كتابة السر بنظارة الخارجية التركية، وبقي هناك لمدة سبع سنوات، ولكنه عاد بعد تولي الخديوي إسماعيل الحكم، حيث عينه الخديوي معينا لأحمد خيري باشا لإدارة المكاتبات بين مصر والأستانة

نظرا لعدم قدرة البارودي على تحمل العمل اليدوي، إذ كان يتذكر دائما حياته كجندي ويتمنى العودة إليها، نجح في الانتقال من خدمة الخديوي إلى الجيش في عام 1863م برتبة جندي، وتقدم في الرتب حتى أثبت كفاءته العالية في عمله. كما شارك في الحملة العسكرية التي أرسلت لمساندة الجيش العثماني في قمع الفتنة في جزيرة كريت. خلال هذه الفترة، شدد على قصائده ليغني بها

عاد البارودي إلى خدمة الخديوي إسماعيل لمدة ثماني سنوات ثم تم تعيينه كبيرًا لياوران ولي العهد، وبعد ذلك عاد مرة أخرى إلى خدمة الخديوي ليعمل سكرتيرًا، ثم قرر ترك العمل في القصر والانضمام للجيش

شارك البارودي في الحملة مع الدولة العثمانية وتقدم بشكل جيد وتمكن من تحقيق عدة انتصارات، وعند عودة الحملة إلى مصر، تم ترقية البارودي إلى رتبة اللواء ومنحه وسام المجد من الدرجة الثالثة ونيشان الشرف. ثم تم تعيينه كمدير لمحافظة الشرقية وبعدها كمدير لمحافظة القاهرة، على الرغم من الأحداث المتلاحقة في مصر بسبب الديون والتدخلات الإنجليزية والفرنسية. وفي هذا السياق، تحركت الصحافة المصرية وكذلك الألسنة لإلقاء الشعر، حيث قدم البارودي قصيدة تهدف إلى إيقاظ الغافل وتنبيه النائم، وكانت بدايتها

جلبت أشطر هذا الدهر تجربة      وذقت ما فيه من صاب ومن عسل

فما وجدت على الأيام باقية          أشهى إلى النفس من حرية العمل

لكننا غرض للشر في زمن         أهل العقول به في طاعة الخمل

  كان للباردودي دورا كبيرا جدا في الثورة العرابية الأمر الذي جعل بعض الضباط الجراكسة يتآمروا على اغتياله هو وعرابي وبالفعل تم كشف هذه المؤامرة الدنيئة وتم محاكمة المتهمين على فعلتهم ولكن الخديوي رفض التصديق على هذا الحكم الأمر الذي أغضب الباردوي ورفع الأمر إلى مجلس النظار وانتهى الأمر بنفي عرابي ومن معه من زملاءه وقد حكم على الباردوي بالإعدام ثم خفف الحكم بالنفي المؤبد إلى جزيرة سريلانكا

كانت حياته في المنفي عاملا مهما في كتاباته الشعرية حيث استطاع من خلال وجوده هناك بين الوحدة والغربة والمرض والعزلة أن يسجل كل هذه الأحداث في صور شعرية ظلت تعبر عن ما كان بداخله إلى يومنا هذا ، فعاش يتذكر الماضي والأصدقاء والحنين إلى الوطن ولكن بلا أي جدوى فقد ظل في المنفى 17 عاما .

وفاته : عندما تفاقم مرضه، عاد إلى مصر لتلقي العلاج وترك العمل السياسي، واهتم بالشعر والشعراء، وفتح بيته للاستماع إلى الشعراء والاستماع لهم، وسماهم بمدرسة النهضة أو مدرسة الإحياء، وكانت واحدة من أوائل مدارس الشعر الحديثة في ذلك الوقت. توفي الباردودي في عام 1904 م بعد فترة من الكفاح من أجل حبه لوطنه .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى