اسماء ساعات النهار والليل في اللغة العربية
اسماء ساعات النهار والليل عند العرب
في الماضي، لم يكن لدى البشر القدرة على معرفة الوقت، ولم يستطيعوا تحديد موعد معين لحدث ما، سواء كان في النهار أو الليل. لذلك، حاول العرب، مثل باقي الحضارات، إيجاد طريقة لتحديد الوقت وساعات النهار والليل، ووضعوا نظاما من 24 كلمة، يمثل كل منها فترة زمنية محددة تعرف باسم ساعات اليوم.
أعطى العرب لكل ساعة من الساعات الأربع والعشرين في اليوم اسما خاصا يميزها عن غيرها، وكانوا يعرفون الوقت من خلال كلمات محددة، والتي تنقسم بدورها إلى 24 لفظة تتوافق مع 24 ساعة، سواء كان وقت الليل مقسوما على 12 ساعة، أو الوقت من النهار مقسوما بنفس الرقم السابق.
وتنقسم الكلمات لتتناسب مع وقت النهار والليل إلى أربع وعشرين كلمة، كما حددها أبو منصور الثعالبي، عبدالملك بن محمد بن إسماعيل، في كتابه الشهير فقه اللغة والأسرار العربية، حيث أبرز له فصلًا خاصًا يأتي تحت هذا العنوان، والذي وضعه الباحثون في الكتاب لتسهيل الأمر على القارئ:” الليل والنهار أربع وعشرون لفظة.
وتجدر الإشارة إلى أن من بينها العديد من التعبيرات التي نسمعها ونستخدمها حتى وقتنا الحالي، خاصة بين كبار السن والنساء والأميين الذين لم يتعلموا القراءة والكتابة ولا يعرفون كيفية قراءة الساعة، عندما نسمع منهم في الظهيرة، بعد الظهر، مع غروب الشمس، العشاء، وغيرها من الألفاظ.
اسماء ساعات النهار في اللغة العربية
بدأ الثعالبي بقياس الوقت منذ الفجر الأول، ثم الفجر الثاني، ثم الفجر الثالث، ثم الظهيرة، ثم العصر، ثم الرواح، ثم الغروب، ثم الليل، ثم العشي، ثم منتصف الليل، ثم الفجر، وهو آخر ساعة في اليوم، وهذه الساعات الـ 12 تشكل نصف يوم كامل الـ 24 ساعة.
اسماء ساعات الليل في اللغة العربية
ذكر الثعالبي الساعات التي تمثل النصف الثاني من اليوم، وهي ساعات الليل. تبدأ بالساعة الأولى وتعرف باسم الشفق، ثم الساعة الثانية وتعرف باسم الغسق، ثم الساعة الثالثة وتعرف باسم العتمة، ثم الساعة الرابعة وتعرف باسم السدفة، ثم الساعة الخامسة وتعرف باسم الفحمة، ثم الساعة السادسة وتعرف باسم الزلة، ثم الساعة السابعة وتعرف باسم الزلفة، ثم الساعة الثامنة وتعرف باسم البهرة، ثم الساعة التاسعة وتعرف باسم السحر، ثم الساعة العاشرة وتعرف باسم الفجر، ثم الساعة الحادية عشرة وتعرف باسم الصبح، ثم الساعة الثانية عشرة وتعرف باسم الصباح. وبهذا يكتمل اليوم بمدة 24 ساعة، وكل ساعة لها اسم فريد.
سبب تقسيم اليوم إلى 24 ساعة
يعود تقسيم اليوم إلى 24 ساعة إلى الحضارات القديمة، ويختلف الرأي حول ما إذا كان المصريون أو البابليون هم الأول من قسّم ساعات النهار إلى العدد الذي يزال ساريًا حتى اليوم، وهناك أقوال متناقضة في هذا الصدد.
من المعتقد أن العرب اعتمدوا تقسيم الساعات هذا من الإغريق والمصريين بسبب التشابه الكبير مع طريقتهم. وذكر بيتر بوردمان في ورقة نشرها بعنوان `عد الوقت: تاريخ موجز لأربع وعشرين ساعة` أن الإغريق القدماء كانوا يحسبون أوقاتهم بأربع وعشرين ساعة، نصفها في النهار ونصفها في الليل، وهذا يتفق مع ما فعله العرب. ويعتبر العرب الفضلاء في حساب الساعات من الظهر حتى منتصف الليل في القرن الثالث عشر، لأنهم وجدوا العد أسهل من الظهيرة، حيث كانت الساعة صافية عند الظهيرة، حيث تكون الشمس في أعلى مستوى في السماء، وقد وصف العرب هذا الوقت بأن الشمس في وسط السماء أو بمعنى آخر `في كبدها`.
ذكرت وكالة الفضاء الأمريكية ناسا أن المستقبل سيشهد زيادة في عدد الساعات، حيث ستكون 25 ساعة بدلا من 24 ساعة، بسبب التأثير المستمر للقمر على حركة الأرض، وهذا سيؤثر على سرعة الدوران وبالتالي زيادة الوقت، والذي سيتراكم في ساعة في المستقبل، ولكن هذا لن يحدث قبل 180 مليون سنة، وفقا للوكالة الأمريكية.
آلات حساب الوقت الأولى
ظهر علم الساعات في وقت مبكر، حيث قام هارون الرشيد بإهداء ساعة دقاقة لملك الفرنجة شارلمان عام 192 هـ – 807 م، كما ابتكر عباس بن فرناس ساعة تسمى `الميقات` وقدمها للأمير محمد بن عبد الرحمن في منتصف القرن الثالث الهجري، وأرفق هديةً بأبيات شعرية تصف أهمية اختراعه وفوائده.
في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي)، قام الفلكي وعالم الرياضيات ابن يونس بنقل تقنية الساعات إلى مستوى فريد من خلال اختراعه للبندول الذي استخدم في الساعات الدقيقة، وساهم ابن الهيثم أيضا في علم الساعات كما ذكر في مقاله في علم البنكام، ومنذ القرن الخامس الهجري، تطورت الساعات المائية العربية إلى درجة لا مثيل لها في أي مكان في العالم.
كما توجد مخطوطة بعنوان: كتاب الأسرار في نتائج الأفكار”، وضع في مصنف يحمل عنوان “رسائل مجهولة عن الآلات”، موجود في مكتبة فلورنسا الطبية، نسخة من عام 664 هـ لشخص مجهول عاش في الأندلس في القرن الخامس الهجري، ويحتوي الكتاب على واحد وثلاثين نموذجا، بما في ذلك شروحات لنماذج الساعات، وفي الواقع المؤلف هو محمد أو أحمد بن خلف المرادي، ويقول عنه دونالد هيل: “هناك اختلافات مهمة بين الأجهزة الموصوفة في هذه الدراسة وتلك التابعة لدراسات عربية أخرى، إنها آلات أكبر وأكثر قوة وتستخدم أنواعا مختلفة من أجهزة التحكم.
في القرن السادس الهجري، ظهرت إسهامات مهمة لإسماعيل الجزري في كتابه `الجامع بين العلم والعمل النافع` في شرح تكوين الساعات الدقيقة. وكان لديه نموذج ساعة مشابهة جدا للساعة التي كانت موجودة على باب جيرون في الجامع الأموي بدمشق. ذكر أحمد يوسف الحسن، نقلا عن برايس، الذي وصف ساعتين مائيتين لا تزالان قائمتين في فاس بالمغرب منذ العصور الوسطى، وتشبهان بعض الطرق التي وصفها الجزر.
كما جاء بعد الجزري رضوان الساعاتي، حيث يقول دونالد هيل: في مقدمة كتابه “علم الساعات والعمل بها”، يشير هيل إلى أن التحسينات التي قام بها هو ووالده في تصميم الساعات مذكورة على ساعة هرمز ذات الأبواب، والتي تعمل بآلية المياه التي وضعها أرخميدس، ويوضح هيل بأن مقال رادفان يحمل أهمية بالنسبة للتطور التاريخي للساعات المائية.
قام العرب بتطوير الساعات وتقليص حجمها وزيادة دقتها حتى وصلوا إلى صنع ساعة حائط لا تتجاوز نصف ذراع، وفي القرن الثامن الهجري، نجح عالم الرياضيات ابن الشاطر في صنع ساعة صغيرة لا تتجاوز حجمها 30 سم، وأدخل فيها آليات معدنية بدلا من الآليات المائية والأجزاء الخشبية الكبيرة. بذلك، تحول استخدام الساعات من الدائرة المائية إلى الدائرة الميكانيكية ومن الدائرة الخشبية إلى الدائرة المعدنية.
وبناءً عليه يمكن القول: تم استخدام العديد من الأفكار المجسدة في الساعات المائية العربية في صنع الساعات المائية الأوروبية، وكان للأفكار العربية دورٌ في اختراع الساعة الميكانيكية، مثل استخدام أجهزة النقل الأوتوماتيكية التي تستخدمها الساعات الأوروبية.
عندما سقطت طليطلة في الأندلس في ذلك العام “478 هـ – 1085 م”، كانت هناك ساعتان مائتان تعملان على أطوار القمر، وكان ابن الزرقالي إبراهيم بن يحيى النقاش على ضفاف نهر تيجو، واستمرت إحداهما حتى عام “529 هـ – 1134 م”، ومن الواضح أن العلماء الغربيين استفادوا من هذه الأدلة وأضافوا إليها إبداعاتهم الخاصة.