رياح سانتا آنا
سانتا آنا هي رياح موسمية قوية في جنوب كاليفورنيا، تهب من الداخل وتؤثر على الساحل الجنوبي لكاليفورنيا، وتتسبب في تحريك الغبار والدخان من الحرائق الغابات بعيدا فوق المحيط الهادئ، وهي رياح قوية وجافة تتكون من كتل هوائية باردة وجافة ذات ضغط عالي في الحوض العظيم.
تتميز رياح سانتا آنا بطقسها الحار والجاف في فصل الخريف، وهذا الفصل هو الأكثر حرارة في العام. ومع ذلك، تظهر رياح سانتا آنا في أوقات أخرى من السنة، وتجلب معها أجواء رطبة إلى جنوب كاليفورنيا الساحلية، وتكون نسبة الرطوبة منخفضة جدا ومتزامنة مع تدفق الهواء الدافئ. بالإضافة إلى ذلك، تتميز هذه الرياح بسرعات عالية جدا، وتكون الظروف الجوية في وسط هذه الرياح صعبة للغاية، وقد يطلق عليها أحيانا اسم `رياح الشيطان` بسبب قدرتها على اشتعال حرائق الغابات الإقليمية.
علم الارصاد الجوية
تُعرف رياح سانتا وفقًا لخبراء الأرصاد الجوية على أنها رياح شديدة الانحدار تهب عبر الممرات الجبلية في جنوب كاليفورنيا، وتصل سرعتها إلى حوالي 40 ميلاً في الساعة (64 كم / ساعة)، وتتميز بالجفاف والحرارة العالية، وقد تزداد شدتها في ظروف الجفاف وحرائق الغابات.
رياح سانتا آنا تعرف باسم الرياح الكاتابياتية، وهي تنشأ في المناطق الجبلية وتهب بشكل منحدر نحو مستوى سطح البحر. عندما يهب الهواء من منطقة عالية إلى منطقة منخفضة، ترتفع درجة الحرارة والضغط الجوي بشكل ثابت، حيث ترتفع درجة الحرارة بمقدار 5 درجات فهرنهايت لكل 1000 قدم يهب الهواء، أي ما يعادل درجة مئوية واحدة لكل 100 متر. ومع ارتفاع درجة الحرارة، تنخفض الرطوبة النسبية، مما يؤدي في النهاية إلى هبوب رياح قوية ودافئة وجافة من قاع الممرات الجبلية إلى السهول الساحلية والوديان.
تتجه الرياح القادمة من كندا في القطب الشمالي باردة وجافة نحو تشكيل رياح سانتا آنا الشديدة، وإذا كانت الرياح قوية، فلن يكون هناك نسيم بحري معتاد نهارا، ولن يتطور ضعيفا في وقت لاحق من اليوم بسبب تعارض الرياح البحرية الصحراوية القوية مع النسيم البحري على الشاطئ. أما في الليل، تندمج رياح سانتا آنا مع النسيم الأرضي الهابط إلى البحر وتتعزز بسبب تبريد الصحراء الداخلية أكثر من المحيط بسبب اختلافات في السعة الحرارية وعدم وجود النسيم البحري.
التأثيرات الإقليمية
من التأثيرات الإقليمية لرياح سانتا آنا وخاصة التي تهب بقوة أنها تقود ألسنة اللهب المتواجدة في الغابات نحو منطقة الساحل وتطلق الدخان بعيدًا عن الشاطيء، بالإضافة إلى أن الجمع بين الرياح والحرارة والجفاف المصاحب لرياح سانتا آنا يحول الكابارال إلى وقود متفجر يغذي حرائق الغابات الشائنة التي تشتهر بها تلك المنطقة، للأسف أدت حرائق الغابات التي أشعلتها رياح سانتا آنا إلى حرق عدد كبير جدًا من المناطق الزراعية في كاليفورنيا.
بالرغم من أن رياح سانتا تحمل تأثيرات سلبية، إلا أنها تعتبر مفيدة أيضا، مثل رفع المياه الباردة من أعماق المحيطات، مما يساهم في توفير العناصر الغذائية اللازمة لصيد الأسماك المحلية. بالإضافة إلى ذلك، تؤدي هبوب الرياح فوق المحيط إلى انخفاض درجة حرارة سطح البحر بحوالي 4 درجات مئوية (7 درجات فهرنهايت)، مما يؤدي إلى زيادة منسوب المياه. كما يؤدي هبوب الرياح إلى زيادة تركيز الكلوروفيل في المياه السطحية من القليل إلى أكثر من 1.5 ملليغرام لكل متر مكعب عند وجود الرياح.
التأثيرات البحرية المحلية
بالنسبة لتأثيرات رياح سانتا آنا البحرية، فإنها تتجلى في تطور أمواج المحيط الكبيرة، حيث تأتي تلك الموجات من الاتجاه الشمالي الشرقي، نحو الجانب المحمي عادة من جزيرة كاتالينا، وتكون الموانئ مثل أفالون وتو هاربورز محمية والمياه داخل الموانئ هادئة جدا. أما في ظروف سانتا آنا القوية، فتتطور هذه الموانئ أمواجا عالية ورياحا قوية قد تتسبب في تمزيق القوارب وتحطيمها على الشاطئ. ينصح البحارة في حالة هذه الرياح بأن يرسوا مراكبهم على الجانب الخلفي من الجزيرة لتجنب الظروف الخطيرة في الجانب الأمامي.
الضباب سانتا آنا
ظاهرة ضباب سانتا آنا هي نتيجة لتجمع الضباب الأرضي في جنوب كاليفورنيا الساحلية عند نقطة انتهاء الرياح. عندما تكون سرعة الرياح منخفضة في سانتا آنا، يكون الهواء فوق الحوض الساحلي جافا للغاية، ويمتد الهواء الجاف فوق المحيط الهادئ. عندما تتوقف رياح سانتا آنا عن الدوران، تتشكل طبقة بحرية باردة ورطبة بسرعة فوق المحيط، في حال توفر الظروف المناسبة. يصبح الهواء في الطبقة البحرية رطبا جدا وتتشكل الضبابة أو السحب المنخفضة.
في حالة تحول تدرجات الرياح على الشاطئ بقوة كافية، فإن هذا الضباب البحري ينفجر على المناطق الساحلية، ويمثل ذلك انتقالًا مفاجئًا من ظروف سانتا آنا الحارة والجافة إلى طقس بحري بارد ورطب ورمادي، حيث يمكن لضباب سانتا آنا أن ينفجر على الشاطئ ويغلف المدن في غضون خمسة عشر دقيقة، ولكن نادرًا ماتحدث ظاهرة ضباب سانتا آنا الحقيقي حيث أنه يتطلب ظروف مواتية لإعادة تشكيل الطبقة البحرية بشكل سريع، بالإضافة إلى انعكاس سريع وقوي في تدرجات الرياح من الرياح البحرية إلى الرياح الساحلية.
التأثير التاريخي
– تعد رياح سانتا آنا والحرائق التي ترافقها جزءا من النظام البيئي في حوض لوس أنجلوس لأكثر من 5000 عام، حيث تم الإبلاغ عن هذه الرياح لأول مرة في سجلات اللغة الإنجليزية كظاهرة مناخية في جنوب كاليفورنيا منذ منتصف القرن التاسع عشر على الأقل، وقد وصفت حلقات مختلفة من تلك الرياح الجافة والحارة على مدار هذا التاريخ بأنها عواصف ترابية ورياح بقوة الأعاصير وشمالية شرقية عنيفة تؤدي إلى تدمير المنازل والبساتين، ويحتوي أرشيف الصحف على العديد من الصور للأضرار الإقليمية التي تعود إلى بدايات التقارير الإخبارية في لوس أنجلوس.
حينما كان حوض لوس أنجلوس منطقة زراعية في الأساس، كان المزارعون يخشون الرياح على وجه الخصوص بسبب قدرتها على تدمير المحاصيل، كما ترتبط الرياح ببعض من أكبر حرائق الغابات وأكثرها فتكًا في المنطقة، بما في ذلك بعض أكبر حرائق الولاية وأكثرها فتكًا على الإطلاق، وغيرها من الحرائق الأخرى على مدار السنين.
حدثت حادثة الرياح الأقوى من سانتا آنا في ديسمبر 2011، حيث تكونت ظروف في الغلاف الجوي سمحت للمدن المجاورة بتعرضها لرياح مستمرة بسرعة 97 ميل في الساعة (156 كيلومتر/ساعة) وعواصف تصل إلى 167 ميل في الساعة (269 كيلومتر/ساعة). تأثير تلك الحادثة شمل قطع الآلاف من الأشجار وانقطاع التيار الكهربائي لأكثر من أسبوع، إضافة إلى إغلاق المدارس وإعلان حالة الطوارئ، وتوقف رحلات الطائرات في المطارات وتدمير عدد من المنازل.
الآثار الصحية
كانت رياح سانتا آنا لها تأثير على سلوك ومزاج الأشخاص، خاصة لأولئك الذين يعانون من الاكتئاب الموسمي وبعض المشاكل الصحية، حيث تحمل الرياح جراثيم تسبب انتشار فطر يسبب مرض الكروانيديا (حمى الوادي). ومن أعراض هذا المرض الحمى والسعال والصداع وطفح الجلد وآلام العضلات. أما التعقيدات الخطيرة، فتكمن في الالتهاب الرئوي الحاد وتشكل العقيدات الرئوية، حيث ينتشر الفطر في جميع أنحاء الجسم وقد يؤدي إلى تدمير الجسم بأكمله، مسببا تقرحات الجلد والخراجات والتلف العظمي وآلام المفاصل الشديدة والتهاب القلب ومشاكل المسالك البولية والتهاب السحايا، وفي كثير من الأحيان ينتهي الأمر بالموت.