السيرة الذاتية للكاتب محمد حسنين هيكل
صياغة السياسة العربية أمر ليس سهلا على أي صحفي أن يقوم به، ولكن هذه المهمة تحتاج إلى مقومات معينة يستطيع من خلالها الصحفي أن يبين مدى نقاط القوة به ليكون قادرا على تحليل ما يحدث على الساحة السياسية بقلمه وليس من وجهة نظره. فالصحافة السياسية ليست مجرد وجهات نظر، بل هي أحداث تحتاج إلى تحليل من قبل ذوي الخبرة. ومن بين هؤلاء الصحفيين السياسيين الكاتب والمحلل السياسي المصري محمد حسنين هيكل، الذي أثبت كفاءته وتميزه منذ بداية عمله وتفانيه في مجال الصحافة، وذلك منذ عهد الملك فاروق حتى يومنا هذا، ليبين أن الوهن وكبر السن لن يضعفانه، بل سيزيدان من مداركه وتعمقاته السياسية. لذلك فإنه من الضروري تسليط الضوء على حياة هذا الكاتب الكبير .
مولده ونشأته
ولد محمد حسنين هيكل عام 1923 في قرية باسوس في محافظة القليوبية بمصر ، وكان من أبرز الصحفيين والكتاب السياسين في مصر ، وهو متزوج من السيدة هدايت علوي تيمور عام 1955 ولديه ثلاثة أبناء هم علي وهو طبيب أمراض باطنة وروماتيزم وأحمد وهو رئيس مجلس إدارة شركة القلعة للاستثمارات المالية وأخيرا حسن وهو رئيس مجلس إدارة المجموعة المالية هيرميس .
دوره في الصحافة المصرية
تمكن من بناء سمعة صحفية كبيرة جدا منذ أول يوم عمل في المجال الصحفي عام 1942 ، واستمر في التفوق ليؤكد دوره الكبير في القرن العشرين كواحد من أبرز الصحفيين الذين صاغوا السياسة العربية. تلقى تعليمه في القاهرة وبدأ دراسته في المراحل الأولية ، ثم اتجه إلى دراسة الصحافة في وقت مبكر وبعد ذلك انضم إلى صحيفة الإيجيبشيان جازيت حيث عمل كمحرر تحت التدريب في قسم الحوادث ، ثم انتقل إلى القسم الألماني .
تمكن محمد حسنين هيكل من تحقيق نجاح كبير في صحيفة الإيجيبشيان جازيت، على الرغم من أن الوظيفة التي بدأ بها كانت تافهة. تم تكليفه بالمشاركة في تغطية بعض المعارك التي نشأت بسبب الحرب العالمية الثانية، ومع ذلك، نظرا لرؤيته المصرية، انضم إلى مجلة الساعة الأخيرة في عام 1945 كمحرر أيضا، وظل يعمل في هذه المجلة حتى أصبحت جريدة أخبار اليوم تمتلكها. خلال هذه الفترة، عمل هيكل كمراسل متجول لجريدة أخبار اليوم لتغطية الأحداث الجارية في جميع أنحاء العالم، سواء في الشرق الأوسط أو الشرق الأقصى، حيث سافر إلى كوريا وأفريقيا وحتى البلقان .
استمر نجاح هيكل الصحافي حتى استقر في مصر عام 1951، حيث تولى منصب رئيس تحرير مجلة آخر ساعة وفي الوقت ذاته أصبح مدير تحرير جريدة أخبار اليوم. من خلال وظيفته، استطاع فهم الواقع السياسي الحالي في مصر آنذاك. ثم تم تعيينه رئيس تحرير جريدة الأهرام بعد أن اعتذر عن هذا المنصب. واستمر في هذا المنصب لمدة 17 عاما، وكان لديه عمود أسبوعي خاص به تحت عنوان `بصراحة`. نجح في كتابة هذا العمود حتى عام 1994، وحقق خلال هذه الفترة تأثيرا واسعا في تطوير جريدة الأهرام لتصبح واحدة من أكبر وأشهر عشر صحف في العالم. أسس هيكل عدة مراكز مهمة مازالت موجودة حتى الآن، بما في ذلك مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ومركز الدراسات الصحفية ومركز توثيق تاريخ مصر المعاصر .
دور هيكل السياسي
شارك هيكل الحياة السياسية منذ بداياتها واستمر حتى الآن، حيث تولى منصب وزير الإرشاد القومي. وعلى الرغم من اعتذاره لهذا المنصب عدة مرات، إلا أنه في النهاية وافق عليه بسبب ظرف عسكري مهم، وهو حرب الاستنزاف. وكان له علاقة قوية جدا بالرئيس الراحل جمال عبد الناصر، ولكنه كان في خلاف مع الرئيس المصري السابق السادات بسبب اختلافه معه حول النتائج السياسية التي نتجت عن حرب أكتوبر. وانتهى هذا الخلاف بإعتقاله في عام 198 .
استطاع أن يكون له دورا كبيرا جدا في تأريخ الصراع العربي الإسرائيلي ولديه تسجيلات وتحقيقات ومقالات عن هذا الحدث نظرا لتعمقه الشديد في نقله ومن أهم هذه التسجيلات هو سلسلة من البرامج التاريخية التي أذيعت على قناة الجزيرة كما له أيضا مقالات قد تم نشرها في صحف أجنبية كصحيفة الصنداي تايمز وصحيفة التايمز ببريطانيا ، كما له أيضا الكثير من الكتب في مجال النشر الدولي والذي تم ترجمتها إلى عدة لغات أخرى كاللغة اليابانية والانجليزية والأسبانية وغيرها من اللغات الأخرى التي وصلت إلى تلاثين لغة ومن أبرز هذه الكتب هي ( خريف الغضب – عودة آية الله – الطريق إلى رمضان – أوهام القوة والنصر – أبو الهول والقوميسير) ، كما كانت له مؤلفات باللغة العربية ومن أهمها ( كلام في السياسة عام من الأزمات – سقوط نظام – الإمبراطورية الأمريكية والإغارة على العراق – استئذان في الانصراف ، العروش والجيوش – حرب من نوع جديد – الخليج العربي – اتفاق غزة – أقباط مصر ) .
اعتزل هيكل الكتابة السياسية عام 2003 على الرغم من توهج مقالاته وكتبه السياسية التي وصلت إلى العالمية فحينما أتم عامه الثمانين قرر الاعتزال وكتب آخر مقال له بعنوان ذو الجزئين ، وبعد ثورة الخامس والعشرون من يناير عاد هيكل مرة أخرى إلى العمل الصحفي من خلال العمود الأسبوعي بجريدة الأهرام وهو بعنوان بصراحة ليحلل الأحداث الواقعة بعد الإطاحة بالرئيس المصري المخلوع محمد حسني مبارك .