تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام النميري الحراني ولد في العام 661 هـ – 1263 م وتوفي في العام 728 هـ – 1328 م. كان عالما مسلما فقيها ومجتهدا. ولد في مدينة حران، وانتقل منها إلى دمشق وعمر بسبع سنوات. تابع مذهب الحنبلة واهتم بالدراسة منذ صغره. استفاد من ما يزيد عن مئتي شيخ وأتقن علوم الحديث والتفسير والفقه واللغة العربية. يذكر أنه كان مجيدا لغات أخرى غير العربية، مثل العبرية واللاتينية والتركية. بدأ الإفتاء عندما بلغ سن السابعة عشرة في العام 677 هـ، وبدأ التدريس عندما بلغ الحادية والعشرين. بدأ التفسير في الجامع الأموي في العام 691 هـ، وكان عمره ثلاثين عاما. درس في المدرسة الحنبلية في العام 659 هـ وعاش في عصر شهد فيه نهضة علمية كبيرة بالرغم من الاضطرابات الأمنية والاضطرابات السياسية التي امتلأت بها الحياة. أدت غزوات الصليبين إلى فقدان الأمن، ولكن في هذا العصر نشأ عدد كبير من العلماء. يرجح أن اسم “ابن تيمية” نسب إلى قبيلته بني نمير، وهو عربي الأصل. قال محمد أبو زهرة في كتابه عن ابن تيمية: “شيخ الإسلام لم يكن عربيا، بل كان كرديا، وذلك بناء على عدم ذكر قبيلته من قبل المؤرخين
في كتاب “شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رجل الإصلاح والدعوة”، رد إبراهيم محمد العلي على هذا القول بالنفي واستدل بالكتابين السابقين لتأكيد أصل أحمد بن تيمية العربي. والد أحمد بن تيمية هو عبد الحليم بن عبد السلام الحراني، الذي كان عالما وفقيها حنبليا، وتلقى العلم عن والده وشيوخ حلب ومشيحة دار الحديث السكرية. توفي عام 682 هجرية ودفن في مقابر الصوفية. كان جده عبد السلام مجد الدين أبو البركات محدثا ومقرئا ومفسرا وفقيها، وتوفي بعد صلاة الجمعة عام 652 هجرية. نشأ ابن تيمية في عصر مليء بالفتن والاضطرابات والقلاقل، وكان يتصف بالعفاف والتصون والاقتصاد في الملبس والمأكل، وكان بارا بوالديه ومحبا للعلم والبحث. وقال الذهبي: “نشأ في تصون تام وعفاف وتأله وتعبد، واقتصاد في الملبس والمأكل، وكان يحضر المدارس والمحافل في صغره، فيتكلم ويناظر ويفحم الكبار، ويأتي بما يتحير منه أعيان البلد في العلم. فأفتى وله تسع عشرة سنة، بل أقل، وشرع في الجمع والتأليف من ذلك الوقت، وأكب على الاشتغال. ومات والده – وكان من كبار الحنابلة وأئمتهم – فدرس بعده وقام بوظائفه، وله إحدى وعشرون سنة، واشتهر، وبعد صيته في العالم، فطبق ذكره الآفاق
تعليمه وشيوخه : ابن تيمية بدأ اهتمامه بالعلوم منذ صغره. يجمع المؤرخون على أنه لم يكن يهتم باللعب وهو طفل، بل كان يذهب لدروس العلماء والمحدثين ليتعلم اللغة العربية. وقد برع في النحو واللغة وأولى اهتماما بدراسة كتاب سيبويه بنظرة ناقدة، كما درس أحوال الجاهلية وتعمق في دراسة التاريخ، خاصة التاريخ الإسلامي. أول كتاب حفظه هو كتاب الجمع بين الصحيحين للحميدي. وتلقى تعليمه من العديد من المشايخ، وقد سمع منهم ابن تيمية حوالي مئتي شيخ. يذكر المؤرخون من بينهم ابن عبد الدائم المقدسي وابن أبي اليسر والكمال بن عبد وشمس الدين ابن أبي عمر الحنبلي وشمس الدين بن عطاء الحنفي وابن الصيرفي وابن عساكر وأبي الخير الحداد وفخر الدين ابن البخاري وابن سيبان والقواس وزينب بنت مكي وست العرب الكندية وابن النحاس، إضافة إلى والده عبد الحلي.
أهم مؤلفات ابن تيمية:
اشتهر ابن تيمية بلقب شيخ الإسلام، حيث أثنى عليه عدد كبير من العلماء وأشادوا به. هؤلاء هم الذين عاشوا في عصره أو جاءوا بعده. لابن تيمية العديد من المؤلفات؛ قال إن العلوم الطبيعية هي الأفضل من العلوم الرياضية، ورد على فلسفة المشائين وأفكار أرسطو. رد على من اعتنقوا الفلسفة الطبيعية والفلسفة الإلهية والفلسفة الرياضية في كتابه “الرد على المنطقيين ودرء تعارض العقل والنقل والرسالة العرشية”، وله العديد من المؤلفات والمآثر، منها “الاحتجاج بالقدر والإيمان الأوسط والإيمان الكبير وبيان الهدى والضلال والرسالة التدمرية والجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح ورسالة مراتب الإدارة والسبعينية والعقيدة الواسطية ورفع الملام عن الأئمة والإعلام والرسالة العرشية والرسالة الأكملية وفتوى ابن تيمية غن كتاب “فصوص الحكم والفتوى الحمرية” وكيفية الخلاص في تفسير سورة الإخلاص ومعتقدات أهل الضلال. نجد أن ابن تيمية لم يتهاون في التصدي للأفكار الباطلة والمعتقدات السائدة في عصره. سنلقي نظرة على 10 من أهم مؤلفات ابن تيمية
درى ابن تيمية بأهمية دحض المعتقدات السائدة في عصره، ولذلك سنلقي نظرة على 10 من أهم مؤلفاته
1- اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم : مسائل التشبه باليهود والنصارى وأعيادهم وشرح حديث الرسول صل الله عليه وسلم ” من تشبه بقوم فهو منهم” تم تناولها في العقيدية التي كتبها شيخ الإسلام ابن تيمية .
2- الرسالة الأكملية: الرسالة الأكملية في صفات الكمال المطلوبة لله تعتبر واحدة من أشهر كتب ابن تيمية وأكثرها انتشارا. يعرض فيها عقيدة الأشاعرة وينتقدهم في صفات الله، مع التركيز على مبدأ تنزيه الله تعالى بشكل كامل.
3- الرسالة العرشية : هذا الكتاب هو الجزء السادس من مجموع الفتاوى، وتم طباعته ككتاب منفرد بشكل مستقل. وقد ذكر ابن تيمية سبب كتابته
ما تقوله الرسالة العرشية عن “العرش”؟ هل هو كروي أم لا؟ وإذا كان كرويا، فإن الله محيط به من كل جانب لا يمكن رؤيته. فما هي الفائدة من أن يتجه العبد إلى الله في دعائه وعبادته، مستهدفا العلو فقط دون غيره، ولا يوجد فرق في وقت الدعاء بين توجيهه نحو العلو أو أي جهة أخرى تحيط بالداعي؟ ومع ذلك، نجد في قلوبنا رغبة في السعي نحو العلو دون النظر إلى الجوانب الأخرى. فأخبرنا عن هذا الحاجة التي نشعر بها في قلوبنا والتي وجدنا أنفسنا ميالين إليها. واشرح لنا الجواب بوضوح ومفهوم: يزيل الشك ويحقق الحق – إن شاء الله – وليكن الله معكم ويعم النفع بمعرفتكم. آمين. فأجاب السؤال بثلاث فقرات طويلة فيها شرح للعرش وما ذكر في الكتاب والسنة الشريفة.
4- العقيدة الواسطية : تم ذكر أصول العقيدة ومسائل أصول الدين والمعتقدات ومنهج أهل السنة والجماعة فيها، على لسان الشيخ.
5- بيان تلبيس الجهمية: تم نشر بيان لتهميش الجهمية في إنشاء ابتداعاتهم الكلامية أو نفض الأسس كرد على كتاب تأسيس التقديس لفخر الدين الرازي، الذي ناقشه العديد من علماء الكلام والفلاسفة. وقد أشاد ابن القيم بالكتاب في نونينه، ووصف التأسيس بأنه “أعجوبة ربانية”، ويعد هذا الكتاب واحدا من الكتب العقدية الرئيسية التي كانت ترد على الفكر الجهمي أو الطائفة الجهمية، خاصة في عصر ابن تيمية، الذي كان مليئا بالفساد الديني والسياسي والاجتماعي، والذي تسبب في انتشار الفرق والنزاعات بين الناس بسبب توسع الدولة الإسلامية واختلاطهم بأجناس أخرى، وتأثرهم بتأثير اليهود في نشر الأفكار العقدية للمسلمين
6- رفع الملام عن الأئمة والأعلام : الكتاب مقسم إلى ثلاثة أجزاء يتحدث فيه عن سيرة أئمة المسلمين ويناقش أفكارهم، وينتقد الكثير من الأفكار والعقائد الأخرى مثل العقيدة الأشعرية والماترودية، ويناقش أيضا أفكار فلاسفة المسلمين وينتقد تبعيتهم لفلاسفة اليونان والفلسفة الطبيعية.
7- الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح: من اشهر كتب الرد على المسحيين يحتوي الكتاب على أدلة وحجج على تحريف الإنجيل على حسب تعبيره يقول ابن تيمية في اخر الكتاب ” يقول الكاتب في ختام كتابه أن دين الأنبياء جميعًا واحد عبر العصور، وهم أخوة ويدعون إلى توحيد الله ويبشرون بالنبي محمد خاتم الأنبياء ويقول أن هذه البشارة موجودة في الإنجيل “. قال ابن تيمية ايضًا :
الجواب الصحيح لمن يغير دين المسيح ويكون ذلك سببا في نصر الدين وظهوره، هو أن يأتي كتابا من قبرص يحتوي على الاحتجاجات ضد دين النصارى، باستخدام الأدلة التي يستخدمها علماء دينهم وأعلام ملتهم، سواء الأدلة السمعية أو العقلية، وبالتالي فإنه من الضروري أن نذكر في الجواب ما يوجد فيه من فصل الخطاب وتوضيح الأخطاء. ذلك ليستفيد الأذكياء ويتضح ما أنزل الله به من سيرة رسله وكتبه. وقال
ما ورد في هذا الكتاب هو المعلومات الأساسية التي يعتمد عليها علماء النصرانية في كل الأزمان، وقبل هذا الزمن. ورغم أن بعض المعلومات قد تختلف حسب الظروف، فإن هذه الرسالة كانت معتمدة من قبل علماء النصرانية وتم تداولها بينهم، وتوجد نسخ قديمة منها. والرسالة مضمونة في كتاب بولص الراهب أسقف صيدا الأنطاكي، الذي كتبها لبعض أصدقائه، ولديه مصنفات في دفاع النصرانية. وذكر أنه قد سافر إلى بلاد الروم والقسطنطينية وبلاد الملافطة وبعض أعمال الإفرنج ورومية والتقى بأجلاء الناحية وعلمائها، وألف هذه الرسالة المهمة وأسماها “الكتاب المنطقي الدولة خاني المبرهن عن الاعتقاد الصحيح والرأي المستقيم.
8- درء تعارض العقل والنقل : كتاب ألف الكتاب كان لمناقشة الفلاسفة وأهل الكلام، والرد على كتاب القانون الكلي لفخر الدين الرازي، واستغرق إعداده شهرا واسعا في عهد ابن تيمية. يعد من أبرز الكتب العقدية التي ترد فيها ابن تيمية على آراء الفلاسفة الطبيعيين والرياضيين وأصحاب المذاهب العقدية الأخرى، وقال ابن تيمية إنه لا يوجد أي تعارض بين العقل والنقل، بل إن التعارض هو من صنع البشر، وقال ابن القيم، الذي كان تلميذا لابن تيمية
” من أراد معرفة هذا فليقرأ كتاب شيخنا وهو (بيان موافقة العقل الصريح للنقل الصحيح) فإنه كتاب لم يطرق العالم له نظير في بابه، فإنه هدم فيه قواعد أهل الباطل من أساسها، فخرت عليهم سقوفه من فوقهم، وشيد فيه قواعد أهل السنة والحديث، وأحكمها ورفع أعلامها، وقررها بمجامع الطرق التي تقرر بها الحق من العقل والنقل والفطرة، فجاء كتابا لايستغنى من نصح نفسه من أهل العلم عنه، فجزاه الله عن أهل العلم والإيمان أفضل جزاء، وجزى العلم والإيمان عنه كذلك” .
9- منهاج السنة النبوية : هو كتاب ضخم ألفه أشهر كتاب الإسلام على الإطلاق، يحتوي على الرد على الشيعة الإثني عشرية وفرقة القدرية، كما رد فيه على الشيعي ابن المطهر الحلي، وقد اختصره العديد من علماء الأمة الإسلامية وشروحوه، ومن أشهر تلك الاختصارات اختصار الذهبي المسمى بـ”المختصر المنتقي في منهاج الاعتدال في نقص كلام أهل الرفض والاعتزال”، كما تم ترجمة الكتاب إلى الفارسية واختصره أيضا الغنيمان .