ساهمت أعمال الجاحظ في ازدهار النثر العربي في العصر العباسي، حيث ازدهر النثر وتعددت فنونه كالكتابة، القصص والمقامات، وأحرزت فنونه المتعددة والمنتشرة حضورا جماهيريا .
لمحة عن حياة الجاحظ
يدعى أبو عثمان عمرو بن بحر الكناني الفقيمي البصري، ولقبه الجاحظ، وهو من تابعية قبيلة كنابة التابعة لبني فقيم. يعد الجاحظ واحدا من أهم الأدباء في العالم العربي، وكان من بين الأدباء المعتزلة الذين عرفهم العصر العباسي .
عُرف “الجاحظ” من صغره بحبه وشغفه للقراءة ، لقد كان مولعا بمطالعة الكتب وبما جاء بها مما جعل “ياقوت الحموي” يشهد بمدى حبه وشغفه للقراءة بقوله “لم أر قطُّ ولا سمعت من أحبَّ الكتب والعلوم أكثر من الجاحظ ، فإنَّه لم يقع بيده كتاب قَطُّ إلا استوفى قراءته كائنًا ما كان ولا عَجَبَ إذْ ذاك في أن يُفْرِد الصَّفحات الطِّوال مرَّات عدَّة في كتبه ، للحديث عن فوائد الكتب وفضائلها ومحاسنها ، والحقُّ أنَّه كان أشبه بآلة مصوِّرةٍ ، فليس هناك شيءٌ يقرؤهُ إلاَّ ويرتسم في ذهنه ، ويظلُّ في ذاكرته آمادًا متطاولة” .
ولادة الجاحظ ووفاته
ولد الجاحظ في مدينة البصرة بالعراق في عام 159 هجريا، وحُل عليه لقب `الجاحظ` بسبب جحوظ عينيه .
عاش الجاحظ على الأرض تسعين عامًا، حيث شهد عصر اثني عشر خليفة من الدولة العباسية، وشهد القرن الذي بلغت فيه الحضارة الإسلامية قمة نجاحها وتقدمها، وتوفي في عام 255 هجرية .
مؤلفات الجاحظ
اتبع “الجاحظ” منهجًا علميًا وبحثيًا في كتاباته المتعددة، حيث كان يبدأ كتاباته بالشك ثم النقد وأخيرًا الاستقراء. لقد ألَّف “الجاحظ” العديد من الأعمال النادرة الثمينة، وكانت أهم أعماله:
كتاب البيان والتبيين
يعد من أعظم المؤلفات الإسلامية، حيث يتكون من أربعة أجزاء، حيث يتناول الجاحظ في هذا الكتاب موضوع أدبي بحت، واستخدم الجاحظ في كتابه “البيان والتبيين” منهجا فلسفيا، حيث قصد بالبيان الدلالة وبالتبيين الإيضاح، ويتضمن الكتاب عددا كبيرا من المقالات والخطب والأشعار والمقاطع باللغة وعلم البيان والفلسفة، حيث يشرح الجزء الأول من الكتاب مفهوم البيان ويعرف عن الأخطاء اللغوية والبلاغية والفصاحة، ويتناول الجزء الثاني من الكتاب الخطابة وطبقات الشعراء، ويتناول الجزء الثالث القيمة المعنية بالشعر وأصالة اللغة العربية .
كتاب الحيوان
في كتاب الحيوان، وصف “الجاحظ” حياة العرب وشرح أحوالهم، عاداتهم، تقاليدهم، وعلومهم الدينية والدنيوية؛ يعتبر كتاب “الحيوان” أول كتاب من نوعه في اللغة العربية يجمع بين علم الحيوان وعلوم متنوعة أخرى، إذ يتناول شرح طباع الحيوانات، وعاداتها، وأحوالها، وكل ما يتعلق بها، بالإضافة إلى اهتمام الكاتب بالشعر واللغة الأصيلة؛ تم طبع أول نسخة منه في مصر عام 1938م بواسطة “عبد السلام هارون
كتاب البخلاء
في كتاب البخلاء، قام “الجاحظ” بصورة مضحكة وهزلية بتصوير بعض الأشخاص اللذين تعامل معهم في حياته على أنهم بخلاء، مما يكشف عن طباع سيئة لديهم. استخدم “الجاحظ” لغة عامية لجعل الصورة مفهومة للجميع. يعد كتاب “البخلاء” دراسة للمشاكل النفسية والاجتماعية والأخلاقية التي يعاني منها البخلاء .
كتاب المحاسن والأضداد
قدم “الجاحظ” كتابه بأسلوب أدبي فريد في صياغة اللغة، حيث قام بتوضيح المقارنة بين مزايا وعيوب الأشياء عن طريق سرد قصص قديمة وحديثة .
كتاب التاج في أخلاق الملوك
يعد هذا الكتاب نادرا جدا، حيث يحكي قصصا عن ملوك وأمراء بقصد إعطاء النصح والإرشاد، ويشبه كتاب `الأمير` .
كتاب الحنين إلى الأوطان
اعتبر الجاحظ كتابه مرجعًا شاملاً للعلم والحكمة، وتحدث فيه عن الصراع النفسي الناتج عن الشوق والحنين إلى الوطن .
كتاب فلسفة الجد والهزل
هو مجموعة الرسائل الأربعة التي بعثها “الجاحظ” لتصبح دستورًا ومنهجًا أخلاقيًا واجتماعيًا للوزراء والحكام في إدارة شؤون بلادهم .
كتاب العبر والاعتبار
يعتبر استخدام “الجاحظ” في الكتابة هو الأسلوب الأسهل للتعبير عن الظواهر الكونية والكائنات الحية ونباتاتها، حيث يذكر في كتابه بشواهد آثار الصانع وأسرار فطرته الموجودة في ما يراه الناس .
كتاب تهذيب الأخلاق
في كتاب الحيوان، تناول الجاحظ كلًا من الأخلاق الحميدة والذميمة .
مفاخرة الجواري والغلمان
ذُكِرَ في هذا الكتاب عددٌ من الأحادِيثِ والأخبار عن الغرَائِبِ والشواذِ التي انتشرت في المجتمع، كما ذُكِرَ بعضُ المواقِفِ الاجتماعيَّةِ ونحوِ ذلك .
