” يوشع بن نون ” النبي الذي حبست له الشمس
من هو النبي الذي حبست له الشمس
من المعروف أن الله -سبحانه وتعالى- منح رسله وأنبيائه بعض المعجزات لتكون دليلا لهم على صدق نبوتهم أمام شعوبهم. ومن بين تلك المعجزات، نبي الله يوشع بن نون الذي حجبت عنه الشمس، وهذا مذكور في صحيح مسلم في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- حيث قال: `لم تحجب الشمس إلا ليوشع بن نون أثناء سيره إلى بيت المقدس.
من هو يوشع بن نون
هو يوشع بن نون، الذي هو ابن أفرانيم، الذي هو ابن يوسف، الذي هو ابن يعقوب، الذي هو ابن إسحاق، الذي هو ابن إبراهيم الخليل عليه السلام. وذكر هذا النبي في سورة الكهف في قصة سيدنا موسى والخضر -عليهما السلام-، ولم يذكر باسمه بشكل صريح ، فهو الفتى الذي كان يرافق نبي الله موسى، حيث قال تعالى في كتابه الكريم: {وإذ قال موسىٰ لفتاه لا أبرح حتىٰ أبلغ مجمع البحرين أو أمضي حقبا}. وكان يوشع بن نون قائد بني إسرائيل بعد وفاة سيدنا موسى عليه السلام، وذكر ذلك في كتاب ابن كثير، «قصص الأنبياء»، الذي يقول أن “يوشع بن نون بن أفرائيم بن يوسف بن يعقوب، بن إسحاق بن إبراهيم عليهم السلام، وأهل الكتاب يقولون: يوشع ابن عم هود.
وقد ذكر تعيينه في صحيح البخاري من رواية أبي بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه يوشع بن نون حيث قال ابن كثير: وقد اتفق أهل الكتاب على نبوته عليه السلام، وقد ذكر المؤرخون أنه تم فتح بيت المقدس على يد يوشع بن نون عليه السلام بمشيئة الله سبحانه وتعالى، وقد من الله سبحانه وتعالى عليه بكرامة لم ينلها غيره، وهي حبس الشمس له، حيث روى الإمام أحمد عن أبي هريرة قال: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: “إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس”.
موت موسى وبعثة يوشع بن نون
كان يوشع بن نون من الاثني عشر رجلا الذين اختارهم موسى – عليه السلام – ليكونوا قادة في أرض كنعان، وكان من المشجعين لبني إسرائيل على دخولهم أرض كنعان، كما ذكر في كتاب الله تعالى. قال الله تعالى: {قال رجلان من الذين يخافون أنعم الله عليهما ادخلا عليهم الباب فإذا دخلتموه فإنكم غالبون وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين}. وكان يوشع بن نون عليه السلام تلميذا لسيدنا موسى – عليه السلام – وأمر الله تعالى موسى أن يسلم العهد ليوشع بن نون ليتولى أمور بني إسرائيل بعده. وكتاب يوشع كان أول كتاب نبوي بعد كتاب موسى – عليه السلام. وبعد وفاة سيدنا موسى – عليه السلام – أصبح يوشع بن نون نبيا على بني إسرائيل.
فتح بيت المقدس
ذهب يوشع بن نون رفقة بني إسرائيل إلى بيت المقدس، فقطعوا نهر الأردن ووصلوا إلى أريحا، ففتحوا بيت المقدس الذي كان محصنا بسور ويضم العديد من القصور والناس يعيشون فيه. وحاصروه لمدة ستة أشهر، ثم صاحوا في الأبواق وكبروا، فسقط السور المحيط بالقدس، واستولوا على الغنائم وقتلوا 12 ألفا منهم. وانتهى الحصار يوم الجمعة بعد العصر ووقت غروب الشمس، ودخلوا بيت المقدس يوم السبت الذي كان لهم فيه شريعة، وفي ذلك الوقت دعا يوشع بن نون عليه السلام الله تعالى ليحبس الشمس حتى يتمكنوا من فتح البلاد.
وذكر ابن كثير أن يوشع هو الذي قاد بني إسرائيل من التضليل وسعى بهم إلى بيت المقدس. وقد ذكر أهل التاريخ أنهم عبروا نهر الأردن ووصلوا إلى أريحا. وكانت أريحا من أقوى المدن حصنا، وكان بها قصورا وأهلها كثر. حاصروها لمدة ستة أشهر، ثم يوما ما أحاطوا بها وضربوا بالأبواق وكبروا تكبيرة واحدة، فانهارت أسوارها وسقطت جدرانها. دخلوها ونهبوا ما وجدوه من غنائم، وقتلوا اثنا عشر ألف رجل وامرأة، وحاربوا العديد من ملوك الشام. ويقال إن يوشع حارب وهزم واحدا وثلاثين ملكا من ملوك الشام.
كما روى المؤرخون ابن كثير، وابن الأثير في «الكامل»: «المعركة الأخيرة التي بدأت في يوم الجمعة، وأوشك اليهود على تحقيق الانتصار، لكن الشمس قاربت على المغيب، وكان اليهود لا يعملون ولا يحاربون يوم السبت، فخشى يوشع بن نون أن يذهب النصر، فنظر يوشع إلى الشمس وقال: (إنك مأمورة، وأنا مأمور، اللهم احبسها علي)، فتوقفت الشمس مكانها، وظلت واقفة إلى أن فتح بيت المقدس ودخله، وقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: (إن الشمس لم تحبس لبشر إلا ليوشع ليالي سار إلى بيت المقدس)».
حبس الشمس
كان هناك خلاف بين أهل العلم أن حبس الشمس ليوشع بن نون عليه السلام كان في فتح بيت المقدس أم في فتح مدينة الجبارين، وقد رجّح ابن كثير أن ظاهرة حبس الشمس كانت في فتح بيت المقدس لحديث النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فقد روى عنه أبو هريرة إنه قال: “أن الشمسَ لم تُحبَس لبشرٍ إلا ليوشعَ بنِ نونٍ لياليَ سار إلى بيتِ المقدسِ”.
وذكر البخاري ومسلم، في صحيحيهما: قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: غزا نبي من الأنبياء، فقال لقومه: لا يتبعني رجل قد ملك بضع امرأة، ويرغب في أن يبني بها ولكنه لا يبني، ولا رجل آخر قد بنى بناية ولكنه لم يرفع سقفها، ولا رجل آخر قد اشترى غنما أو خلفات وهو ينتظر ولادتها). فغزا فدنا من القرية حين صلى العصر أو قريبا من ذلك، فقال للشمس: أنت مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها على شيء فحبست عليه حتى فتح الله عليه، فجمعوا ما غنموا، فأتت النار لتأكله ولكنها أبت أن تطعمه، فقال فيكم غلول فليبايعني رجل من كل قبيلة، فبايعوه فلصقت يد رجل بيده، فقال فيكم الغلول فليبايعني قبيلتك، فبايعته قبيلته، فلصقت بيد رجلين أو ثلاثة، فقال: فيكم الغلول، أنتم غللتم. قال: فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب، فقالواضعوه بالمال وهو بالصعيد، فأقبلت النار فأكلته، فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا ذلك بأن الله رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا.
حكم يوشع بن نون
نبي الله يوشع بن نون حكم بأحكام التوراة لبني إسرائيل، وكان من قادة بلاد الشام لبني إسرائيل، وأعطاه الله بعض المعجزات مثل إخراج نهر الأردن له، وإيقاف الشمس، وفتح بيت المقدس بيده. ولد يوشع بن نون في عام 1463 قبل المسيح وتوفي في عام 1353، وعاش حتى سن 120 عاما.
وفاة يوشع بن نون
توفي يوشع عليه السلام بعد وفاة -موسى عليه السلام- في سن السابعة والعشرين، وذكر ذلك في كتاب البداية والنهاية لابن كثير. وقال فيه: `بعد استقرار بني إسرائيل في القدس، استمر يوشع في حكمهم بكتاب الله التوراة، حتى توفي الله إليه وهو في العمر المئة والسبعة والعشرين. فكانت مدة حياته بعد موسى سبعة وعشرين عاما.