وظائف اللغة عند اندري مارتيني
نبذة عن أندري مارتيني André Martinet
: ولد مارتيني في عام 1908 ودرس في جامعة السوربون، ثم أصبح أستاذا في كلية الدراسات العليا في باريس، وانتقل إلى كولومبيا ليصبح أستاذا في علم اللسانيات العامة ورئيسا لقسم اللغويات في عام 1947، وعاد بعد ذلك إلى المعهد الذي درس فيه في باريس، كما أنه كان عضوا في الأكاديميتين الدنماركية والفرنسية .
قام ألف اندري مارتيني بكتابة ما يقرب من عشرين كتابًا في مجال اللغة، بعضها أحدث ثورة في هذا المجال وحقق شهرة عالمية، وأشهر هذه الكتب هو كتاب أندري مارتيني للنظرية الوظيفية، الذي اهتم بتطوير اللغة ومبادئها .
وظائف اللغة عند اندري مارتيني
تعد وظائف اللغة عند اندري مارتيني ، من أكثر خصائص اللغة البشرية انْتِشارًا ، فإن هذه الظاهرة تمكن من التعبير عن اللغة في خلال صورتين مختلفين ، وهما مستوى الوحدات غير الوظيفية (الصوتيات) التي لا معنى لها في حد ذاتها ، وتشكل معًا وحدات دلالية ، والتي تتكامل أيضًا في كلمة ، وهي مشكلة النطاق التي يمكن أن يحققها الاتصال اللغوي ، فوظائف اللغة عند اندري مارتيني ، والتي كانت مصدر قلق كبير للعلماء اللغويين ، وتم إبرازها كجودة هيكلية أساسية شاملة تتمثل في ظاهرة التعبير المزدوج .
أندري قدم محاضرات وكتب في علم اللسانيات، حيث يعتبر اللغة منتجا بشريا ووسيلة فعالة للتواصل بين الأفراد والجماعات. يدرك أن هناك تنوعا في اللغات من مجموعة إلى أخرى، لكنها جميعا تلتقي في وظيفتها الأساسية وهي التواصل. أولى أندري اهتماما كبيرا بمفهوم اللغة ووظائفها .
كما أنه أشار إلى وظائف أخرى ، فقد اعتبر اللغة مجرد دورا ثانويًا ، ثم أكد أنه لا توجد لغة هيكلية يستخدمها الإنسان ، لترجمة تجربته وواقعه ، ويسعى معها لتلبية احتياجات الاتصال دون تنمية للغة عبر الزمن ، ومن ثم يقترح مارتيني دراسة بنية تطوير اللغة ، وتحديث وظائفها ، وآليات عملها ، وكيفية نقل الخبرات ، والتجارب البشرية ، ثم قام بتحليل للغة البشرية الإنسانية بشكل عام .
وتم شرح مفصل للغة الإنسانية بكتبه ، ومحاضراته، فلها خاصية التعبير التي تسمح بتقسيم التسلسل اللغوي إلى وحدات ، وهذه الوحدات تتميز بالمحتوى الدليلي ، وكذلك بالمحتوى صوتي والذي تكون على شكل (المونيمات) ، و تتشكل تلك الوحدات أيضًا من وحدات محددة تسمى بالفونيمات ذات العدد المحدد في أي لغة ، لأنه يختلف في طبيعته على حسب كل موقف، وحسب كل لغة لأخرى .
أوضح أندري مارتيني أن اللغة الإنسانية تشكل تعبيرًا مزدوجًا أو متعدد الأبعاد، وأن أحد أهم أهدافها هو التواصل، ويمكن تقسيم اللغة إلى نوعين تمفصلين، وهما:
- يتألف التمفصل الأول من كلمة واحدة، ويُعد المونيمات، وتنقسم هذه المونيمات بدورها إلى التمفصل الثاني .
- التمفصل الثاني : اللغة تتكون من الفونيمات (الأصوات) والمورفيمات (المقاطع الصرفية)، ولكن لا يمكن تقسيم الصوتيات إلى وحدات لغوية أخرى؛ لأن الصوت هو أصغر وحدة فرعية غير قابلة للتجزئة، وبعد ذلك تنتهي الكلمة .
- عند جمع الفونيمات أو الصوتيات مع بعضها البعض، يتم تشكيل المونيمات التي تشكل الكلمات بعد ذلك، وعند جمع الكلمات معًا، يتم تشكيل الجمل .
- عندما نجمع الجمل معا، نقوم بتشكيل الفقرات والتسلسلات والمتواليات، وتلك الفقرات تشكل ما يعرف بتناسق وتماسك النص .
- ووفقا لعمليات التشكيل والاستبدال، التي تطلق على النص اسم اللغة، وبالتالي، أحد أهم الأهداف المهمة والحيوية هو وظيفة التواصل والاتصال .
يركز أندري نظرية اللسانيات على عملية التمفصل المزدوج ، فتعتبر حجر الأساس في هذه النظرية التي ركزت على الوصف للغة بطريقة واضحة ، تختلف عما كانت عليه في اللسانيات التقليدية ، حيث يعتمد على دارسة الوحدات المكونة للكلام ، وترابط هذه الوحدات بعضها ببعض خدمة لتتم عملية التواصل .
من أبرز عيوب هذه النظرية هو صعوبة تطبيقها على اللغات غير الفرنسية، وقد قام أندرو بتطبيقها بشكل أعمى، وأشار بعض اللسانيين إلى أن اللغة تستخدم بشكل واضح فقط .
وعلى الرغم مما يروه العلماء، والباحثون اللغويون أن اللغة شفافة ، تميل للوصوح التام ، وتؤدي وظيفة الاتصال الذي يحدث بين المتحدثين والمستمعين لهم ، إلا أن البعض الآخر من الوظيفون اللغويون يجدون أن اللغة ليست لغة اتصال بين الناس تتمتع بالشفافية ، والوضوح دائمًا، ولكنها لغة الغموض ببعض الأحيان ، وكذلك الإخفاء .
هذا يعني أنه الشخص يستطيع استخدام اللغة كنوع من التمويه الاجتماعي ، والتخفي للنوايا ، وما يضمر بداخل كل إنسان بداخله ، وغموض المقاصد ، والأغراض ، وقد يكون الغموض اللغوي ناتجًا عن عوامل عديدة منها السياسي ، والاقتصادي ، والديني ، والأخلاقي ، على سبيل المثال، تجار المخدرات لا يستخدمون أسماء المهربين بشكل مباشر لمن حولهم ، بل يستخدم رموزًا ، ودلائل بعيدة عن الحقيقة ليتم إخفائها .
فاللغة لا تقتصر على الشفافية وحدها، بل لها صور دلالية متعددة، وهذا ما يزيد من درجة الغموض والإيحاء في التواصل بين الأشخاص .
تطبيق نظرية أندري على اللغة العربية
من المستحيل تطبيق نظرية التمفصل المزدوج التي وضعها مارتنيي على اللغة العربية، بسبب الفروق الكبيرة بين اللغة العربية واللغات الأوروبية، وخاصة الفرنسية التي اعتمد عليها في دراستهلاله .
هناك أيضًا مشاكل متعددة في اللغة، مثل الإهمال الواضح للظواهر الموجودة في أنواع المونيمات سواء كانت مونيمات مستقلة أو معجمية أو غير ذلك .
لا يوجد ارتباط بين الوحدات الصوتية غير الوظيفية، وهذا يسبب مشكلة في التواصل .
يحاول أندري إيصال تجربته بطريقة تتجاهل أداء هذه الظواهر السابقة .
وبالنظر إلى المستوى الثاني من نظرية مارتيني للتمفصل المزدوج، يرى أن الفونيم هو أصغر وحدة لا تعمل لوحدها، ولكنها تحتوي على صورة صوتية، ومثال على ذلك في اللغة العربية هي الحركاتالإعرابية مثل الفتحة والضم والكسر التي تحدد موقع المونيمات وتميز الكلمة.
وهكذا فإن وظائف اللغة عند اندري مارتيني لا يمكن تطبيقها على اللغات الأخرى ، خاصة اللغة العربية لأنها ليست كباقي اللغات الأوربية ، فهي مميزة دائما كما أن للمتحدث العربي فصيحا باللغة ، وبليغا بالحديث له الحق في تقديم ، أو تأخير المونيمات حسب كل حالة ، بينما المتحدث الأوروبي الفرنسي على وجه الخصوص ملزم بمونيمات في صورة نظام معين لا ينحرف عنها .