وصف الطبيعة في الشعر العربي
دائماً ما يعبر الشعراء عما حولهم بالشعر، يعبرون عن الحزن بالشعر وعن الحب بالشعر وعن الوطنية والشجاعة بالشعر، كان دائمًا الشعراء العرب أو الشعراء الغير العرب يتغنون بالطبيعة الخلابة التي تحيط بهم، فمنهم من تغنى بالحقول الواسعة ومنهم نظم القصائد في الصحراء والجبال وغيرها من الأمور على حسب كل بلد وعلى حسب كل طبيعة.
مفهوم شعر الطبيعة
شعر الطبيعة يعتبر واحدا من أهم أنماط الشعر الأندلسي، ويطلق هذا الاسم عليه نظرا لأن الجمال الذي كان يميز الأندلس كان ركيزة أساسية يبني عليها الشعراء العديد من القصائد. وهذا ما جعله يتميز أكثر من غيره من أنواع الشعر، حيث تنوعت خصائص شعر الطبيعة فيما يتعلق بالجماليات المتنوعة التي يتمتع بها. فهو يحتوي على العديد من التعبيرات والأساليب اللغوية التي تمزج الشعر مع الطبيعة الكونية، مما ينتج قصائد رائعة بمعنى الكلمة.
مدى تعلق الشعراء بالبيئة والطبيعة
يعكس شعراء الأندلس وبالتحديد الشعراء الأندلسيون علاقتهم مع الطبيعة، ويظهر تفضيلهم لها على غيرها من البيئات المختلفة. يتضح ذلك بوضوح من خلال الارتباط الوثيق الذي يجمع بين الشعراء والطبيعة. وهذا التواصل أدى إلى امتزاج قصائدهم مع الطبيعة، حيث يخاطب الشعراء الطبيعة كما يخاطب الإنسان إنسانا، ويتبادلون الحديث معها في فرحهم وضيقهم، وينقلون إليها كل مشاعرهم، حتى تشاركهم أحزانهم وأفراحهم.
وصف مظاهر الطبيعة بالشعر
شعراء الطبيعة وصفوا مظاهر الطبيعة المحيطة بهم وحتى المشاهد غير الطبيعية، حيث وصفوا الأنهار والبحار والحقول الخضراء والحدائق والجبال والنجوم والسماء والقمر، بالإضافة إلى ذلك، وصفوا العمارة المدهشة مثل المساجد والبرك والقصور والقلاع والأحواض وغيرها من المباني التي صنعها الأندلسيون.
بنظمهم الشعر في الأقاليم والبلدان المعروفة بجمالها الخاص، مثل ابن زيدون الذي تغنى بقرطبة وأزهارها وحدائقها وجمالها، فقد أبدعوا في ذلك عن باقي بلدان وأقاليم الأندلس.
أمثلة عن شعر الطبيعة
تضم الشعر العربي العديد من القصائد التي تتحدث عن الطبيعة، ويمكننا رؤية ما قاله بعض الشعراء عنها:
-قال الشاعر إيليا أبو ماضي في قصيدة له عن الطبيعة:
رَوضٌ إِذا زُرتَهُ كَئيبا نَفَّسَ عَن قَلبِكَ الكُروبا
يُعيدُ قَلبَ الخَلِيِّ مُغراً وَيُنسِيَ العاشِقُ الحَبيبا
عندما يمطر الغيم، تفتح زهرة الجيوبا وتبرز من بين الحزن
تَلقى لَدَيهِ الصَفا ضُروباً وَلَستَ تَلقى لَهُ ضَريبا
وَشاهَ قَطرُ النَدى فَأَضحى رِدائُهُ مَعلَــــماً قَشيبا
فَمِن غُصونٍ تَميسُ تيهاً وَمِن زُهورٍ تَضَوَّعُ طيبـا
ومن الطيور التي إذا غنت عاد المعنى بها طائرًا
وَنَرجِسٍ كَالرَقيبِ يَرنو وَلَيسَ ما يَقتَضي رَقيـبـا
وَأُقحُـــــوانٍ يُريكَ دُرّاً وَجُلَّنـــارٍ حَكى اللهيبا
وَجَدوَلٍ لا يَزالُ يَجري كَأَنَّــهُ يَقتَــــــفي مُريـبـا
تسمع له صوت تدفق وأحيانا في الأعشاب ينبت
إذا ترامى على جدّيبٍ، فسيصبح مربّعًا خصيبًا
أو يكون له تأثير سلبي على خصوبة الذكور بشكل كبير
صَحَّ فَلَو جائَهُ عَلـــــــيلٌ لَم يَأتِ مِن بَعدِهِ طَبيــبا
وكل معنى جميل يعلم الشاعر نسيبه
أَرضٌ إِذا زارَهـــا غَريبٌ أَصبَحَ عَن أَرضِهِ غَريـــبا
-نظم أحمد شوقي في الطبيعة قصيدة وسماها (تلك الطبيعة)، ويقول فيها:
هذه الطبيعة الرائعة توقفنا يا ساري لأريك جمال خلق الله
الأرض والسماء اهتزتا لروائع الآيات والآثار
تعد كل كلمة من كلام الله يتلى على أنها مريم تتحدث
أشارت إلى ملك الملوك دون ترك مجال لأدلة الفقهاء والأحبار
من يشك فيه، يكفيه نظرة في أعماله تمحو آفة الشك والإنكار
تم كشف الغطاء عن الطرول، وأضاءت الطبيعة بدون أي حجب
شبهتها بلقيس على سريرها في النظرة والمواكب والجواري
أو بابن داود واسع ملكه وفيه معالم للعز الكبير
تُعد هوجُ الرياحِ خَواشعًا في بابهِ، والطَيرُ فيهِ يعكس نواكـــــــسَ المنقارِ