وصف الطبيعة في الشعر الاندلسي
عند البحث والتنقيب في الشعر العربي الأندلسي، ستجد أن الطبيعة الخلابة التي عاشها الشعراء حينئذ كان لها أثر بالغ الأهمية على الكثير من الشعراء، وجعلتهم يتفاعلون معها في العديد من الأبيات الشعرية التي قاموا بإلقائها؛ ومن هنا، أشار بعض الأدباء إلى أن الشعر الأندلسي ساهم في إنتاج نوع جديد من الشعر، وهو الشعر الخاص بالوصف، وتحديدا وصف الطبيعة؛ خصوصا أن الشعر الأندلسي الذي تناول وصف الطبيعة عند عرب الأندلس كان مختلفا تماما عن طبيعة الأبيات الشعرية التي كان يلقيها أقرانهم في المشرق العربي .
خصائص الشعر الأندلسي
كما كان الشعر الفن الرئيسي في الحضارة العربية، كان أيضا منتشرا بشكل كبير في الأندلس. الشعر الأندلسي كان له طبيعة خاصة بسبب المناظر الجغرافية والأجواء العليلة في البلاد، مما أثر بشكل كبير على شخصية الشعراء. وبالتالي، نجد أن المصطلحات والألفاظ المستخدمة في الشعر الأندلسي كانت لينة تماما وتحمل تأثيرات نسمات الهواء العليلة في الأندلس. ومن أبرز سمات الشعر الأندلسي أيضا الحنين والشوق إلى الشرق العربي والأهل والمحبوبة. ومن بين أبرز شعراء الأندلس: ابن خفاجة، ابن زيدون، عبد الرحمن الداخل، وغيرهم .
وصف الطبيعة الجميلة لابن خفاجة
تتميز بلاد الأندلس بالعديد من المظاهر الطبيعية الجميلة، وقد وصفها العديد من الشعراء بما فيهم ابن خفاجة، حيث وصف جمال الطبيعة في أشعاره
-يا اهل اندلس لله دركم
-ماء وظل وانهار واشجار
-لا تخشوا بعدها ان تدخلوا سقرا
-فليس تدخل بعد الجنة النار
الطبيعة في شعر ابن زيدون
كان ابن زيدون واحدًا من أبرز شعراء الأندلس ، واسمه بالكامل هو : (أبو الوليد أحمد بن عبدالله بن زيدون المخزومي)، وقد ولد ابن زيدون في قرطبة عام 394 هـ وتُوفي عام 463 هـ ، وكان دائمًا ما يمزج بين جمال الطبيعة والحب والمعاني الجميلة وكان دائم الذكر للمرأة التي أحبها وهي ولادة بنت المستكفي ، ومن أبرز أشعار ابن زيدون عن الطبيعة والشوق للمحبوبة ، ما يلي :
-إِنّي ذَكَرتُكِ بِازَهراءَ مُشتاقاً
-وَالأُفقُ طَلقٌ وَمَرأى الأَرضِ قَد راقا
-وَلِلنَسيمِ اِعتِلالٌ في أَصائِلِهِ
-كَأَنَّهُ رَقَّ لي فَاعتَلَّ إِشفاقا
-وَالرَوضُ عَن مائِهِ الفِضِيِّ مُبتَسِمٌ
-كَما شَقَقتَ عَنِ اللَبّاتِ أَطواقا
-يَومٌ كَأَيّامِ لَذّاتٍ لَنا انصَرَمَت
-بِتنا لَها حينَ نامَ الدَهرُ سُرّاقا
-نَلهو بِما يَستَميلُ العَينَ مِن زَهَرٍ
-جالَ النَدى فيهِ حَتّى مالَ أَعناقا
-كَأَنَّ أَعيُنَهُ إِذ عايَنَت أَرَقي
-بَكَت لِما بي فَجالَ الدَمعُ رَقراقا
وصف الطبيعة للشاعر عبدالملك بن جمهور
كانت بلاد الأندلس مليئة بالأشجار والمزروعات والأزهار الجميلة، وقد انعكس جمال تلك الزهور على جمال أبيات الشعر الأندلسي، حيث كان بعض الشعراء مثل عبد الملك بن جمهور يصفون أجمل الزهور مثل الياسمين والنرجس والريحان والنيلوفر وغيرها
-قد بعثنا اليك بالنرجس الغض
-حكى لون عاشــق معمود
-فيه ريح الحبيب عند التلاقي
-واصفرار المحب عند الصدود
شعر الأندلس في الطبيعة والمدح
امتد تأثير الطبيعة الساحرة في بلاد الأندلس ليشمل الربط بين جمال الطبيعة ومدح بعض الأمراء والحكام، ومن أبرز الأمثلة على ذلك الأبيات الشعرية التي قالها الشاعر ابن هانئ في مدح المعز الفاطمي
-وما تطلع الدنيا شموساً تريكها
-ولا للرياض الزهر أيد حوائك
-ولكنما ضاحكتنا عن محاسن
-جلتهن أيام المعز الضواحك