هل يجوز للمرأة أن تذبح الأضحية ؟.. فتوى إبن باز
الأضحية في الإسلام
مع اقتراب عيد الأضحى المبارك كل عام، يتجدد الاستفسار والاهتمام بالقضايا الفقهية والصيام والذبائح بين المسلمين، ويتم البحث عن آراء العلماء والفقهاء في كل مسألة لضمان صحة العبادات والتأكد من فهمها، فالأضحية شعيرة مهمة في الإسلام منذ عهد إبراهيم عليه السلام
هل يجوز للمرأة أن تذبح الأضحية عند إبن باز
تعتبر الأضحية إحدى شعائر الإسلام التي تؤدي في شهر ذي الحجة، وسنتناولها لاحقا بالتفصيل. ولكن للأضحية أحكام خاصة، ونظرا لذلك، قد يتساءل بعض النساء عما إذا كان يجوز للمرأة أن تقوم بالذبح أو التضحية. ومن بين العلماء الذين أبدوا آراء حول هذا الموضوع هو الشيخ ابن باز، وسنستعرض رأيه في السطور القادمة
يرى الشيخ ابن باز أن ذبيحة المرأة جائزة إذا كانت قادرة على القيام بها بشكل جيد مثل الرجل، ورخص النبي صلى الله عليه وسلم للمرأة في الذبح والتضحية، كما أنها مأمورة بأكل لحوم المضحية إذا فعلت ذلك بشكل حسن، فلا فرق بين الرجل والمرأة في هذا الأمر
والاستدلال بالآيات الكريمة، هي دليل الشيخ ابن باز على جواز، أن تضحي المرأة وهذه الآية هي ( إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ )، [الكوثر:1-2]، والمعنى هنا ليس مخصوص، المعنى كان للنبي صلى الله عليه وسلم حيث كان ينحر، وكذلك أيضاً كان الصحابة ينحروا، كما أن كل مسلم له أن ينحر والنحرهو معناه الذبح، ليشمل المعنى الرجال والنساء.
فالرجال تذبح، وكذلك المرأة إذا كان كل شخص مسلم يستطيع الإحسان في الذبح، أما الذي لا يستطيع الإحسان في الذبح سواء كان هذا الشخص رجلا أو امرأة، ومن لا يؤمر بالذبح يمكن له أن يلتمس هذا الأمر في غيره
تعني الأضحية ما يتم ذبحه من بهائم الأنعام مثل الإبل والبقر والغنم، والغرض منها هو التقرب إلى الله سبحانه وتعالى، وذلك بدءًا من يوم العيد وحتى آخر أيام التشريق وفقًا لشروط محددة
- عدم الإشراك في النية بالذبح لغير الله، أو ما يمكن أن يزكى أو يمكن تقديمه سوى لغرض واحد وهو التقرب إلى الله، كما أن من جزاء التمتع أو القراءة في النسك، أو من جزاء ترك واجب أو فعل محظور في النسك، أو إذا كان بغرض أو هدف الهدي.
- الإخلاص في العمل والتضحية لله وحده.
- الالتزام بشروط الأضحية وعمرها.
- الالتزام بوقت الأضحية الصحيح.
أما عن أمر مشروعية الأضحية، فقد شرعت الأضحية في السنة الثانية من هجرة النبي، وهي ذاتها نفس السنة التي شرعت فيها صلاة العيدين وشرعت فيها أيضاً زكاة المال، وأدلة مشروعية الأضحية، سواء كان ذلك في الكتاب والسنة سواء كانت السنة قولية أو سنة فعلية، كما انعقد الإجماع على هذا الأمر.
بالنسبة لما ورد عن الأضحية في الكتاب، فهناك قول الله سبحانه وتعالى: ﴿فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ﴾ [الكوثر: 2]، وكَانَ النَّبِي صلى اللهُ عليه وآله وسلم يصلِّي ثمَ ينحر وتلك هي السنة الفعلية، وأيضاً ثبت أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يضحي، كما أنه كان يقوم بذبح الأضحية بنفسه، صلى الله عليه وسلم، وأما عن ذلك فقد روى أنس بن مالك رضي “ضَحَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ بِكَبْشَيْنِ أَمْلَحَيْنِ أَقْرَنَيْنِ، ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ، وَسَمَّى وَكَبَّرَ، وَوَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى صِفَاحِهِمَا” متفق عليه.
هناك أيضا رواية أخرى عن حديث يتعلق بالسيدة عائشة رضي الله عنها، حيث أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بتقديم كبش مزدوج القرون يمشي في الظلام ويتشرف في الظلام وينظر في الظلام، وتم إحضاره للذبح، فقال لها: “يا عائشة، اقتربي واطلبي الحجر”، ففعلت ذلك، ثم أخذت السكين وأخذ الكبش ووضعه على الأرض، ثم ذبحه، ثم قال: “باسم الله، اللهم قبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد”، ثم قام بتقديمه كقربان، وهذا الحديث رواه مسلم.
وأيضا من السنة النبوية القولية، فمن الأحاديث الواردة، عن البراء رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «إِنَّ أَوَّلَ مَا نَبْدَأُ بِهِ فِي يَوْمِنَا هَذَا أَنْ نُصَلِّيَ، ثُمَّ نَرْجِعَ فَنَنْحَرَ، مَنْ فَعَلَهُ فَقَدْ أَصَابَ سُنَّتَنَا، وَمَنْ ذَبَحَ قَبْلُ فَإِنَّمَا هُوَ لَحْمٌ قَدَّمَهُ لِأَهْلِهِ، لَيْسَ مِنَ النُّسُكِ فِي شَيْءٍ» رواه الشيخان.
هل يجوز للمرأة أن تذبح في المذهب المالكي
فيما يتعلق بقول المذهب المالكي بجواز ذبح المرأة، فقد قال الإمام مالك بأن الأضحية سنة وليست فرضًا أو سنة واجبة، كما أنه لا يحب لمن يستطيع دفع ثمن الأضحية أن يترك الأضحية ولا يضحي بها، وقد ذكر ذلك في كتابه الموطأ.
وقد استدل الإمام على عدم وجوبها وعلى كونها سنة، الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم من حديث أم سلمة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك من شعره وأظفاره“، فقول النبي صلى الله عليه وسلم : “أراد أن يضحي” هو الدليل على أن الأضحية غير واجبة.
بالنسبة للشخص الذي يستطيع أن يضحي ولم يفعل ذلك، فإن فعله هذا يعتبر مذمومًا، وقد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: `من وجد سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا`، وذلك حديث أبي هريرة الذي أخرجه ابن ماجه.
فيما يتعلق بمسألة الأضحية للمرأة، فإن كل شخص مسلم حر، سواء كان رجلًا أو امرأة، يجب عليه إذا كان مطالبًا بتقديم الأضحية أن يؤديها، سواء كان المرء مقيمًا أو مسافرًا، وسواء كان صغيرًا أو كبيرًا، باستثناء الشخص الذي يحرم عليه أداء الأضحية في يوم العيد بسبب حجه.
تعتبر الأضحية سنة مهمة لليتيم، سواء كان ذكرًا أم أنثى، ولا يوجد فرق في ذلك طالما يمتلك المال الكافي لشراء الأضحية، ويقوم وليه بإجراء ذلك عنه.
هل يجوز للمرأة أن تذبح وهي حائض
في هذا الأمر، المرأة مثل الرجل فيما يتعلق بأحكام الذبح، إذ أن المرأة الحائضة مثل غير الحائضة في هذا الأمر. فإذا أرادت المرأة أن تذبح وكانت حائضة، واستوفت الشروط المعتبرة للأضحية، والمعروفة فيما يتعلق بالذبح، فإن الذبيحة هنا حلال بلا شك، ولا يجب أو يشترط أن تكون المرأة طاهرة من الحيض حتى يتم قبول ذبيحتها.
يؤكد ذلك ما أورد من رواية البخاري عن كعب بن مالك حيث كان لديه جارية ترعى الغنم، ورأت شاة تقترب من الموت فذبحتها، ثم قالت لأهلها عدم تناول اللحم حتى يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ويسأله، فحضر النبي وأمر بأكلها دون إثم.
يسمح للمرأة بذبح الأضحية بحسب جمهور الفقهاء، ويرى جمهور الفقهاء بما في ذلك الحافظ ابن حجر والشافعي، أنه لا مانع من أن تذبح المرأة وتضحي، ولا يوجد أي مشكلة في ذلك.