هل يجوز تقطيع صيام القضاء ؟ ” لـ ابن باز
قضاء الصيام
اتفق علماء الإسلام على أن قضاء المسلم لصيام الأيام التي أفطرها خلال شهر رمضان واجب. وينطبق ذلك في الحالات التي تكون فيها الإفطار لعذر شرعي مثل الحيض أو المرض أو السفر، وأيضا في حالات الإفطار لأسباب غير شرعية. في هذه الحالات، يجب على المسلم أن يقضي الصيام مع وجود الذنب عليه، وينصح بتسريع القضاء بعد انتهاء شهر رمضان لأن ذلك يساعد على تطهير النفس والتخلص من الذنوب.
يجب أن يبدأ القضاء بعد انتهاء شهر رمضان، ولكن إذا تأخر القضاء حتى دخول الشهر القادم، اتفق العلماء على أنه يجب القضاء مع دفع الفدية. بينما يعتقد المذهب الشافعي أنه يجب تكرار دفع الفدية مع تكرار الأعوام، إلا أن المذهب الحنفي يخالف هذا الرأي، حيث يعتقدون أن تأخير القضاء في الشهر القادم لا يتطلب دفع الفدية، وفي هذه الحالة الوحيدة يكفي القضاء، والله أعلم.
حكم قطع صيام القضاء
الحكم الشرعي لقضاء الصوم يقتضي على كل مسلم ومسلمة الصيام، سواء كان الإفطار بعذر شرعي أو غير شرعي، ولا يجوز قطع الصوم في القضاء؛ لأنها من الفرائض التي أمر بها الله تعالى لعباده، ويجب إكمال الصوم، خاصة إذا كان القضاء عن فريضة مثل صوم النذر أو رمضان.
وهو ما قد اتفق عليه الفقهاء، حيث إن من بدأ بفرض عليه أن يقوم بإكماله وإتمامه، ومن غير الجائز به أن يفطر إلا من كان به علة، مثل الحدث أو السفر أو المرض، ولكن الواجب أن يتم إكمال الصوم وإتمامه، ولا يفطر غير من كان به علة تبيح الفطر وفيما يتعلق بوجوب التتابع في صوم القضاء فإنه غير لازم وإن كان التتابع أفضل.
توجد بعض الأحكام المتعلقة بصوم القضاء التي قد لا يعرفها الكثيرون من المسلمين، ويمكن أن يؤثر ذلك على صحة صومهم ويؤدي إلى ارتكاب بعض الأخطاء الشرعية نتيجة الجهل ببعض الأمور الهامة في الدين وأركان الإسلام الخمسة، وتتعلق هذه الأحكام بالصوم وتشمل ما يلي:
حكم من لا يحصي عدد الأيام التي أفطرها في رمضان
قد ينسى المسلم عدد أيام الصيام في شهر رمضان، مما يؤدي إلى عدم الوعي بعدد الأيام التي يجب عليه قضاؤها. وهذا الإهمال والتقصير يجب أن يتوب عنه المسلم، خاصة إذا كان الإفطار بدون عذر شرعي أو مقبول. لذلك، يجب الندم والتوبة عن هذا الاستسهال في حكم الله وأمره، والتصميم على عدم العودة إلى هذا الخطيئة مرة أخرى. وقد قال الله تعالى في ذلك (وتوبوا إلى الله جميعا أيها المؤمنون لعلكم تفلحون)، [سورة النور: 31].
ويجب الوقوف مع النفس لمحاولة تقدير عدد الأيام التي تم إفطارها، فإن كانت عشرة فيتم قضاء عشرة أيام وإن كان أكثر أو أقل فهو كذلك، حيث قال تعالى في كتابه الكريم (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ)، [التغابن: 16]، وفي حالة المقدرة يتم إطعام مسكين عن كل يوم، حتى وإن تم صرفه جميعه لمسكين واحد، ومن كان غير قادر على ذلك عليه التوبة والصوم، ويكون الإطعام الواجب نصف صاع من قوت البلد عن كل يوم، ومقداره كيلو ونصف.
هل يجوز أن اقطع صيام القضاء
عَن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (قَضَاءُ رَمَضَانَ إنْ شَاءَ فَرَّقَ، وَإِنْ شَاءَ تَابَعَ)، والدليل على ذلك قول الله تعالى في كتابه الكريم (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)، [البقرة:184]، وقد قال البخاري عن ابن عباس (لَا بَأْسَ أَنْ يُفَرَّقَ).
وقد ورد عن أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها أنها قالت نَزَلَتْ: (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ مُتَتَابِعَاتٍ)، فَسَقَطَتْ: مُتَتَابِعَاتٍ، كما ورد عن السيدة عائشة رضي الله عنها أنها قالت “كَانَ يَكُونُ عَلَيَّ الصَّوْمُ مِنْ رَمَضَانَ، فَمَا أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْضِيَ إلَّا فِي شَعْبَانَ؛ وَذَلِكَ لِمَكَانِ رَسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم)، وعلى ذلك فإن عدم التتابع في قضاء الصوم هو جائز ولا إثم على صاحبه.
حكم من مات وعليه صوم قضاء
قد يحدث أن يتوفى شخص قبل أن يتم قضاء ما عليه من أيام صوم، وقد ورد في ذلك الشأن أن ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال أن الرسول صلى الله عليه وسلم (مَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ صِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ فَلْيُطْعِمْ عَنْهُ مَكَانَ كُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا)، كما ذكر عن ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: “إذَا مَرِضَ الرَّجُلُ فِي رَمَضَانَ ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَصُمْ أُطْعِمَ عَنْهُ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ قَضَاءٌ، وَإِنْ نَذَرَ قَضَى عَنْهُ وَلِيُّهُ”.
حكم تأخير قضاء رمضان للنفاس والمرض
قد تتأخر المرأة في قضاء أيام صوم رمضان إذا كانت في فترة النفاس أو مريضة، وإذا كانت الأسباب لهذا التأخير هي أسباب شرعية مثل الحمل والولادة والمرض، فلا مشكلة في ذلك ولا يلزم الكفارة، وعليها فقط قضاء الصوم، أما إذا كان التأخير بدون سبب شرعي فإنه يتطلب الكفارة بإطعام مسكين عن كل يوم، ويقدر الإطعام بكمية كيلو ونصف لكل يوم، أي نصف صاع.
هل يجوز قطع صيام القضاء للجماع
يجب على جميع المسلمين صيام شهر رمضان، وفي حالة حمل المرأة يتعين عليها الصيام إلا إذا كان الصيام يشكل خطرا على الجنين، في هذه الحالة يجوز لها الفطر، وإذا بدأ الرجل وزوجته الصيام معا وأخطأ أحدهما في الصيام، يجب على الزوجة إعادة اليوم الذي أخطأت فيه ويجب عليها القضاء على هذا اليوم، وليس عليها دفع الكفارة، أما من أفطر بسبب الجماع في رمضان فعليه دفع الكفارة، وليس عليهم قضاء اليوم الذي أخطأوا فيه.
حكم قطع نية صيام القضاء
مسألة النية للصيام ليست صعبة أو مرهقة للشخص، بل هي سهلة. يجب على كل من يعتزم الصيام في اليوم التالي أن ينوي ذلك قبل آذان الفجر. ومن يفعل ذلك وينوي الصيام لأيام شهر رمضان، يجب عليه الاستمرار في الصيام، ما لم يحدث شيء يبطل هذه النية، مثل تناول الطعام والشراب أو حدوث دورة الحيض لدى المرأة. يجب إعادة قضاء الصيام في ذلك اليوم، والله تعالى أعلم.