هل يتخلى الخليجيون عن ربط عملاتهم بالدولار ؟
تؤكد وكالة التصنيف الائتماني (فيتش) أن تراجع أسعار النفط وارتفاع قيمة الدولار يؤثران على ربط عملات دول الخليج بالدولار الأمريكي، ولكنها تستبعد إلغاء هذه السياسة من قبل دول الخليج.
أفاد بول جامبل، المدير في وكالة فيتش، يوم الثلاثاء 22 سبتمبر، بأن هناك ضغوطًا لربط أسعار الصرف في المنطقة، ولكنه لا يتوقع أي تغيير في هذا الربط. وأشار إلى أن إلغاء ربط العملات إذا ما حدث سيكون قرارًا سياسيًا وليس اقتصاديًا.
مصدري البترول في دول الخليج العربي مثل المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة يعملون على ربط عملاتهم بالدولار وفقا لترتيبات متبعة منذ فترة طويلة كانت منطقية عندما كانت أسعار المواد الأولية مرتفعة والدولار ضعيفا. ويضيف جامبل أن ربط أسعار الصرف هو أحد العوامل الرئيسية والركيزة الأساسية لهذه الاقتصادات، ويتم تعزيزه بوجود احتياطيات ضخمة.
ومن منطلق آخر، فإن الضغوط التي تؤثر على ربط أسعار عملات المصدرين بالنفط في الخليج لا تقتصر على ذلك فحسب، حيث قامت كازاخستان بوقف ربط عملتها بالدولار في شهر أغسطس الماضي، في الوقت الذي خفضت فيه نيجيريا قيمة عملتها مرتين بشكل واضح خلال السنة الأخيرة، وقد تقوم بتخفيض قيمتها مرة أخرى.
تربط السعودية سعر الريال بثبات عند 3.75 ريال للدولار الواحد، وهي أكبر منتج للنفط في منظمة أوبك، بينما تحدد الإمارات سعر الدرهم عند 3.6725 منذ عام 1997.
لكن العقود المستخدمة لتعريف اتجاه المراهنات على سعر الصرف تبين أن العملات الخليجية تتعرض لضغوطات متنامية، فقد تم تسجيل عقود الدولار مقابل الريال لأجل عام واحد أعلى مستوى لها في 12 عاما في أغسطس ، لكنها مازالت تعتبر أقل بكثير من المستويات المرتفعة المسجلة في أوائل 1999 حين كانت أسعار النفط تقارب معدل العشرة دولارات للبرميل الواحد.
و أضاف جامبل أن الوكالة رأت ما هو أسوء بكثير، مؤكدا على أن احتياطات العملة الصعبة التي جمعتها الحكومات عندما كانت أسعار البترول مرتفعة ستتآكل بالتأكيد، كما أن البنوك المركزية لا تمتلك الإمكانات اللازمة و أنها غير مستعدة للانتقال إلى نظام لسعر الصرف مغاير عن الربط، حسب رأيه.
تم تصنيف المملكة العربية السعودية في وكالة فيتش عند مستوى “AA”، ولكن تم تغيير نظرتها المستقبلية إلى سلبية في أواخر شهر أغسطس بسبب تراجع أسعار البترول وارتفاع مستويات الإنفاق.
تم نشر معلومات في نهاية أغسطس من العام الحالي تفيد بأن السعودية تقوم بسحب احتياطياتها لتغطية العجز، ولكن تراجع هذا السحب تباطأ في شهر يوليو منذ بداية إصدار سندات محلية لتغطية جزء من عجز الميزانية من قبل الحكومة. وأشارت وكالة التصنيف “فيتش” إلى أنه من المتوقع حدوث تراجع في الوضع المالي للمملكة، نتيجة تراجع أسعار البترول واستمرار الإنفاق الحكومي، مما سيؤدي إلى زيادة عجز الميزانية إلى 14.4% من الناتج المحلي الإجمالي في العام الحالي.
و من المتوقع حسب “فيتش” أن يؤدي تمويل العجز إلى تآكل الاحتياطيات الكبيرة للمملكة و التي تعتبر الداعم الأساسي لتصنيفها الائتماني .و في نفس الوقت أكدت “فيتش” على أن نسبة العجز هذه من المتوقع انخفاضها في سنتي 2016 و 2017، و ذلك مع التوقع بأن تنخفض النفقات الرأسمالية للمملكة، بجانب غياب النفقات الاستثنائية التي كانت خلال 2015، علاوة على انتعاش تدريجي في أسعار النفط.
أشارت وكالة فيتش إلى إعلان المملكة العربية السعودية عن إصدار السندات للمرة الأولى منذ عام 2007، وتوقعت وزارة المالية إصدار الكثير من السندات، وتتوقع وكالة فيتش استمرار عملية إصدار السندات حتى عام 2017.
تشير الوكالة إلى إمكانية حدوث عجز في الحساب الجاري للمملكة، وهو الأمر الذي لم يحدث منذ عام 1998، وذلك بسبب انخفاض أسعار النفط، ولكن يتوقع أن يحقق الحساب الحالي فائضًا في عام 2016.
تتفق توقعات `فيتش` مع توقعات مؤسسة النقد العربي السعودي `ساما` السابقة بأن يسجل الحساب الجاري السعودي عجزًا في عام 2015 يبلغ 1٪ من الناتج المحلي الإجمالي، وذلك لأنه حقق فوائض لخمسة عشر عامًا متتالية.