اسلاميات

هل من واجبات الزوجة الطبخ والتنظيف شرعاً

الزواج في الإسلام

إن الزواج هو سنة من سنن الحياة عند البشر، وهو الوسيلة الأساسية للاستمرارية الجنسية للإنسان. وفي الإسلام، يتم الزواج بعقد شرعي يجمع بين الرجل والمرأة، ويجب أن يشهد عليه شهود وأن يتم إعلانه. والزواج هو سنة تمارسها الرسل والأنبياء، وقد أرسل الله رسلا من قبل وجعل لهم أزواجا وذرية. وشرع الله الزواج لتلبية الغريزة الفطرية للإنسان. وفي الحياة الزوجية، يجب على الزوجين القيام بواجباتهما تجاه بعضهما البعض، حيث تتضمن واجبات الزوجة تجاه زوجها وواجبات الرجل تجاه زوجته. وسيتم شرح هل من واجبات المرأة أن تقوم بالأعمال المنزلية في هذا المقال.

هل الأعمال المنزلية واجبة على الزوجة شرعاً

نسمع الكثير من حوادث الطلاق في الأسر وضرب الزوج لزوجته بسبب أمور صغيرة مثل عدم طبخ الغداء أو تأخيره أو عدم ترتيب المنزل وغيرها. وعندما يتم سؤالهم عن سبب هذا التصرف، يقولون إن الزوجة أهملت واجباتها الشرعية. لكن السؤال هو: ما هي واجبات الزوجة تجاه زوجها من الناحية الشرعية؟ هل يجب عليها الطبخ وأعمال المنزل شرعا؟ بعض العلماء قالوا إنها ليست ملزمة بذلك، لكن لها حرية اختيار الالتزام بها أو عدمها. ولكن ينبغي أن نوضح النقطة التالية:

  • هناك اختلاف في الرأي بين الفقهاء حول وجوب خدمة الزوجة لزوجها، فهناك من يرى أنها غير ملزمة بهذا الشأن وآخرون يرونها واجبة .
  • أفادت الموسوعة الفقهية الكويتية بأنه لا يوجد خلاف بين الفقهاء بأنه يجوز للزوجة خدمة زوجها في المنزل سواء كانت تخدم نفسها أولاً أو لا.
  • يختلف العلماء في وجوب خدمة الزوج للزوجة، حيث يرون العلماء من المذهب الشافعي والحنبلي وبعض المالكية أن خدمة الزوج ليست مفروضةعلى الزوجة، ولكن الأفضل لها أن تتبع العادة المتبعة في ذلك.
  • وإن علماء المذهب الحنفي قد صرحوا بوجوب خدمة المرأة لزوجها ديانة لا قضاء، حيث أن نبينا الكريم عليه الصلاة والسلام قد قام بتقسيم الأعمال بين علي وفاطمة رضي الله عنهما، فكانت الأعمال الداخلية هي لفاطمة أما الأعمال خارج المنزل كانت لعلي، ولهذا عند علماء المذهب الحنفي لا يجوز للزوجة أن تأخذ أجراً مقابل خدمتها لزوجها.
  • أما جمهور المالكية وأبو ثور بالإضافة إلى أبو بكر بن أبي شيبة وأبو إسحاق الجوزجاني، فقد توصلوا إلى أن المرأة ينبغي أن تخدم زوجها في الأعمال الباطنة التي غالبا ما تقوم بها الزوجة. استندوا في ذلك إلى قصة سيدنا علي وفاطمة رضي الله عنهما، بالإضافة إلى حديث نبينا عليه الصلاة والسلام الذي يقول: `لو أمرت أحدا بأن يسجد لآخر، لأمرت المرأة بأن تسجد لزوجها، ولو أمر رجلا امرأته بنقلها من جبل أحمر إلى جبل أسود، ومن جبل أسود إلى جبل أحمر، فإن حقها في ذلك أن تفعله`. ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر نساءه بخدمته، فقد قال: `يا عائشة، أطعمينا`، وقال: `يا عائشة، هلمي بالمدية واشحذيها بحج`.
  • وإن في بيان مذهب المالكية السابق جاء فيها  ” إلا أن تكون من أشراف الناس فلا تجب عليها الخدمة ، إلا أن يكون زوجها فقير الحال “، حيث أن القول يؤكد أن خدمة المرأة لازمة إذا جرت العادة به وفي حال أنها تزوجت دون أن تشترط أن تترك هذه الخدمة، لأن قبولها بالزواج دون الاشتراط يعني أنها تقبل الخدمة، حيث أن المعروف عرفاً يكون كالمشروط شرطاً.
  • قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
    يجب على المرأة خدمة زوجها بالمعروف بما يتناسب مع وضعهما، فخدمة المرأة البدوية ليست كخدمة المرأة القروية، وخدمة المرأة القوية ليست كخدمة المرأة الضعيفة، وقد قال الجوزجاني وأبو بكر بن أبي شيبة ذلك من أصحابنا.
  • وقد جاء في الصحيحين: فاطمة رضي الله عنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو له ما تحمله في يديها من الجروح، وتسأله عن خادم فلم تجده. فأخبرت عائشة رضي الله عنها بذلك. وعندما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخبرته بما حدث. فقال علي: `ترقبا`. ثم جاءنا ووجدنا مضاجعنا. فقامنا لنستيقظ. فقال لنا: `اجلسوا في مكانكما`. ثم جاء وجلس بيننا حتى وجدت قدميه الباردتين على بطني. ثم قال: `ألا أدلكما على خير مما سألتما؟ إذا قمتما إلى مضاجعكما، فسبحا الله ثلاث وثلاثين مرة، وحمداه ثلاث وثلاثين مرة، وكبراه أربع وثلاثين مرة، فإن ذلك خير لكما من خادم`. فقال علي: `من ذلك الوقت، لم أدعها بعد ذلك حتى ليلة صفين`. قيل له: `ولا في ليلة صفين؟` قال: `ولا في ليلة صفين`.
  • وهناك جماعة من أهل العلم قد منعوا خدمته ومن منع وجوب الخدمة هم المالك والشافعي بالإضافة إلى أبو حنيفة  حيث أنهم صرحوا أن عقد النكاح هو يقتضي الاستمتاع ولا يقتضي الاستخدام وبذل المنافع، وقالوا أيضاً أن الأحاديث المذكورة هي دالة على أن هذا الأمر ليس وجوباً وإنما تطوعاً ومن باب مكارم الأخلاق.

يمكن استنتاج أن الأفضل هو واجب الخدمة وأن تكون بشكل حسن، وأن الزوجة ملزمة بأعمال البيت، وبنفس الطريقة يجب على الرجل القيام بأعماله خارج المنزل وسعيه لكسب رزقه. ومن يلتزم بقول العلماء الذين نفوا وجوب الخدمة، فلا يستطيعون أن يجبروا الزوج على علاج زوجته إذا مرضت، وتم تبرير ذلك بأن العلاج ليس ضرورة أساسية أو أن التكاليف تكون مقابلة للمنفعة، والعلاج هو للحفاظ على سلامة الجسم.

مساعدة الزوج لزوجته في أعمال المنزل شرعاً

إن هناك بعض الأزواج الذين يستكبرون ويرفضون رفضاً قاطعاً مساعدة زوجاتهم وخاصة في حالة مرض الزوجة، فالسؤال المطروح هنا أن احتساب الأجر في فعل الصدقات لكل مسلم وخاصة إذا كان للزوجة؟، وهنا سنتطرق إلى قصة أم سليم التي تبرز لنا خلق أبي طلحة مع زوجته حتى نتعلم منه، فهو كان حريص كل الحرص على أن يبقى مع زوجته أم سليم حتى يرعاها في اقتراب وقت وضعها مع أنه كان حريصاً كل الحرص على صحبة النبي صلى الله عليه وسلم في السفر والإقامة.

ونجد أن قدوتنا هو رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام وخاصة في تعامله مع أهل بيته فقد سئلت عائشة رضي الله عنها:” ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ فقالت: كان يكون في مهنة أهله -تعني: خدمة أهله- فإذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة”، وهنا نجد أن مساعدة الزوج لزوجته في الأعمال المنزلية لا يقلل من شأنه ولا كرامته وإنما العكس يزيد ذلك من احترام زوجته له وتقديراً وحبها له، فلا يوجد أحد أفضل من رسولنا الكريم الذي كان دائماً في مهنة أهله يساعدهم ويقوم على أمرهم، وإن مساعدة الزوج لزوجته هو من باب المحبة والمودة وتقوية العلاقة مع زوجته والروابط الأسرية.

هل يحق للزوجة أن تطلب خادمة

قال الكثير من الفقهاء إنه يتوجب على الزوج الغني أن يخدم زوجته، وخاصة إذا كانت الزوجة لا تناسبها خدمة نفسها، وهذا يأتي في إطار الاحترام المتبادل والعشرة المعروفة بين الزوجين. ويعتبر هذا الدور مسؤولية الراجل تجاه زوجته ويشبه في طبيعته النفقة المالية، واتفق العلماء أيضا على أن الخدمة الواجبة يجب أن تقدم للزوجة المريضة أو ذات الإعاقة التي لا تستطيع أن تخدم نفسها، وهي تحتاج إلى المساعدة.

ويوجد أيضا اختلاف في رأي الفقهاء بشأن وجوب توظيف الخادمة للمعسر الذي يستحق الخدمة في حالة الزوجة. اعترف العلماء من المذهب الحنفي والمالكي والحنبلي بأن التوظيف يكون واجبا على الزوج الميسر فقط، وليس واجبا على الزوج المعسر. وبناء على ذلك، يمكننا استنتاج أنه إذا كانت الزوجة عاجزة عن خدمة نفسها أو إذا كانت من النساء اللاتي لا يخدمن أنفسهن عادة وكان الزوج ميسرا، ففي هذه الحالة يجب توفير خادمة لها. أما إذا كانت الزوجة قادرة على الخدمة بدون إلحاق الضرر أو الإزعاج، فليس من الواجب على الزوج توظيف خادمة لها، حتى لو كان ميسرا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى