هل صلاة التراويح بدعة ؟ “
هل صلاة التراويح تعتبر بدعة
مع حلول شهر رمضان المبارك من كل عام، يتبادر إلى أذهان البعض سؤال واستفسار هام وهو هل صلاة التراويح بدعة؟ ويحتاج الأمر لتوضيح معنى البدعة، سواء في اللغة أو الاصطلاح، وكذلك توضيح صلاة التراويح ومكانها وزمانها، حتى يتسنى فهم حقيقة الأمر والحكم على صلاة التراويح
يعني المصطلح “البدعة” أن البدعة هي ابتكار شيء جديد في الدين بعد الاكتمال، وتعني في الاصطلاح الديني، وفقًا لقول الإمام الشاطبي، “طريقة مبتكرة في الدين تضاهي الشرعية، يستخدمها الناس للتقرب إلى الله تعالى.
أما صلاة التراويح فهي صلاة تصلى في رمضان، في الليل وهي سنة مؤكدة للجميع، زمانها رمضان، ومكانها أي مكان يصح فيه الصلاة، ووقتها من بعد صلاة العشاء وحتى اقتراب الفجر، وهي أيضاً قيام ليل رمضان، وهي جمع ترويحة والجمع هذا سبب تسميتها حيث أنها كانت تصلى وبين كل عدد من الركعات يرتاح المصلين.
يعتقد أهل السنة والجماعة أن صلاة التراويح ليست بدعة، وهذا هو رأي الفقهاء والعلماء والأئمة المعتبرين لدى المسلمين. صلاة التراويح هي صلاة صلى بها النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد مع أصحابه خلال أيام وليالي شهر رمضان المبارك قبل وفاته. واستمر صلاة التراويح لعدة أيام. عندما رأى الصحابة أن الناس يصطفون ويصلونها بشكل متزايد، خشي البعض أن يجعلها المسلمون فرضا نظرا لتعلقهم الشديد بتعليمات النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنها ليست فرضا وهي أمر يشق على هؤلاء الأخيار.
فخرج النبي صلى الله عليه وسلم وأخبر الصحابة رضوان الله عليهم أن يصلوا في بيوتهم، ولم يمنع أحد من القيام بها في المسجد، كل ما قام النبي صلى الله عليه أنه أرشد لكونها ليست صلاة مفروضة على عامة المسلمين، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يقوم ببدعة، ولا يترك صحابته رضي الله عنهم يقومون خلفه ببدعة، ولو حدث لكان النهي قاطع مانع شديد، وليس مجرد أرشاد ودليل لهم.
– صلى الله عليه وسلم كان يرشد أمته إلى كل ما فيه خير لهم ويوضح لهم الأحكام، ولم يترك شيئا مهما في الدين إلا وأرشد له. وكان يشرح دعاء الصائم وكذلك دعاء صلاة التراويح، حيث لم يغفل عنهما. بذلك، فصلاة التراويح هي إحدى الصلوات المسنونة عند المسلمين، وهي سنة صحيحة مؤكدة
أما من يعتبرها بدعة فهم أصحاب المذهب الشيعي، حيث يعتبرون صلاة عمر بن الخطاب وأمر جمع الناس فيها على إمام بدعة حسنة على حد قولهم، وكما تبين سابقاً فإن البدعة تكون كذلك حين يبتدعها فرد ويستحدثها، وهي لم تكن ذات أصل في الدين أو يغير فيها، مثلها مثل بعض التصرفات التي يقوم بها أصحاب العقائد والطوائف المخالفة لسنة النبي صلى الله عليه وليس فيها من الدين شيء.
لذلك، فإن صلاة التراويح هي من سنن النبي صلى الله عليه وسلم التي قام بها خلال حياته، ووافق عليها علماء الأمة الإسلامية وفقهاؤها.
متى شرعت صلاة التراويح
لا تُعتبر صلاة التراويح بدعة كما تم ذكرها سابقًا، فهي ليست ببدعة، وبالنسبة لتاريخ شرعية هذه الصلاة، فليس هناك تشريع بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا يعني أنها شرعت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، وكان يؤديها هو وأصحابه رضوان الله عليهم في المسجد خلال ليالي شهر رمضان المبارك.
تم تأسيس صلاة التراويح في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، كما ذكر في كتاب الموطأ للإمام مالك. وأكد الإمام مالك أنها صلاة مؤكدة، حيث صلى النبي صلى الله عليه وسلم فيها ثلاث ليال وصلي خلفه الناس. وعندما خشى أن يفرضها على الناس كفرض، أخبرهم أنه لم يصلها خشية أن يفرض عليهم. ومن المؤكد أن السنة التي بدأت فيها هذه الصلاة غير معروفة بشكل قاطع.
حكم صلاة التراويح
رغم اتفاق علماء الفقه والإسلام على جواز صلاة التراويح وأنها سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنهم يختلفون في درجة هذه السنة. وبالتالي، يأتي تفصيل قولهم فيها على عدة درجات
فيما يخص أصحاب المذهب الحنفي في قولهم في صلاة التراويح فهم يعتبرونها سنة ولكن سنة على الكفاية، والسنة على الكفاية هي التي يجب على البعض القيام بها حتى لا يأثم الجميع مثل ذلك معناه أن لو أدى بعض الناس سنة صلاة التراويح كان ذلك كفاية عن الباقين، أما لو لم يؤدها كل المسلمون فإنه أمر مكروه لترك عامة المسلمين سنة من سنن النبي صلى الله عليه وسلم.
وإذا لم تقام التراويح في المساجد جماعة لحقت الاساءة بالجميع ولو أن يؤديها وقتها الشخص في بيته، ويرى أصحاب المذهب الحنفي أن الصلوات جميعها، يمكن القيام بها في جماعة ، والصلاة في المساجد هي الأفضل، وبالأخص صلاة المعتبر بالرأي من الناس في العلم، مثل العلماء والفقهاء، لكونه لغيره مثل يحتذى به.
أصحاب المذهب المالكي فهم يرون أن صلاة التراويح في جماعة هي من الأمور المستحبة، وذلك لأن من وقت أن صلاها جماعة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ومن بعده صلى الخلفاء الراشدين أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ينكرها عليه أحد وبقيت هذه الصلاة، من بعد أن جمعهم عليها عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
والصلاة فرد لمن يخشى الرياء هي الأفضل له، أي يؤديها الشخص في بيته بين أهله جماعة، أو بمفرده، ولا يؤديها بالمساجد، على أن يكون قادراً على أدائها خير من صلاته في المسجد من جهة القدرة والنشاط، دون أن تكون صلاته في بيته سبب في عدم إقامة الناس لصلاة التراويح جماعة، كأن يكون إمام.
أم السادة أصحاب المذهب الشافعي فهم يرون أن صلاة التراويح في جماعة كما خشي النبي صلى الله عليه وسلم من فرضها عليهن، ولم ينهاهم عنها فهي سنة، وقد بنوا ذلك على ما حدث من جمع الناس خلف النبي للصلاة ليلتان أو اكثر يصلون وتوقف صلى الله عليه وسلم عن الخروج لهم والصلاة بهم خشية أن تصبح بعدها فرض عليهم، وجمعهم الصحابي عمر بن الخطاب رضي الله عنه ثاني الخلفاء الراشدين جمعهم عليها باعتبارها سنة النبي صلى الله عليه.
وفقا للمذهب الحنبلي، فإن صلاة التراويح في الجماعة سنة، وهو ما يتفق مع ما يروج له أصحاب المذهب الشافعي، على الرغم من اختلافهم في عدد الركعات الأدنى في هذه الصلاة
حديث صلاة التراويح
للتحقق من صحة الإجابة عن ما إذا كانت صلاة التراويح بدعة أم لا، يمكن الاطلاع على الأحاديث النبوية المتعلقة بها وما روي عن شأنها، وهي كالتالي:
عن عائشة رضي الله تعالى عنها: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ذات ليلة من جوف الليل، فصلى في المسجد، فصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم فصلوا معه، فأصبح الناس فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلوا بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج لصلاة الصبح، فلما قضى الفجر أقبل على الناس، فتشهد ثم قال: أما بعد، فإنه لم يخف علي مكانكم، لكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها» (أخرجه: البخاري، ومسلم).