هل تعلم من هو الصحابي الذي لقب بالباحث عن الحقيقة
من هو الصحابي الملقب بالباحث عن الحقيقة
الصحابي الجليل الذي أطلق عليه لقب الباحث عن الحقيقة هو سلمان الفارسي رضي الله عنه، حيث أتى من بلاد فارس من بلد يطلق عليها اسم أصبهان وكان يكنيه الناس باسم أبي عبدالله وكان والده رجلاً مجوسياً يعبد النار، وكان من صفات سلمان أنه رجلاً قوياً، طويل الساقين، كثيف الشعر، قال عنه الذهبي: “كان لبيبًا حازمًا، من عقلاء الرجال وعُبّادهم ونبلائهم”، وقال ابن عساكر: ” هو سلمان ابن الإسلام، أبو عبد الله الفارسي، سابق الفرس إلى الإسلام، صحب النبي – صلى الله عليه وسلم – وخدمه وحدَّث عنه “.
كانت حياة سلمان الفارسي غامضة قليلاً قبل إسلامه، وتضمنت العديد من الأحداث بعد إسلامه. ويتم ذكر أنه ولد في قرية تدعى رام هرمز في فارس، ولكن آخرين قالوا إنه ولد في بلدة جي في ضواحي أصبهان في فارس.
من هو سلمان الفارسي
هو رجل عظيم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وهو عبد للرسول، وقد كان أحد الرواة الشريفين للأحاديث النبوية. كان أول فارس يعتنق الإسلام. وكان والده يعبد النار ويؤمن بها، لكن سلمان -رضي الله عنه- رفض هذا الدين ولم يؤمن بهذه العبادة، فحبسه والده لكي لا يترك ديانة آبائه ويعتنق ديانة أخرى. ثم أرسل سلمان من قبل والده إلى أرض زراعية تخصهم، حيث كان مسؤولا عن رعاية الأشجار المثمرة هناك. وفي هذا الوقت، تعرف سلمان على بعض المارة المسيحيين، وأعجبته عبادتهم وأخلاقهم. جلس معهم ليستمع إليهم وانشرح صدره، وقرر السفر إلى بلاد الشام ليتعرف بشكل أكبر على أصول وجذور الديانة المسيحية التي أنشرح صدره لها.
هرب سلمان من والده في إحدى قوافل التجارة المتجهة إلى بلاد الشام، بهدف استكشاف الدين الحق. وعندما وصل إلى هناك، أسلم على يد أحد القساوسة المسيحيين، ورافق هذا القسيس سلمان حتى وفاته. ثم استمر سلمان الفارسي – رضي الله عنه – في البحث عن الحق الذي يقربه من الله سبحانه وتعالى. وفي إحدى المناسبات، التقى بقسيس صالح كان على فراش الموت، وأخبره أنه سيظهر في هذا الزمان المخلص المنتظر، وأن وقت بعثته قد اقترب، وسيحدث ذلك في منطقة يكثر فيها نمو النخيل. ومن صفات هذا المخلص أنه لا يقبل الصدقة، لكنه يقبل الهدايا، وسيكون لديه خاتم النبوة على كتفه، وهذا مذكور في كتابهم التوراة.
وبعد ذلك تابع مسيرته متجهاً إلى المدينة المنورة فاعترض طريقه مجموعة من سكان البادية، وهناك باعوه لليهود في بني قريظة في المدينة المنورة، وعندما هاجر سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- إلى يثرب سمع سلمان بذكر الرسول الكريم -عليه الصلاة والسلام- فأسرع وذهب للتأكد من العلامات والصفات التي سبق وعرفها سلمان عنه صلى الله عليه وسلم.
عندما تأكد سلمان الفارسي رضي الله عنه من صحة شخص النبي صلى الله عليه وسلم، أسرع وأعتنق الإسلام مع النبي صلى الله عليه وسلم، وفي ذلك الحين ساعده الرسول -عليه السلام- على تحرير نفسه، فقدم الصحابة له أربعين أوقية من الفضة، وزرعوا مع النبي ثلاثمائة شتلة من النخل كتعويض عن إعتاق وتحرير سلمان رضي الله عنه. وبهذا تحققت رغبة سلمان في إيجاد الحقيقة، وكان بذلك هو الصحابي الباحث عن الحقيقة.
بعدما تم أطلاق سراحي وأصبحت حرا وأعتنقت الإسلام، شهدت سلمان جنبا إلى جنب مع سيدنا محمد غزوة الخندق. وكان هو الذي أوصى الرسول بحفر الخندق لحماية المدينة من قريش، وشاهد أحداثا أخرى معه. وبعد وفاة سيدنا محمد، شهد سلمان فتح فارس الإسلام، وتولى الحكم في المدائن أثناء خلافة سيدنا عمر بن الخطاب حتى وفاته في خلافة عثمان بن عفان.
منزلة سلمان الفارسي
سلمان الفارسي كان له مكانة وقدر عظيم عند سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. روى أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: `الجنة تشتاق إلى ثلاثة: علي وعمار وسلمان`. وروى أيضا أنس عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم قال: `أنا سابق لولد آدم، وسلمان سابق الفرس`. في يوم الأحزاب، عندما تحاجج المهاجرون والأنصار بشأن سلمان الفارسي، قال النبي صلى الله عليه وسلم: `سلمان منا أهل البيت`.
كما أن سلمان كان سببًا في نزول آية: إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين الذين آمنوا بالله واليوم الآخر وعملوا الصالحات، فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون.” عندما أخبر سلمان سيدنا محمد بخبر أصحابه من القساوسة الذين كانوا يرافقونه قبل إسلامه، قال: “كانوا يصومون ويصلون ويشهدون أنك ستبعث”. فقال النبي محمد: “يا سلمان، هم من أهل النار”. فازدادت آلام سلمان وقال: “لو أدركوك صدقوك واتبعوك.
حيث تمجد الصحابة لقدره، روي أنه عندما حانت لحظة وفاة معاذ بن جبل، قال له أصحابه: “أوصنا” فأجاب: “إن الإيمان والعلم مكانهما، من يسعى وراءهما سيجدهما.” قال ذلك ثلاث مرات، فابتغوا العلم من أربعة أشخاص: أبو الدرداء وسلمان وابن مسعود وعبد الله بن سلام الذي كان يهوديا ثم أسلم. لقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: “سيدخل الجنة معه عشرة أشخاص.” وعندما سئل علي بن أبي طالب عن أصحاب النبي محمد، قال: “عن أي منهم تسألون؟” قالوا: “عن عبد الله.” فأجاب: “علم القرآن والسنة هو مكانه، وبه يكفيكم.” قالوا: “وعمار؟” فأجاب: “هو مؤمن نسيتموه، فإذا ذكرتموه ذكرتموا.” قالوا: “وأبو ذر؟” فقال: “كان لديه علم لا يمكنه التغلب عليه.” قالوا: “وأبو موسى؟” فأجاب: “كان مغمورا بالعلم، ثم تخلص منه.” قالوا: “وحذيفة؟” فقال: “هو الأكثر علما بالمنافقين من أصحاب محمد.” قالوا: “وسلمان؟” فأجاب: “كان يتمتع بالعلم الأول والعلم الأخير، بحر لا يمكن قعره، وهو منا أهل البيت.” قالوا: “وأنت يا أمير المؤمنين؟” فأجاب: “كنت إذا سألت أعطيت، وإذا سكتت بدأت.” وقد حدث أن قابل سلمان عمر بن الخطاب وهو الخليفة، فقال عمر للناس: “تعالوا معنا لنستقبل سلمان.
تم ذكر في جامع الترمذي رحمه الله حديثا لأبي هريرة، حيث قال: تكلم بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا: `يا رسول الله، هؤلاء الأشخاص الذين ذكر الله إذا تولينا استبدلوا بنا ثم لم يكونوا مثلنا؟` وفي تلك اللحظة كان سلمان بجانب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فخذ سلمان وقال: `هؤلاء هم أصحابي`، وأقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم بحياته أنه لو كان الإيمان معلقا بالثريا لأخذه بعض رجال فارس. هذا حديث صحيح، رواه البخاري ومسلم.
ماذا قال الرسول عن سلمان الفارسي
يعتبر سلمان الفارسي رضي الله عنه، الصحابي الجليل، من الأصحاب الذين منحهم الله -عز وجل- ما لم يمنح غيرهم، وكان له شرفا لم يشرك به أحد، وذلك حينما أشتمله النبي محمد صلى الله عليه وسلم وآل بيته، على الرغم من عدم وجود صلة قرابة بين سلمان الفارسي والنبي محمد صلى الله عليه وسلم، إذ قال النبي صلى الله عليه وسلم: `سلمان منا أهل البيت`، ولكن الإسناد ضعيف.
وفاة سلمان الفارسي
توفي سلمان الفارسي، الصحابي الجليل، رضي الله عنه، خلال فترة خلافة عثمان بن عفان، رضي الله عنه، في السنة الثالثة والثلاثين من الهجرة. كان متزوجا من امرأة تدعى بقيرة من قبيلة كندة. ويقال إن لديه ابنة في أصبهان لها نسل، ولديه ابنتان في مصر. كان من الأشخاص الطويلة العمر، وقد رشت زوجته المسك حوله بناء على طلب منه. تركته وحيدا، وعندما عادت إليه، وجدته قد توفي وصعدت روحه إلى خالقها. وروي أنه عندما حضر الموت بكى، وسئل عن سبب بكائه، فقال: “عهد رسول الله إلينا أن يكون بلاغ أحدكم كزاد الراك.