هل تعلم “من هم المؤلفة قلوبهم ؟”
من هم المؤلفة قلوبهم
هل تعلم أن لفظ المؤلفة قلوبهم يشير إلى الأشخاص الرؤساء والكبار في المجتمع الذين يتجنبون شرورهم عن طريق إعطاء الزكاة، أو هم الأشخاص المتوقع أن يعتنقوا الإسلام، أو يهدف إعطاؤهم الزكاة إلى تأليف قلوبهم وتعزيز إيمانهم، لأن الزكاة مفروضة على عدة فئات من الناس بما في ذلك المؤلفة قلوبهم، وتهدف إعطاؤهم الزكاة للأسباب التالية:
- إما لدفع أذاهم عن الناس.
- أو لتقوية إيمانهم.
- يمكن أن تكون الزكاة مساعدة لأولئك الذين يرفضون دفعها.
حكم إعطاء المؤلفة قلوبهم
من أوجه صرف الزكاة هي إعطاء المؤلفة قلوبهم، حيث أنها من مصارف الزكاة الثمانية، وحصتهم باقية إلى يوم القيامة، فلا تسقط ولا تلغى، وتكون حسب الحاجة والمصلحة، ويعمل بهذه الزكاة حيثما وجدت وحسب الحاجة التي تدعو إليها، فهذا ما يقره المذهب الشافعي ومذهب الحنابلة بالإضافة إلى مذهب الظاهرية والمالكية، ونسبة إلى هذا تم صدور قرار المجمع الفقهي بهذا الخصوص التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي، ومن الأدلة
- في القرآن الكريم فقد قال الله سبحانه وتعالى:(إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم)”، وهذا يشير إلى أن الإيثار والتفاني في سبيل الله ومساعدة المحتاجين والفقراء يعتبر شرطا لوجوب الزكاة، ولا يجوز ترك هذا النص دون تحريره، ولا يمكن تغييره إلا بتغيير القرآن الكريم، وهذا لا يمكن أن يحدث بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
- من السنة الشريفة فهذا دليل عن رسولنا الكريم فعن صفوا قال: قال أنس بن مالك رضي الله عنه: “رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاني ما أعطاني، وإنه كان أبغض الناس إلي، ولكنه كان يعطيني بلا انقطاع حتى أنه كان أحب الناس إلي”. وأضاف: “لم يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدا عن الإسلام شيئا إلا وأعطاه ما طلبه”. ثم تحدث عن رجل جاء النبي صلى الله عليه وسلم وسأله عن الإسلام، فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم غنما بين جبلين، وعندما عاد إلى قومه، دعاهم للاسلام وقال لهم: “اسلموا فإن محمدا يعطي عطاء لا يخشى فيه الفقر
- إذا كان الخيار بين إعطاء الرجل الدواء للحفاظ على جسده وحياته أو للحفاظ على دينه وإيمانه، فإن الأفضل هو حفظ دينه وإيمانه.
وإن في العادة ما يهتم بدفع الزكاة هي الدولة أو أهل الحل والعقد أي هم من يملكون القدرة على تحديد الحاجة لتأليف القلوب في الدولة، وكان رسولنا الكريم قد أعطى بعض المشركين المؤلفة قلوبهم، ولكن إن الفقهاء قد اختلفوا في حكم الزكاة في حق المؤلفة قلوبهم وخاصة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
من هم المؤلفة قلوبهم في سورة التوبة
تم ذكر من يجب عليه إخراج الزكاة في القرآن الكريم، وتم شرح هذا الأمر في سورة التوبة، حيث ذكرت الآيات الكريمة بقول الله سبحانه وتعالى: `إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم`. وفيما يلي تفاسير هذه الآية الكريمة
- قد اختلف أهل التأويل حول صفة الفقير والمسكين، فقال بعضهم إن الفقير هو المحتاج الذي لا يستطيع تلبية احتياجاته، أما المسكين فهو المحتاج السائل. وأما المؤلفة قلوبهم فهم القوم الذين كانوا يتألفون على الإسلام ويؤمنون به، ولكنهم لم يجدوا النصرة والعون من بعض القبائل الأخرى التي لم تساندهم، فكانوا مثل أبي سفيان بن حرب والأقرع بن حابس وغيرهم من رؤساء القبائل. وكان الرسول صلى الله عليه وسلم يعطيهم الصدقات، فإذا أعطاهم منها خيرا قالوا إن هذا دين صالح، ولكن إذا أعطوا منها شيئا غير مرضي لهم عابوه وتركوه.
- وفقا لتفسير السعدي، يعد السيد المطاع في القوم هو مؤلف هذا النص، وهو الشخص الذي يمكن الاعتماد عليه والذي يمكن أن يكون سببا في إسلامه أو مصدر خوف للآخرين، كما يمكن أن يؤدي إيمانه القوي إلى تحقيق المصالح والتأليف.
- تفسير ابن كثير يقول إن الهدف من إعطاء المؤن مختلف، فقد يعطى للمشركين ليسلموا مثلما حدث مع صفوان بن أمية عندما أعطى من غنائم حنين وهو كان مشركا، وقد يعطى لتحسين إسلام شخص ما وتثبيت قلبه على الإيمان، وقد يعطى لتحقيق أمل في هداية نظير له، وقد يكون الهدف الحصول على صدقات للمسلمين الآخرين أو لتفادي الأذى عن أطراف البلاد.
- تفسير البغوي يقول إن المؤمنين مقسمون إلى ثلاثة أقسام. الأول هم المسلمون الذين دخلوا في الإسلام ولكنهم لم يستقروا فيه بعد. لذلك أعطاهم الرسول صلى الله عليه وسلم من الزكاة لتثبيت إيمانهم، مثل الأقرع بن حابس. أما القسم الثاني فهم المسلمون الذين أسلموا وثبتوا على الإسلام، ولكنهم كانوا رؤساء على قبائلهم، مثل عدي بن حاتم. والهدف من إعطائهم هو تحبيبهم في الإسلام. أما القسم الثالث فهم المسلمون الذين يعيشون في مكان بعيد عن الأعداء، ولا يشاركون في الجهاد مع المسلمين لأسباب خاصة بهم.
- وفقا لتفسير الرازي، نقل الرازي عن ابن عباس أن المؤلفة قلوبهم هم كبار القوم الذين تم إعطاؤهم الزكاة من قبل الرسول الكريم في يوم حنين، وكانوا خمسة عشر رجلا حتى ينشدوا ويحبوا الإسلام وتقوى قلوبهم. وقيل أن السبب في إعطائهم الزكاة كان استخراجها من غيرهم.
كم عدد الصحابة المؤلفة قلوبهم
يشمل الصحابة الذين أعطاهم النبي صلى الله عليه وسلم جزءًا من الزكاة التي كانوا ملزمين بدفعها، الذين كانت قلوبهم مؤمنة
- أبو سفيان بن حرب من بني أمية .
- الحارث بن هشام وعبد الرحمن بن يربوع من بني مخزوم.
- صفوان بن أمية من بني جُمَح.
- سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى هما من بني عامر بن لؤي .
- حكيم بن حزان هو من بني أسد بن عبد العزى.
- سفيان بن الحارث بن عبد المطلب من أسرة هاشمية.
- عينة بن حصن بن بدر من بني فزارة.
- الأقرع بن حابس من بني تميم .
- مالك بن عوف من بني نصر.
- العباس بن مرداس من بني سليم.
- العلاء بن حارثة من بني ثقيف.
أعطى رسولنا الكريم عليه الصلاة والسلام مائة ناقة لكل رجل منهم، باستثناء عبد الرحمن بن يربوع وحويطب بن عبد العزى اللذين أعطيا كل منهما خمسين ناقة، ويبلغ عدد الصحابة الذين شاركوا في المؤلفة قلوبهم 13 صحابيًا.
أقسام المؤلفة قلوبهم
إن المؤلفة قلوبهم يقسمون إلى قسمين هما:
- غير المؤمنين وهم القادة في أمم الكفار الذين لديهم السلطة والهيبة التي تخوف المسلمين من تسببهم في إيذائهم، فيتم إعطاؤهم من هذا المال أو الغنائم حتى يتوقفوا عن إيذاء المسلمين.
- المؤمنون ويتم تقسيمهم إلى أربعة أنواع :
- المطاعون في الأقوام هم الذين اعتنقوا الإسلام حديثًا ولم يتمكنوا من تعزيز إيمانهم بعد، ولذلك يتم دفع الزكاة إليهم لتعزيز إيمانهم.
- يعتبر الإعطاء لأهل السلطة والقيادة في المجتمعات هو وسيلة لترغيب الكفار والمشركين في الدخول في الإسلام.
- يشير النوع الثالث من الأشخاص إلى الذين يتم استدراجهم وجذبهم للقتال ضد الكفار الذين يحيطون بهم ويعملون على توفير الحماية للمسلمين.
- تعطى الزكاة للأشخاص الذين يجب عليهم جمعها، وخاصة لأولئك الذين لا يؤدونها، لتشجيعهم على الالتزام بجمع الزكاة.