اسلاميات

هل تعلم ” من القائل سلام قوم منكرون ؟ “

من القائل ” سلام قوم منكرون “

قال النبي إبراهيم عليه السلام: “سَلامٌ قَوْمٍ مُنْكَرٍ”، ويعود سبب هذا القول إلى عندما زارته الملائكة لتُبَشِّره بمولودٍ ذكرٍ وهو إسحاق عليه السلام من السيدة سارة، وبعده يأتي النبي يعقوب عليه السلام .

قال النبي إبراهيم عليه السلام “سلام قوم منكرون” عندما دخلت الملائكة عليه وقالوا له السلام عليكم، فكان رده إبراهيم “سلام قوم منكرون” ومعنى هذا الجملة أنه يرد التحية بالسلام ولكنه لا يعرف هؤلاء القوم وهم منكرون بالنسبة له .

تفسير و معنى ” سلام قوم منكرون “

تعددت التفاسير لتلك الكلمة “قوم منكرون”، ومن بين التفاسير التي فسرت الآية:

هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ضَيۡفِ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ إِذۡ دَخَلُواْ عَلَيۡهِ فَقَالُواْ سَلَٰمٗاۖ قَالَ سَلَٰمٞ قَوۡمٞ مُّنكَرُونَ فَرَاغَ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ فَجَآءَ بِعِجۡلٖ سَمِينٖ فَقَرَّبَهُۥٓ إِلَيۡهِمۡ قَالَ أَلَا تَأۡكُلُونَ فَأَوۡجَسَ مِنۡهُمۡ خِيفَةٗۖ قَالُواْ لَا تَخَفۡۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَٰمٍ عَلِيمٖ فَأَقۡبَلَتِ ٱمۡرَأَتُهُۥ فِي صَرَّةٖ فَصَكَّتۡ وَجۡهَهَا وَقَالَتۡ عَجُوزٌ عَقِيمٞ قَالُواْ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡعَلِيمُ

حسب تفسير الميسر، فإن قول إبراهيم `سلام قوم منكرون` يعني أنه رد السلام على هؤلاء الأشخاص، ولكنهم غرباء عنه ولا يعرفونه .

وفقًا لتفسير السعدي، فإن قول إبراهيم عليه السلام “سلام قوم منكرون” يعني أنه كان يرغب في التعرف عليهم ولم يكن يعلم أنهم ملائكة حتى بعد مدة من الحديث معهم .

وفقا لتفسير الوسيط، فإن قول إبراهيم `سلام قوم منكرون` يعرف حالتهم بأنهم يمتلكون شكلا وهيئة غير مألوفة، وأن حالتهم تختلف عن حالة الأشخاص العاديين. وهذا دفعه ليقول `أنتم قوم منكرون` مستنكرا رغبتهم في تعريف أنفسهم له. وفي وجهة نظر أخرى، فقد قال تلك الجملة في نفسه، وبعدها قاموا بتعريف أنفسهم. وفي تفسير آخر لقول `سلام` بالرفع، يكشف ذلك عن استمرارية التأكيد على قضية السلام من خلال الجملة الاسمية .

وفقًا لتفسير البغوي، فإن قول “سلام قوم منكرون” هو دليل على استنكار سيدنا إبراهيم لهؤلاء القوم الذين دخلوا عليه فجأة وبدون إذن .

وفيما يتعلق بقول أبو العالية، فإن هذه العبارة تشير إلى استنكار إبراهيم عليه السلام للقول عن السلام في هذه الأرض وفي ذلك الوقت من الزمن، أو إلى خشيتهم، ومن يخشى شيئًا يستنكره.

وعند ابن كثير في تفسيره فإن قول ابراهيم عليه السلام ” سلام ” بالرفع كرد على قولهم ” سلاما ” بالنصب ، فإن رد ابراهيم اقوى وابلغ ، وذلك تطبيقا لقوله تبارك وتعالى ” فإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها ” ، وان ابراهيم عليه السلام في تلك الحالة اختار ان يحيي بالافضل ؛ وهو حالة الرفع لأنها اقوى وابلغ .

يفسر ابن كثير في قوله `قوم منكرون` أن الثلاثة ملائكة إسرافيل وميكائيل وجبريل ظهروا لإبراهيم بمظهر شاب وجميل وعظمتهم تسودهم، وهذا ما جعل إبراهيم يشعر بأنهم غرباء بالنسبة له .

أما بالنسبة لقول القرطبي `سلام قوم منكرون`، فإن ابراهيم استنكر أشكال القوم الذين لا يشبهون البشر ولا حتى الملائكة، كما عرفهم إبراهيم عليه السلام سابقًا .

القصة وراء قول ” سلام قوم منكرون “

تتعلق قصة “سلام قوم منكرون” بزيارة الملائكة الثلاثة إلى سيدنا إبراهيم عليه السلام، وكانوا إسرافيل وميكائيل وجبريل. وعندما دخلوا عليه وأطلقوا عليه التحية، رد الخليل قائلا: “سلام عليكم ولكنكم قوم غير معروفين .

يعرف عن سيدنا إبراهيم أنه كان يحترم ضيوفه، فكان يستقبلهم بكل ترحاب وكان يأمر بذبح عجل سمين لهم، ولكن حدث ما أفزع سيدنا إبراهيم عندما لم يتقرب الضيوف لتناول الطعام، إذ كان من عادات العرب القديمة عدم تناول الطعام في بيت يحملون فيه شرًا لأهله، وهذا ما أفزع إبراهيم حينها .

اما عن السبب وراء زيارة الملائكة لسيدنا ابراهيم انه اتوه ليبشروه بغلام وهو سيدنا اسحاق ومن بعد اسحاق يعقوب ، ولما سمعت السيدة سارة كلامهم انهارت وقالت انها عجوز عقيم فكيف تنجب ، ولكنهم اخبروه ان الله يكافئ ابراهيم بسبب تنفيذه لأمره عندما قرر ان يذبح اسماعيل امتثالا لاوامر الله عز وجل ، وكانت مكافأة ربنا عز وجل لابراهيم ان جعله في نسله النبوة .

كما أخبروه انهم اتوا ليعذبوا اهل قرية سيدنا لوط عليه السلام ، وان من اهله من ينجوا معه الا امرأته فقد كفرت مثل باقي القوم ، وعندما تذكر ابراهيم عليه السلام سيدنا لوط ابن عمه فكيف سيعذبهم الله وحاول ان يستغفر لهم ، ولكن الملائكة أخبرته بألا يجادل في اوامر الله فهي نافذة لا محال .

” هَلۡ أَتَىٰكَ حَدِيثُ ضَيۡفِ إِبۡرَٰهِيمَ ٱلۡمُكۡرَمِينَ إِذۡ دَخَلُواْ عَلَيۡهِ فَقَالُواْ سَلَٰمٗاۖ قَالَ سَلَٰمٞ قَوۡمٞ مُّنكَرُونَ فَرَاغَ إِلَىٰٓ أَهۡلِهِۦ فَجَآءَ بِعِجۡلٖ سَمِينٖ فَقَرَّبَهُۥٓ إِلَيۡهِمۡ قَالَ أَلَا تَأۡكُلُونَ فَأَوۡجَسَ مِنۡهُمۡ خِيفَةٗۖ قَالُواْ لَا تَخَفۡۖ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَٰمٍ عَلِيمٖ فَأَقۡبَلَتِ ٱمۡرَأَتُهُۥ فِي صَرَّةٖ فَصَكَّتۡ وَجۡهَهَا وَقَالَتۡ عَجُوزٌ عَقِيمٞ قَالُواْ كَذَٰلِكِ قَالَ رَبُّكِۖ إِنَّهُۥ هُوَ ٱلۡحَكِيمُ ٱلۡعَلِيمُ قَالَ فَمَا خَطۡبُكُمۡ أَيُّهَا ٱلۡمُرۡسَلُونَ قَالُوٓاْ إِنَّآ أُرۡسِلۡنَآ إِلَىٰ قَوۡمٖ مُّجۡرِمِينَ لِنُرۡسِلَ عَلَيۡهِمۡ حِجَارَةٗ مِّن طِينٖ مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَ لِلۡمُسۡرِفِينَ فَأَخۡرَجۡنَا مَن كَانَ فِيهَا مِنَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ فَمَا وَجَدۡنَا فِيهَا غَيۡرَ بَيۡتٖ مِّنَ ٱلۡمُسۡلِمِينَ وَتَرَكۡنَا فِيهَآ ءَايَةٗ لِّلَّذِينَ يَخَافُونَ ٱلۡعَذَابَ ٱلۡأَلِيمَ ”

اعراب ” سلام قوم منكرون “

 ” سَلَٰمٞ قَوۡمٞ مُّنكَرُونَ “

  • سلام : خبر لمبتدأ محذوف تقديره سلامي
  • قوم : خبر مبتدأ محذوف تقديره انتم
  • منكرون : صفة منصوبة

الاعجاز اللغوي في ” سلام قوم منكرون “

عند النظر الى قوله تعالى ” إِذۡ دَخَلُواْ عَلَيۡهِ فَقَالُواْ سَلَٰمٗاۖ قَالَ سَلَٰمٞ قَوۡمٞ مُّنكَرُونَ ” ؛ فقد يكون من الطبيعي ان نسأل انفسا لما قال الملائكة سلاما ولم يقولوا سلام  بالضم ، وكذلك في قول سيدنا ابراهيم لما قال سلام بالضم ولم يقل سلاما بالنصب مثل قول الملائكة ؟

إذا قالت الملائكة `سلاماً` بالفتح، فهذا يدل على أن سلام الملائكة حدث كجزء من فعل محدد، ويعني أن سلام الملائكة حدث وانتهى عند انتهاء دخولهم على سيدنا إبراهيم .

اما في قول سيدنا ابراهيم ” سلام ” بالرفع : إنها رسالة تحمل التحية السلامية، تحية سيدنا إبراهيم، ونجدها تقول `سلامي سلام`. والجملة الاسمية تعبر عن الثبات والاستمرارية، إذ يكون السلام هنا حالة سيدنا إبراهيم وصفته، فهو دائما في حالة سلام. وهذا يؤكد أيضا أن الخليل يحييهم بأفضل التحية التي يمكن أن يحيوها .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى