هل تعلم كيف تموت الملائكة ؟
هل تموت الملائكة
، نعم، الملائكة تشبه بقية المخلوقات في أنها تموت، حيث أن كل من في الدنيا يموت ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام. وسنتحدث اليوم عن كيفية موت الملائكة عليهم السلام، وذلك كما ورد في كتاب بستان الواعظين ورياض السامعين لابن الجوزي رحمة الله عليه. يبدأ الموضوع عندما يقوم إسرافيل عليه السلام بالنفخة الأولى، فيتزامن ذلك مع اهتزاز الأرض بشدة ويموت الناس جميعا. وتموت ملائكة السبع سماوات والسرادقات والحجب والمسبحون والصافون، وكذلك حملة العرش والكروبيون وأهل سرادقات المجد. يبقى من الملائكة إسرافيل وميكائيل وجبريل وعزرائيل (ملك الموت) عليهم السلام .
يقول المولى عز وجل لملك الموت: `من بقي؟` وهو سبحانه وتعالى أعلم بهذا الأمر. فيرد ملك الموت على المولى قائلا: `سيدي ومولاي، أنت أعلم مني بمن بقي. بقي جبريل وميكائيل وإسرافيل وعبدك الضعيف`، ويعني بذلك نفسه (ملك الموت). يقف ملك الموت متذللا من شدة الأهوال التي شاهدها، فيقول له المولى عز وجل: `اذهب لجبريل واقبض روحه`. فينطلق ملك الموت ليجد جبريل راكعا ساجدا، فيقول له ملك الموت: `ما الذي جعلك تغفل عن ما يراد بك، يا مسكين؟ فقد هلك ومات بنو آدم وجميع أهل الدنيا، وهلكت الطيور والحيوانات وجميع سكان السموات وسكان سدرة المنتهى وحملة العرش. والآن جئت لأقبض روحك كما أمرني المولى`. فيبكي جبريل ويدعو الله بتضرع قائلا: `اللهم اخفف عني مرارات الموت` (انظروا إلى جبريل وهو يخاف الموت رغم أنه لم يعص الله قط، فكيف حالنا نحن البشر؟ اللهم اغفر وارحم البشر)، ثم يقترب ملك الموت من جبريل ويضمه بضمة، فيصبح جبريل صريعا.
بعد موت سيدنا جبريل يقول الجبار جل جلاله من بقى يا ملك الموت و هو سبحانه وتعالى أعلى وأعلم، فيجيب ملك الموت و يقول سيدي بقى إسرافيل وميكائيل و‘ملك الموت عبدك الضعيف، فيقول له المولى عز وجل انطلق إلى ميكائيل فاقبض روحه ، فينطلق ملك الموت إلى ميكائيل عليه السلام و هو المكلف “بالقطر والماء ” الرزق ، فيجده منتظر للمطر حتى يكيله على السحاب، فيقول ملك الموت ما أغفلك عما يراد بك يا مسكين، فلم يعد رزق لبني أدم أو الأنعام أو الهوام أو الوحوش فقد هلك أهل السموات وأهل الحجب وأهل الأرض، و أمرني المولى عز وجل بقبض روحك، فيبكي ميكائيل متضرعاً إلى الله ويسأل الله أن يهون عليه سكرات الموت ، فيضمه ملك الموت ضمه فيقبض روحه ويخر ميكائيل صريعاً.
بعد وفاة ميكائيل، يقول الجبار العزيز: `من بقى يا ملك الموت؟` ويقول ملك الموت: `مولاي وسيدي، أنت أعلم من بقى، فقط إسرافيل وأنت يا ملك الموت عبد ضعيف.` فيأمر المولى ملك الموت بأن ينطلق ويأخذ روح إسرافيل، الذي مكلف بالنفخ في الصور. ثم ينطلق ملك الموت نحو إسرافيل، الذي هو ملك عظيم، ويقول جبريل: `ما أغفلك عما يراد بك، يا مسكين! فقد ماتت جميع الخلائق ولم يبق أحد. أمرني المولى العزيز بأن أأخذ روحك.` يقول إسرافيل: `سبحان الله، سبحان من تفرد بالبقاء وقهر العباد بالموت. مولاي، هون علي سكرات الموت.` فيضمه ملك الموت ويأخذ روحه، فيصير إسرافيل صريعا. ولو كان أهل الأرض والسماء موجودين، لماتوا من شدة وقعته.
بعد وفاة إسرافيل، يقول الجبار جل جلاله: من بقى يا ملك الموت؟ وهو سبحانه جل وعلا، عالم بكل شيء. فيجيب ملك الموت قائلا: مولاي وسيدي، أنت أعلم بمن بقى. لم يتبق سوى ملك الموت، عبدك الضعيف. فيرد الله عز وجل: بعزتي وجلالي، سأجعلك تذوق ما أذقت لعبادي. انطلق بين الجنة والنار ومت، ولينطلق ملك الموت بين الجنة والنار ويصيح صيحة عظيمة، فيموت. ولولا أن الخلائق قد ماتت، لكانوا ماتوا من هول صيحة ملك الموت. وبعد وفاة ملك الموت، يظهر الله سبحانه وتعالى في الدنيا ويقول: يا دنيا، أين ذهبت أشجارك؟ أين أنهارك؟ أين عمارتك؟ أين الجبابرة؟ أين الملوك؟ أين أبناؤهم؟ أين من أكلوا رزقا وعبدوا غيري؟ فيجيب الله جل وعلا، لمن الملك اليوم؟ ولا يجيب أحد، فيقول المولى الملك القهار، سبحان الله، سبحان مالك الملكوت، سبحان الله العظيم.