اسلاميات

هل تعلم عن مراقبة الله

إذا علم الإنسان حقيقة خلقه وأدرك أنه مجرد مخلوق ضعيف في كون يديره الخالق عز وجل، فسيصل إلى مرتبة إيمانية عظيمة. فالإيمان يتطلب إدراك علم الله بكل شيء، والإيمان به سبحانه وتعالى، وبالغيبيات، وبما أنزله على رسله. وبذلك، سينتبه الإنسان إلى ضرورة الاستقامة وعدم الابتعاد عن طريق الحق؛ لأنه يراقبه الله في كل سلوكياته. فما هي مراقبة الله؟ وهل تعرف مدى أهميتها.

جدول المحتويات

ما هي مراقبة الله

في هذا السياق، فإن فكرة المراقبة تعني الإيمان بأن الله سبحانه وتعالى حاضر مع الإنسان في جميع حالاته ويعلم كل شيء عنه، وبالتالي يدرك الإنسان حقيقة أن الله يراقبه في كل لحظة، ويعلم ما يكسبه بأعضائه ويعلم ما يخفيه في نفسه، وقد قام ابن القيم رحمه الله بتفسير فكرة المراقبة على أنها الاستمرار في معرفة العبد وثقته بأن الله سبحانه وتعالى يشهد ظاهره وباطنه.

 مراقبة الله في القرآن الكريم وأهميتها

لابد أن يؤمن الإنسان بأن الله يعلم كل شيء في النفس البشرية ، لأن العلم بذلك يجعل الإنسان يأخذ حذره عند المعصية ، ومن ثَم يبتعد عنها وعن الآثام والخطايا ؛ حيث يقول الله تعالى “وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ” ، وقد أكد الله عزّ وجل على هذا المعنى أيضًا في قوله تعالى “يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ”.

الاستقامة تتحقق بالإيمان، ومن أهم مراتب الإيمان هو العلم بحقيقة مراقبة الله للعباد، وبذلك يعيد الإنسان تقييم نفسه في كل شيء، وهذا يؤدي إلى التحكم والابتعاد عن كل ما يغضب المولى عز وجل. وقد أكد الله تعالى حقيقة مراقبته للعباد في القرآن الكريم، ومن الأمور التي ذكرت في ذلك قوله تعالى: `يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا`.

من الضروري على الإنسان أن يدرك أن مراقبة الله تشمل كل شيء في الكون؛ إذ هو المبدع الخالق الذي خلق هذا الكون بكل ما فيه. ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى في القرآن الكريم: `هو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم استوىٰ على العرش، يعلم ما يلج في الأرض وما يخرج منها وما ينزل من السماء وما يعرج فيها، وهو معكم أين ما كنتم، والله بما تعملون بصير.

إن مراقبة الله للعبد لا تقتصر على معرفته بكل شيء، بل تمتد لتشمل حياته بكل تفاصيلها، بما في ذلك حفظ الله سبحانه وتعالى لعباده. فإنه يعلم كل شيء عن العبد ويحيطه برعايته واهتمامه الإلهي في كل لحظة. حتى في الأوقات الضيقة والحزن، يكون العبد تحت رعاية الله. ومن الأدلة على ذلك قوله تعالى: `واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا، وسبح بحمد ربك حين تقوم`.

حقيقة مراقبة الله في السنة النبوية

لقد أكد الرسول صلّ الله عليه وسلم بأن الله تعالى يراقب الإنسان ، ولذلك فإنه من الضروري عبادة الله خير عبادة ؛ حيث ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال “أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَوْمًا بَارِزًا لِلنَّاسِ ، إِذْ أَتَاهُ رَجُلٌ يَمْشِي ، فَقَالَ : «يَا رَسُولَ اللهِ مَا الإِيمَانُ؟» قَالَ : «الإِيمَانُ أَنْ تُؤْمِنَ بِاللهِ وَمَلَائِكَتِهِ ، وَكُتُبِهِ ، وَرُسُلِهِ ، وَلِقَائِهِ ، وَتُؤْمِنَ بِالْبَعْثِ الآخِرِ» ، قَالَ: «يَا رَسُولَ اللهِ مَا الإِسْلَامُ؟» ، قَالَ: «الإِسْلَامُ أَنْ تَعْبُدَ اللهَ وَلَا تُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا ، وَتُقِيمَ الصَّلَاةَ ، وَتُؤْتِيَ الزَّكَاةَ المَفْرُوضَةَ ، وَتَصُومَ رَمَضَانَ» ، قَالَ : «يَا رَسُولَ اللهِ مَا الإِحْسَانُ؟» ، قَالَ: «الإِحْسَانُ أَنْ تَعْبُدَ اللهَ كَأَنَّكَ تَرَاهُ ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَإِنَّهُ يَرَاكَ” ، وبذلك فإن الإيمان بمراقبة الله هو من أعلى درجات الإحسان التي تجذب صاحبها إلى الطريق المستقيم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى