هل تعلم ؟” النبي الذي دفن في نهر النيل
من هو النبي الذي دفن في نهر النيل
النبي المدفون في نهر النيل هو نبي الله يوسف عليه السلام، وتوفي وعمره 120 عام، وحدثت الكثير من الاختلافات بين أهل مصر حول مكان دفنه، ويرجع سبب ذلك إلى رغبة الجميع في الحصول على بركاته، مما زاد الخلاف بينهم، وفي النهاية اتفقوا على وضع جثمان سيدنا يوسف عليه السلام في صندوق مصنوع من المرمر ومطلي بالرصاص، ثم دفنوه في نهر النيل في مصر، حتى يمر الماء على الصندوق وينتقل حاملا بركات سيدنا يوسف إلى جميع من في مصر وما حولها.
قصة سيدنا يوسف عليه السلام
تم ذكر جميع تفاصيل قصة سيدنا يوسف عليه السلام في القرآن الكريم، حيث أنزل الله سورة كاملة منفصلة تتحدث عن قصته وقصة أبيه سيدنا يعقوب عليهما السلام وإخوته.
سيدنا يوسف عليه السلام هو ابن سيدنا يعقوب عليه السلام، الذي عرف بقدرته على فسر الأحلام، ومر بالعديد من الصعوبات في حياته، حيث كان ليوسف عليه السلام مكانة كبيرة في قلب أبيه يعقوب عليه السلام، وحظي بحب كبير منه، لكن أخوته شعروا بالحسد والكراهية تجاهه بسبب ذلك.
وصل سيدنا يوسف عليه السلام إلى أبيه وأخبره بأنه رأى في منامه الشمس والقمر، ورأى أيضا أحد عشر كوكبا يسجدون له. فأمره أبوه بعدم إخبار إخوته بهذه الرؤيا، خوفا عليه منهم، لأن ذلك سيزيد من حقدهم عليه وغيرتهم منه. حيث قال الله تعالى: “إذ قال يوسف لأبيه يا أبت إني رأيت أحد عشر كوكبا والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين”، قال أبوه: “يا بني لا تقصص رؤياك علىٰ إخوتك فيكيدوا لك كيدا ۖ إن الشيطان للإنسان عدو مبين.
وتطوّر حقد أخوة يوسف له بسبب حب أبيهم الكبير له حتّى قرروا أن يتخلّصوا منه حتى يصبح حب أبيهم لهم وحدهم، فاتفقوا على أفضل طريقة للتخلّص من سيدنا يوسف عليه السلام دون أن يعلم أبيهم بشئ ويلومهم على فعلتهم فاقترحوا قتله، فقال أحدهم أن إلقائه في بئر أفضل من قتله، وطلبوا من أبيهم أن يسمح لهم بمرافقة يوسف لهم ليلعب.
رفض يعقوب عليه السلام أن يأخذهم معه خوفا من أن يأكلهم الذئب، ولكن تمكنوا من إقناعه، فخرجوا معه وألقوه في البئر. وعندما عادوا إلى أبيهم في الليل، قدموا له مشهدا حزينا وبكاء على ما حدث ليوسف. ثم أعطوه قميص يوسف الملطخ بالدماء وكذبوا عليه قائلين إن الذئب أكل يوسف. ولكن سيدنا يعقوب عليه السلام لم يصدقهم وقال لهم: `بل سولت لكم أنفسكم أمرا، فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون`.
وعندما ألقوه أخوته في البئر التقطه بعض المارة وباعوه لعزيز مصر، وكبر يوسف عليه السلام ليكون آية من آيات الجمال، حيث أنه كان حسن الخُلق والخِلقة، وقد أُغرمت امراة العزيز بيوسف عليه السلام وأرادت أن تغريه، فامتنع عنها وتعفف عن الفاحشة والسوء فقامت بإلقائه في السجن، حيث ظل فيه فترة طويلة وهو بريء مظلوم من كل تلك الافتراءات والتهم الموجهة إليه.
قصة سيدنا يوسف في السجن
دخل سيدنا يوسف عليه السلام السجن ولكنه كان برئ ومظلوم، والتقى بالكثير من الأشخاص في السجن، وقد عُرف بينهم بأنه عبد صالح وصادق وأمين ودخل حينها فتيان، الأول وهو ساقي الملك، والثاني يكون خباز الملك، وقد رأى كل واحد منهما في المنام حلماً، وقاما كل منهم بقص الحلم على يوسف عليه السلام وطلبا منه تأويل وتفسير ذلك الحلم.
وكان الله سبحانه وتعالى قد علّم يوسف التفسير والتأويل، واستغل سيدنا يوسف هذه الفرصة ليدعوا إلى الله سبحانه وتعالى فذكّرهما بالله تعالى ودعاهم إلى عبادة الله وحده لا شريك له وترك ما يعبدون من دونه، وذكر لهم دلائل التوحيد ومبطلات الشرك بالله، وقال لهم: (مَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِهِ إِلَّا أَسْمَاءً سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ).
ثم قام يوسف عليه السلام بتفسير حلم كلا من الفتيين. ورأى الفتى الأول في حلمه أنه يعصر الخمر بيديه ثم يقدمها لسيده، وتفسير حلمه كان أنه سيخرج من السجن ويعود إلى عمله. ورأى الفتى الآخر في حلمه أنه يحمل الخبز وتأكل الطيور من ذلك الخبز فوق رأسه، وتفسير حلمه كان أنه سيصلب عقابا له وسيبقى مصلوبا حتى تأكل الطيور رأسه. ثم طلب يوسف عليه السلام من الفتى الذي سيخرج أن يذكره عند الملك ويقول إنه بريء من التهمة لكي يخرج من السجن، ولكن الفتى نسي الأمر وبقي يوسف عليه السلام في سجنه لبضع سنوات.
ثم رآي عزيز مصر في حلمه سبع بقرات ضعاف تأكل سبع بقرات كبيرات سمان، ثم رآي سبع سنابل خضراء وسبع سنابل أخرى يابسة، وعندما طلب من الحكماء والكهنة تفسير هذا الحلم، اعتذروا بأنهم لا يعرفون تفسيره، وسمع الفتى الذي كان مع يوسف عليه السلام في السجن وفسر له حلمه، وأخبرهم أن يوسف قادر على تفسيرها، كما قال تعالى: (وقال الذي نجا منهما وادكر بعد أمة أنا أنبئكم بتأويله فأرسلون).
تمكن عزيز مصر من الخروج من السجن بعد أن قام يوسف عليه السلام بتفسير حلمه، الذي لم يستطع أي من الحكماء والكهنة تفسيره. طلب سيدنا يوسف من عزيز أن يجعله وزيرا لخزائن الدولة. فأجاب عزيز قائلا: (اجعلني على خزائن الأرض إني حفيظ عليم). فوافق الملك وأعطاه مفاتيح الخزينة. وهذا فضل من الله تعالى على يوسف عليه السلام.
وفاة النبي يوسف عليه السلام
عندما أتى الموت سيدنا يوسف عليه السلام جمع إخوته وقومه من بني يعقوب، وأوصى أخاه هوذا على قومه، وتوفي وعمره 120 عاما ودُفن في النيل، وقيل انه أول نبي تمنى الموت، فبعد ما ذاقه من صعاب في حياته، لاقى العديد من عطف الله ورحمة الله تعالى عليه حيث أكرمه الملك والنعيم، فاشتاقت نفسه للقاء خالقها فدعا ربه أن يتوفاه مسلم ويُلحقه بالصالحين، وذكُر دعاءه في القرآن الكريم بقوله تعالى: “رَبِّ قَدْ آَتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنْتَ وَلِيِّي فِي الدُّنْيَا وَالْآَخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ”.
استخراج جثمان سيدنا يوسف من النيل
أوحى الله تعالى على سيدنا موسى عليه السلام أن يُخرج سيدنا يوسف عليه السلام من نهر النيل، ويدفنه بجوار أبيه يعقوب وجديه إسحاق وإبراهيم عليهم السلام، ولم يكن يعرف سيدنا موسى عليه السلام مكان دفن سيدنا يوسف وقيل أن إمرأة عجوز من بني إسرائيل تعرف مكان دفنه، فأخبرته بمكان دفن يوسف عليه السلام مقابل أن يرد لها شبابها ويزيد من عمرها، فدعا لها سيدنا موسى عليه السلام بذلك، ثم استخرجه ونقله إلى البيت المقدس، وقال البعض أنه دُفن في مدينة الخليل، وقال آخرون أنه دُفن في نابلس، والله سبحانه وتعالى أعلى وأعلم.