هل القول بالحتمية يلغي حرية الشخص
القول بالحتمية و الحرية الشخصية
ما يميز الانسان عن باقي المخلوقات في الكون ، هو العقل البشري ، الذي لا يوجد عند اي مخلوق اخرى ، و من هذا المعلومة ينطلق الانسان الى طرح عدة اسئلة ، و يحاول ايجاد كل الحقائق العلمية ، و الشخصية ، و النفسية ، و الصحية ، و الاجتماعية ، و من بين هذه الحقائق و المفاهيم مفهوم الحرية و الحتمية الانسانية .
حيث يواجه هذا المفهوم الكثير من وجهات النظر المختلفة بين الناس ، تختلف هذه وجهات النظر بسبب اختلاف معتقداتهم ، و مستويات فهمهم ، لذلك تم شرح عدة مفاهيم عن الحرية من كل الجوانب الموجودة .
القول بالحتمية و تأثيره على حرية الشخص من الجانب الديني
الدين يعطي نظره للحرية الانسانية ، هذه النظرة توفر الأمانة التي اعطاها الله سبحانه و تعالى الى الانسان عندما جعله خليفة على الأرض ، و ميزه عن باقي المخلوقات الاخرى بالعقل البشري . فالحرية من الجانب الديني تعني منظمومة عقائدية ، ينبني على هذه المنظومة خيارين هما ام ترك الفعل و الذي ينطبق على هذا الخيار حساب في الدنيا و الاخرى.
و على هذا المفهوم يوجد العديد من الآيات القرآنية في القرآن الكريم ، تؤكد هذه الآيات مفهومة و ضرورة الحرية لدى الإنسان في الأرض ، قال الله سبحانه و تعالى (( ومن يرد ثواب الدنيا نوته منها ومن يرد ثواب الآخرة نوته منها وسنجزي الشاكرين ))، و ايضا ورد في سورة الكهف آية قرآنية اخرى تتكلم عن الحرية للأنسان (( فَمَنْ شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَكْفُرْ )) .
هذه الآيات تعني و تؤكد ان للانسان حرية في اختيار العيش كافر او مؤمن ، اي ان نحن المسؤولين عن جميع اختياراتنا ، و لنا حرية الاختيار ، و لكن يقع بعض الناس في شك عندما يقرأ بعض الآيات القرآنية الاخرى ، حيث يحس بنوع من الاجبار ، و من هذه الآيات القرآنية (( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ )) ، و ايضا قولى سبحانه و تعالى (( وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۖ كُلٌّ لَّهُ قَانِتُونَ )) .
هذه الآيتين تعنين ان الناس بأجمعهم سواء كانوا كفارا و عاصين لأوامر الله سبحانه و تعالى ، او طائعين لأوامر الله سبحانه و تعالى ، جميعهم يخضوا الى نفس القوانين الإلهية ، الله سبحانه و تعالى وضعها لكي يتم اعمار الأرض بالشكل الصحيح ، حيث ورد في سورة القصص آية قرآنية (( وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ ۗ مَا كَانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ ۚ سُبْحَانَ اللَّهِ وَتَعَالَىٰ عَمَّا يُشْرِكُونَ )) .
تعني هذه الآية أن الإنسان ليس له خيار في اختيار لون بشرته أو نسبه أو طول قامته أو لغته. وبسبب ذلك، لم يتمكن الناس من العثور على إجابة صحيحة لأسئلتهم، وتم وضع جانب آخر من النصوص لفهمها بشكل صحيح .
القول بالحتمية و تأثيره على حرية الشخص من جانب الدليل الاخلاقي
الدليل الأخلاقي : إن مفهوم الإجبار ينفي المسؤولية الأخلاقية للناس ويتعارض معها، لأن الالتزام الأخلاقي وأداء الأمور الواجبة هي أمور متجذرة في فطرة الإنسان، ومن ثم يتضح مدى مسؤولية الإنسان عن أفعاله واختياراته، وهكذا يكمل الإنسان مسؤوليته .
و يتميز عن باقي المخلوقات الاخرى ، و لكن هذه المسؤوليات لا توجب على بعض الناس ، مثل الاطفال ، و المجانين ، لأنهم لا يستطيعون التحكم بأفعالهم ، و لا يستطيعون اخذ القرار ، و يتصرفون وفقا الى دوافع داخليه ، او خارجية محيطة بهم .
يتميز الإنسان كمخلوق بالإرادة التي تمكّنه من الخلافة على الأرض، ويتطلب ذلك احترام جميع القوانين الإلهية التي تساهم في الحفاظ على حضارة الأرض وتطويرها .
القول بالحتمية و تأثيره على حرية الشخص من الجانب النفسي
واحد من اهم الأشخاص الذين يدرسون السلوك الانساني هو د ماسلو رونجر ، يقول رونجر ان السلوك الانساني ليس بأكمله حتميا ، و لكن هو جزء من توجه الأرادة الحرة للانسان ، يرى بعض الفئة من المجتمع ان الإرادة الانسانية امر مهم جدا لكي نكون بشرا ، و ايضا يرى بعض الاشخاص الذين ينصرون الفرويدية الحديثة و هي كاريك فروم.
يتضمن التفكير في الحتمية أن الإنسان ليس لديه قدرة على السيطرة على حياته، بينما يتنازل الأشخاص الذين يتبعون الحرية التامة عن حريتهم بشكل كامل .
القول بالحتمية و تأثيره على حرية الشخص من الجانب العلمي
من جانب العلمي ، يقوم العالم المتخصص في المخ و الاعصاب راماشندران بوصف حالة فريدة من نوعها ، لواحدة من المريضات المصابة بمتلازمة المخ المنقسم ، عندما قام اهل المريضة بأحضارها الى المستشفى ، قالوا له ان في بعض الاحيان تقوم بمد يدها اليسرى الى رقبتها ، اي ان تحاول ان تقوم بخنق نفسها .
و في نفس الوقت يدها اليمنى تقوم بمنع اليد اليسرى من عملية الخنق ، حيث قال العالم بأن الفتاة تخضع للتحكم من أرادتين ، و احده منهما مسؤولة عن فكرة الانتحار ، تنطلق هذه الفكرة من القسم الأيسر للمخ ، و اليد الاخرى التي تمنعها تنطلق من القسم الايمن من المخ ، هذا يعني اني لكل قسم من المخ يعطي افكار او قرارات بناءا عن تخصصه ، و المعلومات التي يحملها .
يتم في القسم الآخر معالجة وتخزين المعلومات الأخرى، وفي بعض الأحيان يقوم المخ باختيار خيارين وتطبيق القرار الأنسب، ولكن عندما يعاني الإنسان من متلازمة المخ المنقسم فإن المخ لا يستطيع اختيار الخيار الأنسب .
القول بالحتمية و تأثيره على حرية الشخص من الجانب البيولوجي
عندما قاموا فرانسيس كريك ، و جيمس واسطون بالتوصل الى بنية ، و كيفية بناء ال DNA ، و ما دوره في تنشيط الخلية ، قام العلماء باعتبار ان قطعة ال DNA جزء محوري ، وظيفته التحكم في صفات الخلية البنائية ، و بيولوجيتها ، و بعد فترة من الزمن توسعت هذه النظرية الى التحكم في انفعالاتنا ، و جميع سلوكيتنا .
و بعد ذلك ساد الاعتقاد بان المخ الذي يتحكم في الخلية هو نواتها ، و لكن بعد ان ظهر علم البيولوجيا اختفت هذه النظرية ، حيث تنص على ان يمكن للخلية ان تعمل لفترة من الزمن و هي منزوعة النواة ، و من هذا المفهوم تم اثبات ان الدور الرئيسي للنواة هو دور تناسلي فقط ، و الدور الرئيسي يكمن في في غشاء الخلية .
و لذلك نرى ان الحكم الإلهية في موقع غشاء الخلية في الخارج ، و ليس من الداخل ، لكي تستطيع التحكم بكل ما يدخل ، و يخرج منها ، و لكي تكون قادرة على تحرير الانسان من اسر الجينات ، و ايضا على برمجة الخلية وفق العوامل الخارجية المحيطة بنا ، و الاجتماعية ، و النفسية . و التي تؤدي الى اخذ القرارات المناسبة التي تحدد سلوك جيناتنا ، و مصيرها .