منوعات

هل العقاب مطلب أخلاقي أم ضرورة اجتماعية

هل العقاب تفرضه الضرورة الاجتماعية أو الأخلاقية

يعتبر القانون ركنا أساسيا من أركان الدولة، ويهدف إلى نشر العدل بين الناس، ويحتاج إلى العقاب لتطبيق العدالة، حيث تعمل العقوبة على الإصلاح والردع، ويتم تنفيذ العقوبة على المستوى الدولي والوطني، على الرغم من تعرض هذه الأنظمة لتغييرات وتعديلات مختلفة، وتتعرض لانتقادات من منظمات غير حكومية وحقوق الإنسان، إلا أنها لا تزال موضع اعتراف ولم يتم إلغاؤها، والفلسفة الكامنة وراء مفهوم العقوبة هي الحفاظ على أمن وسلامة المجتمع وتحقيق العدالة وإقامة مجتمع سلمي.

وفي هذه الحالة، السؤال هو ما إذا كان تنفيذ نظام العقوبات مسألة أخلاقية أم اجتماعية؟ نجد أن العقوبة مرتبطة بشكل وثيق بالأخلاق والقانون. إن مؤسسة العقاب جزء طبيعي من الحياة الاجتماعية، حيث يقوم بتقويم السلوك ويعتبر جزءا ضروريا للنمو الصحي واستمرارية المجتمع. ولكن واجه نظام العقوبات انتقادات من قبل علماء النفس والإصلاحيين الاجتماعيين، ورد هذه الانتقادات تسبب في تصادم بين مشاكل الفلسفة وعلم النفس واللاهوت، بالإضافة إلى الأخلاق وعلم الاجتماع. من الصعب فصل تعريف العقوبة عن التبرير، فهي مرتبطة بالأخلاق والقانون. على المدى الطويل، تصبح مسألة النظام الاجتماعي. لتوضيح هذه التساؤلات، هناك وجهات نظر رئيسية وهي:

  • النظرية المثالية أو العقلانية هي التي تعتبر أن العقاب يجب أن ينفذ بسبب أسباب أخلاقية، حيث أن العقاب هو قضية أخلاقية يجب فرضها بواسطة التكليف. إن الإنسان حر ومسؤول عن اختياراته، لأنه يستطيع التفريق بين الخير والشر. والهدف من العقاب هو نشر العدل وتطهير النفس. يرون بعض أنصار هذه النظرية أن المسؤولية هي مسألة أخلاقية سواء كانت فردية أم اجتماعية. ومن بين أنصار هذه النظرية أفلاطون، بالإضافة إلى أرسطو الذي يرى أن تطبيق العقاب يجب أن يكون أشد من اللذة التي يشعر بها المجرم أثناء ارتكابه للجريمة. ويمكن استخلاص من رأي كانط في هذه النظرية أن الشرير يختار أفعاله بإرادته الخاصة دون تأثر من الأسباب والحوافز، وبالتالي فهو مسؤول عن أفعاله ويجب أن يعاقب عليها.
  • النظرية الوضعية أو الإصلاحية وهي النظرية التي تكون نقيض للنظرية الأولى حيث أنها تنص على أن المجرم لا يجب أن يُعاقب بقدر ما يجب إصلاحه وترى هذه النظرية أن الإجرام هو فعل لا يتعلق بالإرادة، حيث أن أنصار هذه النظرية يرون أن المجرم كان مدفوعاً إلى الجريمة ولهذا يجب عدم معاقبته، بل وجدوا أنه من الضرورة العمل على حمايته وإصلاحه حتى يغدو فرداً صالحاً، وقد أشاروا بأن هناك عوامل تتدخل في الإجرام تتجلى في العوامل النفسية والبيولوجية والاجتماعية، حيث أنه عند وجود مجموعة من الأسباب والشروط تحدث الجريمة، وإن من رواد هذه النظرية و الذي حمَّل العوامل الوراثية المسؤولية في ارتكاب الجريمة وهو العالم الإيطالي لمبروز، وقد أشار إلى أن الإنسان يولد بكروموزوم الجريمة، وقد قسم المجرمين إلى :
    • مجرمون بالفطرة وهم يجب القضاء عليهم.
    • مجرمون بالعادة وأيضاً يتوجب القضاء عليهم.
    • قد يؤدي وجود خلل عقلي لدىالمجانين إلى الإجرام، ولذلك يتطلب العلاج النفسي للتعافي من هذه الحالة.
    • مجرمون بالصدفة.

في النهاية، يعتبر العقاب ضرورة أخلاقية واجتماعية لحماية المجتمع وتنظيمه، حيث يهدف إلى ردع الجريمة ولكن يجب النظر في أسباب ارتكابها والحكم على هذا الأساس وفقًا للنظريات السابقة.

مفهوم الجزاء في الفلسفة

تدعي النظرية الجزائية أن العقاب يجب أن يتم فقط إذا كانت هناك جريمة، وأن العقوبة تعتبر عقابية من وجهة نظر أخلاقية، حيث يجب معاملة الجاني على أنه غاية في ذاته وليس وسيلة. ويقول هيجل: “إن الرجل كائن أخلاقي لذا فمن حقه أن يعاقب”. لذلك، يعتبر العقاب تكريما للجاني لأنه يعتبر كائنا عقلانيا، ويجب النظر إلى العقوبة على أنها حق للجاني.

أما الجزاء في نظر فلاسفة الأخلاق فيتجلى في أنه هو الفعل الذي يؤيَّد عن طريق القانون الذي يتم فرضه على من ارتكب الجريمة، حيث أنه إذا قصد الشخص أن يلحق ضرراً بشخص آخر فيجب أن يعاقب، حيث أن الجريمة التي ارتكبها هي المبرر الكافي لتنفيذ العقوبة عليه، ويكون هذا العقاب عادل ومشروع.

في الفلسفة، يعني المصطلح `الجزاء` رد فعل القانون الذي ينشأ عندما يخالف الأشخاص هذا القانون، وقد يكون الجزاء إما مكافأة لفعل جيد أو عقابا لفعل سيئ، وهو الأثر الذي يتكون نتيجة لخرق القواعد القانونية، وتتفق هذه القواعد مع القواعد الاجتماعية مثل الدين والأخلاق، حيث ترتبط جميعها بالجزاء، ويمكن أن يكون الجزاء بأشكال مختلفة

  • الجزاء الأخلاقي: يدل هذا النوع على أن الفاعل يشعر بالارتياح عند القيام بواجبه، ولكنه يشعر بالحسرة عند عدم الالتزام به.
  • الجزاء الاجتماعي: يتمثل الحق الذي يجب الوفاء به في شكل التعويض المادي عند مخالفة القانون الوضعي أو القانون الشرعي، كما يتمثل في شكل الثناء أو الذم عند مخالفة الأعراف والتقاليد الاجتماعية.

الفلسفة الحديثة في نظر بيكون تخلصت من الفكر التقليدي

كان علماء الفلسفة الحديثة مقسمين إلى فريقين، فمنهم من اتبع منهج المقدمة المرجعية للعقل، ولكن هناك بعضهم يتجه نحو المقدمة المرجعية للتجربة. في نظر بيكون، تخلصت الفلسفة الحديثة من الفكر التقليدي، إذ كانت مرجعيتها السابقة هي التجربة. وقد تمت المناقشة بشأن تجاوز الفلسفة الحديثة للفكر المقموع من قبل رجال الدين بسبب الحرية. فإن تفكير فرانسيس بيكون اعتمد على تبني مرجعية التجربة بالإضافة إلى المرجعية الحسية.

هل الإنسان حر أم مقيد

فيما يتعلق بالسؤال المطروح هل الإنسان حر أم مقيد؟، نجد أن الإنسان ليس حرا، فهو مقيد من خلال حتميات بيولوجية، حيث لا يستطيع اختيار شكل وجهه أو البنية التي يرغب بها، بل فرضت الصفات البيولوجية عليه من خلال المحددات الوراثية، بالإضافة إلى عدم قدرته على تحديد مزاجه الذي يتصف به، حيث يرتبط ذلك بشكل وثيق بقوانين الطبيعة وإفرازات الغدد، وقد أثبت العالم مورغان، الذي يعمل في مجال الوراثة، هذا الفكر قائلا: `إننا نعيش تحت رحمة غددنا الصماء.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى