احكام اسلاميةاسلاميات

هل التخاطر شرك بالله

يعد التخاطر أحد الظواهر التي أختلف الكثير فيها، حيث يظنها البعض وهماً والبعض الأخر يثق في نتائجها، والكثير يعتبرها ترابط روحي، والكثير يحرمها، بينما في تلك المسائل الشائكة يجب اللجوء إلى الدين والتعرف على أصل التشريع، ودراسة وفهم الظاهرة بمعناها الروحي أو بالمعنى المقصود، حيث حين تتقابل الأرواح دون قصد، وتتخاطر الأفكار وتتوارد دون عملية مدروسة، فذلك أمر، وحين يدخل الإنسان نفسه في دائرة من الدجل والعبث هذا أمر أخر، لذا فتناول الموضوع من عدة جوانب قد يجعل تفسيره أيسر وأسهل.

جدول المحتويات

هل التخاطر شرك بالله

غالبا ما يجد الإنسان نفسه يفكر في شخص ما يجد ذلك الشخص يتصل به أو يأتي عليه، فيكون الإنسان في حيرة من أمره، ما الذي جمعنا وما الذي جعله يأتي، غالبا أيضا يتصل شخص بآخر بعد مدة كبيرة، فيجده يقول كنت أفكر فيك قبل اتصالك، لم يقف الأمر عند هذا، فقد تشتاق لشخص ما بعد فراق دام سنوات وعدوات ومشاكل كثيرة، فتقابله صدفة أو يحادثك أو يرسل لك رسالة، فهل هذا كله عبث

في تجارب أخرى، يشعر شخص ما بأنه متشابه في التصرفات والأحلام مع شخص آخر، ويتفكران بنفس الطريقة مما يدل على أن أرواحهما متناغمة ومتكاملة، ويتميزون بالحب والتآلف الشديد، فما هو العامل الذي يجمع بين هذه الأرواح المترابطة؟

هل يمكن حقًا لأي شخص أن يتنبأ بالأحداث قبل حدوثها؟ هل من الممكن في هذا العالم أن تشعر القلوب بما لا تراه العين؟ هل هناك فعلاً أشخاص يرون القلوب ويكتشفون ما تخفيه؟ وهل لا تزال هناك كرامات تمنح للبشر؟

ما هي قوانين الشفافية وقانون الجذب؟ وما هي الأفكار التي تتردد والأرواح التي يزورها بعضها البعض؟ وهل هذا العلم أم هو وهم كبير أثر على العالم؟

بالمقابل، هناك الكثير من القصص التي تجعل أصحابها يشعرون بالحيرة، مثل شخص يتأثر بتفكير شخص آخر ويفكر فيه طوال الوقت، على الرغم من أن هذا الشخص لم يكن يشعر بالحب تجاهه بشكل كامل، ولا يتذكر منه سوى بعض الذكريات القليلة، ولكنه متأثر بهذا الشخص ولا يعرف السبب

هل يلعب القرين دورًا في تقابل الأرواح؟ أم أن قانون الجذب هو العامل الرئيسي في هذه القضية؟ وهل يمكن أن يتحول الاعتقاد بالتخاطر إلى علم مثل الفيزياء، مثلما حدث في قصة التفاحة مع نيوتن؟

تلك جميع التساؤلات التي قد تدور في ذهن أي شخص يريد أن يعرف عن التخاطر، وهل هو حرام؟، تتردد كثيرا بين الأشخاص، وفي الواقع توجد بعض الخلط بين التخاطر، والشفافية، وتبادل الأفكار، وقانون التجاذب، والطاقة الإيجابية، والعبث، والدجل، والشعوذة، ولذلك، فيما يلي توضيح لكل فكرة من هذه التفاصيل

حقيقة التخاطر

هل تعلم أن التخاطر في المعنى اللغوي يشير إلى نقل العواطف والشعور من شخص إلى آخر عن بعد بطرق غير حسية؟ يتضمن التخاطر أيضا التنبؤ والاستبصار، وفقا لتعريفاته.

في الواقع، التخاطر الذي يحدث بشكل غير إرادي ليس حراما، مثل التفكير في شخص عزيز علينا أو في شخص آخر، دون نية للتأثير عليه، ودون التحضير لذلك، كما يقول بعض المشعوذين، بإغلاق النور والجلوس في مكان هادئ وإغلاق العينين وما إلى ذلك. كل هذا لا يرتبط بأصل في الشرع والدين، وهو محرم لأنه واحد من طرق استدعاء الجن والقرين. وعلى الرغم من أنه قد يحقق الهدف المرجو منه، إلا أنه يشبه السحر والأعمال، كما أنه يسيطر بقوة على مشاعر الآخرين، ويمكن أن يؤثر سلبا على حياتهم. فالحب والشعور والإنسانية والمشاعر لا يمكن التأثير فيها إلا بمشيئة الله. فالله تعالى هو الذي يختص بتوجيه من يشاء وتغيير قلوب الناس، كما حرم الله الاستعانة بالنجوم واللجوء إلى الدجالين ومتابعة خطوات الشيطان. فكل من يفعل شيئا يؤثر على الإنسان أو الطرف الآخر، فإنه يقع تحت طائلة السحر والدجل والشعوذة، ونعوذ بالله من ذلك.

الفرق بين التخاطر والشفافية

فيما يتعلق بالشفافية، غالبا ما يشعر الفرد بأن هناك شيئا سيحدث في المستقبل. وبعض الأحيان يتحقق هذا الشيء الذي تنبأ به الشخص. يشعر من حوله بأنه شخص مبارك أو يملك معرفة تفوق معرفتهم. ولكن الأمر أبسط من ذلك بكثير. فالله وهب عباده الكثير من النعم والمعارف التي لا يمكن للبشر فهمها. الشفافية ليست مفهوما جديدا، فالدين مليء بالأمثلة على ذلك.

هناك قصة معروفة عن أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه، حيث أرسل جيش بقيادة سارية إلى الشام، وفي أثناء اعتلاء عمر رضي الله عنه المنبر، وجده الحضور للخطبة يقول الجبل يا سارية.. الجبل يا سارية، لم يفهم حاضري الخطبة ما يقصد عمر، ولكن سرعان ما انحل اللغز حين رجع سارية إلى مكة، وحكى ما حدث معه ومع جيشه، إذ بهم تفاجئوا بجيش العدو قادم، فيقول سارية في مشهد تقشعر له الأبدان والله يا عمر سمعت صوتك تقول الجبل يا سارية الجبل يا سارية، فألهمني الله أن نذهب أنا وجيشي وراء الجبل، حتى تمكنا من أن نسيطر عليهم، ولكن في هذه القصة لم يقف العلماء متحيرين، حيث أرشد النبي محمد صلى الله عليه وسلم بحديثه المبارك” إنه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم محدثون وإنه إن كان في أمتي هذه منهم فإنه عمر بن الخطاب”، إذ أن عمر رضي الله عنه كان يلهمه الله ببعض من مجريات الأمور، وازال الرسول الكريم بقوله المبارك التشويش الذي قد يحدث أو خلط الأمور، فلم يحضر عمر الجن، ولم يخاطب سارية وهو نائم في مكان ما يستحضر روحه، بل كان في المسجد على المنبر، والحقيقة والغرابة ليست في قول عمرن فهو ذو قلب يرى، وهذا قول لا يقبل الجدل، فقد ورد حديث شريف في هذا، أما ماذا عن سماع سارية صوت عمر؟!، في الحقيقة، أرجع العلماء ذلك إلى أن الله تعالى حين يريد أمر يقول له كن فيكون، خاصة أن هؤلاء المجاهدين في معية الله ويد الله معهم.

في قصة أخرى عن علي بن أبي طالب، دخل رجل عليهم وقال: إن عين هذا الرجل تنظر إلى محرمات، وأثبت أن الرجل كان ينظر فعلاً إلى محرمات لا ينبغي النظر إليها.

تحتوي القرآن الكريم على العديد من القصص التي تتحدث عن أحلام الأنبياء والعباد الصالحين التي تتحقق، مثل يوسف الصديق، عليه السلام، وإبراهيم، عليه السلام.

فتلك نعمة من الله يمن بها على من يشاء، طالما أن أحدًا لم يحاول الاعتراض عليها أو الاستغناء عنها بأعمال أو سحر أو إيذاء آخرين، ولا يوجد فيها أي ضرر، بل هي أمر محبب ومميز.

الجذب والطاقة والتخاطر

يعتبر التجاذب والطاقة أمر موجود في الحقيقة، ولكن هناك مسافة صغيرة تفصل بين ما هو حلال وما هو حرام، وقد يندرجوا تحت مصطلح التخاطر، حيث إن الكثير من الناس، يفكر في أمر ما إيجابي أو سلبي فيحدث كما توقعوا، هناك من يرجع ذلك للصدفة، وهناك من يؤمن بأن هناك قانون للتجاذب لا يمكن إغفاله، وهناك من يحاول استدعاء ذلك، ولكن الأمر لا لبس فيه، فجاء الدين الإسلامي كاشف لكل ما يحير الأناس، حيث أن التجاذب ورد بشكله المبسط في قول الرسول الكريم، في الحديث الشريف “عن ابن عباسٍ رضي اللَّهُ عنهما: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَخَلَ عَلَى رَجُلٍ يَعُودُهُ، فَقَالَ:  لاَ بَأْسَ طَهُورٌ إِنْ شَاءَ اللَّه ، فَقَالَ: كَلَّا، بَلْ حُمَّى تَفُورُ، عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ، كَيْمَا تُزِيرَهُ القُبُورَ ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : “فَنَعَمْ إِذًا” 

وفقا لسند عن السيدة عائشة رضي الله عنها، قالت: `إن البلاء على عاتق الكلام`. يعني ذلك أن الكلام السلبي قد يتحول إلى بلاء، وبما أن الله تعالى يستجيب لحسن ظن العباد، فلا مانع من التفاؤل وتخيل الأمور الجيدة وتجنب الطاقة السلبية، واستخدام الاستغفار والصلاة والصبر والتوكل على الله في جميع الأمور. ومع ذلك، فإن استخدام الشعوذة وبعض الأعمال لاستجلاب الطاقة هو أمر مرفوض تماما ومحرم دينيا.

لا يمكن للمؤمن أن يعتمد على غير الله في تدبير أمره، ولا ينصح بالثقة بأمور غير مشروعة وغير مذكورة في الكتاب والسنة. ويجب على الإنسان أن يتقي الله، فقد يشعر الشخص بالمحبة تجاه شخص ما ويرغب في الوصول إلى قلبه، ولكن الطريقة الوحيدة التي يمكن للإنسان أن يصل بها إلى أي شخص هي عن طريق الله عز وجل، فإذا أراد الله شيئا، يجعله حقيقة. لذا، لا داعي للتورط في أمور تؤدي إلى فساد الحياة. إن الشرك بالله هو خطيئة، لذا يجب اتباع تعاليم الدين وعدم التدبير والتآمر والتلاعب في أمور لا يمتلك الإنسان نفوذا فيها.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى