العالمحروب

نظرية الكر والفر

تجسد نظرية الكر والفر المعنى الحرفي لعبارة “الحرب خدعة”، حيث يتم خلال هذه المناوشات بين الأطراف المتحاربة التعرف على نقاط الضعف لدى الأطراف الأخرى، ويتمكن كل منهما من الحصول على ميزة زمنية لصالحه. وتم استخدام هذه النظرية في عدة حروب .

نظرية الكر والفر

نظرية الكر والفر هي فكرة استراتيجية يتم من خلالها استخدام الهجمات بشكل مفاجئ وقصير ، ثم الانسحاب السريع قبل تمكن العدو من الرد على الهجوم ، وتقوم على المناورات المستمرة لتجنب المشاركة مع العدو بشكل كامل ، وهذه الاستراتيجية لا يكون الغرض الأساسي منها هو هزيمة العدو بشكل قاطع ، ولكنها تعمل على إضعاف قوات العدو ببطء عن طريق المناورات المستمرة ، وهذه النظرية تعمل على كشف نقاط الضعف الدفاعي لدى العدو ، والتأثير السلبي على معنويات قواته .

تعتمد حرب العصابات والحركات الإرهابية والمقاومة المسلحة على هذه النظرية الأساسية، حيث يتم تضخيم رد العدو على القوة المهاجمة، وذلك لتحقيق أهداف تلك الحركات .

تقوم أساليب الجيوش النظامية على استخدام طريقة الكر والفر على المدى القصير ، وفي أغلب الأوقات ما يتم استخدامها كنوع من الاستعداد للمواجهة بشكل واسع النطاق مع قوات العدو ، ومن أشهر الأمثلة على هذه المناورات هي هجمات الكوماندوز ، وما يُماثلها من هجمات القوات الخاصة ، أو الهجمات الجوية .

تتجلى نظرية الكر والفر بشكل واضح في حروب الفرسان، حيث كان رماة الأحصنة المسلحة تستخدم بشكل واسع، وكان معظمها من أصول شعوب أوراسية .

الفكرة الأساسية للكر والفر

باستخدام تكتيك الكر والفر، يتحقق العديد من النتائج الهامة لهذه القوات التي أضعف من المواجهة، بالرغم من تعرضهم لإصابات طفيفة. على المدى الطويل، تنجح هذه العمليات المتكررة في إضعاف العدو وتشتيته، وإضعاف مواقع تمركزه، بالإضافة إلى إضعاف الحالة النفسية للعدو. إنها واحدة من أهم التكتيكات التي تؤثر في خوض الحروب ضد الإرهاب .

تعتمد الخطط بعيدة المدى في حرب العصابات الفعالة على تصميمها خصيصا للعدو، بهدف استغلال أطول فترة ممكنة لتطوير القوات العسكرية والقضاء على قوات العدو. يمكن أن تؤدي تنفيذ هذه الخطط إلى تحميل العدو بالضغوط العسكرية والسياسية الداخلية والخارجية، مما يدفع العدو لتحقيق السلاحفة .

يُمكن تحقيق العديد من الأهداف الاجتماعية والسياسية والنفسية والاقتصادية باستخدام هذه الاستراتيجية، ولكن ذلك لا يقلل من أهمية مواجهة القوات العسكرية .

الاستخدام التاريخي لنظرية الكر والفر

الحروب اللوسيتانية 

من بين الشعوب الأولى التي واجهت استراتيجيات الكر والفر كان الشعب الروماني، وذلك في الحروب اللوسيتانية. استخدم اللوستيانيون خطة تعرف بـ `الصاخبة`، حيث قاموا بجذب الخطوط الأمامية لجيش العدو للتراجع في اشتباك بسيط، ثم تبعتهم هجمات أخرى على الجيش الروماني بهدف تفكيك تنظيمهم وإيقاعهم في فخ الحرب والخداع .

السلاجقة

من بين الجيوش الناجحة التي استخدمت استراتيجية الكر والفر في الحروب، نجد الجيوش السلجوقية خلال حروبها ضد الإمبراطورية البيزنطية، وخاصة في معركة `مانزيكيرت`. حيث استخدمت قوات الفرسان في جيش السلاجقة تكتيكات الكر والفر بنجاح، مما أدى إلى البلبلة في صفوف الجيش البيزنطي وتحقيق نصيب كبير من الانتصار .

الفرس والساسان

استخدمت جيوش الفرس والجيوش الساسانية استراتيجية رماة في العديد من المعارك، وحققت بها انتصارات هامة في معركة أديسا ومعركة كارهاي .

السكيثيون

تمكن السكيثيون الرحل في آسيا الوسطى من تحقيق الانتصار على الإمبراطورية الفارسية الإخمينية، وكذلك على الإمبراطورية المقدونية لأسكندر الأكبر، باستخدام خطط الكر والفر المختلفة .

الجيوش الإسلامية

تمكنت الجيوش الإسلامية من الانتصار في معركة عين جالوت عن طريق اتباع استراتيجيات الكر والفر بقيادة القائد العسكري التركي بيبرس، المعروف في عالمنا العربي باسم “الظاهر بيبرس”، والتي قلبت موازين القوة في العالم الإسلامي في ذلك الوقت، حيث كانت الهزيمة الأولى للإمبراطورية المغولية في العالم على الإطلاق .

الحروب الفرنسية والهندية

تعتبر استخدام غازات الكر والفر من بين الاستراتيجيات الرئيسيةالتي استخدمتها الجيوش الفرنسية في الحروب الفرنسية الهندية .

الأتراك

استخدم الأتراك نظرية الكر والفر خلال حرب الاستقلال التركية ضد الجيش اليوناني، قبلتمكنهم من إنشاء جيش منتظم .

الهنود

استخدمت إمبراطورية مارثا بقيادة شيفاجي وحلفاؤه تكتيكات الكر والفر ضد إمبراطورية المغولية، ونجحوا في الفوز عليهم في القرن التاسع عشر .

حرب فيتنام

واحدة من أشهر الحروب في القرن العشرين كانت حرب فيتنام، واستخدمت قوات الفيتكونج التكتيكات العسكرية المعتمدة على الكر والفر وحرب العصابات، وحققوا الكثير من المكاسب ضد العدو المعادي للشيوعية .

الحرب السوفيتية الأفغانية

تم استخدام هذه الاستراتيجية أيضا من قبل القوات المتمردة خلال الحرب الأفغانية السوفيتية .

العراق

استخدمت العديد من القوات العراقية نظرية الكر والفر لمواجهة العدو الأمريكي في العراق .

فشل تطبيق نظرية الكر والفر

على مر التاريخ كثيرا ما تم التهاون بنظرية حرب العصابات، أو الكر والفر، من قبل العديد من القادة حول العالم، سواء من حيث التنظيم أو الإيمان بفعاليتها، أو سهولة مواجهتها، أو من خلال تطبيقها الهمجي الخاطئ؛ مما يجعلها تفقد فعاليتها، وهذا ما أدى في النهاية إلى وقوعهم في موقف لا يحسدون عليه .

ومن أهم أمثلة هذه القوات ما يلي :

الحرب الأهلية اليونانية

خسارة حزب المقاتلين الشيوعيين اليونانيين في الحرب الأهلية اليونانية ضد الحكومة اليونانية التي امتدت من عام 1946 ، وحتى عام 1949 ؛ وذلك بسبب فقدهم للدعم الشعبي في شمال اليونان بسبب سلوكهم الغير مقبول تجاه الرهائن ، واختطاف الأطفال ؛ الأمر الذي أدى إلى رفض الشعب لهم ، وفاعلية حروب العصابات آنذاك .

الفلبين

في الأربعينات والخمسينات من القرن الماضي، فشل رجال العصابات في الفلبين والميلاو وإندونيسيا في تنفيذ عمليات الكر والفر بسبب نقص الدعم والمساندة .

أوروجواي

لم تتمكن التنظيمات المتمردة في الأوروغواي وجواتيمالا من صد خطط الإرهاب القائمة على الحرب العصابات .

إسبانيا

بسبب سوء فهم نظرية الكر والفر من قبل رجال عصابات الباسك الإسبانية، تراجعت شعبيتهم وتم رفضهم بسبب الاغتيالات الوحشية التي قاموا بها .

المغرب العربي

في كل من ليبيا والجزائر، لم تتمكن قوات البوليساريو من تحقيق النصر في حربهم ضد المغرب في الصحراء الغربية؛ وذلك بسبب عدم وجود دعم كاف لهم .

أيرلندا

تعرض الجناح المؤقت للجيش الجمهوري في أيرلندا للصد والمعارضة العامة بسبب الخطط الإرهابية العشوائية المرفوضة التي قاموا بها، وهذا أدى إلى تكبدهم خسائر جزئية في دعمهم المالي من مؤيديهم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى