نتائج وعد بلفور

وعد بلفور هو رسالة كتبها وزير الخارجية البريطاني آرثر بلفور إلى ليونيل والتر روتشيلد، أعرب فيها عن دعم الحكومة البريطانية لإقامة وطن لليهود في فلسطين، ولهذا الوعد تأثيرات طويلة المدى، بما فيها مشاركة الحكومة البريطانية في الشؤون الفلسطينية حتى اليوم .

إعلان الصهيونية

– ظهرت قناعة بريطانيا ودعمها للصهيونية، وتركزت الصهيونية على إنشاء وطن لليهود في فلسطين، نتيجة للمخاوف المتزايدة بسبب الحرب العالمية الأولى. وبحلول منتصف عام 1917، كانت بريطانيا وفرنسا في مأزق افتراضي مع ألمانيا على الجبهة الغربية، في حين فشلت جهود هزيمة تركيا في شبه جزيرة غاليبولي بشكل كبير .

– و على الجبهة الشرقية ، كان مصير روسيا ، غير مؤكد ، حيث أطاحت الثورة الروسية في شهر مارس بزوار نيكولاس الثاني ، وكانت الحكومة الروسية تناضل ضد معارضة واسعة النطاق للجهود الحربية المتفتتة للبلاد ضد ألمانيا والنمسا والمجر ، و على الرغم من أن الولايات المتحدة قد دخلت لتوها في الحرب على الجانب المتحالف ، إلا أنه لم يكن من المقرر وصول عدد كبير من القوات الأمريكية إلى القارة حتى العام التالي .

أمام هذه الخلفية المقلقة، قررت حكومة رئيس الوزراء ديفيد لويد جورج – الذي انتخب في كانون الأول/ديسمبر 1916 – دعم الصهيونية علانية، وهي حركة قادها البريطاني كايم وايزمان، وهو يهودي روسي استقر في مانشستر بإنجلترا .

أسباب إعلان الصهيونية 

كانت الدوافع وراء هذا القرار مختلفة. أولا، كان لدى لويد جورج والعديد من القادة الآخرين المؤثرين إيمانا حقيقيا بمصلحة القضية الصهيونية. بالإضافة إلى ذلك، كان قادة بريطانيا يأملون أن يساعد الإعلان الرسمي لصالح الصهيونية في جلب دعم اليهود في الدول المحايدة، خاصة في الولايات المتحدة وروسيا، حيث تمت إسقاط الحكومة المعادية للسامية بمساعدة روسيا .

في النهاية، على الرغم من اتفاق سابق بين بريطانيا وفرنسا لتقسيم النفوذ في المنطقة بعد هزيمة الإمبراطورية العثمانية، جاء لويد جورج ليروج للهيمنة البريطانية في فلسطين، وهي جسر بري مهم بين الأراضي الحاسمة في الهند ومصر، واعتبرها هدفا ضروريا للحرب، وأن إنشاء دولة صهيونية هناك تحت الحماية البريطانية سيحقق هذا الهدف، بالإضافة إلى تحقيق هدف الحلفاء في تقرير المصير للدول الصغيرة .

ومع ذلك، في عام 1917، قادت حركة قوية ضد الصهيونية داخل البرلمان إلى إعاقة تقدم الإعلان المقترح، وقادها إدوين مونتاجو، وزير الخارجية الهندي وأحد أوائل اليهود الذين خدموا في الحكومة. خشي معارضو الصهيونية من أن الصهيونية التي ترعاها بريطانيا ستهدد وضع اليهود الذين استقروا في مدن مختلفة في أوروبا وأمريكا، وأن العنف المناهض للسامية سيزداد في البلدان التي تقاتل بريطانيا في الحرب، وبخاصة داخل الإمبراطورية العثمانية.

رُفِضَت هذه المعارضة، وبعد محاولات متفاوتة النجاح، وافقت فرنسا والولايات المتحدة وإيطاليا (بما في ذلك الفاتيكان) على الخطة التي قدمتها حكومة لويد جورج .

وعد بلفور 

في الثاني من نوفمبر، أرسل بلفور رسالة إلى ليونيل والتر روتشيلد، وهو من أسرة روتشيلد المشهورة وصديق صهيوني بارز لحاييم وايزمان، قائلا: `تؤيد حكومة جلالة الملك إقامة بيت قومي لليهود في فلسطين، وسيعملون جاهدين لتسهيل تحقيق هذا الهدف، مع الحرص على عدم المساس بالحقوق المدنية والدينية للمجتمعات غير اليهودية الموجودة في فلسطين، أو بالحقوق والوضع السياسي لليهود في أي بلد آخر .

وفي الوقت الذي تم فيه نشر البيان في صحف بريطانية بعد أسبوع، كانت واحدة من أهدافه الرئيسية قد انتهت: حيث حصل فلاديمير لينين والبلاشفة على السلطة في روسيا، وكانت إحدى أولى أفعالهم دعوة إلى هدنة فورية، لذلك خرجت روسيا من الحرب، ولم يكن هناك أي قدر من الإقناع لدى اليهود الصهاينة – الذين على الرغم من إيمان بريطانيا بالعكس، كان لديهم تأثير محدود نسبيا في روسيا – بأنهم قادرون على عكس النتيجة .

أثر إعلان بلفور

تأثير وعد بلفور على مسار الأحداث اللاحقة للحرب كان فوريًا: وفقًا لنظام “التفويض” الذي أنشأته معاهدة فرساي عام 1919، تم تكليف بريطانيا بإدارة فلسطين مؤقتًا، مع فهم أنها ستعمل نيابة عن سكانها من اليهود والعرب .

كان العديد من العرب في فلسطين وأماكن أخرى غاضبين بسبب فشلهم في الحصول على دولة وحكم ذاتي مقابل مشاركتهم في الحرب ضد تركيا، وفي السنوات التي تلت الحرب العالمية الأولى، ازداد عدد السكان اليهود في فلسطين بشكل كبير، بالإضافة إلى حالات العنف اليهودي العربي .

تأخير بريطانيا في اتخاذ قرار بشأن مستقبل فلسطين نتيجة عدم استقرار المنطقة، ولكن بعد الحرب العالمية الثانية وأهوار المحرقة، تزايد الدعم الدولي للصهيونية أدى إلى إعلان دولة إسرائيل رسميا في عام 1948 .