نتائج الأزمة القطرية على سلطنة عمان
موقف سلطنة عمان من الأزمة القطرية محير للكثيرين، حيث يعتقد البعض أنها استفادت اقتصاديا من هذه الأزمة وتنوي استغلالها سياسيا في المستقبل. سنناقش هذه القضية في مقالنا .
أوجه استفادة سلطنة عمان من الأزمة القطرية :- عادة ما تكون حركة الملاحة في ميناء صحار العماني بطيئة جدا، خاصة في فصل الصيف، ولكن هذا العام شهدت زيادة كبيرة، والسبب الرئيسي وراء ذلك هو الحصار المفروض على الموانئ البحرية القطرية، وهذا ما أكده مسؤول حكومي عماني مؤخرا حيث أشار إلى ارتفاع حجم الشحنات في ميناء صحار العماني بنسبة تقدر بحوالي 30٪ خلال الأشهر القليلة الماضية مقارنة بالأعوام السابقة .
ذكر المسؤول العماني أن السفن والحاويات الكبيرة التي كانت تحمل البضائع إلى قطر اضطرت للوقوف في ميناء صحار بعدما تعطلت بسبب الحصار البحري الذي فرضته دول الخليج على قطر، وأكدت إحدى المجلات البريطانية ذلك .
وتعلقت الموقف العماني من الأزمة القطرية بأن سلطنة عمان، على الرغم من عدم مشاركتها في الخلاف الحاصل بين المملكة العربية السعودية والإمارات والبحرين مع قطر، إلا أنها تساعد الدوحة في مواجهة هذا الحصار وتستفيد من الفوائد الاقتصادية العديدة التي تنشأ عن هذه الأزمة .
بالنسبة لخطوط الطيران :- – ووفقا لتقرير صحيفة الإيكونومست حول النقل الجوي في عمان، ذكرت أن مسقط استغلت أزمة قطر لزيادة نسبة النقل الجوي بالنسبة لها. وأكدت أيضا أنه في بداية الأزمة، تم حظر الخطوط الجوية القطرية من دخول المجال الجوي للمملكة، ولكن الدوحة استأجرت أسطول طائرات عماني ونجحت في نقل جميع الركاب المحتجزين في ميناء جدة إلى الدوحة، ونتج عن ذلك تحقيق مكاسب اقتصادية كبيرة لسلطنة عمان .
كما قامت مسقط في الفترة الأخيرة بتنظيم مؤتمر كبير استضافت به ما بلغ عدده نحو 150 مستثمراً قطرياً ، و أبرمت معهم عدد كبير من الصفقات التجارية ، و بالفعل أكدت الصحافة العمانية في إحدى مجلاتها على هذا المعنى ناقلة تصريح عن مسئولاً عمانياً بقوله ” نحن نستفيد من الحصار على قطر بكل تأكيد لكننا لا نريد أن ينظر لنا على أننا نسعى لاستغلال هذا الحصار لصالحنا من أجل تحقيق مكاسب اقتصادية الرؤية السياسية العمانية للأزمة القطرية .
يعمل سلطنة عمان، منذ عدة سنوات، على السيطرة بصورة كبيرة على محاولات المملكة العربية السعودية للهيمنة على مجلس التعاون الخليجي، ويدل على ذلك تعطيل السلطان قابوس للعديد من خطط الرياض للهيمنة على دول الخليج، ومنها محاولة المملكة إنشاء عملة موحدة.
هذا بالعلاوة على ما رأه العديد من المحليين السياسيين في رؤيتهم للموقف العماني من الأزمة إذ قد رأى الكثيرين منهم أن سلطنة عمان خشيت من الوقوف في صف المملكة في هذه الأزمة نظراً لقلقها من أن تكون هي التالية هذا إذ ما أخذ في الاعتبار امتلاك السلطنة في الأصل لعلاقات طيبة مع إيران مثال الدوحة .
هذا بالإضافة إلى قلق سلطنة عمان من الإمارات ممثلاً من دورها المتزايد في جنوب اليمن ، و دعمها القوي للحركات الانفصالية ، و الحراك الجنوبي إلى جانب قلق مسقط من محاولات الإمارات الرامية إلى القيام بتطوير قاعدتها العسكرية ، و الواقعة في جزيرة سقطرى اليمنية ، و التي تقع عند مدخل خليج عدن بالقرب من سلطنة عمان .
كما تخشى سلطنة عمان من المحاولات الإماراتية ، و الرامية إلى بسط نفوذها في جنوب اليمن من أجل منافسة الاستثمارات العمانية الصينية في تلك المنطقة ، و التي تتركز على مشروع الميناء العماني في منطقة الدقم ، و هو ما تعتبره عمان محاولة لتطويقها من الناحية الاقتصادية ، و ربما تفسر كل تلك الأسباب عدم محاولة مسقط اتخاذ موقفاً صريحاً حيال الأزمة القطرية .